
وِثاب @othab
محررة فضية
لقاء مع الدكتورة رقية المحارب حول الحوار
بسم الله الرحمن الرحيم
لقاء مع الدكتورة رقية المحارب حول الحوار الوطني الثالث
وللأمانة أنقل لكم جزءا منه ,
http://lahaonline.com/forum/viewtopic.php?p=413942#413942
س: للحوار نتائج عظمى.. لاسيما والوطن يحتاج إليها الآن بقوة.. ثمة من يحتج بمعارضته على قيام مثل هذا الحوار أنه يحوي رموزاً متعددة المشارب والأفكار.. فهل الحوار مع مثل هذه الفئات مجد؟
ج: الحوار الفكري الوطني لم يكن بالصفة التي يمكن أن يطلق عليها حوارا؛ لأنه كان عبارة عن عرض وجهات نظر لا مجال فيها لتغيير القناعات بناء على قوة الطرح أو قوة الأدلة، فالجميع ـ في الحقيقة ـ جاء متحفزاً لديه كم من الطروحات يريد أن يؤيدها ويثبت تمسكه بها، بدليل أنَّ بعض المداخلات جاءت بعريضة مطالب وبدأت تجزيئها كلما سنحت لها الفرصة.
ومن المهم أن يعلم أيضاً أنَّ القضية المطروحة أحياناً لا يتدخل فيها اعتقاد المحاور أو مذهبه، فقضية المرأة ـ مثلاً ـ لم يبرز المعتقد الشيعي أو الصوفي، رغم أنَّ من بين المتحاورين الشيعة والصوفية، وظلَّ الصراع مركزاً بين فكر المحافظين وفكر الليبراليين، مع أنَّ من المحاورين من لم ينظر إلى المحافظين أو الليبراليين بعين الاعتبار، وإنما كانت قناعات في شأن من الشؤون، فقد لا يكون ليبرالياً ولكن يوافق "الأجندة" الليبرالية في بعض طروحاتها، وقد يكون متأثراً بموقف شخصي أو ظروف خاصة.
س: يتحدث بعض الصحافيين عن عدم نجاح الحوار الوطني الثالث، معللين ذلك: عدم خروجهم بتوصيات يتفق عليها الأغلبية، بل كانت متوافقة مع الخط الإسلامي فقط، فما جدوى الحوار حينئذٍ؟
ج: أبداً، التوصيات لم تكن مرفوضة من غالبية المشاركين والمشاركات، لكن كان هناك رغبة في إضافة توصيات أخرى ربما تكون مطالب أكثر منها توصيات، ولجنة التوصيات أدركت هذا جيداً، وهذه التوصيات التي طالب بها بعض المشاركين لم تكن مقبولة من مشاركين آخرين، مثلاً كان من المطالبات إتاحة الفرصة للحرية الشخصية دون قيود، وصدرت من إحدى المشاركات، وكان هناك مطالبة بقيادة السيارة، وهي أيضاً لم تكن من عدد من الأعضاء، بل كانت متوارية، والبعض كان يقول ليست مهمة حتى من الليبراليات أنفسهن.
أمَّا توافق التوصيات مع الخط الإسلامي، فأعتقد أنَّ ذلك ليس بمستغرب، فنحن في دولة مسلمة ترفع شعار الشريعة في كل محفل، وهي ذات خصوصية، ولذا فإنَّ رئاسة الحوار تتوافق مع سياسة الدولة، وهكذا يجب أن يكون. الليبراليون لو حكموا لن يتيحوا للإسلام صوتاً، وهناك دول لا أريد أن أسميها تمنع الحجاب وتقصي كل مبادئ الفضيلة، وهناك نماذج حولنا تشهد بذلك.
الحوار الفكري كان في اعتقادي ناجحاً في الحقيقة، ولكن بعض الصحف وبعض كتابها لم ترض بنجاحه، وحاولت أن تصوره وفق ما تشاء، ولذلك أقول إنَّ المعتدلين من المشتركين في الحوار استهجنوا الطرح الصحفي واعتبروه غير منصف، وأستغرب كثيراً من هذا الهجوم الواسع على التوصيات الذي يدل على ضيق بالرأي الآخر وعلى فشل شعارات قبول الآخر وما شابهها.
س3: ذكرت "إيلاف": استياء الحزب الليبرالي من سيطرة التيار المحافظ على أجواء المؤتمر منذ البداية.. فهل هذا صحيح؟ وهل هذا هو المرجو من الحوار، وأن من شروطه وصول الأطراف إلى قناعة تامة بما ينتهون إليه؟!
ج: "إيلاف" منبر ليبرالي معروف بطروحاته التي لا تريد لهذه البلاد أن تتمسك بإسلامها، لا يريد للمرأة العفاف.. من يطلع على (ايلاف) يدرك الهوة السحيقة بين ثقافة المجتمع السعودي المحافظ، وثقافة إيلاف المتفسخة، أنا أتكلم من منبر حر؛ لذلك أقول إنَّ المطلع على إيلاف يجد الموقع يعرض التفسخ، فقلَّ أن أفتح الموقع دون أن أغضّ الطرف حياء واستهجاناً للنساء شبه العاريات، فهل هذا ما تريده إيلاف من حقوق للمرأة؟ وهل يمكن أن يصل الإسلاميون أو من تربوا على طاعة الله ورسوله إلى اتفاق مع من يريد أن يعصى الله ورسوله؟! دعيني أستعرض بعض المشاهد، ولك أن تبحثي لها عن مخرج في جميع المذاهب الفقهية؟! مشهد النساء في القناة الإخبارية، أو حتى القناتين الأولى والثانية؛ بالتبرج و"المكياج" الكامل، ونصف الشعر ظاهر، مع الخضوع في القول! أي المذاهب تجيز هذا؟!
مشاهد تبادل الغرام والحب والإثارة! أي المذاهب تجيز هذا؟!
نعم، استاء الليبراليون ومن سار مسارهم من سيطرة التيار المحافظ، لكن هذه هي حقيقة المجتمع السعودي؛ أغلبه محافظ.. والحقيقة أنَّ التيار المحافظ لم يمثل بنسبة تتوازن مع نسبته في المجتمع، بل مُثِّل بنسبة متساوية إلى حد كبير مع التيار الآخر، أقصد صاحب الطرح الليبرالي في شأن.. ولست أقصد الليبرالي في الاعتقاد أو العبادة، وفي هذا إجحاف؛ فلو أنَّ التمثيل كان عادلاً لكان تمثيل المحافظين أكثر.
س: في لقاء لكِ مع موقع المسلم قلتِ: "لم أكن أتطلع لأن يحل الحوار مشكلات، إنما كنت فقط أريد أن لا يوجد في الحوار ثغرات جديدة!)
لماذا رضت الدكتورة بأقل النتائج.. هل كان الحصار على الخط الإسلامي المحافظ قوياً، مما لا يتيح للأماني إلا الرغبة بثبات الأمور عما هي عليه فقط؟
ج: نعم، لدينا مكاسب ليست لأحد من الدول حولنا، بفضل الله، وأعتقد أنَّ من النجاح أن نحافظ على ما نحن عليه؛ لأنَّ التيار القادم من الخارج ليس هيناً، هو مدعوم بالاتفاقيات الدولية، بالضغوط الخارجية، بالأموال والتحويل الأجنبي، لذا فالحفاظ على ما نحن عليه يعدَّ نجاحاً، وإن كنت أتطلع في الحقيقة إلى ما هو أكثر من ذلك، أتطلع إلى إنشاء مستشفيات خاصة بالمرأة، ولا أدري لم يرفضون ذلك ويتشنجون جدا منه، بل عدَّت إحدى مقدمات ورقة العمل أنَّ الأوامر الملكية القاضية بمنع الاختلاط عقبة في طريق حصول المرأة على حقوقها؟!
