مقاله أعجبتني .. بعنوان ( لست وحدك في الظلام …! ) بقلم عائض الدوسري ..مجلة الأسرة
في أحد الأيام دخلت محلاً للهاتف كي أتصل .. فوجدت المحاسب وكان صغير السن وقد رفع صوت الأغاني عالياً . فلما شاهدني .. أغلق المسجل ..! ذهبت للكبينة واتصلت وبعد انتهائي من المكالمة ذهبت للمحاسب ..
وقلت له وأنا أمازحه :
ليش يالطيب أغلقت المسجل الذي يطرب بالأغاني ؟
كان خليتنا نطرب معاك ! وضحكت ..
فقال وهو يضحك : معليش أنا شفت شكلك ..فاحترمتك فاستحيت منك وطفيت الأغاني !
قلت له : أخجلتني فعلاً أنت شاب طيب الله يهدينا ويهديك ..
أخي الحبيب : لكن عندي لك نصيحة .
فقال : تفضل.
قلت له : هناك موعظة قاله أحد الصالحين الأبرار يخاطبك ويخاطبني!!!
يقول هذا الرجل الزاهد التقي العابد :
يابن آدم : لماذا جعلت الله أحقر الناظرين إليك ؟!
لماذا جعلت ربك وربي أهون السامعين لك ؟؟
أخي .. تستحي مني وأنا العبد الفقير !!!
ولا تستحي ولا تهاب الله ؟؟ مالك الملوك .. العزيز الجبار !!
أخي الحبيب ..هل أنا أستحق الرهبة والاحترام أكثر من الله الذي قال : {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ )(النساء: من الآية108)} الآية .
فسكت الشاب وعلته الحيرة والاستغراب ثم مالبث أن تسللت إليه السكينة .. فقال : صدقت ! نعم كيف لا نستحي من الله وهو معنا دائماً ! وهو أحق بالاحترام والهيبة 1 إذا خلونا بأنفسنا انتهكنا حرمات الله .. وإذا خالطنا الناس راقبناهم وراعيناهم واستحيينا منهم !! والله جعلناه ناظراً محتقراً! لا باعتقادنا ولا بقولنا ولكن بأ عمالنا لم نراع وجوده واطلاعه علينا !! هل تستطيع أن تمارس معصية سرية أمام الأهل والأقارب والأصدقاء ؟ كلا فمجرد تذكرك لها وأنت بين الناس يشعرك بالعار ويعلو وجهك الاحمرار .. ولكن أمام الله وتحت بصره وسمعه .. الأمر في غاية السهولة ..
لا حياء لا خجل لا وجل .. فالله قد يكون آخر ما يفكر فيه البعض !! لماذا ؟؟ لأن قلوبنا قاسية .. ولأن عيوننا تشاهد ولكن لا تبصر ! .. ولأن أسماعنا تسمع ولا تصغي ! .. أتعرفون ما هو الإحسان ؟ هو أن تعبد الله كأنك تراه .. فإن لم تكن تراه فإنه يراك .
فإذا خلوت وحيداً فلا تظن أنك وحيد .. فمعك الله الذي هو ثالث الاثنين ورابع الثلاثة وثاني الواحد ..
فأنت دائماً معك الله يشاهدك أعمالك .. ويطلع على أفعالك فلا تري الله منك إلا ما تتشرف به أمام الخلق يوم القيامة ..
أ ين نحن ممن إذا خلا وحيداً .. اقشعر جلده .. وسالت عينه ..لأنه يعلم أنه وحيداً أمام الله .
كان سفيان الثوري –رحمه الله – يتساءل عن سر محبة الناس لعبد الله بن المبارك ويقول :" بأي شيء تفوق علينا عبد الله حتى صلر محبوباً عند الناس ؟ وجاءته الإجابة ؟ فقد اجتمع سفيان وابن المبارك في مجلس علم يتدارسون فيه الأحاديث ، وكان أن انطفأ المصباح فأظلم المجلس وهب مجموعة منهم لإصلاح المصباح ، وبينما هم منهمكون في إصلاحه كان سفيان يتأمل في السر الذي من أجله صار عبد الله بن المبارك محبوباً عند الناس !! ولما أصلح المصباح ،نظر سفيان لعبد الله بن المبارك فذهل مما نظر !! لقد شاهد عيني عبد الله محمرة ودموعه تسيل على خده !! لحظات انطفأ فيها النور ، فتذكر ابن المبارك عظمة الله وهيبته والقبر ووحشته والصراط ودقته واليوم الآخر وشدته يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ..
عندها علم سفيان كيف صار ابن المبارك إلى هذه الدرجة في قلوب الناس ! فمتى استحكمت في نفس العبد مخافة الله ومحبته ورهبته جعل الله في قلبه نورا وفي وجهه نورا وجعل له في قلب العباد محبة ورهبة . ومن استحكم في قلبه الرعب والخوف من كل شيء – إلا الخوف من الله – فتراه يرهب الناس أشد من رهبة الله ويرتعب من كل شيء ..قال تعالى :{ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)(الصف: من الآية5)}

شروق @shrok_1
عضوة فعالة
هذا الموضوع مغلق.




الصفحة الأخيرة
موعظة رائعة تستحق الوقفة عندها والتفكر بها طويلا .
المزيد من هذه المواضيع الرائعة.