بسم الله الرحمان الرحيم
فإن الله - سبحانه - قد أنعم علينا بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصى حتى قال جل ثناؤه: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا}1.
ومن نعم الله علينا نعمة العافية، والصحة، والفراغ، والمال، والبنين وغيرها من النعم التي لا نحصي لها عداً، ولن نوفي لها شكراً، ومن أَجلِّ هذه النعم وأعظمها نعمة الإسلام والإيمان، وأخص من ذلك نعمة الهداية والاتباع لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وهذه النعم التي منحنا الله إياها لا شك أننا سنسأل عنها يوم القيامة: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ}2 يقول ابن كثير - رحمه الله -: "ثم لتسألن يومئذ عن شكر ما أنعم الله به عليكم من الصحة والأمن، والرزق، وغير ذلك، ما إذا قابلتم به نعمه من شكره وعبادته؟"3، ويقول ابن مسعود - رضي الله عنه -: "الأمن والصحة"، وقال زيد بن أسلم: "شبع البطون، وبارد الشراب، وظلال المساكن، واعتدال الخلق، ولذة النوم"، وقال سعيد بن جبير - رحمه الله -: "حتى عن شربة عسل"، وقال مجاهد - رحمه الله -: "عن كل لذة من لذات الدنيا"، وقال الحسن البصري: "من النعيم الغداء والعشاء"، وقال أبو قلابة: "من النعيم أكل السمن والعسل بالخبز النقي"؛ وهذه الأقوال كلها قد نقلها ابن كثير - رحمه الله - في تفسيره ثم علق عليها بقوله: "وقول مجاهد
أشمل هذه الأقوال"
وقد سبق ابن كثير - رحمه الله - إلى هذا الفهم العلامة ابن جرير - رحمه الله -، وأن الآية عامة في كل نعيم فقال بعد أن نقل أقوال السلف حول معنى هذه الآية: "والصواب من القول في ذلك: أن يقال: إن الله أخبر أنه سائل هؤلاء القوم عن النعيم، ولم يخصص في خبره أنه سائلهم عن نوع من النعيم دون نوع، بل عمّ بالخبر في ذلك عن الجميع، فهو سائلهم كما قال عن جميع النعيم لا عن بعض دون بعض"5.
وجاء في الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "خَرَجَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَوْمٍ أو لَيْلَةٍ فإذا هو بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فقال: ((ما أَخْرَجَكُمَا من بُيُوتِكُمَا هذه السَّاعَةَ؟)) قالا: الْجُوعُ يا رَسُولَ الله، قال: ((وأنا وَالَّذِي نَفْسِي بيده لَأَخْرَجَنِي الذي أَخْرَجَكُمَا، قُومُوا)) فَقَامُوا معه فَأَتَى رَجُلًا من الْأَنْصَارِ فإذا هو ليس في بَيْتِه،ِ فلما رَأَتْهُ الْمَرْأَةُ، قالت: مَرْحَبًا وَأَهْلًا، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أَيْنَ فُلَانٌ؟)) قالت: ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لنا من الْمَاءِ؛ إِذْ جاء الْأَنْصَارِيُّ، فَنَظَرَ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَصَاحِبَيْهِ، ثُمَّ قال: الْحَمْدُ لله ما أَحَدٌ الْيَوْمَ أَكْرَمَ أَضْيَافًا مِنِّي، قال: فَانْطَلَقَ فَجَاءَهُمْ بِعِذْقٍ فيه بُسْرٌ وَتَمْرٌ وَرُطَبٌ، فقال: كُلُوا من هذه، وَأَخَذَ الْمُدْيَةَ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إِيَّاكَ وَالْحَلُوبَ!))، فَذَبَحَ لهم فَأَكَلُوا من الشَّاةِ، وَمِنْ ذلك الْعِذْقِ، وَشَرِبُوا، فلما أَنْ شَبِعُوا وَرَوُوا، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: ((وَالَّذِي نَفْسِي بيده لَتُسْأَلُنَّ عن هذا النَّعِيمِ يوم الْقِيَامَةِ؛ أَخْرَجَكُمْ من بُيُوتِكُمْ الْجُوعُ، ثُمَّ لم تَرْجِعُوا حتى أَصَابَكُمْ هذا النَّعِيمُ))6.
وفي حادثة أخرى قال جَابِرٌ - رضي الله عنه -: أتاني النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَأَطْعَمْتُهُمْ رُطَباً، وَأَسْقَيْتُهُمْ مَاءً، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((هذا مِنَ النَّعِيمِ الذي تُسْأَلُونَ عنه))7، وعن الزُّبَيْرِ بنِ الْعَوَّامِ - رضي الله عنه - قال: لَمَّا نَزَلَتْ {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عن النَّعِيمِ}، قال الزُّبَيْرُ: يا رَسُولَ الله فَأَيُّ النَّعِيمِ نُسْأَلُ عنه، وَإِنَّمَا هُمَا الْأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالْمَاءُ؟ قال: ((أَمَا إنه سَيَكُونُ))8.
