لما كانت فكرة هذا المقال تدور في ذهني قلت في نفسي أن عنوانه سيكون ( مسكينة المرأة الخليجية ) ولكن وبعد أن تعرفت على دواخل وخوافي في هذا الموضوع أدركت أنه يجب أن يكون المسكين هو الرجل وليس ( الأجودية ) التي تمسكت بكل ما ورثته من قيم وأخلاق ودين وعفة وكأنها الممسك على الجمر فإذا تركتها التهمت النار ثيابها واحترقت وإن ضمت أصابعها عليها فهي الجمرة !!
وبمجرد أن تعرف بعض أسرار ما يدور بين جدران البيت الخليجي بعد أن يقفل الباب على أهله تعرف أن المرأة في بعض هذه البيوت تعيش اضطرابا يفتك بشخصيتها وخصوصيتها كأنثى بل يفتك بأقوى الشخصيات المحصنة فهي _ أي المرأة _ يجب أن تكون مثل ( رولا ) بقدها المياس وبخفة دم ( نورمان ) وبجمال ( نيرفانا ) وبتسريحة شعر ( سهام) وبأناقة نادية ( نادية هذي مين ) ؟ وفي المجتمعات المطلعة على الحضارة الغربية يمكن للمرأة أن تتحمل عبئا من بهاء وروعة ( سندي كروفرد ) و ( نستاسياكنسكي ) و ( ديمي مور ) و ( جنفر ) ماني عارف إيش.
أي هستيريا هذه التي تدعو الرجل لمقارنة معلنة لهذه الحبيبة الطاهرة النقية الطيبة زوجته بكل هذه الكوكبة من النجوم وليس بواحدة منهن على الأقل ، رغم ثقتي أن لكل أنثى جمالا يخصها ، لو لم يكن ظهرا فهو كامن في زوايا روحها ، لو حاول الرجل التعر ف على خصوصية هذا الجمال لوجد في امرأته ما يكفي لملء كل هذا الفراغ _ الذي يعاني منه _ في قناعته الذاتية .
دعاني لهذا الحديث رجل بسيط ( خفيف الدم ) كنا نجلس سويا مع بعض الأصدقاء نشاهد برنامجا جميلا تقدمه مذيعة جذابة لما رآها صاحبنا هذا قال بحزن يتمرغ بالدهشة : ( ياااااو .. اثرينا متزوجين جن !!!) طبعا كلنا ضحكنا ، ولكن تخيلوا لو كانت زوجته تسمع ما قال أليس هذا موقفا مبكيا وجرحا جاء من حبيبها الذي يفترض أن يكون هو طبيب روحها .
هذا الموقف المضحك المبكي يذكرني بقصة رجل قروي نعرف منها الفرق بيننا وبين آباءنا في الوفاء لبيوتهم ونسائهم ، كان هذا الرجل يسكن قرية نائية كتب الله له أن يرافق رجلا غنيا في سفره إلى لبنان قبل نحو أربعين سنة .
وكانت هذه نقلة مربكة لكل مدارك هذا القروي الذي لم ير في حياته أي أنثى سوى زوجته وأمه ! ليسافر من قريته في الشمال إلى بيروت ( كذا مرة وحدة ) ولك أن تتخيل هذا الزلزال الذي سيحدث له ، ليشاهد بأم عينيه كل ألوان الفتنة النسائية على شاطئ بيروت الشهير وجميع ما في الكون من إغراء في ملاهي لبنان الليلية الساهرة . بعد ثلاثة أيام وبعد أن أفاق من هول الصدمة . أتعرفون ماذا كان يردد بصوته كلما رأى إمرأة فاتنة وعلى مسامع من معه ، هل تتخيلون أنه كان يقول : ( أثرينا متزوجين جن !! ) مثلما قال صاحبنا !! لا لا وأبدا بل كان يقول ( أم راكان بالجنة ... أم راكان بالجنة .) فقال له أحد رفاقه ( ليش تقول كذا يا بو راكان ) فأجاب : ( تصدق اني متزوج أم راكان من عشرين سنة .. وما شفت منها _ والنور والع _ إلا وجهها )
انظروا ماذا تذكر من أم راكان زوجته وحبيبته ، عفافها ونقاءها وحياءها وطهرها .. لم يقارنها بأي أنثى أخرى ممن كان يرى حوله بل كان يراها فوق كل النساء . وهذه القناعة الفطرية هي ما نحتاجه الآن لنتغلب على عقدة المقارنة العقيمة التي ورثناها فيما أظن من بعض ممارسات التربية السيئة في طفولتنا عندما كان يطلب من مقارنة أنفسنا بالأطفال الآخرين وأن نكون مثل فلان المؤدب أو مثل فلان المجتهد أو مثل فلان المطيع وفلان أحسن منك . فيتوه الطفل بين هذه الشخصيات من أقرانه الأطفال والمطلوب منه أن يكون مثل فلان في أدبه ومثل فلان في دراسته ومثل فلان ي طاعته وتضيع هنا الشخصية الحقيقة له التي بلا شك لها ميزاتها الخاصة فيكون مذبذبا لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء فتهتز ثقته بنفسه وقدرته على الإقتناع بشخصيته أو حتى الإقتناع بما لديه . وينعكس عليه هذا في شبابه وكبره بمقارنة الآخرين ممن يعنونه بغيرهم ، وهذا ما نعاني منه من وجهة نظر شاعر وليس طبيبا نفسيا .
ولكن تخيل عزيزي الرجل أن تقارنك ( أم العيال ) بالشخصيات الرجالية المليئة بالوسامة والشموخ سياسية كانت أو أدبية أو فنية ترى هل ستجد زوجتك صعوبة في مقارنتك بهؤلاء النجوم حتى تكتشف عدم كمالك الحتمي ؟
وهل ستجد أنت سهولة فيما لو أردت إرضاء ( المدام ) في تقمصك لكل شخصيات وأدوار هؤلاء النجوم ؟
أشك في ذلك .. فقط لا تكن الذي رفض الحياة ولم يقبله الموت !!!
منقول

امل126 @aml126
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

الصفحة الأخيرة
انتقــــــــــــــــــــــــاء جميـــــــــــــــل
طرح مميــــــــــــــــــــــــــــز جـــــدا
تسلم الانـــــامل