كيف يكون في الشر خير؟
فهمُ هذا السؤال أصعب من جوابه، فإننا لن نستطيع معرفة الجواب إلا بعد الإجابة عن السؤال الأهم:
ما الخير وما الشر؟
زعموا أن حكيماً صينياً عاش في زمن مضى وكان عنده جواد من أجود الخيل قاطبة، ثم أصبح ذات يوم فإذا بباب الحظيرة مكسور والجواد مفقود.
وجاء أهل الضّيعة يواسونه، فقال:
في أي شيء تواسونني؟
قالوا: في فَقْد الجواد. قال: وما أدراكم أنه شر؟
فعجبوا منه وتركوه. ثم رجع الجواد إلى صاحبه بعد حين، فجاء القوم يهنئونه
. قال: في أي شيء تهنئونني؟ قالوا: في عودة الجواد الضائع. قال: وما أدراكم أنه خير؟
ثم إن ولده الشاب امتطى الجواد فجمح به فسقط وكُسرت رجله، فجاء القوم يواسونه في مصابه. قال: ما أدراكم أنه شر؟
ثم قامت حربٌ فجُمع الشباب من القرى وسيقوا إلى ميادين القتال فمات كثيرون،
وتُرك الشاب بسبب رجله الكسيرة فنجا، فجاء أهل الضيعة يهنئون الحكيم بنجاة ولده، فقال: وما أدراكم أنه شر؟ قالوا: دعوه فإنه مجنون.
* * *
لا، ما بالرجل جنون، إنما هو باحث عن جواب السؤال الذي حيّر العوامّ والحكماء: ما الشر وما الخير؟
ربما قال بعض الناس:
الشر هو ما نحسّ أنه شر بالحدس والعقل. يردّ ربنا تبارك وتعالى على هذا التعريف بقوله:
{لا تحسبوه شراً لكم، بل هو خير لكم}. يقولون:
الخير ما نحبه والشر ما نكرهه. نقول: فأين تذهبون بقوله تعالى:
{وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم}؟ يقولون: فليكن الخير إذن هو ما امتلأت نفوسُنا باليقين الجازم أنه خير حتى ألححنا على الله بسؤاله.
نقول: حتى هذا المبلغ الجازم من اليقين بأن ذلك الأمر خير وذاك شر لا يُسلَّم لصاحبه،
واسمعوا قول الرب الحكيم العليم:
{ويَدْعُ الإنسان بالشرّ دعاءه بالخير،
وكان الإنسان عَجولاً}.
نفعني الله وإياكم🌹
زهور مخمليه @zhor_mkhmlyh
عضوة فعالة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
يعطيك الصحه.