للدكتور : مازن الفريح
قيل لأحد الصالحين وقد هم بطلاق زوجته : لم تريد طلاقها ؟
فقال : ( العاقل لا يهتك سر زوجته) ..
فلما طلقها .. قيل له : لم طلقتها ؟
فقال : مالي وامرأة غيري !
إنها الأمانة التي تدعو كلا الزوجين إلى الحفاظ على خصوصيتهما في معزل عن الناس ،وأن لا يخونا عشرتهما فإفشاء أسرارهما مهما اختلفا أو حتى افترقا .إن إذاعة الأسرار لا يأتي بخير إلا إذا كان على سبيل الإصلاح أو في ساحات القضاء أو في موقف الاستفتاء, ويكون ذلك بالقدر الذي تتحقق به المصلحة .
وكم من الأسرار التي كشفت فانتشرت فكانت سبباً في تعاسة الزوجين معاً، بل وتجاوزتهما إلى الأبناء الذين أصبح رصيد والديهما من الثقة والأمانة مكشوفاً للناس. وأخذ الناس يتحدثون عن أدق تفاصيل حياتهما وما يحصل بينهما من أمور خاصة وربما زاد فيها بعض من يريد أن يتشفى وكما قيل :
اذا ضاق صـدرُ المرءِ عن سِـرِّ نفسهِ
فصـدرُ الذى يَستودعُ السِّـرَ أضْيَـقُ
والإسلام جعل من الأسرار الزوجية دوائر حمراء يجب على الزوجين احترامها وعدم الماس بها، قال تعالى

قال حكيم لابنه : يا بني لا تجامع زوجتك أمام الناس.
فقال الابن : وهل يجامع عاقل زوجته أمام الناس؟
قال الحكيم : نعم .. إذا نشر أسرار الفراش لغيره.
ويستوي في حرمة الكشف عن الأسرار الزوجة أو الزوج على حد سواء . كما أن الحرمة تبقى ولو كان من تُكشف له الأسرار من أقرب الناس وأحب الناس كوالدة الزوجة و الزوج أو الزميلة أو الصديق الحميم , فيبقى الأمر منكراً وخيانة لا تجوز.
وما يفعله بعض الأزواج من البوح بتفاصيل صريحة في كل يوم عن العلاقة الزوجية للأم أو الصديق حرام لا يجوز مع عدم وجود أي مصلحة شرعية في ذلك ،وما يترتب على ذلك من المشكلات أعظم بكثير مما يتصور البعض .و(الفضفضة) قد تريح المرء مؤقتاً ولكنها غالباً ما تنعكس سلباً على صاحبها وتفتح له من المشكلات ما هو أكثر بكثير مما كان (بفضفض) من أجله ليرتاح –لاسيما- في الوسط النسائي المولع بنقل الأخبار والزيادة والمبالغة فيها.
ولقد مرت علي الكثير من المشكلات التي كان سببها تساهل أحد الزوجين في تسريب أو كشف ما يدور في حياته الزوجية ، ومما أذكره من تلك المواقف الطلاق الذي وقع في المطار بعد عودة الزوجين من رحلة العسل , إذ كانت الزوجة تكشف أسرارها الزوجية إلى أمها في نقل مباشر حي عبر الهاتف الجوال ، مما اضطر الزوج إلى أخذ الجوال ومنع زوجته من مكالمة أهلها حتى آخر يوم من السفر, وفي العودة كان أهل الزوجة ينتظرون ابنتهم على أحر من الجمر بمشاعر مضطربة تذكيها أم الزوجة عند بوابة القدوم التي شهدت طلاق زواج لم يدم إلا بضعة أيام.
إن حفظ أسرار العلاقة الزوجية من أكبر أسباب دوامها ومتانتها ،كما أنها من مؤشرات رجاحة العقل وبعد النظر والحكمة التي هي من أعظم أسباب نجاح الحياة الزوجية .
د . مازن الفريح
م ن ق و ل