الفصل السادس
سواسية كسنين من أسنان المشط
يبدو أن الأمريكيين ميالون إلى الاستشهاد بالتمييز الشديد الذي يمارس ضد المرأة في بعض البلدان الإسلامية، وهذا صحيح. ولكن القيادات الإسلامية تصر على أن أي شكل من أشكال القمع والاضطهاد للنساء ينتهك تعاليم الإسلام. إذ إن معظم التمييز الناشئ عن العادات الوحشية وعن الشوفينية الذكورية لا عن القران والسنة.
في بعض محاضراتي أطرح بعض الأسئلة، منها: هل تعامل النساء في الإسلام على أنهن أدنى شأنا من الرجال؟ ودائما يأتي الرد بالإيجاب المطلق. ففي أمريكا، تبدو التصورات السلبية عن وضع المرأة المسلمة متجذرة بعمق. وقد نشأت بسبب سوء الفهم، الفوارق في الشرائع، الحقد أحيانا، وللجهل أيضا النصيب الأكبر.
سمعت امرأة تقول، ولعل قولها من المزاح، يفترض في المسلمة أن تمشي على مسافة خطوة أو خطوتين وراء زوجها عندما يكونان في مكان عام، وأنا متأكد أنها مخطئة. بالكاد أمسكت ضحكتها وقالت هذا غير صحيح على الإطلاق. المرأة تمشي إلى جانب زوجها متساويين.
قال الرسول صلى الله عليه وسلم بما معناه أن الزوج وزوجته متساويان كسنين من أسنان المشط. ودهشت عندما سمعت ما قالت، إذ أن زوجتي لوسيل تذكرني معظم الأحيان بأني أسبقها عادة بعدة خطوات عندما نسير جنبا إلى جنب. وهذا ناجم عن عادة درجت عليها في المشي بأقصى سرعتي، لا عن إحساس بأني أفضل منها.
لا يتضح للغرباء أن هناك مساواة بين الرجل و المرأة في الإسلام. والسبب في ذلك ما يشاع من أفكار مقلوبة تنتشر على نطاق واسع، بل إننا نجدها في الكتب الدراسية، مثلا في كتاب الزواج والعائلة مقدمة موجزة للمؤلفين دافيد نوكس و كارو لين شخت حرفت معتقدات الإسلام وتقاليده منها:
· أن تسير المرأة وراء زوجها على بعد خطوات،
· أثناء تناول الطعام تأكل المرأة بعد انتهاء الرجال،
· في حضور الآخرين يجب أن لا تتكلم المرأة مع زوجها أو أن تحدق إليه.
وإليكم العبارات الأكثر إهانة للمرأة في الإسلام:
· ليست المرأة سوى أداة لإنتاج البنين.
وأود أن أشير هنا أن دار النشر التي أصدرت الكتاب قد أوقفت توزيعه وأرسلت قوائم التصحيح إلى المشترين الأفراد وإلى مراكز البيع. غير أن الأذى قد حصل.
يجيز القران الكريم للمسلم بأربع نساء. ومع أن كثيرا من مسلمي الولايات المتحدة الأمريكية يرفضون ذلك لأنه يسبب لهم العواقب الوخيمة، إذ لا يعترف القانون العام في أمريكا إلا بزوجة واحدة فلا حقوق عائلية إطلاقا لأي زوجة إضافية. ويفضل الكثير من المسلمين الأمريكان عدم خرق القوانين الأمريكية التي تحرم تعدد الزوجات. وتشير مجمل المعطيات المتوافرة إلى أن عدد المسيحيين الذين يمارسون تعدد الزوجات في أمريكا أكبر من عدد المسلمين الذين يمارسونه. إنها حقيقة قد تدهش الكثيرين من معتنقي المسيحية وتزعجهم.
هناك 20,000 مسيحي أمريكي يمارسون تعدد الزوجات علنا في أمريكا الغربية، وقد يصل العدد الإجمالي إلى 35,000 مسيحي معظمهم من طائفة المورمون الأصولية المتشددة لأن لهم روابط متوارثة بكنيسة يسوع المسيح لقدسي اليوم الأخير، وهي طائفة طالما سمحت بتعدد الزوجات حتى قرن مضى حين حرمته الكنيسة كما حرمته القوانين.
