لحظات الصمت

الأسرة والمجتمع

بقلم الأستاذ جاسم المطوع

آثار سيئة

إذا لم يكن بين الزوجين حوار خارجي واضح ومباشر ، وكلاهما يضمر في نفسه ما لا يستطيع مناقشته مع الآخر ويعيش متكلماً مع نفسه فقط فهذا ضرره بيّن

لأنه وبعد فترة من الزمن يكتشف الزوجان أن كل واحد منهما يعيش خصوصياته فقط لا يشاركه فيها أحد .
وبمفرده يأخذ القرار وبنفسه ينفذه ، وتدور في ذهنيهما أسئلة أشدها : لمَ تزوجت .. بماذا أفادني الزواج ؟

تبدأ الأسرة في التفكك ، حتي وإن كانت في ظاهرها أسرة سوية ، وقد يصل الأمر إلي أن يجعل كل واحد منهما غرفة نوم خاصة به ، وتتطور الحالة إلي تناثر تام في السلوك اليومي للحياة ، وبذلك يصبح في البيت الواحد بيتان منعزلان كلياً عن بعضهما .

وهذا الانفصال يقيم بين الزوجين حواجز مع مرور الوقت ، ومن أجل تكسير هذه السدود لا بد أن يكون عندهما قناعة في أي حوار خارجي في أمر من أمورهما يتحدثان عن إيجابياته وسلبياته ومعرفة ثمار هذا الحوار ونتائجه ، وهذا يترتب علي قناعة كليهما معاً ، وبهذا تصبح قراراتهما مشتركة ، مهما صعبت ، ومن المفارقات أن هناك دراسة تقول إن المرأة تتحدث في اليوم (13) ألف كلمة والرجل (8) آلاف فإن لم يكن بينهما حوار خارجي عقلاني فأين تذهب هذه الطاقة ؟ إلي حوار نفسي سلبي .

أريد حريتي

ومن الأمثلة علي ذلك : آتتني زوجة من المحكمة تطلب الطلاق ، وعندما سألتها عن الأسباب رفضت أن تحدثني قائلة ما أبي أتكلم .. أرجوك خلصن بسرعة .

فألححت عليها أكثر من مرة ، فأطلقت عبارة واحدة من وين أبدأ .. ؟

ما معني هذا الكلام ؟ ( هذا يدل علي أن بداخلها مجموعة كبيرة من الحوارات النفسية : مشاكلها وهمومها متزاحمة فهي لا تعرف من أين تكون البداية ) ، ولو كان بينها وبين زوجها حوارات خارجية لكانت عرفت كيف تبدأ وكذلك ما نشأت لديها زعزعة في الثقة .

فجلست معها أكثر من جلسة إلي أن توصلت معها لحل طيب .

وحالات كثيرة من هذا النوع مر عليّ بعضها ، تطور الحوار النفسي إلي مرحلة بناء القناعات وإصدار القرارات الحازمة مثل الطلاق وحالات أردت أن أثنيها عن قرارها هذا فلا أفلح ، لأنه أقنع نفسه منذ زمن أن ما قرره صحيح ، وبعد أن ينفذ ما في ( رأسه ) يكتشف أن قراره كان خاطئاً .

الحوار الخارجي :

الحوار الخارجي يمر بخمس مراحل بين الزوجين :

- إلقاء التحية السلام عليكم
- الكلام عن بعض الوقائع : الطقس ، كأن يسأل عن الجو ، أو ماذا فعلت اليوم .
- تبادل الآراء : .. كأن يسأل الزوج زوجته ما رأيك في هذا الموضوع ، وتسأله هي وأنت ما رأيك في هذه السالفة .. الخ .
-الحديث المتبادل عن تقبل الأشياء : أنا أحب هذه الأكلة ، وكذلك هذا اللون جميل .. .
- تبادل الحديث عن الاحتياجات الزوج : أنا أحتاج إلي هذا الشيء منك وهو كذلك .

كثير من الأزواج لا يلم بهذه المراحل الخمس ، إما يتحدثون عن الحاجات فقط ، أو بإلقاء التحية والكلام عن الجو وماذا فعلت .
الدراسات تقول إن 85% من المشاكل العالمية سببها انعدام الحوار . تنشب الحرب بين دولتين لأنهما غير قادرتين علي التفاهم وأيضاً المشاكل السياسية والاقتصادية وكذلك الخلافات بين الزوجين .

لاحظوا الفرق

هناك فرق بين الزوج والزوجة في إدارة الحوار الخارجي وفي إصغاء أحدهما للآخر ؟

لا تقاطعيني !

فعبارات الرجل دائماً متصلة فهو يتحدث إلي أن ينتهي من موضوعه ، المرأة بعكس ذلك تدخل في سالفة وتتركها لتدخل في موضوع آخر وثالث .
أنا : هي عنوان حديث الرجل غالباً بـ إحنا .
الاستهزاء يكثر في حديث الرجل لأن زوجات كثيرات يشتكين من أن أزواجهن يتطنزون .
التحدي : أسلوب الرجل في حواره مع زوجته يأخذ سمة التحدي ، والمرأة لا تسلك هذا .
أما الفرق في الاستماع بين الرجل والمرأة فيكون في :

التركيز : ينشغل الزوج كثيراً عندما تحدثه بأي شيء حوله .. ولكن المرأة تصغي .
الاسترسال : لا يحب الرجل أن تقاطعه امرأته في الحديث لأن قطع الحديث يعصبه والزوجة إذا تحدثت فكثيراً ما يقاطعها الزوج .
الإيماءات : تكثر المرأة من إيماءاتها بالإيجاب والإنصات أثناء حديث زوجها أما هو فلا إشارات ولا حركات له تدلل لها أنه يتابعها في الحديث .
حديث الرجل يكون بالتأكيد ، ولكن المرأة تتحدث بمعلومات عامة .
وهذه الفروقات لا بد أن يعرفها الزوجان حتي تتحسن علاقتهما معاً .

الخمس المهلكات..

هناك أقوال وأفعال تنهي الحوار الزوجي الخارجي قبل بدايته وهو ما يطلق عليه مصطلح مهلكات الحوار وهي :

النقد الجارح : في أثناء الحوار إذا نقد أحد الزوجين المتحدث ، فالموجه إليه النقد لا يستطيع الاستمرار في الكلام بعد ذلك .
الحكم بالخطأ : كأن يقول المتحدث أنت أخطأت في .. بدء الحوار بهذا يجعل المستمع يقطع أي نقاش سيدور .
ترك الأمور علي عواهنها دون حوار أو مناقشة متذرعين بـ مع الأيام ستتغير و نتركها للزمن هذا خطأ يحدث في نفس الإنسان تكدساً .. يؤدي إلي الحوار النفسي السلبي .
اجترار السوابق : إذا حدث خلاف آني وحين مناقشته تسترجع المشاكل السابقة كلها وتقال مرة واحدة .
التسبيق بمعرفة المشكلة : كأن ترغب زوجة في مناقشة زوجها في مشكلة حدثت بينهما فيسبق الزوج حديثها قائلاً : أنا أعرف ما تودين الحديث عنه وبهذا يكون قد أغلق باب الحوار .

العدد (6) مارس 1997 ـ ص : 36
2
429

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

beautylady
beautylady
جزاك الله خيراً على النقل ... :27:
الشامخة الخالدي
ويجزاك عني كل خير:26: