لاتحزني

الملتقى العام

..
أختاه ..يا من تملك الحزن قلبها.. وكتم الهم نفسها.. وضيق صدرها.. فتكدرت بها الأحوال.. وأظلمت أمامها الآمال.. فضاقت عليها الحياة على سعتها.. وضاقت بها نفسها وأيامها.. وساعاتها وأنفاسها!
لا تحزني.. فما الحزن للأكدار علاج.. لا تيأسي فاليأس يعكر المزاج.. والأمل قد لاح من كل فج بل فجاج!
لا تحزني.. فالبلوى تمحيص.. والمصيبة بإذن الله اختبار.. والنازلة امتحان..
ماذا عساه أن يكون سبب حزنك؟! إن يكن سببه مرض.. فهو لك خير.. وعاقبته الشفاء .. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((من يرد الله به خيراً يصب منه)), وقال الله جلَّ وعلا: ((وَإذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشفْين)) .
وإن يكن سبب حزنك ذنب اقترفتيه أو خطيئة فتأملي خطاب مولاك الذي هو أرحم بك من نفسك, قال تعالى : ((قُلْ يَا عبَادِيَ الَّذينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رّحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً)).
وإن يكن سب حزنك ظلم حلَّ بك من زوج أو قريب أو بعيد, فقد وعدك الله بالنصر. قال تعالى في الحديث القدسي للمظلوم:((وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين)).
و إن يكن سبب حزنك انعدام أو قلة الولد, فلست أول من يعدم الولد, ولست مسؤولة عن خلقه.
قال تعالى: ((ِللهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ والأَرْضِ يَخلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لمَن يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ(49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيماً )).
فهل أنت من شاء العقم؟ أم الله الذي جعلك بمشيئته كذلك!وهل لك أن تعترضي على حكم الله ومشيئته! أو هل لزوجك أو سواه أن يلومك على ذلك..إنه إن فعل كان معترضاً على الله لا عليك ومغالباً لحكم الله ومعقباً عليه..
فعلام الحزن إذن والأمر كله لله!
لا تحزني.. مهما بلغ بك البلاء! وتذكري أن ما يجري لك أقدار وقضاء يسري.. وأن الليل وإن طال فلابد من الفجر!
لا تحزني.. اجعلي شعارك عند وقوع البلاء :إنا لله وإنا إليه راجعون, اللهم اجرني في مصيبتي, واخلف لي خيراً منها.. اهتفي بهذه الكلمات عند أول صدمة.. تنقلب في حقك البلية.. مزية.. والمحنة منحة.. والهلكة عطاء وبركة!
لا تحزني.. فالبلاء جزء لا يتجزء من الحياة.. لا يخلو منه.. غني ولا فقير.. ولا ملك ولا مملوك.. ولا نبي ولا مرسل.. ولا عظيم مبجل.. فالناس مشتركون في وقوعه.. ومختلفون في كيفياته ودرجاته.. قال تعالى: ((لَقَدْ خَلَقنَْا الإنسَانَ فِي كَبَدِ)).
طبعت على كدر وأنت تريدها
خالية من الأنكاد والأكدار
هكذا الحياة خلقت مجالاً للبلاء.. قال تعالى: ((الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاًً)) ...وقال ((وَلَنَبْلُوُنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِين)).
لا تحزني.. واستشعري في كل بلاء أنَّك رشحت لامتحان الله!.. تثبتي وتأملي وتمالكي وهدئي الأعصاب..
لا تحزني.. فرزقك مقسوم.. وقدرك محسوم..وأحوال الدنيا لا تستحق الهموم.. لأنها كلها إلى زوال.. قال تعالى: ((وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ)).
لا تحزني.. وافزعي إلى الله بالدعاء.. لا تعجزي ففي الحديث: ((أعجز الناس من عجز عن الدعاء)) تضرعي إلى الله في ظلم الليالي.. وأدبار الصلوات.. اختلي بنفسك في قعر بيتك شاكية إليه.. باكية لديه.. سائلة فرجه ونصره وفتحه.. وألحِّي عليه.. مرة واثنتين وعشراً فهو يحب الملحين في الدعاء.. قال تعالى: ((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ)).
لا تحزني ولا تيأسي.. قال تعالى: ((إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللهِ إِلاَّ الْْْقََوْمُ الْكَافِرُونَ)).
واخيراً...لاتحزني
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وتقبلوا تحياتي أختكم أم برهومي
55
5K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

شموخ الفرح
شموخ الفرح
جزاك الله خير

تقبلي مروري

شمووووووخ
*حورية الخيال*
مشكوووووووووووره خيتو
عاشقة الصداقة
ام برهومي لافض فوك الله يفرجها ,,
والفرج اقرب واقرب ممانتوقع ,,
mehman
mehman
جزاك الله خير على هذا الكلام الطيب
الله يجعله في ميزان حسناتك
محبوبه S**
محبوبه S**
لاتحزني
موضوع رائع

جزيتي خيراً

وبارك الله فيكـ