.•**•.كي يكون حجك مبروراً وسعيك مشكوراً .•**•.
.•**•.•**•.•**•.•**•.
الصَّالِحُونَ..وقلة الترفه في الحج
.•**•.•**•.•**•.•**•.
المراد بالترفه هو: إراحة النفس والتمتع بالنعمة وسعة العيش والتوسع في ذلك، والأفضل في الحج ترك الترفه في المآكل والملابس والمراكب والمساكن، قال الإمامُ البخاريُّ في صحيحه( ) « بَاب الْحَجِّ عَلَى الرَّحْلِ» وَقَالَ أَبَانُ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مَعَهَا أَخَاهَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَأَعْمَرَهَا مِنْ التَّنْعِيمِ وَحَمَلَهَا عَلَى قَتَبٍ( )، وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: شُدُّوا الرِّحَالَ فِي الْحَجِّ فَإِنَّهُ أَحَدُ الْجِهَادَيْنِ»( ). ثم ذكر حديث ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: حَجَّ أَنَسٌ عَلَى رَحْلٍ وَلَمْ يَكُنْ شَحِيحًا( )، وَحَدَّثَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ حَجَّ عَلَى رَحْلٍ وَكَانَتْ زَامِلَتَهُ.
قال ابنُ حجر:« قَوْله: (بَاب الْحَجّ عَلَى الرَّحْل) بِفَتْحِ الرَّاء وَسُكُون الْمُهْمَلَة وَهُوَ لِلْبَعِيرِ كَالسَّرْجِ لِلْفَرَسِ، أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَنَّ التَّقَشُّف أَفْضَل مِنْ التَّرَفُّه»( ).
وفي حديث عَبْد اللَّهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ أَسْمَاءَ كُلَّمَا مَرَّتْ بِالْحَجُونِ تَقُولُ: صَلَّى اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ نَزَلْنَا مَعَهُ هَاهُنَا، وَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ خِفَافُ الْحَقَائِبِ( )، قَلِيلٌ ظَهْرُنَا( )، قَلِيلَةٌ أَزْوَادُنَا، فَاعْتَمَرْتُ أَنَا وَأُخْتِي عَائِشَةُ وَالزُّبَيْرُ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ فَلَمَّا مَسَحْنَا الْبَيْتَ أَحْلَلْنَا ثُمَّ أَهْلَلْنَا مِنْ الْعَشِيِّ بِالْحَجِّ( ).
وقد عقد البيهقي في «السنن الكبرى»( ) باباً قال فيه «بابٌ: الحاج أشعث أغبر فلا يدهن رأسه ولحيته بعد الإحرام».
وقال المنذريُّ في كتابه «الترغيب والترهيب»( ):«الترغيب في التواضع في الحج والتبذل ولبس الدون من الثياب اقتداء بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام»، ثم ذكر عدداً من الأحاديث الدالة على هذا ذلك ومنها حديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :« إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيُبَاهِي الْمَلائِكَةَ بِأَهْلِ عَرَفَاتٍ يَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي شُعْثًا غُبْرًا»( ).
.•**•.•**•.•**•.•**•.
قلتُ: وقد سار على هذا الصالحون في حجهم:
- قَالَ مجاهد: قَالَ رجلٌ عند ابنِ عُمر: ما أكثرَ الحاج! فقالَ ابنُ عمر: ما أقلهم!، قَالَ: فرأى ابنُ عُمَر رَجلاً عَلى بعيرٍٍ عَلى رَحلٍٍ رَثٍ خطامه حبل فَقَالَ: لعل هذا( ).
- وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وهو في طريقه إلى مكة- وقد رأى ناساً محرمين -:« تَشْعَثُونَ( ) وَتَغْبُرُونَ( ) وتَتَفُلُونَ( ) وتَضْحُون( ) لا تريدون بذلك شيئا من عَرَضِ الدنيا ما نعلم سَفَرَاً خيراً من هذا - يعني الحج – »( )
- وقال عبدالله بن أحمد بن حنبل: حج أبي خمس حجج ماشياً، واثنتين راكبا، وأنفق في بعض حجاته عشرين درهما( ).
- وقال أبو نعيم: قدم المهدي مكة وسفيان الثوري بمكة، فدعاه فقال له سفيان –وقد رأى ما قد هيأه للحج-: اتق الله واعلم أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه حج فأنفق ستة عشر دينارا ( )، وفي روايةٍ: قال سفيان:ما هذه الفساطيط؟ ما هذه السرادقات؟ حج عمر بن الخطاب فسأل كم أنفقنا في حجتنا هذه؟ فقيل: كذا وكذا دينارا - ذكر شيئا يسيرا – فقال: لقد أسرفنا( ).
- وقال سفيان الثوري: أدخلت على المهدي بمنى فقلت له: اتق الله فإنما أنزلتَ هذه المنزلة، وصرتَ في هذا الموضع بسيوف المهاجرين والأنصار؛ وأبناؤهم يموتون جوعاً، حج عمر بن الخطاب فما أنفق إلا خمسة عشر دينارا، وكان ينزل تحت الشجر فقال لي: أتريد أن أكون مثلك؟ قلت: لا تكن مثلي، ولكن كن دون ما أنت فيه، وفوق ما أنا فيه! فقال لي: اخرج( ).
- وقال ابن أبي نجيح: حج الحسن بن علي ماشياً، وقسم ماله نصفين( ).
- قيل لبعض الصلحاء: ما المعني في شَعَثِ المحرم؟ قال: ليشهد الله تعالى منك الإعراض عن العناية بنفسك فيعلم صدقَكَ في بذلها لطاعته( ).
.•**•.•**•.•**•.•**•.
التعليق:
.•**•.•**•.•**•.•**•.
قال تعالى (ثُمَّ لِيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) (الحج:29) وخلاصة القول في التفث ما حرره العلامة السعدي بقوله:« أي يقضوا نسكهم ويزيلوا الوسخ والأذى الذي لحقهم في حال الإحرام»( )
وفي الحديث عن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيُبَاهِي الْمَلَائِكَةَ بِأَهْلِ عَرَفَاتٍ يَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي شُعْثًا غُبْرًا»( ).
قلتُ: وكثيراً ما يعلل الفقهاء المنع من بعض محظورات الإحرام بقولهم «منعاً من الترفه» أو«بعداً عن الترفه» أو«أنّ الحاج أشعث أغبر» ومن طالع «كتاب الحج» من كتاب المغني لابن قدامة، أوالمجموع للنووي، أوشرح العمدة لابن تيمية، وكتب شروح الأحاديث تبين له ذلك جلياً.
قال النووي –بعد ذكر محظورات الإحرام–:
« قال العلماء: والحكمة في تحريم اللباس المذكور على المحرم ولباسه الإزار والرداء أن يبعد عن الترفه ويتصف بصفة الخاشع الذليل، وليتذكر أنه محرم في كل وقت فيكون أقرب إلى كثرة أذكاره، وأبلغ في مراقبته وصيانته لعبادته، وامتناعه من ارتكاب المحظورات، وليتذكر به الموت ولباس الأكفان، ويتذكر البعث يوم القيامة والناس حفاة عراة مهطعين إلى الداعي، والحكمة في تحريم الطيب والنساء أن يبعد عن الترفه وزينة الدنيا وملاذها ويجتمع همه لمقاصد الآخرة »( ).
قال شيخ الإسلام ابنُ تيمية:
« الإحرام مبناه على مفارقة العادات في الترفه، وترك أنواع الاستمتاعات فلا يلبس اللباس المعتاد، ولا يتطيب، ولا يتزين، ولا يتظلل( ) ويلازم الخشوع والإخشيشان، ويقصد بيت الله أشعث أغبر»( ).
.•**•.•**•.•**•.•**•.
أخي الحاج...
