الظن الذي أصاب فيه إبليس
قال الله تعالى في سورة الإسراء
{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً (61) قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً (62)}
الحنك هذا أسفل الحلق
والعرب تضع الرسن الحبل للفرس مع حنكه حتى يسهل عليها أن تقوده ميمنة وميسرة،
ومعنى الآية:
أنني سأستولي على من خلقت
وإبليس لم يكتفي بعداوته حسدا لآدم بل تجاوزه إلى ذريته
{قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً}
وقول إبليس: {ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً} هذا من الظن الذي أصاب فيه إبليس
أين الدليل؟
{وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ}
الله جل وعلا أخبر أن إبليس أصاب في هذا الظن قال سبحانه في سبأ: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ} فإبليس قال: {لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً} فعلم إبليس وقال بظنه أن أكثر الذرية سيسيطر عليها إلا قليلا
وقلنا إن الله جل وعلا صدق إبليس في قوله هذا بقوله سبحانه
{وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ}
تأملات في سورة الإسراء

فائدة آخرى جليلة
التقديم والتأخير بين الإنس والجن في آيات القرآن
الجن والإنس أمتان ذكرتا فى القرآن قدم أحدهما فى الخطاب حيناً وقدم الآخر فى الخطاب أحياناُ
فلماذا قدم الجن حيناً أخر الإنس ولماذا أخر الإنس وقدم الجن؟
هذا ما سنعرض له:
بداية: تأصيلاً: نقول إن الله خلق الجن قبل الإنس قال الله تعالى:
(وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ )
(الحجر:27) .
- قال الله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ والإنس إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات:56) تقديم الجن هنا ظاهر وهى قضية مسألة أنهم أول إيجاداً؛ أول خلقاً
الذين خلقهم الله جل وعلا قبل أن يخلق الإنس
فخاطبهم باعتبار إيجادهم باعتبار خلقهم باعتبار الترتيب فكلاهما مكلف بالعبادة
ولهذا قدم الله جل وعلا من خلق أولاً بالتكليف الأول فقال
(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ والإنس إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) ،
- وفى سورة الرحمن قال جل وعلا : (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ) (الرحمن:33)، وقال فى سورة النمل: (وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ والإنس وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ) (النمل:17)... المتتبع للقرآن والسنة يفقه أن الجن أكثر قوة من الإنس: (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً) (الجن:6) ، فهذا حتي ما تكتنفه الضمائر أن الإنس يرون أن الجن أقوى منهم فلذلك وجد فى الإنس من يلجأ إلى الجن ولا يوجد العكس
فهنا قدم الله جل وعلا الجن لأن القضية قضية مخاطبة بالقوة
الأولى قلنا بالإيجاد والخلق الآن نتكلم عن قوة
فلما أراد الله أن يخاطب فى قضية النفوذ من أقطار السموات والأرض خاطب الجن ابتداءً لأنهم أقوى فقال
(يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ)
ولما أراد الله أن يتكلم عن جند سليمان ويتكلم عن جيش، والجيش مداره الأول القوة قدم الجن فقال
(وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ).
- لكن الله لما تكلم عن البيان الذي تحدى به العرب - تحدى بالقرآن العرب - وهم أمة فصحاء
والعرب من الإنس
قال الله جل وعلا فى سورة الإسراء: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإنس وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) (الإسراء:88) فقدم الله الإنس هنا لأن الخطاب أحوج ما يكون إليهم لأنهم مخاطبون به أصلاً
فالإنس أكثر فصاحة وبياناً فيما يظهر لنا من الجن
والمخاطب الأول فى القرآن بالذات فى هذه الآية - وهي إحدى آيات التحدي فى سورة الإسراء وهي مكية - هم أهل مكة الذين كانوا لهم مجال واسع فى البلاغة والفصاحة كما هو معلوم.
الذي يعنينا هنا أنه لا يقدم أحد ولا يؤخر أحداً إلا لحكمة ظاهرة بينة.
- تبقى آية فى سورة الأنعام: ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ) (الأنعام: 130) ، هذه آية لم أجد فيها شيئاً يروى الظمأ وما دمت لم أجد فيه شيئاً يروى الظمأ نتوقف عن الحديث فيه وهى عدة آيات أنا متوقف عن الكلام فيها حتى يكتب الله جل وعلا إما أن نقف على أحد من قبلنا من الأفاضل العلماء تكلم فيها كلاماً مقنعاً أو أن يفتح الله علينا بما شاء...
القطوف الدانية / التقديم والتأخير في كلام العلي الكبير
**مـنـقـول**
جزاك الله خير ..
وماشاء الله اللي بيقعد للمغامسي بيسمع للأأشياء عمره ما سمع فيها ..
الله يبارك في علم الشيخ ...و يطول بعمره و يخليه لنا و للمسلمين أجمعين :)....