لماذا لا نتذكر ه إلا قبل أسبوع من قدومه؟

الملتقى العام

تذكرة لي ولكم لقرب حلول شهر رمضان


لماذا لا نتذكر رمضان إلا قبل أسبوع من قدومه؟ ولماذا لا ترتبط قلوبنا به طوال العام كما كان هدي سلفنا الصالح؟ لقد كانوا يسألون الله أن يتقبل الله عز وجل منهم رمضان ستة أشهر بعده ويسألو ن الله أن يبلغهم إياه ستة أشهر قبله. إن في هذا التضرع وسؤال الله عز وجل إدراك رمضان والانتظار الصادق لحبيب طال غيابه أبلغ تهيئة نفسية إيمانية فيأتي الشهر المبارك وقد امتلأ القلب شوقاً فتنعم النفس بما فيه من خيرات، وتحل النفحات الربانية فتشرق الأرواح وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

إن أبرز ملامح رمضان ذلك التغيير الكبير الذي يطرأ على الحياة، فأوقات الأكل والشرب والنوم تتغير، وأوقات العمل كذلك، والعجيب أننا نستطيع التكيف بسرعة مع كل هذا التغيير ولكن بعضنا لا يستطيع تغيير نمط تفكيره وتعامله مع الآخرين، فتجد الواحد منا صائماً لكنه لا يتورع عن الخوض في أعراض الناس، ويقابل الناس وكأنه مصاب بمصيبة لمجرد أنه صائم، وتجد الجفاف في التعامل مع الزوجة والأولاد وغيرهم..ومع أنه صائم إلا أنه لا يتورع عن النظر إلى الصور الفاتنة، ولا يتردد في سماع الأغاني، ولا يترك كتابة الشر والدعوة إليه ونشره بين الناس، ولا يتذكر الفقراء والمحتاجين، ولا يحفظ لسانه من الكذب والغيبة والنميمة وغير ذلك..ومع أن الصيام يعني تربية النفس على التقلل في الإنفاق إلا أن شهر شعبان يشهد أكبر حركة تجارية لاستهلاك المواد الغذائية وكأن المائدة في رمضان يجب أن تتنوع فيها الأصناف وتتشكل فيها الأنواع! ومع أننا صائمين إلا أن بعضنا لا يبادر إلى التفاعل مع ما يحدث في المجتمع فيساهم في إنكار المنكر، ويدعم مشروعات الطهر والخير كما هي صفات الصادقين.

ولم يشرع رمضان ليتحول إلى تقليد وطني سنوي يمسك فيه الناس عن الطعام والشراب لمدة محددة ثم يعودون لما هم عليه قبل حلوله، ولكنه كما يقول الموفقون: شرع ليكون محكاً للإرادات النفسية وقمعاً للشهوات الجسمية، ورمزاً للتعبد في صورته العليا، ودرساً مفيداً في سياسة المرء لنفسه، وتحكمه في أهوائها، ورياضة شاقة على هجر اللذائذ والطيبات، وتدريباً منظماً على حمل المكروه من جوع وعطش وسكوت عن الباطل، وضبط للنفس بالجد عن نوازع الهزل واللغو والعبث، وتربية عملية لخلق الرحمة بالعاجز المعدم، وتذكراً لأحوال البائسين المسلمين في العالم. إنه بمختصر العبارة موسم للتربية الجهادية التي تصنع النفوس القوية في إيمانها وعملها، العالية في اهتماماتها، القائمة بدورها الحضاري في عالمها المحتاج إلى عطائها.

إن أولئك الذين يصومون النهار ثم يفطرون بالليل على المعاصي والمنكرات لم ينجحوا في اختبار التغيير الذي أراده الله رحمة بهم وشفقة عليهم ووسيلة لنجاتهم يوم الدين، ولم يتمكنوا من اغتنام هذه الفرصة لتزكية النفوس. وإن الذين يرون في فترة المغرب والعشاء أو ليالي رمضان فرصة للجلوس أمام الشاشات أو التسكع في المقاهي والأسواق راضين بالمنكر يعرض أمامهم أنى لهم أن يستشعروا حلاوة القرآن في صلاة التراويح، وكيف يخشعون في صلاتهم وهم قد عصوا ربهم في شهر القرآن والصيام، وكيف يربون في أبنائهم الولاء لما يحب الله في شهر الانتصارات الكبيرة وهم عاكفون على ما يغضب الله وما تنتجه دور اليهود من أفلام ومسلسلات؟ لنجعل رمضان هذا العام 1425هـ علامة فارقة في حياتنا كما جعله بعض الناس موسماً لإضحاك الناس بالباطل أحياناً، ولنعاهد أنفسنا اليوم على أن يكون تحولاً جذرياً في مسلك حياتنا حتى نلاقي ربنا..ليكن رمضان هذا العام ثورة على العادات السئية، والرغبات المحرمة داخل النفس، ولنجعل من مساءات رمضان الجميلة فرصة لتقوية الإيمان وطلب العلم وتدبر وحفظ القرآن والبكاء من خشية الله وصلة الأرحام وقيام الليل والدعاء والتضرع والإنابة والتوبة والوعي بحال أمتنا، ولنزرع في أبنائنا ومعارفنا ضرورة التغيير الشامل في شهر الصبر. ولنبدأ منذ اليوم في وضع مشروع ثقافي إيماني يقتلع بقوة جذور الشر من النفوس حتى تتزود قلوب المؤمنين لما تحتاجه معركة الإصلاح من تضحيات..

منقول لكم وارجوا ان تستفيدوا منه ولنستعد جميعاً لاستقبال هذا الشهر الفضيل وكل عام وانتم بخير>>>>>>>>:32::32:
4
994

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

آنسة مرتبة
آنسة مرتبة
جزاك الله أختي على هذا الموضوع..
وجعلنا ممن يقوم رمضان إيماناً واحتساباً..
الله يجعل هالموضوع في ميزان حسناتك..

تحياتي:26:
أم رغيد
أم رغيد
الله يعطينا خير الدنيا ويكفينا شرها ويعيننا على حسن عبادتة وطاعتة والله يجزاك الخير على الموضوع :26:
جرح الكرامة
جرح الكرامة
وجزاك حبيبتي.........وكل عاموأنتي بخير...:17: :27:
rafeqat aldrb
rafeqat aldrb
جزاك الله خيرا اختي الكريمة و جعلنا الله و اياكي ممن يستغلون شهر رمضان افضل استغلال