!لماذا تتهمون الركود بإضعاف مبيعاتكم؟
ابحثوا عن المذنبينالحقيقيّين
م. طارقإبراهيم أبو شعر
خبير في نظم المبيعات والتسويق
التساؤل عن ضعف المبيعات شائع بين معظم إدارات المنشآتالاقتصادية، والكثير منهم لا يعرف السبب الحقيقيّ لهذه الظاهرة، ويعتبر أن أسبابهاتكمن أساسا في ركود الأسواق بسبب ضعف القوة الشرائية للمواطنين بشكل عام. لكنبالمقابل فإنهم يعترفون بأن بعض منافسيهم لا يعانون مثلهم من هذه الظاهرة، وهنايظهر التناقض في التحليل والذي يدل على الحيرة الحقيقيّة لديهم.
وأمّاالبعض الآخر فيعتقد أن أهم أسباب هذه الظاهرة لديه هو ضعف مستوى فريق المبيعات،ويعتبر أن تبديل هذا الفريق سوف يغيّر من نتائج المبيعات الضعيفة وعندما يطبق البعضهذه الحلول فهو يجد غالبا أن النتيجة لا تزال كما هي لا تتغير!!
نحن نعتقدأن ضعف المبيعات هو عارض يشبه ألام الرأس عند الإنسان، وألم الرأس لا يتم علاجهبأخذ المسكنات، فهذا العلاج مؤقت، ومادمنا لم نصل للسبب الحقيقيّ المؤدي لهذا الألمفإن المشكلة سرعان ما تعود للظهور من جديد.
سنروي لكم أحداثا حقيقيّة جرتمعنا في أربع شركات مختلفة تعاني من ضعف المبيعات، وقمنا باختيار هذه الشركات بحيثتتفاوت من حيث حجمها في السوق ونوعية المنتجات التي تقوم ببيعها.
كما قمنافي كل قصة بتسليط الضوء على جانب مختلف من أسباب هذه الظاهرة لتعم الفائدة على جميعمن يقرأ هذا المقال بإذن الله، والأهم من الفائدة هو أن نبدأ بالتفكير الصحيح حولطرق معالجة الأسباب الحقيقية لضعف المبيعات في منشآتنا.
كما نود أن ننوه بأنهذه الأحداث تتشابه غالبا مع ما يحدث في المنشآت الخدمية.
توقّفوا عن مقاومةالأعراض، سارعوا إلى استكشاف ومعالجة الأمراض..
لن تصلح المبيعات ما تواصلإفساده الإدارات
اتصل بنا مدير عام إحدى المنشآت الصناعية وطلب منا أننقوم بتحديد أسباب ضعف نتائج فريق المبيعات في المنشأة، وقد اعتبر أداء هذا الفريقالسبب الرئيسي لتراجع المبيعات.
عادة وقبل أن نباشر العمل مع قسم المبيعاتونعمل على تقييم أداء الفريق فيه، نبدأ بدراسة الأصناف التي تنتجها المنشأة. وقدعلمنا أن هذه المنشأة تعتمد بشكل شبه رئيسي على منتج واحد فقط، أما المنتجاتالباقية فهي عبارة عن تشكيلة منتجات ثانوية فقط.
و تجري الدراسة لكل صنف منوجهتي نظر منفصلتين تماماً، هما وجهة نظر المبيعات و وجهة نظر التسويق. ويوفر لناتقاطع نتائج هاتين الدراستين القدرة على استخراج التوليفة الناجحة والفعالة لاختراقالصنف للأسواق ونجاحه وبقائه فيها، وسنقوم بشرح معنى هاتين الدراستين وكيفيةاستخلاص النتائج منهما في مقالات لاحقة.
نعاني من ضعف الفاعلية في المبيعات، نريد منكم تحديد الأسبابلذلك والعمل على إلغاء هذه الأسباب.
لمعرفة حقيقة وضع أي شركة، فإن أفضلوسيلة لذلك هي زيارة الزبائن الرئيسيّين لهذه الشركة، فهم أقدر الجهات على إعلامنابنقاط الضعف والقوة في هذه الشركة، بل كثيراً ما يتبرّع هؤلاء الزبائن بمعلوماتداخلية عن هذه الشركات لم نكن لنسمع نحن بها من قبل! (وهذا له معنى مهم عن بنيةالشركة وسنتحدث عن ذلك في مقالات مقبلة بإذن الله)
عندما قمنا بزياراتميدانية لبعض الزبائن المتعاملين مع هذه الشركة وسألناهم عن رأيهم في الأصناف التيتبيعها الشركة ورأيهم في خدمات فريق المبيعات فيها: كانت الإجابات بشكل عام عنالأصناف إيجابية، ولكن فيما يخص أداء فريق المبيعات كان الرأيُ يتفاوت من زبون لآخروخلاصة الآراء هي:
1- معظمهم لاحظ التباين في أداء الشركة بين وقت وآخر. فإماكثافة في الاتصالات والزيارات أو غياب كامل لهذا الفريق.
2- لا توجد قناعةباحترافية هذا الفريق.
3- الكثير من الأصناف لا يعرفها أو يتذكرهاالزبائن.
