بعض الناس يعيش في هذه الحياة يتعامل مع الناس بالمكر، يمكر مع زوجته، يمكر مع أصحابه، يمكر مع مديره وزميله في العمل، يمكر مع جيرانه ومن حوله، وربما رأى مكره يخيل على الخلق فيتعامل كذلك مع الخالق ظنا منه أن مكره يخيل على بره كما خال على الناس، وهذا ولوج في باب هلاك، وسلوك في وادي عطَب، وعدم علم بالله وجهل بعظيم مكره واستدراجه لأهل المكر والخديعة.
يقول الله تعالى: (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ)(فاطر: من الآية43)، ويقول: (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)(لأنفال: من الآية30)، ويقول: (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) (لأعراف:99)، ويقول أيضا: (وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ)(النمل:50)
ويقول المصطفى الكريم عليه أفضل الصلوات وأزكى التسليم: " المكر والخديعة والخيانة في النار"(رواه الحاكم وصححه الألباني).
يقول الشيخ محمد حسين يعقوب في كتابه "أصول الوصول إلى الله تعالى" بعد أن ذكر هذه الآيات وأمثالها: "إن التأمل في هذه الآيات ومعاودة قراءتها بتأن وتدبر يغرس في القلب الخوف من المكر، فها هي عاقبة المكر تراها واضحة أمامك في الآيات وكأن الآيات تقول لك : إياك أن تمكر .. إياك."اهـ"
وما أكثر صور المكر في حياة الناس:
شاب يواعد فتاة يستدرجها بمعسول الكلام، ويتودد إليها بأساليب الهيام، ويحلف لها أغلظ الأيمان أنه لا يريد إلا الزواج، كل ذلك ليصل منها إلى مبتغاه فإذا حصل منها مراده نبذها نبذ الحذا ورماها رمي الكلاب. أما يخاف هذا أن يمكر به.
شخص يتحايل على أكل الربا، وأخذ الرشا، وأكل أموال الناس بالباطل، وهو يعلم أنه حرام ثم ترى المسبحة لا تفارق يده أو درج مكتبه، وربما يتصدق بنذر من هذا الحرام يظن أنه يرضي به ربه... بمن تمكر؟
وستجد من يشكو قسوة قلبه.. ثم يذهب ليشاهد المواقع الخليعة ويشتري الاسطوانات البائسة، .. ثم يزعم أنه يريد أن يلين قلبه من قسوته، سبحان الله!! من تخادع؟
كم من مريد للتوبة أو مدع لإرادتها وهو يحتفظ بكل ذكريات المعصية.. صور الفتاة التي كان يغازلها أو يخادعها وخطاباتها.. فربما احتاج يوما إليها.
بالله عليك ألا تعلم أن الله عالم بسرك ونجواك، ويراقب خلجات قلبك وأسرار نفسك؟
يقول ابن الجوزي رحمه الله في مثل أولئك: "ومن أقبح الذنوب التي قد أعد لها الجزاء العظيم، الإصرار على الذنب، ثم يصانع صاحبه باستغفار، وصلاة، وتعبد، وعنده أن المصانعة تنفع. وأعظم الخلق اغتراراً، من أتى ما يكرهه الله، وطلب منه ما يحبه هو، كما روي في الحديث: "والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني".
ثم بيّن ـ رحمه الله ـ أن ذلك نوع مكر فقال: "تصر على المعاصي وتصانع ببعض الطاعات، والله إن هذا لمكر".(اهـ من صيد الخاطر).
موقع مقالات اسلام ويب
ام الحكاوي @am_alhkaoy
محررة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة