لماذا تنتكس بعض العلاجات التقويمية؟
--------------------------------------------------------------------------------
قرأت هذا المقال في جريدة الجزيرة السعودية اليوم ..حبيت أفيدكم..
* لماذا تنتكس العديد من المعالجات التقويمية؟
سؤال لطالما أرَّق الكثيرين من الناس ممن أقدموا على المعالجة التقويمية وخضعوا لها لشهور طويلة وتكلفوا مبالغ مالية ليست بالقليلة ثم بعدها يفاجأون بأن الأسنان بدأت تتحرك مجدداً بعد انتهاء المعالجة التقويمية ليس لتعود كما كانت انما لتشوه قليلاً النتيجة الجميلة التي أسعدتهم كثيراً في يوم نزع الجهاز التقويمي عن أسنانهم، إن هذا السؤال لا يؤرق هؤلاء الناس الذين أجروا المعالجة التقويمية فحسب انما يخيف العديد من الناس الذين هم بحاجة لتقويم أسنان من خوض غمار هذه التجربة خاصة بعد سماعهم للعديد من القصص حول انتكاس الأسنان وتحركها مجددا بعد التقويم.
أرجو أن يكون في مقالي هذا بعض الإجابة عن هذه التساؤلات كيف تتحرك الأسنان بواسطة جهاز التقويم؟
لكي نفهم لماذا تنتكس الأسنان يجب أن نفهم في البداية الآلية التي تتحرك بها الأسنان أثناء التقويم ولو بشكل مبسط، بداية ان مواقع الأسنان في الفم ليست شيئاً ثابتاً مدى الحياة فالأسنان من المعروف أنها مغروسة ضمن عظم الفك إلا أن البعض يظن للوهلة الأولى أنها كالمسمار المثبت في الجدار لو غبت عنه عشرات السنوات ثم عدت تجده مكانة لم يتغير طالما أن أحداً لم ينزعه من مكانه، حقيقة الأمر الأسنان ليست كذلك أبداً فالأسنان المغروسة في عظم الفك يحيط بجذورها نسيج رقيق من الألياف يسمى رباط السن وهو نسيج يتمتع بالمرونة مما يسمح بامتصاص الصدمات المفاجئة التي قد يتعرض لها السن وذلك يحمي الأسنان من الكسر كما أن عظم الفك نفسه هو نسيج حي غني بالأوعية الدموية والسن في الفم يخضع تلقائيا للعديد من القوى المؤثرة عليه والتي يمكن نظرياً أن تحركه من مكانه مثل قوى المضغ بحد ذاتها، قوة دفع اللسان من الخلف، قوة عضلات الشفاه والخدود من الخارج إلا أن محصلة هذه القوى جميعاً على السن تساوي الصفر لذلك نجد السن ثابتاً نسبياً في مكانه ولكن مع مرور الزمن وتقدم الأنسان في العمر يحصل ضعف في تجدد الألياف التي تشكل بنية الرباط الليفي الذي يحيط بجذر السن وبالتالي يضعف النسيج الداعم للسن كما أنة قد تضعف قوى بعض العضلات المحيطة مقابل باقي العضلات وهنا لا تعود محصلة القوى على السن تساوي الصفر كما اعتادت أن تكون لذلك تتحرك الأسنان مع تقدم العمر فنجد إذا كان شخص ما على سبيل المثال يعاني في فترة شبابه من بروز بسيط في الأسنان نجده بعد تقدم العمر وقد ازداد البروز في أسنانه بشكل ملحوظ أو ازدادت الفراغات بين أسنانه، طبعاً هذا يؤكد بأن مواقع الأسنان في الفم ليست شيئاً ثابتاً كالمسمار المثبت في الجدار إنما هي تتحرك مع الزمن ومن هنا استفاد علم التقويم من خاصية قدرة الأسنان على الحركة ضمن العظم عن طريق تطبيق قوى من خلال جهاز التقويم تؤدي إلى تسيير السن في الاتجاه الذي نرغبه حيث يقوم الرباط المحيط بجذور الأسنان بتشكيل خلايا تقوم من جهة بإجراء تخلخل في العظم يسمح بحركة السن ومن الجهة الأخرى خلايا تقوم بإعادة بناء وترميم العظم لتثبيت السن في الموقع الجديد.
طبعاً هذه الفكرة في تحريك الأسنان تعتمد على مبدأ كسر التوازن في القوى المؤثرة على السن التي سبق الحديث عنها وقلنا أن محصلتها على السن تساوي الصفر، فهنا باستخدام قوى التقويم لن تبقى محصلة هذه القوى صفراً إنما سيجبر السن على الحركة بالاتجاه المطلوب ليتم تصحيح الوضع الشاذ للسن فنرجع السن البارز للخلف أو ندفع السن المتراجع للأمام، هنا يتبادر سؤال مهم إلى أذهان العديد من الناس ماذا سيحصل بعد أن نوقف قوى التقويم؟ هل ستبقى محصلة القوى على السن صفراً كما كانت قبل التقويم؟ بالتأكيد الجواب لا لأننا أخللنا بهذا التوازن السابق لذا لابد لنا كأطباء تقويم القيام بشيئين مهمين جداً أولاً قيادة السن من حالة التوازن التي كان عليها قبل التقويم ولو أنة توازن مشوه إلى حالة توازن جديد بعد التقويم وتصحيح الوضع المشوه للسن ومن ثم القيام بتثبيت النتيجة عن طريق أجهزة التثبيت لفترات طويلة تتجاوز في كثير من الأحيان فترة المعالجة التقويمية نفسها.
ما هي أسباب انتكاس المعالجة التقويمية؟
أولاً: هناك أسباب تتعلق بالطبيب وطريقة المعالجة، وهنا لن نخوض في التفاصيل التقنية والفنية لأنها صعبة الشرح وتحتاج لذوي الاختصاص ليتمكنوا من فهم أسبابها ولكننا نكتفي بالقول إن السبب هنا خلل في طريقة المعالجة أو في طريقة انهاء الحالة بحيث وضعت الأسنان بوضع غير مستقر في نهاية المعالجة.
ثانياً: أسباب تتعلق بالحالة نفسها، ليست كل الحالات يمكن أن نعالجها بشكل مثالي هناك العديد من الحالات لا يمكن انهائها أصلاً بوضع مستقر ويعود ذلك إلى الحالة نفسها مثل الكثير من حالات الفراغات بين الأسنان وهنا نلجأ إلى ما يسمى بالتثبيت مدى الحياة أي على المريض أن يستمر في استخدام أجهزة التثبيت طوال حياته وفي أي وقت يهمل في استخدام هذه الأجهزة سوف تتعرض أسنانه للنكس.
ثالثاً: أسباب متعلقه بالمريض نفسه، وهنا تكمن المشكلة في عدم التزام المريض بالتعليمات المعطاة له من قبل الطبيب في التقيد الدقيق باستخدام أجهزة التثبيت ولكامل الفترة الزمنية التي يحددها له الطبيب أو فقد الجهاز وعدم مراجعة الطبيب بسرعة لصنع آخر بديل وهنا تقع مسؤولية الفشل والنكس على عاتق المريض.
د. خالد عادل رجب
أخصائي تقويم الأسنان والفكين
جريدة الجزيزة
دلوعة الهم @dloaa_alhm
محررة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
ولا رد