إنَّ مما يلفت النظر في هذا الزمان أنَّ كثيراً من الحجاج لم يستشعروا أنَّ الإحرام مبناه على مفارقة العادات في الترفه، وترك أنواع الاستمتاعات- وتقدم من النصوص وأحوال السلف ما يدل على ذلك- فترى بعض الحجاج كأنه في نزهة وسياحة وقد اصطحب معه وسائل اللهو والترفيه، وأنواع الترفه، ومما ساعد في انتشار هذه الظاهرة بعض حملات الحج التي ما فتأت تنشر الدعايات المغرية والإعلانات المشوقة ولعلي أقرأ تحقيقاً نشر في بعض الجرائد حول هذه الظاهرة جاء فيه:«شهدتْ حملات الحج الداخلي منافسةً محمومةً للفوز بأكبر عددٍ من الحجاج، ولجأت بعض الحملات إلى تقديم خدمات مبالغ فيها للأثرياء الراغبين في الحج منها استقبال الحاج بسيارة فارهة، والسكن في مكة المكرمة داخل شقق راقية، أما في عرفة ونظراً لعدم وجود مبان فإن السكن سيكون في خيمة كبيرة مجهزة بوسائل الراحة والرفاهية كافة، حيث ستكون الأرضية من السيراميك مع توفير حمام سباحة وخدمة فاكس وإنترنت وعيادة خاصة وثلاث وجبات متنوعة بنظام البوفيه المفتوح مع توفير المشروبات الساخنة والباردة على مدار الساعة، إضافة إلى خدمة الغسيل والكي المجاني. ووصلت أسعار بعض تلك الحملات إلى ما يقارب مئة ألف ريال. وقسمت بعض الحملات أسعارها إلى فئات الأولى الذهبية والثانية الفضية والثالثة المميزة والرابعة الفاخرة... ».
.•**•.•**•.•**•.•**•.
قلتُ: وهذا تكلفٌ ظاهر يخالف هدي الإسلام الذي يأمر بعدم الإسراف في الأحوال العادية فما بالك في عبادةٍ وشعيرةٍ مطلوب فيها مفارقة الترفه، وترك الاستمتاعات وتقدم أنَّ سفيان الثوريَّ لما دخل على الخليفة المهدي، قال له–وقد رأى ما قد هيأه للحج-: اتق الله واعلم أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه حج فأنفق ستة عشر دينارا ( )، وفي روايةٍ: قال سفيان:ما هذه الفساطيط؟ ما هذه السرادقات؟ حج عمر بن الخطاب فسأل كم أنفقنا في حجتنا هذه؟ فقيل: كذا وكذا دينارا - ذكر شيئا يسيرا – فقال: لقد أسرفنا( ).
.•**•.•**•.•**•.•**•.
قلتُ-أبو عمر الصياح-:
وقد جرَّ هذا الترف والتوسع حرجاً ومضايقات على الحملات فكلما تأخرت وجبة غذائية أو تعذر شيء من وسائل الترفيه أقام بعض الحجاج الدنيا ولم يقعدها، أو لم يحضر نوع من أنواع المرطبات بدأ يزمجر، ويلقي التهم بالبخل والسرقة والنصب والاحتيال، ولكن لو اقتصر الأمر في الحملات على توفير الطعام العادي، بدون إسراف ولا مخيلة لحصل المقصود.
وأنبه أنَّ الحاج ليس ممنوعاً من الاغتسال ومن أكل الطيبات وفي ذلك نصوص وآثار عن السلف والعلماء ليس هذا موضع ذكرها.
.•**•.•**•.•**•.•**•.
فائدةٌ:
حديثُ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَامَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَنْ الْحَاجُّ يَا رَسُولَ الله؟ قال:«الشَّعِثُ التَّفِل » رواه الترمذي( ) وابن ماجة( )، وضعفه الترمذي فقال:«هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث ابراهيم بن يزيد الخوزي وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه».
فيا حجاجَ بيتِ الله حُجوا كَما حَجَّ الصالحون، وإياكم والترفه والتوسع في الرفاهية، واعلموا أنّكم في عبادة عظيمة الأجر فيها على قدر النصب..
.•**•.•**•.•**•.•**•.
جزاء الله كاتبته خير الجزاء وغفر لها ولوالديها
نقلته لكم "محبتــــــــــكــم " أم ريــــــــــــــــــــم "
ـ أم ريـــــم ـ @am_rym_36
عضوة مميزة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
فرناز :اسعد الله قلبك ام ريم على الموضوع القيم.. وجعل ماقدمتي في ميزان حسناتك،،اسعد الله قلبك ام ريم على الموضوع القيم.. وجعل ماقدمتي في ميزان حسناتك،،
حياك الله غاليتي "فرناز" شرفني مرورك وأسعدتني ردودكــ
الصفحة الأخيرة
"منقول "