لعبة السكين والتفاحة

الملتقى العام

في يوم من الأيام وبينما التفاحة سائرة في طريقها إلى أحد البساتين اعترضها شخص غريب لا تعرفه ولم تشاهده من قبل فلم تلق له بالاً وفي الوقت ذاته لاحظت عليه نظرات وتصرفات ملفتة للنظر!!؟ فمضت في طريقها وأكملت مسيرها إلى البستان وأنهت عملها في ذلك اليوم.


وفي اليوم التالي خرجت في نفس مشوارها ففكرت في تغيير طريقها فتذكرت ذلك الشخص وتلك النظرات فقررت السير في نفس الطريق لا لشيء ولكن حباً للاستطلاع واكتشاف حقيقة ذلك الشخص وأمره ونظرات المثيرة للتساؤل , وفي اثناء سيرها في منتصف الطريق شاهدت ذلك الشخص وبيده شيء ممسك به , لم تستوضح ابتداءً ذلك الشيء وعندما دنت منه فإذا بيده باقة من الورد ذو ألوان متنوعة من أجملها شكلاً ومنظراً , ومن غير مقدمات عرض عليها أخذ الباقة إعجابا بجمالها وفتنة بطلعتها واشراقة وجهها , ولكنها رفضت ذلك وبشدة اذ كيف تأخذه وهي لا تمت له بأي صلة قرابة ولا يوجد مبرر لقبولها لتلك الباقة وان كانت نفسها متعلقة بها ورغبتها تكاد تجعل حدا لترددها , ثم حاول الكرة فعرض عليها أخذ رقم الجوال لكي يتسنى لها معرفة مكان بيع مثل تلك الباقة من الورد فقبلت ذلك على استحياء مع حسن ظن بذلك الشخص

وبعد مرور الأيام وعند انتهاء فترة الامتحانات تذكرت صديقتها فلانة وتفوقها في المدرسة فأرادت أن تقدم لها هدية متواضعة من خلال زيارتها فأخذتها الحيرة في هدية مناسبة تقدمها لها , وبعد جولات من الخواطر في نفسها اتصلت على ذلك الشخص بعد تذكرها له , سائلة عن مكان الورد وكم سعر مثل تلك الباقة الجميلة , فلم يصدق ذلك الشخص اتصالها فما إن لامس صوتها أذنه فإذا به يسمعها شيئاً من المدائح والثناء والتغزل بشكلها وجمالها وصوتها الساحر الفاتن , ولربما جاءت تلك الكلمات وتلك العبارات في الوقت الذي ربما كانت مفتقدة لها منذ زمن ليس باليسير أو أنها كانت تعيش تلك الفترة هموماً واضطرابات نغصت عليها بعض حياتها , فلم تصدقه مع فرحها بذلك الثناء وذلك الإطراء فكتمته في نفسها.


ومع كثرة الاتصالات المتبادلة بينهما وعرض بعض الخدمات لها وكان يظهر لها صدقه فيما يقوله وصفاء نيته فيما يعمله ويبرهن ويدلل على ذلك بأيمان مغلظة تجعل السامعة تعطف عليه وتبادله همومه وأحزانه وأفراحه واترحه فوثقت به ثقة عمياء وجعلت منه فتى الأحلام والزوج الصالح والشاب المؤمن المحافظ على صلاة الجماعة والذي يبحث عن شريكة صالحة مؤمنة (وقد وجدها - بحمد الله - بعد دعوات طالت سنين متعاقبة ودهورا طويلة) وكان من بين تلك الاتصالات وتلك المهاتفات كلام وتلميح عن موضوع الزواج وطريقة تقدمه لخطبتها من يد أبيها حتى تستقر أمورهما وحتى لا يكونا عرضة للوقوع في الحرام فتتقابل بعد ذلك الأرواح فتتعانق فلا يفرقها إلا الموت (بعد عمر طويل) ولكن هذاالموضوع أخيراً أصبح هو حديث الساعة والموضوع المهم الذي لابد له من حل سريع فقرر الشاب التقدم لخطبتها.


ولكم أن تتصوروا شعور التفاحة وبالغ فرحتها بذلك وبعد طلبه لرقم هاتف والدها ومبادرتها لإعطائه إيّاه , جلست التفاحة تنتظر اتصاله , ففي جلسة الغداء تترقب بنظرات متلهفة إشارة من والدها أو تلميحا عن الخطبة فلم يكن من ذلك شيء فطال لذلك انتظارها فقررت رفع سماعة الهاتف وسألت صديقها وعشيقها أين اتصالك على أبي والتقدم للخطبة؟؟


فبدأ ذلك الشخص يعتذر لها باعتذارات واهية في حقيقتها ولكن حبها له قد أعماها عن تلك الأعذار وكان من جملتها شدة حرجه من أبيها , وطلب في الوقت ذاته رقم والدتها لكي يتسنى لأمه أن تتصل بأمها فصدقته التفاحة كعادتها وأملت عليه رقمها وبالفعل لقد امتلك رقم أمها ثم رقم أخيها ....الخ.


