لتفسير الرؤى علم وادب وفقه

لتفسر الرؤى علم وادب وفقه ؟؟؟؟
 الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين أما بعد :

فان علم تعبير الرؤى علم جليل اهتم به الناس قديما وحديثا فالرؤى جزء من أجزاء النبوة كما جاء ذالك في الحديث .

فعن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كشف الستارة والناس صفوف خلف أبي بكر فقال ( يا أيها الناس إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له وإني نهيت أن اقرأ راكعا أو ساجدا فأما الركوع فعظموا الرب فيه وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم  ) رواه أبو داوود وصححه الألباني .

وعن حذيفة بن أسيد عن النبي صلى الله عليه و سلم ( ذهبت النبوة فلا نبوة بعدي إلا المبشرات الرؤيا الصالحة يراها الرجل أو ترى له ) حسنه الألباني في صحيح الجامع .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم (لم يبق من النبوة إلا المبشرات الرؤيا الصالحة ) . صححه الألباني في صحيح الجامع .

ولذالك أيها الإخوة فقد أولى النبي صلى الله عليه وسلم الرؤى مكانتها وكانت تعجبه الرؤى الحسنة كما في الحديث عن انس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يعجبه الرؤيا الحسنة . ‌ رواه النسائي وغيره وصححه الألباني .

بل انه عليه الصلاة والسلام كان يسال أصحابه بعد الفجر هل رأى احد منكم رؤيا , ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا انصرف من صلاة الغداة يقول هل رأى أحد منكم الليلة رؤيا ويقول إنه ليس يبقى بعدي من النبوة إلا الرؤيا الصالحة   ) صححه الألباني في صحيح الجامع .

وهذا الحديث يوضح بجلاء اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بالرؤى الصالحة وانه كان يجعل لها جزءا من وقته بل ويسال أصحابه بعد صلاة الفجر عن رؤاهم التي رأوها في الليل! , وكونه يسألهم عنها بعد صلاة الفجر دليل على اهتمامه بها حيث أن تأخير السؤال عنها قد يسبب نسيانها ولكن في الغالب أن الإنسان بعدما يستيقظ من نومه تبقى الرؤى غالبا في ذهنه ولا ينساها بخلاف ما لو جاء النهار وذهب  إلى عمله فان هذا قد يسبب نسيانها .

وللأسف الشديد فان بعض الجهال ينكرون علينا الاهتمام بالرؤى وتعبيرها ونسوا هدي النبي صلى الله عليه وسلم واهتمامه بالرؤى الحسنة .

فرؤى المبشرات مما يدخل السرور في نفوس الناس خاصة في هذا الزمان الذي اشتدت فيه الفتن وعظم الكرب على المؤمنين وهم يرجون الفرج على أحر من الجمر فلا شك أن الاستئناس بالرؤى من أعظم ما يسلي نفوس المؤمنين في هذا الزمان ويثبتهم على في زمان غربة الدين .

ورؤى المبشرات  من عاجل بشرى المؤمن وقد جاء في تفسير قوله تعالى ( لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) , جاء في تفسيرها أنها الرؤيا الصالحة .

فعن أبي الدرداء رضي الله عنه (بشرى الدنيا الرؤيا الصالحة ) صححه الألباني .

وعند الترمذي  من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله سبحانه { لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة } قال ( هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له ) صححه الالباني .

ولذالك أيها الإخوة فان الاهتمام بالرؤى المبشرة وتعبيرها وتناقلها من الأمور المندوبة والتي تدخل السرور إلى نفوس المؤمنين وتسليهم في زمان الغربة .

وعلى من يرى رؤيا صالحة أن يحمد الله عليها ولا يعرضها إلا على معبر ناصح عالم بسنة النبي صلى الله عليه وسلم في التعبير حتى يعبرها له على أحسن وجوهها فتقع على ذالك .

ففي السلسلة الصحيحة للألباني ( لا تقصوا الرؤيا إلا على عالم أو ناصح ) . صححه الألباني .

وفي صحيح الجامع عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا رأى أحدكم الرؤيا الحسنة فليفسرها وليخبر بها وإذا رأى الرؤيا القبيحة فلا يفسرها ولا يخبر بها ) .

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إذا رأى أحدكم الرؤيا يحبها فإنما هي من الله فليحمد الله عليها وليحدث بها وإذا رأى غير ذلك مما يكره فإنما هي من الشيطان فليستعذ بالله ولا يذكرها لأحد فإنها لا تضره ) صححه الألباني .