س: تحدثتِ عن دور الدولة المأمول.. واتفقت ـ بكثير من الشفافية والتي تشكرين عليها ـ عن عدم تفعيل الحل الإسلامي.. من المسؤول ـ دكتورتنا الكريمة ـ عن غياب الكثير من حقوق المرأة المشروعة؟
ج: حقوق المرأة منها ما هو حق شرعي غيبته الأنظمة والآليات القديمة التي لم تتواكب مع التطور الاجتماعي، ومنه ما هو مدعى وليس بشرعي، بل الشرعي خير منه.. مثلاً: يحرص بعضهم على مقارنة بطالة النساء ببطالة الرجال، مع أنَّ الحقوق الشرعية للمرأة على الرجل أكبر من حقوق الرجل على المرأة، أقصد الحقوق المالية التي تجعل الوظيفة له أولى، فنحن لا نرفض الوظيفة للمرأة، لكن نقول الرجل أولى إذا كان هناك عجز أو شح.. أنتم ترون الآن مزاحمة النساء للرجال في الأعمال الإدارية في المستشفيات، خاصة فيما فيه مقابلة للجمهور، مع أنَّ الشباب يمكن أن يقوموا بهذا العمل.. هل عالجنا مشكلات بطالة الشباب الآن لنلتفت إلى بطالة المرأة؟! الشباب إذا لم يجد وظيفة سهل على المفسدين قيادته وأصبح عالة على أهله؛ لا يزوّج، بل لا يلتفت إليه، بينما المرأة لا يرفضها المجتمع إذا لم تكن موظفة، ولا خطر كبير من بطالتها، فهي ستكون أماً وستعمل عملاً تجد فيه ذاتها..
نحن نختلف حول هذه القضية جداً، فنحن نقول بالأولوية للرجال لتحل مشكلاتهم، وهم يقولون: الأولوية للنساء!
نحن نريد للمرأة الكرامة، نريد نظاماً تفرضه الدولة يكفل للمرأة حقها من زوجها إذا كانت مطلقة ومعها أولادها؛ فلها حق في ماله، وبإمكان الدولة أن تخصم من مرتبه ما يحكم به القاضي دون إذنه.. نريد أن تكفل المرأة الأرملة وغير ذات الدخل من الفقيرات من بيت المال؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "أنا ولي من لا ولي له".
نريد للمرأة أن تعمل الأعمال التي لا تتنافى مع حشمتها أو قدراتها، لم نقف أبداً في وجه المعلمة ولا الممرضة ولا الطبيبة، مع أننا نطالب بجو عمل نظيف يضمن لها راحتها وبعدها عن الفتنة. نحن من يطالب بحقوق المرأة الحقيقية وليست
ج: التوصية الأولى تؤكد دور المرأة الأسري؛ لأنَّ هذه "الأجندة" المراد تطبيقها والمدعومة دولياً تهمش هذا الدور، وهناك من يدفع لتحقيق الأجندة الغربية ويهمش الدور الأسري للمرأة، والمتابع لطروحات القوم يجد ذلك واضحاً، فهم لا يعتبرون الوظيفة الأسرية أصلاً ويرددون كثيراً: "نصف المجتمع معطل". وطالعي مقالاً نشر في مجلة "المجلة" عدد السبت 8/5/1425 يصف هذه التوصية بأنَّها ترهات!!
القرار في البيت لا يعني عدم الخروج، القرار يعني أن لا يكون غالب وقت المرأة خارج البيت، وهذا السياق وإن كان في حق نساء النبي صلى الله عليه وسلم الطاهرات العفيفات، فهو في حق غيرهن أولى، يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية: "هذه آداب أمر الله تعالى بها نساء النبي صلى الله عليه وسلم ونساء الأمة تبع في ذلك" 3/336.
س: المرأة السعودية، في غالب أمرها، تنظر للرجل بنظرة الصراع، ومَن يغلب! وهذا ما جاءت به التوصية الثالثة بالنظر إلى علاقتهما على أنها علاقة تكافل وتكامل، لا تغالب وصراع..
السؤال هنا: هل كان لإرث المجتمع دور في هذه النظرة الصراعية والإقصائية، سواء من جانب الرجل ومن قبل المرأة؟
ج: حقيقة الطرح الليبرالي هو من يفتعل الصراع، وهو من يوجده.. ويعتمد على قضايا اجتماعية سببها غياب الوازع الديني وتقوى الله في النساء، ولست أقول غياب السمت الإسلامي والمظهر الملتزم، بل أقول: غياب تقوى الله في النساء؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اتقوا الله في النساء". فنحن بحاجة إلى من يزيد ثقافتنا في كيفية حفظ الحقوق وكيفية التعامل، ولسنا بحاجة إلى من يريد أن ينتزع بعض الحقوق من طرف ويضعها لطرف آخر. لا شكّ في أنَّ النظرة الاجتماعية فيها شيء من الخلل، ولكن لا بدَّ للعقلاء من التمحيص بين الخلل الناتج عن الجهل بالشريعة، وبين الخلل الناتج عن معاداة الشرعية.