وبعد مضي أيام وطول انتظار طلب منها ((( صورة ))) لها فقط ولماذا ؟ لأن أمه أرادت أن ترى شكلها لأنها غير واثقة في اختياري وقد اقنعها بمحاولته لاقناعها بشتى الطرق ولكن لا فائدة وقال: أرجوك لا ترددي فلم يبقى على زواجنا إلا أياما معدودة؟


فكرت مليا هل فعلا أمه تريد التعرف على شكلي ولم تفكر ما هي عواقب ارسالها لتلك الصورة لحظة تفكيرها ؟؟


وبالفعل قامت بتصوير نفسها وارسالها مع تردد إلى فتى الأحلام ذلك الشاب العفيف الذي تملك حبه من أعماق قلبها


فما كادت تلك الرسالة تصل إلى جهازه وإذا به ينظر إلى صورتها وإلى ذلك الجمال الفاتن وإلى ابداع البارئ في تلك البراءة التي لم تسلك يوما سبل الغواية ولم تجرب لعبا محرما فلم تخاطر بدينها أو شرفها وعرضها ولكنها عاطفة بعيدة عن العقل وكان الأجدى والأحرى بها اساءة الظن في مثل هذه المواقف لمثل هذا الشاب الذي لا تعرفه


نعم وصلت تلك الصورة إلى جواله فطار فرحا بها وأخذ يقفز لنجاحه الباهر مع تلك الفتاة التفاحة مرت بالفعل فترة يسيرة ثم رفع ساعة الهاتف وكان هذا النقاش :


س : الو كيفك يا حبيبتي مشتاق لرؤيتك في أقرب وقت


ط : ايش تقول أين اتصال أمك وهل أعجبت بشكلي ؟


س : خلي هذا الموضوع شوي أنا عند وعدي والله العظيم اني ما فكرت أخونك أو ألعب عليك ، بس أبغى أشوفك عشان نتفاهم على موضوع الزواج لأن هناك مواضيع مهمة ما قلتلك اياها


ط : طيب قولها في التلفون !!



إ


وبعد كسر هذا الحاجز الأول في الخروج يمارس هذا المخادع كل ما يستطيعه من حيل وأساليب عجيبة وصدق الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – ( إن من البيان لسحرا ) ليمكن من السيطرة الكاملة على هذه الضحية والصيدة كما يصور له شيطانه الذي سيكون له حظ في الاستمتاع معه ولا حول ولا قوة إلا بالله ولكم أن تتصوروا نفسية هذه المسكينة والهم والغم الذي يسيطر عليها بالليل والنهار فأصبحت تفكر في الوصول إلى غضب الله في أقرب وقت إما بالانتحار أو بأذية نفسها

وقليل من هؤلاء الواقعات من تقف مع نفسها وقفة حقيقية فتعلم أنها ستقف يوما بين يدي الله تعالى فتصدق الالتجاء إلى ربها وخالقها الذي قدر ذلك عليها ليختبر صبرها وإيمانها فإنها والله إن فعلت ذلك نجاها الله وجعل لها من


وبعد ذلك يمارس السكين قطعه لتلك التفاحة ولعبه بها كما يحلو له وعبثه بالأعراض الطاهرة ويمارس تهديداته وابتزازه لها فيهددها بالصور والمكالمات التي دارت بينهما فيصحو إيمانها فتذكره بالله وعقوبته له يوم القيامة ولكن لا حياة لمن تنادي لقد أعمت الشهوة قلبه فأصبح لا يميز بين حسن أو قبيح ولا بين حلال أو حرام والله المستعان وهنا وللأسف الشديد تخضع الفتاة لتهديداته ظنا منها أنها ستتخلص منه ومن شره وما إن تظهر له استسلامها ورضوخها لمطالبه حتى يستمرئ ذلك ولا يتركها إلا بعد فوات الأوان فتخسر الفتاة كل شيء لا قدر الله وتحيط بها الهموم والأحزان من كل مكان إن لم تعد وترجع إلى ربها وخالقها سبحانه أولا ثم إلى الجهات الأمنية وفي مقدمتها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والذين بدورهم يعالجون قضيتها بكل سرية فيخفون موضوعها حتى عن أهلها القريبين منها فتنجو بذلك بمشيئة الله تعالى أو وجدت من تثق به من أهلها وأقاربها فتفاتحه بموضوعها وتقص عليه خبرها ليكون لها نعم المعين على تخطي هذه المصيبة وهذه المشكلة حتى ولو تعرضت لأذى أو ضرب منهم .. وكل ذلك يهون عند استسلامها ورضوخها للواقع الأليم الذي لا حد له إلا موت ذلك السكين أو تسليمه التفاحة لسكين آخر مقابل مبلغ من المال ولكم أن تتصوروا حال التفاحة وقد لعب بها صاحب السكين فجعلها شدر مدر فهل كان يتصور عاقل في الأمة أن يصل الحال بالمسلمين إلى هذا الحد من الانغماس في الشهوات المحرمة التي لا يراعى فيها حق الله وهو أعظم الحقوق ولا حق مسلم ضعيف لا يملك لنفسه حولا ولا قوة ولا حقا لأهلها وأقاربها وزوجها فإلى الله المشتكى ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

وهذه فتن آخر الزمان التي حذر منها رسول الهدى والرحمة صلى الله عليه وسلم والذي علمنا أن ندعو دبر كل صلاة اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال وهذه الفتن من فتن ( المحيا ) التي تشتمل على فتنة الشبهات والشهوات أعاذنا الله واياكم والمسلمين والمسلمات من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن



نم بحمد الله وشكره




عضو هيئة بجدة أبو مارية بن هادي

20- 6- 1432هـ الإثنين
9
730

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

أم مارية وسليمان
للرفع
ام محمد-تبوك
ام محمد-تبوك
رفع يسلموا
أم مارية وسليمان
رفع يسلموا
رفع يسلموا
ام محمد-تبوك

سلمك الله وبارك فيك أختي
طبعي عاجب زوجي
استغفر الله العظيم
أم مارية وسليمان
استغفر الله العظيم
استغفر الله العظيم
حياك الله أختي