ولذالك فاني احذر جميع الإخوة والأخوات ألا يعرضوا رؤاهم إلا على من يثقون في علمه ونصحه فان الرؤيا كيفما عبرت وقعت , وهناك بعض الرؤى تحتمل وجهين وجه فيه خير ووجه فيه شر فإذا عبرت على الوجه الذي هو خير وقعت كذالك وإذا عبرت على الوجه الذي فيه شر وقعت كذالك .

وبعض المعبرين هداهم الله يستعجل في التعبير ولا يتأنى في النظر في الرؤى حيث تجد ان الكثير من الرؤى هي من هذا النوع الذي يحتمل وجهين .

ولذالك على الجميع الحذر وان لا يجعلوا رؤاهم عرضة للناس يعبرها كل من هب ودب بل لا بد أن يختار المعبر الذي يثق في دينه ونصحه ليعبرها له على أحسن الوجوه .

فالرؤيا على جناح طائر كيفما عبرت وقعت كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم .

وفي الحديث عن انس رضي الله عنه ( إن الرؤيا تقع على ما تعبر ومثل ذلك مثل رجل رفع رجليه فهو ينتظر متى يضعها فإذا رأى أحدكم رؤيا فلا يحدث بها إلا ناصحا أو عالما ) صححه الألباني .

ولذالك على الجميع عدم الاستخفاف بهذا الأمر وإلا يعرضوا رؤاهم إلا على معبر ناصح .

وهذا الأمر يصدقه الواقع أيها الإخوة وقد وجدت ذالك فان الرؤيا إذا احتملت وجهين وعبرت على الوجه الذي فيه خير فإنها تقع , وفي المقابل فان الرؤيا إذا احتوت على شر وعمل صاحبها بهدي النبي صلى الله عليه وسلم وتعوذ بالله من شرها أو لم يعبرها المعبر فانه لا تقع ويصرف الله الشر عن صاحبها ببركة اتباعه لهدي النبي صلى الله عليه وسلم في ذالك .

ولذالك أوصي الإخوة المعبرين الذين يعبرون الرؤى أن لايعبروا الرؤى  التي فيها شر وان يوجهوا صاحبها إلى التعوذ بالله من شرها وان لا يشغل نفسه بها .

وهنا قد يقول البعض انك تعبر بعض الرؤى التي فيها شر فكيف نجمع بين فعلك ووصيتك فأقول أيها الإخوة أن الرؤى تنقسم إلى أقسام من حيث ما فيها .

القسم الأول : رؤى المبشرات وهي الرؤى الحسنة التي فيها مبشرات للرائي فهذه تعبر على احسن وجوهها ولا إشكال في ذالك .

القسم الثاني : رؤى فيها شر محض ولا يوجد بها جانب خير فهذه لا تعبر ويوجه صاحبها إلى الاستعاذة بالله من شرها وعدم الاشتغال بها فإذا فعل ذالك أعاذه الله من شرها .

القسم الثالث : رؤى فيها تحذير من أمر واقع فيه الرائي فهذه ينبه الرائي الى ما هو واقع فيه لينتهي عنه , وهذا القسم الثالث هو ما أتكلم عنه وأنبه الرائي إلى ما هو واقع فيه من شر ليحذره .

وهذا القسم من الرؤى كأن يبتلى الإنسان بالعمل مع قوم أهل غدر فيثق فيهم وهم ليسوا أهلا للثقة فيرى مثلا أن سيارته تسرق أو ما شابه من الرؤى المحذرة مما هو فيه فينبه الى ذالك ليحذر .

وبالطبع فان سرقة السيارة لا تعبر على هذا الوجه دائما بل له معان مختلفة حسب سياق الرؤيا .

فالحاصل هنا أيها الإخوة أن الإنسان إذا رأى في منامه ما يكره فان عليه أن يهتدي بهدي النبي صلى الله عليه وسلم في ذالك بالتعوذ بالله من شرها وان يبصق عن يساره ثلاثا ويتحول عن شقه الذي هو نائم عليه فإذا فعل ذالك فلن تضره بفضل الله ورحمته .

فعن عن جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ( إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها فليبصق عن يساره ثلاثا وليستعذ بالله من الشيطان الرجيم ثلاثا وليتحول عن جنه


منقول للفائده