أختي: فإذا كان هؤلاء سيسألون عن هذه النعم التي تعدُّ في نظرنا بسيطة، ومع شكرهم لله عليها، وأدائهم لحقوقها، وعدم إسرافهم فيها؛ سيسألون عنها؛ فكيف بمن توسع اليوم في المآكل والمشارب، والمراكب والمساكن، والأثاث والمتاع، وأنواع الرفاهية واللهو المباح وغير المباح - وخاصة في رمضان -، حيث توسع الكثير في المأكولات توسعاً لا يكاد يوصف، فترى بعض البيوت تنصب الموائد الرمضانية التي فيها من صنوف المآكل والمشارب الشيء الكثير، بل إن هناك خياماً رمضانية ترسم من فئة الخمسة نجوم، وقد صارت اليوم من معالم رمضان التي لا تخطئها العين؛ ونذكر هذه الصور من الترف والبذخ في الأطعمة والأشربة لنذكِّر أصحاب هذه الموائد بأن هناك مئات بل آلاف من المسلمين؛ ممن هم جيران لهؤلاء لا يجدون ما يسدُّون بهم جوعتهم، ولا ما يفطرون عليه، ولا ما يسترون به أبدانهم.
وحتى إن لم يكون هؤلاء جيران لهم، فهم في النهاية مسلمون، والمسلم أخو المسلم ولو كان بعيداً عنه ولو في الصين، فيجب على المسلم أن يقف مع أخيه المسلم فيواسيه، ويتفقد حاجته، ويسأل عنه، ويحاول أن يقدم له ما يستطيع من الخير، ويدفع عنه ما يقدر من الشر.
كما نحذر من عدم شكر الله - سبحانه وتعالى - في هذه النعم وغيرها، فإن الشكر سبب دوام النعم وزيادتها، كما أن كفرها وجحودها سبب به تزول النعم: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ}9
إذا كنت في نعمة فارعها فإن المعاصي تزيل النعم
وحُطْها بطاعة رب العباد فربُّ العباد سريع النِّقم
وكم قصَّ الله - سبحانه - علينا في القرآن من قصص أقوام حباهم الله بنعم كثيرة، لكن لم يشكروه عليها، ولم يؤدوا حقه في هذه النعم؛ فسلبهم الله إياها؛ كقصة أصحاب القرية المطمئنة التي كانت يأيتها رزقها رغداً من كل مكان، لكنها كفرت، فسلبهم نعمه، وأبدلهم بعد الأمن خوفاً، وبعد الشبع والثرى جوعاً وفقراً.
وكذلك قصة قارون، وجحده لنعمة الله، واستكباره؛ وإدعاءه أن ذلك المال تملكه بذكائه، وبأهليته؛ فخسف الله به وبداره الأرض؛ كما قص الله علينا ذلك في القرآن.
وكذلك قصة الرجل الذي كان له جنة كما في سورة الكهف، وقصة أصحاب الجنة في سورة القلم، وكذا قصة قوم سبأ كما في سورة سبأ، وغيرها من القصص القرآنية التي يجب أن نتعظ ونعتبر بها.
والسنة النبوية تورد أيضاً جملة من هذه القصص كقصة الثلاثة: الأقرع والأبرص، والأعمى.
ولسنا أعزَّ على الله من تلك الأقوام، إذ ليس بيننا وبين الله - سبحانه وتعالى - نسب؛ وبالتالي فإننا إذا لم نشكر الله على ما أنعم به علينا، ولم نؤد حقه فيها؛ فإن مصيرنا ومآلنا سيكون مصير تلك الأقوام - نسأل الله السلامة والعافية -، فلنحذر من عقوبة الله وسخطه.
نسأل الله أن يجنبنا أسباب سخطه، وأن يوفقنا لمرضاته، وأن يعيننا على مواساة أخواننا المسلمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
فتعالوا نذكر نعم الله علينا
فكل واحدة تدخل الموضوع تكتب نعمة انعم الله عليها بها
لحد ما نجمع نعم كثيرة جدا
وطبعا سنستفيد من الموضوع ومن بعض بذكر نعم لم نكن نلتفت لها
ونحمد ربنا سبحانه تعالى على هذة النعمة ونحاول نستخدمها افضل استخدام
ونرضى الله تعالى بهذا التفكرو التدبر
ما رايكن ؟؟؟؟
إذن فلنبدأ على بركة الله
متفـ1431ـآئلة @mtf1431ayl
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الحمد لله كما ينبغي لجلال جهه ولعظيم سلطانه ... اللهم لك الحمد كالذي تقول وخيراً مما نقول ... اللهم لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد بعد الرضى ولك الحمد في حال وعلى اي حال .....
الصفحة الأخيرة
من ادكار النوم :
الـحَمْدُ للهِ الَّذي أَطْـعَمَنا وَسَقـانا، وَكَفـانا، وَآوانا، فَكَـمْ مِمَّـنْ لا كـافِيَ لَـهُ وَلا مُـؤْوي.
الحمد لله الذى لم يتخذ ولدا و لم يكن له شريك فى الملك
الحمد لله الذى جعلنى مسلمه و جعل لى عينين و لسانا و شفتين , الحمد لله الذى سترنى و شفانى و هدانى و كسانى و اطعمنى و اوانى
الحمد لله رب العالمين