4- معظم هؤلاء الزبائن ليست له أي صلة بالإدارة، ومعظم شكاواهموملاحظاتهم الهاتفية استقبلها أشخاص لا يعرفونهم ولم يترتب على هذه الاتصالات أينتيجة.
5- الأسعار غير مستقرة وتتفاوت من زبون لآخر، ومعظم الزبائن لديه علمبذلك.
أداء فريق المبيعات ضعيف فعلاً.. فهل هذه مسؤوليتهوحده؟
كان لابد لنا بعد ذلك ولاستكمال تحرّي الأسباب الموجبة لضعف المبيعاتأن نتعرف على فريق المبيعات في الشركة وهكذا قمنا بحضور اجتماع يجمع الإدارة معفريق المبيعات، فماذا دار في هذا الاجتماع؟
بدأ الاجتماع بتركيز الإدارة علىانتقاد الأداء الضعيف لأفراد فريق المبيعات بناء على نتائج المبيعات الماليةالشهرية، وتقصيرهم في عرض منتجات الشركة بشكل صحيح على الزبائن و تخلّفهم عن تحقيقأهداف المبيعات المحدّدة. وبالمقابل احتج أفراد فريق المبيعات ببرودة الأسواق بشكلعام وعدم استجابة الزبائن الجيدة لعروض البيع، والشكاوى من مواصفات البضاعة وغلاءأسعار المنتجات مقارنة بالمنافسين. ثمّ تطور الاجتماع قليلاً وارتفعت حدّة الحديثوتحول باتجاه تبادل الاتهامات والتهديدات وانتهى على لاشيء كالعادة في مثل هذهالاجتماعات وانصرف كل إلى عمله.
بعد متابعتنا لأحداث هذاالاجتماع، قمنا بعقد لقاء مع إدارة الشركة:
• سألناهم عن التصور العام لماهو مطلوب تحقيقه في هذه الشركة وكيفية انعكاس هذا التصور على سياسة المبيعات فيالشركة؟
- لا جواب ولم يتم التفكير في هذا الموضوع من قبل.
•سألناهم عن نوعية المعايير الموضوعة لاختيار فريق المبيعات، وكيفيتم التأكد من تحقيق هذه المعايير في كل فرد قبل قبوله ضمن الفريق؟
- كانتالإجابة غامضة ومن الواضح غياب مثل هذه المعايير.
•سألناهم عن آليات متابعة الشكاوى وملاحظات الزبائن.
- كانتالإجابة عدم وجود شخص مختص لمتابعة هذا الموضوع ويتم تحويل هذه المكالمات إلى مديرالمبيعات، ولا توجد أي متابعة بعد ذلك من الإدارة.
•سألناهم عن نوعية التدريب التي يحصل عليها أفراد فريقالمبيعات؟
- تلخّصت الإجابة في عدم وجود آليات تقييم لعمل أفراد الفريق ليتم علىأساسها وضع خطة التدريب المناسبة. ويتم إجراء دورات تدريبية بين وقت وآخر مع غيابلرؤية واضحة حول حاجات التدريب.
لا تبحثوا عن متهمين.. ابحثوا عن حلول
لنكتف بهذا العدد من الاستفسارات ولنسأل هنا: هل تعرفونما هي المشكلة الحقيقيّة في هذه الشركة؟
إنّها اعتقاد الإدارة فيها أنمسؤوليتها تنحصر في توفير أفراد لفريق المبيعات وبضاعة جيدة.. لا أكثر، وكل ماعداذلك يقع تحت مسؤولية فريق المبيعات.
من خلال خبرتنا الطويلة في هذهالمواضيع، أكّدنا لهم أن دور الإدارة يبدأ قبل عمل فريق المبيعات بكثير، بدءاً منوضع التصور الكامل لاستراتيجيات البيع والتسويق والخطة طويلة الأمد، مروراًبالتخطيط لهذه العمليات، والتركيز على التدريب والتوجيه المستمر لفريق المبيعات،وانتهاءً ب***** قنوات اتصال موازية وداعمة للزبائن.
ولا ينتهي دور الإدارةبعد نهاية عمل فريق المبيعات حيث يتم تجميع وتقييم مؤشرات أداء الفريق (لا نتكلمهنا عن قيمة المبيعات فقط فهي مؤشر واحد من أصل سبعة مؤشرات لقياس جودة الأداء) بهدف حماية العمل من أي خلل بمجرد ظهوره. وعندما تتحمل إدارة هذه الشركة هذهالمسؤوليات، يمكنها فعلا الوقوف بثقة أمام فريق مبيعاتها ومطالبتهم بتحقيق نتائجمهمة.
بوجود مثل هذه الحالة وبالعودة لعنوان موضوعنا "هل الركود هو المتّهمالوحيد بإضعاف مبيعاتكم؟"، تأملوا معنا هذه الأحداث وسنترك لكم الحكم على سبب ضعفالمبيعات في هذه الحالة . علما بأن القصة لم تنته هنا بل كان لها تتمة، حيث إنّالإدارة وبعد أن تنبت آليات العمل الجديدة حصلت على نتائج جديدة، سنلتقي في مقالقادم لتتمة الحديث.
واللهالموفّق.
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

ام ماجد***
•
كلام جميل جزاك الله خيراً


الصفحة الأخيرة