قد يعتبر الأمريكيون من معتنقي الديانات الأخرى أن فصل الإسلام بين الجنسين في المساجد أمر غريب، لكنه كان في وقت من الأوقات شائعا بين غير المسلمين في أمريكا، فالنساء في بعض الطوائف المسيحية ما زلن حتى اليوم يجلسن منفصلات عن الرجال في بعض الصلوات الدينية، كما يلبسن ثيابا طويلة محتشمة طوال الوقت وليس في الكنسية فقط.
فيما كنت في زيارة لإحدى العائلات الإسلامية، تحدث الابن الأكبر عن تقليد إسلامي آخر يتعلق بتوزيع المسؤوليات داخل العائلة المسلمة فقال:" والدي رئيس المركز الإسلامي في البلدة، أما في البيت فالرئيس هو أمي دائما" فابتسمت زوجتي لوسيل وصفقت بحرارة.
الصفحة الأخيرة
هذه حقائق نؤمن بها
يظل التعصب الديني حدثا عاديا في تصرفات عدد كبير من الناس الذين يسمون أنفسهم مسيحيين أو مسلمين أو يهود. ويتجلى التعصب في بعض الأحيان بوحشية مروعة. وثمة مثل رهيب ظهر في ألمانيا أبان الحرب العالمية الثانية عندما أقدم النظام النازي على قتل ما يقدر بستة ملايين من البشر لأنهم وببساطة كانوا من اليهود. وهناك أمثلة فظيعة أخرى عن التعصب الديني وقعت ولاسيما المجازر التي ارتكبت بحق المسلمين في البوسنة وكوسوفو وإن لم تكن بوزن المحرقة النازية . ويتجلى التعصب الديني من خلال عبارات تفصح عن اعتقاد صاحبها بأن دينه هو الأقوم، وقد يكون الدافع إلى التعصب الديني قويا بصورة خاصة في بلد كأمريكا حيث نرى منذ نشأت الأمة أن السيطرة لدين واحد هو المسيحية.
تطرق الكاتب إلى حوار دار بينه وبين أحد أصدقائه، قال هذا الصديق الذي لم يرغب في الكشف عن اسمه أنه شاهد مقابلة تلفزيونية مع زعيم الإرهاب وهو سعودي متطرف ويعد نفسه مسلما غير أنه بدا على الشاشة كالمموس، سألته: هل يدعى أسامة بن لادن؟ أجاب: نعم، إنه هو بعينه. و لقد أظهرت نشرة الأخبار هذا الشخص وأظهرت الإسلام بمظهر سيئ. قد يكون أصدقائك المسلمين أناسا رائعين، ألا أنني في الواقع وجدت الصورة مهينة ومقلقة. وتابع قائلا:" لماذا الملايين الستة من المسلمين في أمريكا لا يجاهرون بمعارضتهم لهذا الإرهابي والحكم الأفغاني الجائر؟" وهذا ما يقلقني.
ملاحظاته أقلقتني، وحيرني انعدام الاحتجاجات الإسلامية على تجاوزات بن لادن وطالبان. ومن خلال مناقشاتي الشخصية مع مسلمي أمريكا استنتجت أنهم غير راضين عما يفعلة الحكم الأفغاني، غير أنني لم أسمع ولم أرى أي دليل على الاحتجاج الإسلامي ضد هذا التعسف، ولم أكن أدرك آنذاك أن عددا من زعماء المسلمين في عدة ولايات أمريكية كانوا قد أصدروا بيانات احتجاج تجاهلتها وسائل الأعلام الأمريكية .
كان لي لقاء مع العالم أحمد ديدات، ومن خلال الاستماع لخطبته قال:" إن دستور الحكومة العالمية لم يكن سوى القران الكريم." فيما بعد شرح لي ديدات هذه المقولة وقال:" يقدم القرآن قواعد مفصلة للحياة اليومية لا تقتصر على مواقيت الصلاة فحسب، بل تشمل إطارا يحكم كل ما يقوم من علاقات بين أفراد العائلة والجوار وكل شعوب العالم. إنه يقدم كل المقومات الضرورية لحكم سليم. كما يقدم نظاما شاملا حسن التنظيم يسود فيه العدل والتسامح على نطاق العالم بين مجمل أعراق البشر بين الرجال والنساء على حد سواء."