لم يبكي عليك أحد!!

لم يبكي عليك أحد!!!


فتحت باب غرفته بعد مرور 3 سنوات من ذهابه ..
مازالت الغرفة كما تركها ..
لم يستطع أحدنا استخدامها أو حتى تغيير أثاثها ..
لاندري لماذا ربما مازال لدينا الأمل بعودته ..
رغم إنقطاع رسائله عنا ..وتكرار الإتصالات تزف الينا خبر إستشهاده في إحدى العمليات في افغانستان ..أخذت أجول بناظري في أرجاء الغرفة ..جدارها ذي اللون البنفسجي الفاتح ..ولازلت أذكر دخوله علينا يحمل في يده كاتلوج لإختيار اللوان الطلاء وهو يقول رافعا حاجبيه :
باختار الأسود لغرفتي....
عارضناه بشده ..
لأننا نعرف طبعه جيدا..
إذا أراد شيئا قام به..
واقترحت أنا عليه هذا اللون ...
تلمست مكتبه المعدني بأصابعي ولمحت بجانبه حذاءه ذي الرقبة...
قفزت الى ذهني صورته واقفا أمام المرآه مرتديا بذلة الجنود المتطوعين أثنا أزمة الخليج ...
وهو يغلق أزرارها ويظهر تحتها ضماد أبيض على كتفه بسبب كدمات سببها الرشاش ...
ثم يجلس على السرير ليرتدي الحذاء وهويشكي لي شدة قساوتها وثقلها في المشي..
كان وسيما جدا فيها..بكتفيه العريضتين ..
وذقنه التي بدأت في الظهور
....
شعرت بالإختناق ..
توجهت ناحية النافذة لأفتحها ..
دخلت نسمات بحر جدة لتداعب خصلات شعري..وتناهى إلى مسامعي أصوات الصبيان وهم يلعبون الكرة في الحارة..
مازالت الحياة تسير في الخارج !!
تشرق الشمس..يلعب الأطفال ..
تتغير الأبنية وتتجدد الشوارع..
بخلاف ما يحدث داخل المنزل..!!
أحلامنا ...حياتنا...متوقفة..
نأكل لنعيش فقط..ننام..ونصحوا..بلاروح .......بلا.... أمل
صمت ..لاتسمع سوى صوت عقارب الساعة..
..يسود في المنزل شعور الأنتظار..
كلما دق جرس الباب..أو رن الهاتف...
يتبادر الى ذهننا ..
.هو..هو سيدخل...
سنسمع صوته..
لاكنها مجرد أوهام..
أحيانا نقنع أنفسنا بأنه حي..ربما أسر..ربما مريض..

لاكن لماذا لم يرسل.؟؟ .لماذا لم يتصل كعادته؟؟

مازالت امي تذكر طلبه الذي يكرره عليها لتستجيب له.:
أمي ..أدعي لي بالشهادة.... اريد ان اموت شهيدا..
وامي ترفض طلبه..مبررة:
انت ابني البكر..من سيرعاني في كبري!!
000000000000000
جلست على السرير..
نظرت إلى جهاز التسجيل خاصته..
مازال بداخله شريط!!
وبما أن أحدنا لم يدخل إلى الغرفة من قبل..
.فلابد أنه هو من وضعه..
أدرت الجهاز وبدأ الصوت يعم المكان...
انهمرت دموعي غزيرة.....
إنها أنشودته المفضلة!!
أسمعوها معي..

http://media.islamway.com/several/185/08.rm
أبكوا ...أبكوا..فأخي يستحق ذلك..
لأنه بطل..
لأنه شهيد..
ولن يقنعنا احد بخلاف ذلك..