لغز المودة

ملتقى الإيمان

لغز المودة

اسم المؤلف: د. مسفر علي القحطاني
(( وتبسمك في وجه أخيك صدقة)).. حديث شريف من جملة أقوال المصطفى صلى الله عليه وسلم العظيمة وحكمه البليغة، و هذا الحديث الموجز في عباراته الواسع في معناه و دلالاته، لا يخلو من إيحاءات كثيرة وإيماءات شتى تصغر وتلطف عند دخولها إلى القلب ولكنها تنقش في أعماق النفس و الوجدان لوحة جميلة لابتسامة ساحرة تبقى ذكراها الخاصة خالدة في الذهن وربما إلى آخر العمر.

نعم .. أنها تلك الحركة البسيطة التي لا تستغرق اكثر من لمح البصر لكن أثرها العجيب في إشاعة الود و المحبة لا يقارن لا ببذل الأموال و لا بتذويق الجمل و العبارات، إنها توقيع صادق لميثاق المحبة و الاخوة و الولاء..

وقديماً قال أو حاتم ألبستي : (( البشاشة ادام العلماء و سجية الحكماء لأن البٍشر يطفئ نار المعاندة و يحرق هيجان المباغضة ، و فيه تحصين من الباغي ، ومنجاة من الساعي ـ أي بالوقيعة بين الأحبة ـ و من بش للناس وجهاً لم يكن عندهم بأقل ممن يبذل لهم كل ما يملك)).

فالنفع الحاصل من جراء ممارسة ذلك التمرين البسيط لعضلة الوجه لتنفرد قليلاً فيخرج ضوءها الأخاذ ليملك القلوب و النفوس في دعة و اطمئنان لم يقتصر على الأجر الأخروي و الثواب من الله تعالى بل أن أرباب التجارة والمال يجنون من إشاعة جو البسمة في دوائر أعمالهم و متاجرهم المال الكثير من جراء تلك البسمات الخاطفة لتربط بوثاقها الناعم الكثير من الزبائن و العملاء. و حتى الأطباء في عياداتهم قد توقف بعضهم عن صرف الأدوية لمرضاهم واكتفوا بوصفة واحدة تحوي كلمة واحدة و هي ابتسم ثم ابتسم ثم ابتسم!!

وكم أسأل نفسي كثيراً ، لماذا نستثقل تلك الابتسامة البسيطة التي لا تكلفنا مالاً و لا جهداً ؟ .. و لماذا ذلك العبوس المعتم هو السمة الغالبة على أحاديثنا أو لقاءاتنا، خصوصاً إذا كنا مع أحد لا نعرفه أو يصغرنا سناً أو منصباًً أو مالاً.. و من تفحص النظر في وجوه من يعمل في مقابلة الجمهور، كمثال واقعي يندر أن يرى ابتسامة عالقة في وجه أحدهم.

هذا إذا لم يسمع بأذنه من صرخات و عبارات تعزز ما يراه ببصره من لوحات باهته وكأنه قد بنى العنكبوت بيته على أفواه أولئك المعبسين، ومهما بررنا لذلك الوأد الخفي لتلك البسمات من أن تخرج للنور بظروف العمل و المسؤولين إلا أننا يجب أن نعلم أن أخلاقنا و سلوكنا جزء من تعاليم ديننا لا تقف عند حدود الماديات و المنافع الشخصية، فلننشر ذلك الدفء الأخوي بيننا بابتسامات صادقة.. لوجه الله تعالى.
1
289

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️