عندما تنامين وأنت تتوسدين الحزن وتستنشقيه كالهواء... يحوطك ويأسرك
ويسجنك وتتحطم أحلامك الواحد تلو الآخر، وتموت الأماني وتحتضر
كالكهل المثقل بالأمراض المستعصية الذي يتمنى الموت على انتظار الشفاء
عندما تنامين على أنشودة بكائك وتحتمين بالوسادة لتخفي بها ضعفك،
وتصحين من فرط ذلك الصداع الذي خلفه بكاؤك طوال الليل،
وتدعين ان تنقشع عنك الكآبة.. ولكنها أمنية عجزت ان تتحقق،
اليوم يلي الثاني والهم تراه مثلما هو متشبث بك كطفل
تائهة ممسكة بأول شخص تراه عند الضياع.
عندما ترين وجهك في المرآة ولا تجدين في ملامحك سوى ملامح مرهقة
من البكاء وكثرة الهم وتتركينها كما هي دون أي رتوش
أو مساحيق لتغطية تعبك وحزنك وألمك.
عندما تقررين الا تخفي حزنك ولا تكترث بما قد يقوله الناس،
فكم مللنا تصنع السعادة ونحن لا نشعر بها،
وكم مللنا رسم ابتسامة رغم رفضنا من الداخل لها.
هل تعلمين ان قمة الشجاعة ان تعلنين حزنك وتكفين عن مداراته؟
وهل تعلمين ان تصنع السعادة وأنت في قمة الحزن هو من الأشياء الموجعة فعلاً؟
وهل تعلمين اننا كلنا نحزن ولا يوجد شخص سعيد طوال الوقت،
حتى وان أظهر لك هذا فاعلم انه أكثر شخص يحتاج لأن يتكلم
ويعبر عن مكنونات نفسه ولكنه يفتقر الى الثقة بالغير ويخاف شفقتهم؟
ما العيب في ان تتكئي على ذراع اقوى من ذراعك ان شعرتِ بالضعف والوهن؟
ما العيب في ان تشكين إن شعرت بأن كثرة الصمت تقتلك وسبب في استمرارية حزنك.
في لحظات الألم والحزن المطلق دائماً نستبعد ان هناك من يستطيع مساعدتنا،
ونتصور ان همنا هو شيء فوق مستوى استيعاب البشر، ما هذا التشاؤم؟
لا تبالغي في الاعتماد على نفسك، كلنا بشر قابلون للكسر في لحظات الحياة القاسية،
فالفولاذ ليس معدننا، نحن في النهاية كتلة من المشاعر والعقل وفي حضرة المشاعر
يغيب العقل. ما أقسى الوحدة، لا تجعليها رفيقتك، فهي كالسم يسري بهدوء
ولا يترككِ إلا للأوجاع تفتك بك بهدوء، وكأنك مسلوبة الارادة عندما استسلمتِ لها.
أعلمي كم هو صعب ان تفكري بعقلك عندما تحزن، ولكن تذكري من يحبونك،
وحاولي الا تنظرين الى كل البشر على أنهم أعداؤك. العالم ما زال مليئاً بالقلوب
الجميلة والمستعدة لنشر الحب والسلام على كل من يلجأ إليها،
وفي حياة كل شخص منا انسان هو الملاك المنقذ له وقت الهلاك..
قد يكون هذا الانسان شخصاً لم يخطر على بالك في يوم،
ولكنه ملاكك المنقذ في وقت الغرق.
الجميل في الحزن انه يعلّم الإنسان الكثير، يجعلك تقدر أبسط الأشياء
كالأيام العادية التي كنت تشكو فيها الفراغ في
أيام الحزن تتمنى لمثل هذه الأيام ان ترجع.
يعلمك الحزن من هو صديقك الوفي والمستعد دائماً لمد يد العون،
وأنتِ في أعماق اليأس ولا يمل من تكراركِ الشكوى.
الحزن يعلّم الكثير ولكن بقدر ما يفيدك يهدمك،
فهو سلاح ذو حدين، وأنتِ تستطيعين ان تجعلين
منه سيفاً يقويك أو خنجراً يقتلك.
ستتخطين الألم وتستردين عزمك والهمم،
ولا تيأسين فالحزن هو الشيء الوحيد
الذي يولد كبيراً ويصغر الى ان يتلاشى..
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,, ,,,
مــنــقــولـــ
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
الله يبعد عنا الاحزان