بسم الله الرحمن الرحيم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا لحصار النفس
لم ينهزم إخواننا في فلسطين بفضل الرحمن أولا، وبفضل ثباتهم ثانيا، أما نحن فمحاصرون بالمهزومين وكأن كل واحد منهم يتعامل مع نفسه على أنه أحد الخراف الذي شاهد خروفا يذبح، فأصابه الهلع..
فلنثبت لأنفسنا جميعا أننا لسنا خرافا مذعورة، بل بشرا نتنفس الكبرياء والعزة، فمعركتنا طويلة، وستستغرق بعض الوقت، ولننظر للنصف المملوء من الكوب، وأعني به الصحوة الهائلة في العالمين العربي والإسلامي على مستوى الشعوب، بل الأطفال والنساء.
ولا ننهزم بالاستسلام أو بالهروب عبر الانغماس المتزايد في الحياة الاستهلاكية، ولنردد: "إذا لم نستطع أن نصنع نصرا فلا نصنع هزيمة"، وليبدأ كل منا بنفسه وبدائرته القريبة، وليشارك في إيصال رأيه الإيجابي عبر وسائل الإعلام المختلفة وعبر الإنترنت، ولنتعلم أن "ما لا يدرك كله لا يترك كله"، وألا نستهين أبدا بقوانا في أي معركة وطنية أو حياتية، وأن نسعى لزيادتها باطمئنان وسكينة نقوم بزرعها بقوة بداخلنا، ولا نسمح لها بمغادرة قلوبنا وعقولنا أبدا، وأن نغلق كل أبواب الهزائم والاستسلام.
إرادة النهوض
ولنثق أنه حتى -لا قدر الله بالطبع- إذا تم إخفات صوت المقاومة "مؤقتا" فإن هذا لن يعني إنهاءها، بل ستتنامى كمن يطفئ ظاهر النيران ويترك باطنها، ولنتعلم ألا نستسلم في أي معركة حياتية حتى لو قوبلنا بالعنف، وأن ننمي بداخلنا إرادة النهوض مجددا، ولنتذكر مشهد سيدة فلسطينية عجوز قام شارون بهدم بيتها وقتل أفراد أسرتها، فما كان منها إلا أن وقفت تتحداه بثبات مذهل أمام الفضائيات تتوعده بأنه لو قضى على كل الفلسطينيين وبقى هناك مسلم واحد في العالم فسينتصر هذا المسلم عليه، ولنتدبر خروج الشعب التركي بمظاهرات مليونية لنصرة إخوانهم في الدين، رغم الجهود الجبارة التي بذلها أتاتورك وأذياله لمحو الهوية الإسلامية من الأتراك، ولنتعامل مع ما يؤلمنا بما قاله ابن تيمية لأعدائه: "إن سجني خلوة، ونفيي سياحة، وقتلي شهادة"، ولنتنفس قول الشيخ الغزالي: "المؤمن الحر يدور مع الأحداث لا دوران ضعف ونفاق، ولكن كما يدور المصارع في الحلبة".
إن الشجاعة قد تكلف صاحبها فقدان حياته فهل الجبن يقي صاحبه شر المهالك؟! فالذين يموتون في ميادين الحياة وهم يولون الأدبار، أضعاف الذين يموتون وهم يقتحمون الأخطار، وللمجد ثمنه الغالي الذي يتطوع الإنسان بدفعه، ولكن الهوان لا يعفي صاحبه من ضريبة يدفعها وهو كاره حقير، وما دام الشيء وضده يكلفان الكثير، فلماذا نرضى بالحقير ولا نطمع في الخطير؟! ولنتوقف عن تلمس الأمان من متابعة الأخبار، فلابد أن يكون اليقين بالنصر بداخلنا وأن نتابع الأخبار لنطمئن على إخواننا الصامدين، وقد لخص أحدهم الموقف قائلا: لا نريد طعاما أو علاجا، نحن متمسكون بأرضنا لأنه صراع وجود إما نكون أو لا نكون.
ومن (العار) أن نخون أنفسنا بالانكفاء على الذات أو بزرع اليأس بداخلنا؛ لأننا لن نعيش إلا مرة واحدة، ولن نهنأ بالسعادة الحقيقية إلا إذا تمتعنا بالعزة وبتوسيع الأفق وتوسيع الاهتمامات في الحياة، ووضع القضايا الوطنية والدينية في مكانها اللائق، بأولوياتنا، لتتنامَ طاقاتنا ونهزم المخاوف، وليدفعنا الألم للمزيد من الفاعلية وتحقيق الانتصارات ونجهض مخططات أعدائنا.. ولنجدد دائما الدعاء بأن يستخدمنا الرحمن ولا يستبدلنا.
منقــــول
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️