أعتقد أنَّ المجتمع بدأ يتخلص من كثير من النظرة السلبية للمرأة بسبب انتشار الوعي الديني الذي له أكبر الأثر في تغيير القناعات الاجتماعية، وأدعوكم إلى قراءة كلمة الشيخ الحصين في افتتاحية الحوار، فهي قيِّمة جداً.
س: نأتي الآن ـ يا دكتورة ـ لما حدث في الحوار الوطني من بلبلة وتضارب في الحديث.. ما بين د. وفاء الرشيد ود. سهام الصويغ.. والشيخ د. محمد العريفي.. أين هي الحقيقة؟
ج: د. محمد العريفي كان له دور بارز في الحوار، والحقيقة إنه متحدث جيد، لكن ربما لم يحالفه الحظ بالإسهاب في ضرب المثل بنماذج كان بعضهن داخل قاعة الحوار، وهي د. سهام، واعتبرت ذلك تحريضاً وتأليباً، ولم يحالف الحظ د. وفاء الرشيد حينما جاءت بمداخلتها بعد د. العريفي، حيث بالغت في استنكار توجهه واعتبرت ذلك تطرفاً وأنه مثال للإرهاب الذي دفعها للبكاء.. والحقيقة أنها أخطأت في حقه.. ومع ذلك لم يضخِّم الأمر، كما ضخمه الطرف الآخر، رغم أنَّ الفرية عليه واتهامه كان أخطر.. وهو رجل فاضل له أثر بالغ على الشباب والفتيات، وهو من صمامات الأمان للمجتمعات..
ولكن هذه الحادثة مستوى صحافتنا الضعيف والمنحاز.. وكم تحتاج إلى وقت طويل حتى تكون صحافة تستحق المتابعة، بل إني سمعت د. وفاء وهي تعاتب وتعنِّف محررة إحدى الصحف لتجنيها وعدم مصداقيتها.
س: في ثلاثة أيام.. سنحت لك الفرصة للالتقاء والاحتكاك مع المنتسبين للتيار الليبرالي، كيف تصفين هذا التيار والمنتسبين إليه؟
ج: قلت إنَّ المهم ليس هو الشخصيات، المهم الفكر.. تعاملت مع الجميع على أنهن أخوات، طمعاً في أن يروا أننا لا نكنّ لهم بغضاً، وإنما نحن ندافع فكراً منحرفاً، ولنا الحق في مدافعته.. تعاملت مع الجميع بأسلوب الدعوة ولم أتعامل بأسلوب التنفير، ولا أزال أرغب في التواصل معهن؛ لأننا نقتدي برسولنا صلى الله عليه وسلم إذ يقول: "إنما بُعثتم مبشرين لا منفرين".
تبين لي من الحوار أنَّ هناك اختلافا في الرؤية، فليس جميع المتحدثين سواء، ولو اشتركوا في توجه واحد في قضية المرأة، ولكن هناك سلوك مختلف من البعض، حيث كانوا أحياناً متناقضين، فهم مع المشايخ ليس كمثلهم مع غيرهم، وهم في الحقيقة أذكياء في طرح مطالبهم، لم يطرحوا ما يتوقع أن يرفض رفضاً تاماً، بل سلكوا مسلك التدرج.. كانت لهم أهداف واضحة تماماً حاولوا خدمتها جيداً، والحقيقة أنَّ النساء منهم في الجملة كنّ أكثر ذكاء من الرجال، إذ لم يطرحوا ما يعلمون أنَّ ردة الفعل تجاهه قوية، بينما كان الرجال منهم أكثر جرأة واندفاعاً، وأدع لخيالكم معرفة السبب!
هناك الكثير الذي نريد أن ندركه، هو أنَّ الإعلام له دور كبير في قضية المرأة، وأدعو اخواتي إلى العناية بالمساهمة بأصواتهن في البرامج الإذاعية والفضائية وطرح أفكارهن بكل قوة حجة وأدب مع مراعاة الضوابط الشرعية ، وأن يقمن بدورهن في الكتابة بقدر ما يستطعن؛ خاصة في هذه المرحلة المهمة، والله يتولى الصالحين.
0
467
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️