لماذا نبكي ونحزن !

ملتقى الإيمان

كثيراً ما تغلبنا مشاعر الحزن،
تجردنا من راحة البال،
من بساطة العيش فى سلام،
فى سكينة، آمنين، مطمئنين..



ولكن أليس هذا هو حال الدنيا منذ البداية؟
أليس الكل فى ذلك سواسية؟
فقيرنا وغنينا، لا يفرق الحزن بينهم، ولا الفرح أيضاً..
"هي مجموعة من الاقدار مقسّمة بعدل ربانى كريم، شوي فرح على
شوي حزن "وبسرعة بينتهى المشوار" فكما بدأنا ننتهى،

أليس ذلك محزناً، أو لعله مفرحاً.. من يعلم!


تناقضات!
يا لها من حياة مليئة بالتناقضات!
فرح وحزن، حب وكره، حياة وموت، بداية و نهاية!!
سلسلة لا نهائية من المتناقضات المثيرة، ونحن بنو آدم نتأرجح بينها
بلا إرادة ولا حيلة، هو القدر وهو المكتوب، سبحان الله..


ولكن علامَ نحزن؟ علامَ نبكى؟ هذا هو السؤال ولعله أيضاً الإجابة!!

فللحزن أنواع وأسباب عدة، البعض منها مطلوب ومحمود والبعض
الآخر ليس له محل من الإعراب.


فلتسأل نفسك هذا السؤال البسيط، علامَ بكيت؟ وعلامَ ستبكى؟


فقد يدهشك أن تكتشف أن قدرا لا بأس به من الأشياء التى أضعت
فيها وقتك حزيناً فى الماضى كانت لا تستحق بالضرورة كل هذا
الحزن والبكاء، حب ضائع تبين لك بعد ذلك أنه كان فخ كبير، خسارة
فى المال عوضك الله عنها خيرا فيما بعد، خسارة منصب كانت بداية
لمرحلة أخرى أفضل، خسارة معركة ليست ذات مغزى، حالة نفسية
سيئة أنت نفسك لا تعرف سببها.. إلخ.


وقد يدهشك أيضاً بنفس القدر أن هناك أشياء كانت وما زالت تستحق

أن تحزن عليها، بل تبكى وتنتحب ولكنك على العكس لم تفعل.

هل خطر على بالك أن تحزن على فرض فاتك ان تصليه فى وقته؟
هل حزنت على مال دخل جيبك من حرام ولا تستطيع أن تغير ما كان
أو ترجع بالزمن إلى الوراء لترفضه ؟
هل فكرت أن تبكى على إنسان جرحته أو أذيته بقصد أو بغير قصد،

وكنت سيئاً معه للغاية ومنعك كبرياؤك من أن تأخذ بخاطره ثم
تناسيت الموضوع؟
هل متذكر كمَّ الغيبة التى قمت بممارستها بطول حياتك؟
ألا تستحق هذه الكبيرة التى هى فى نظر الكثيرين منا صغيرة لدرجة
أننا نمارسها بمنتهى العفوية والسلاسة كأننا نتنفس الهواء أو نشرب
الماء؟
ألا تستحق أن نبكى حزنا على ارتكابها؟

يا لها من معصية عظيمة مستوطنة فى ثنايا وحشايا حياتنا اليومية
ويا ليتها كانت المعصية الوحيدة!!


أما عن المستقبل، ألا يحزنك ويبكيك تصور نفسك يوم الحساب،
ألن تبكى يومئذ على كل دقيقة ضيعتها فى اللا شىء؟
فيما هو غير نافع ولا مفيد؟
وما بالك بالوقت الذى أضعته فى المعاصى؟
ألا تتفق معى أن حالنا يستحق أن نبكى عليه، ألا تشعر أن كل
حساباتنا كانت غلط ؟؟؟


عذراً، كفى، لا أريد أن أسود الصورة فى وجهك أكثر من ذلك، ولابد
أن أشير سريعاً إلى أن باب التوبة وإصلاح المفاسد مفتوح دائماً
أمامنا مهما بلغت المعاصى والذنوب وهذا هو تناقض آخر ونعمة
جميلة، أن تتحول السيئات إلى حسنات بالتوبة والندم والنية الصادقة
المقترنة بالفعل المخلص لرد المظالم. ولكن حذار من فوات الآوان..


من المهم أن نتمعن فى أسباب الحزن قبل أن نستسلم له، فهناك ما
يستحق فعلاً أن نحزن عليه كفقدان شخص قريب، كالابتلاء بمرض أو
محنة سواء لشخصك أو لأحد أحبائك، كالظلم، أو ان تفقد الأمان فى
وطنك وغيرها من المصائب والمحن.


ولكن علينا أن نوازن بين الحزن وبين الرضا بالمقسوم حتى لا يتحول
الحزن نفسه إلى معصيه و قنوط..
"اللهم ألهمنا الرضا وقت القضاء، هون علينا مصائب الدنيا
وخفف عن كل مكلوم ومظلوم ومريض واجعل ما يصيبنا من ألم فى الأرض فى ميزان حسناتنا يوم الحساب بإذنك يا أرحم الراحمين"



يا ابن آدم، ابكِ، لعل هذا البكاء الحكيم يحررك من الغمامة التى تعمى
بصيرتك، لعله ينقلك إلى أبعاد جديدة مليئة بالفطنة، بالخير،
بالجمال، أبعاد مليئة بالقرارات الصائبة التى توصلك لبر الأمان.


فبمثل هذا الحزن نستطيع أن نغير إيجابياً سلبيات الحياة، وبمثل هذا
الحزن نستطيع أن نقبل إرادة الرحمن فيما هو خارج عن الإمكان ...
4
482

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

ـ أم ريـــــم ـ
غريبة الدياااار
اللهم اجعلنا ممن يبكي من خشيتك
وفقك الله لكل خير
روعة الكون 77
روعة الكون 77
مشكوره على مروركم
عين شيهانة
عين شيهانة
جزاكِ الله خير

وجعله في ميزان حسناتكِ

ونفع بكِ