
لله سبحانه سنن في الكون لا تتغير ولا تتبدل
فهو جل شأنه يتصرف في الكون كما يشاء وفق هذه السنن
ليكون الناس على بينة من أمرهم .
ومن هذه السنن أنه ربط السعادة والبركة والفلاح في الدنيا والآخرة
بالإيمان بالله وحده و بالقيام بعبادته سبحانه كما أراد
وكما شرع على ألسنة رسله صلوات الله وسلامه عليهم .
ومن ذلك قوله تعالى :
" ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض "
وانظر أخي القاريء
كيف أن اللفظ هو بركات ولم يقل رزقا أو مطرا
لأنه
قد ينزل المطر وقد تنبت الأرض
وقد تكون مقومات الحضارة المادية متوفرة
لكن
لا بركة ولا سعادة ولا فلاح فتصبح النعمة نقمة
ولذلك تذكر الإحصائيات العالمية
أن أكبر نسبة للانتحار موجودة في أرقى الدول حضارة مادية
لأن القلوب خاوية ولا يمكن أن تملأ سعادة وطمأنينة وراحة
إلا إذا تأسست تلك الحضارة على الإيمان بالله والتقوى
و إذا لم يكن ذلك
فلتنتظر هذه الأمم عذاب الله بأنواعه و أشكاله المتعددة
من العذاب النفسي والقلق وانعدام الأمن
وعقوق الأبناء وانتشار الأمراض
وانعدام البركة في الرزق والمال والولد ثم ما يقع من تشتت للأسر
و انكسار لأواصر القربى والمحبة
فلا الوالد يعرف ابنه ولا الولد يعرف أباه
وليس هناك علاقة مودة صادقة بين الزوج وزوجته
بل حياة مادية تركض بأصحابها وتسرع بهم في عجلة الحياة
دون تذوق للذة الإيمان والتقوى
والتي تملأ القلب استقرار و إيمانا و رضا بما قسم الله ويقينا بالمستقبل .
أما أولئك التائهون فكما قال الله عنهم :
" ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا
ونحشره يوم القيامة أعمى "
نعم إن البعيد عن الله إنما ينتظر وعيد الله سبحانه :
" أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون *
أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون *
أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون "
فما بين زلزال أو غرق أو انفجار أو رياح عاتية
أو حروب مهلكة أو الموت و ما بعده أشد و أدهى .


ولذلك فإن الإيمان بالله يملأ قلب صاحبه رضى وطمأنينة
فهو يسارع في عبادة الله ويتقرب إلى الله
و يأنس بربه ويسارع في التوبة إليه
ويتلمس الأوقات الفاضلة فيزداد فيها اجتهادا للعبادة محبة لله
وازديادا من الخيرات كما وصف الله الصالحين بأنهم :
" يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين "
ومن ثم فينبغي علينا معاشر المسلمين أن نستشعر هذه النعمة
نعمة الإيمان والهداية والقرب من الله
و أن نحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب و أن نتعجل في التوبة إلى الله
واستثمار الأيام الصالحة
لا سيما ونحن في خير الأيام و أفضلها
وهي أيام عشر ذي الحجة إذ يقول عنها صلى الله عليه وسلم :
" ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من عشر ذي الحجة
فأكثروا فيهن من التسبيح والتهليل "
فحري بنا أن نكثر من الطاعات هذه الأيام
من قراءة القرآن وذكر الله والصوم والصدقة والإحسان
وصلة الأرحام ومواساة المحتاجين ودعم المجاهدين الصادقين
والدعاء لهم ولعموم المسلمين بالنصر والتأييد
عسى أن يمن الله علينا بعفوه ومغفرته وجوده وفضله .

اشتقنا لقلمك المبدع وكلماتك المتوجهة نصحا ورشدا
بارك الله فيك ياغالية
وجعلنا وإياك من الفائزين في هذه الأيام المباركة