بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
شيءٌ من الحزنِ يملأ نفسه مع الكثير من الغضب و الحنق ..
و تتصاعد الأوهـامُ في مخيلته .. فـ تغرقه في بحر من الحزن و الألم ..
و يكتم مئات الكلمات من اللوم و العتاب .. خوفاً من الضربِ أو العقاب ..
يكتئب و يسأم ما حوله و ينطوي على نفسه .. متوهماً الكثير و متوقعاً المزيد ..
يكرهُ الحديث و الإجتماع العائلي .. و يداوم العبوس .. و السهو عن الدارسة ..
دوماً يظن أن الكل يقف ضده .. و أنهُ منبوذٌ مظلومٌ .. و على كل فعلٍ مجبور ..
لا رأي له .. لا احترام له .. لا حب له .. لا تقدير له .. لا اعتبار له ..لا شيء له ..
و كل شيء لـ أخوته الأصغر .. و بـ الذات لـ آخر العنقود .. السكر المعقود ..
الابن الكبير .. و موجات الأعاصير ..
هـا قد كبر ابنكِ و بدأ يتابع و يلاحظ .. خطواتكِ و اهتماماتكِ و حتى كلماتكِ ..
فـ تلك الكلمات الحانية تُرسليها لـ هذا .. و تلك النظرات الأحن لـ ذاك ..
و تلك الإبتسامات العذبة لـ فلان .. و تلك الملامح الغاضبة و العابسة لهُ ..
لم ينل شيئاً من الطيبة و الحنان .. فـ بدأ يكبرُ في نظركِ و ليس لهُ نصيبٌ منها ..
فقد وجد الكثير منها عندما كان في مثل عمرهم .. و لاقى في ظنكِ أنتِ ما يكفيه ..
و هذا أكبر خطأ في حقِه تقترفيه .. و انتهاك في حق البنوة و واجباتها ..
عزيزتي الأم ..
أمومتكِ .. فيض و إمتلاء و إرتواء .. لـ عطش الأبناء ..
أمومتكِ .. لا توقفها السنين .. و لا الظروف و لا المشاغل ..
أمومتكِ .. نبع يتدفق بـ استمرار على جميعهم بدون استثناء ..
أمومتكِ .. لا تفرق بين هذا و لا ذاك .. و لا تعاقب أحداً دون الآخر ..
أمومتكِ .. ليست في إطعام و إكساء من الخارج .. بل من الداخل أولاً و دائماً ..
أمومتكِ .. ليست في اللين و القسوة في كل وقت .. بل لـ كل شيء وقت ..
عزيزتي الأم ..
لـ تعلمي عن ابنك و تدركي ..
أن تلك الألعاب و الملاهي لم تعد تشغله .. و لا تلك البرامج تشغل كل وقته ..
لـ تعلمي .. أن ثمة مشاعر بدأت تشغله .. و احاسيسٌ بدأت تحيره ..
لـ تعلمي .. أن هناك بـ داخل نفسه صرحٌ يحتاجُ للنماء ..
و هناك ثقة تحتاج للبناء .. و اسئلة و استفهامات تحتاج للإثراء ..
لـ تعلمي أن هناك من يبحث عن فريسة فـ أين ..أين الاحتواء ..؟
لـ تعلمي أن هناك أيدي عابثة .. و شاشات فاسدة .. و أخطار قادمة ..
لـ تعلمي أن هناك وصلات و سرعات للوصول و العبور إلى الأماكن المحظورة ..
لـ تعلمي أنكِ راعية .. و مسؤولة عن رعيتكِ و محاسبة عليها ..
لـ تعلمي أنها .. فـ احفظيها و استودعيها و لا تنشغلي عنها ..
عزيزتي الأم ..
لا تظني ابداً بـ أن طفلكِ لا يشعر بـ تلك المشاعر و التفرقات ..
و لا تظني ابداً أن الغيرة لا تطرق قلبه مهما بدأ بـ الكبر و النضوج ..
فـ أنتِ أمهُ .. و قد كنتِ بـ الأمس مصدراً للحب و الحنان و الرعاية ..
و كان يعود إليكِ صارخاً وقت ألمه .. و باكياً و شاكياً ..
كنت حضنه وقت فرحه و حزنه .. فلا تغيري الدفة ..
و لا تغيري مجري النهر .. و كوني لهُ أعذب نهر ..
لا تخفي عن نفسكِ حاجتهُ لكِ .. و لو اخفاها هو عنكِ و عن نفسه ..
لا تخفي عنهُ المرجع و المنهل الذي يحتاج له لـ يسلك طريقه بـ ثبات ..
لا تخفي لغة المصارحة و الصدق .. بل اظهريها و اعرضيها أمام ناظريه بـ وضوح ..
مهما بلغ حجم الإزعاج و القهر و الضيق .. و كوني له أوفى و أصدق رفيق ..
لا تخفي عنهُ شعاع النور .. وأمل الحياة .. و ذكريه كم و كم نجى من غريق ..
و اجعليه يعي أن قلبكِ صندوقاً مغلقاً .. يُفتحُ له لـ يخبىء بـ داخله ما يشاء ..
علميه أنهُ بشرٌ .. يُخطىء و يصيب .. و يجد و يخيب ..
لـ تبني لهُ بناءً نفسياً هادئاً ..وجواً نقياً صافياً يجعلهُ لا يلتفت للأجواء الغائمة ..
اجعلي السلام يخيم على قلبه .. و الأمان يملأ أرجاء روحه ..
و كوني لهُ .. أمه و أمنه أمانه .
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بـ قلمي .. غروب شمسك
ماشاء الله طرحك عذب يروي العطشاااااااااااان