الداعية الى الحق

الداعية الى الحق @aldaaay_al_alhk

عضوة توعيه سابقاشعلة المجلس

لنحذر من خطاب تعميمي يوقع الوطن في فتنة أو تطرف

الملتقى العام

لنحذر من خطاب تعميمي يوقع الوطن في فتنة أو تطرف
حمد بن عبدالله القاضي

في هذه المرحلة الحساسة التي تواجه فيها أمتنا الإسلامية ووطنا الغالي حملات وتحديات شرسة من قبل أعدائه، ومن قبل بعض أبنائه وبكل أسف وأسى!.
في هذه المرحلة نحن أشد ما نكون إلى طرح هادئ، وخطاب رشيد وبخاصة عندما نتناول الشأن الديني، أو الوطني سواء عبر سطور مقالة، أو عود منبر، أو فضاء شاشة!.
وأخطر ما يشوه الطرح والخطاب هو (التطرف) في تناول أي موضوع لأن (التطرف) يميناً أو يساراً هو (وقود) التطرف وهو (إعلام فتنة) كما أطلق عليه الشيخ صالح بن حميد في إحدى خطبه الراشدة!.
ولأبسط الأمر بشكل أوضح!.
عندما يخطئ شخص في طرح فكري أو إعلامي أو وعظي فلا يجب بل من الخطأ الجسيم أن يحسب ذلك على كامل الطرح، أو على كل أطياف هذه الشريحة أو تلك!.
إن الخطأ -في أي خطاب- يجب أن يُقدَّر بقدره، ويحسب بحسابه، وعلى هذا النقد أن يتجه نحو ذلك الشخص وذلك الخطأ، لكن من الخطأ بل من أعظم دواعي الفتنة أن يُحسب ذلك الخطأ على كل طرح، وعلى كل الشرائح.
***
** ولأضرب مثلاً بثلاثة نماذج تعرضت لنقد تعميمي خلال الفترة الماضية وبشكل حاد واندفاعي!.
** الأول( مدارس تحفيظ القرآن الكريم) التي تعلم وتحفظ أقدس كتاب، هو حافظ جميع الثوابت، ودستور الوطن.
إن من الخطأ الكبير تعميم النقد على هذه المدارس عندما يشذّ فرد، أو أفراد محدودون، بل إنه خطأ جسيم أن يُصب وابل من الهجوم على أروع مدارس الدنيا (مدارس تحفيظ القرآن الكريم).
إن الخطأ والشذوذ وارد من كل فرد وحاصل في كل نهج وكل منهج!.
وعندما يقع خطأ من ذلك أو من تلك، هل يجوز لنا أن نخطئ كل الأفراد، وكل المناهج والاتجاهات وندعو إلى توتير العلاقة بين المجتمع وهذه الآليات أو الأفراد أو المدارس.
إن الخطأ -كما قلت- يُقدر بقدره وعندما يخطئ طبيب فلا نجرِّم كل الأطباء، وعندما تقع أي جهة في أي خلل فلا يصح بنا -عقلاً ومنطقاً- أن نحسب هذا الخلل على كل تلك الجهات أو هاتيك المؤسسات.
***
** أما الأنموذج الآخر في (تعميم النقد) فهو خطأ (التعميم) في نقد (الشريط الإسلامي) في مجمله الصحيح، وليس الخطأ الاستثناء، إن الملايين السليمة منه هي نهر خير أسهم في نشر القرآن الكريم وأحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - ودروس ومحاضرات علماء الأمة الأجلاء كالشيخين الراحلين المرحومين (ابن باز وابن عثيمين) وغيرهما، فضلاً عن آلاف الأشرطة التي تحث وتحض على مكارم الأخلاق وبلورة معالم الدين والتمسك بتعاليمه وعلى بر الوالدين، وطاعة ولاة الأمر، إلى آخر الفضائل التي حملتها هذه الأشرطة المباركة، والتي لا يوجد أحد لم يستمع إليها واستفاد منها حتى أولئك الذين وجهوا ذلك النقد التعميمي لهذا الشريط.
***
** وإنني اتفق وأنا أتحدث عن هذا الموضوع وأحيي أخي الكاتب القدير د. علي الموسى في طرحه المعتدل عندما تناول هذا الموضوع، فقد كتب عن (الشريط الإسلامي) في مقالة له بصحيفة (الوطن) وهو يتحدث عن (الخطاب الوعظي)، وقال عن (الشريط الإسلامي) هذه المقولة المنصفة العادلة( لخطاب الوعظ عموماً وثقافة الشريط بالخصوص فضل لا ينكره إلا جاحد، فهما في المقام الأول يعملان كجدار أخلاقي رفيع ساهم في صد كثير من الأمراض الاجتماعية التي أفرزتها ثورة الاتصال الفكري والمعلوماتي وجاءت كحتمية لسوالب التنمية. لا أعتقد في جانب أن سلامتنا وأمننا الاجتماعي سيكونان بهذا الحال في غياب هذا الخطاب وفي نهاية الأمر فنحن مجتمع مسلم لا يمكنه أن يعيش بدون هذا الخطاب الذي سيبقى خيارنا لأنفسنا ولأسرتنا وأولادنا: مع هذا الأمر لا يجب أن يبقى هكذا دون فلترة أو تمحيص).
أجل هذا هو الشريط الإسلامي الذي أفدنا منه طوال السنين الماضية كما أخذنا من سطور الكتاب وخطبة المنبر ومحاضرة القاعة!.
ومن هنا فإذا ما وقع خطأ في واحد من آلاف الأشرطة الإسلامية المباركة فعلينا أن نوجه نقدنا إلى هذا الجزء لا الكل بوصف أن هذا الخطأ في الشريط أو في الخطاب الوعظي عموماً هو (الاستثناء).
***
** الأنموذج الثالث: هو ذلك النقد الحاد للمؤسسات الخيرية القائمة في بلادنا، التي تبارك الدولة أعمالها وتشرف عليها، والتي كان لها وما زال إسهامها الخيّر في مساعدة إخواننا المسلمين وتخفيف مصائب الفقر والأمراض والجهل عليهم!.
إن النقد لهذه المؤسسات أو الدعوة إلى إلغائها هو نقد يجانب الصواب، فسدّ رمق جائع، أو كسوة عار، أو تقديم دواء لمريض وبخاصة إذا كان هؤلاء أشقاء لنا في العقيدة هو تكافل إسلامي واجب، فضلاً عن كونه تراحماً إنسانياً مطلوبا، بل لعل الله كفى وحمى (بلاد الحرمين) من كثير من التحديات والحملات، وشرور الإرهاب بسبب هذه الأعمال المباركة التي صدرت عنها، ومن آثار تلك الدعوات الصادقة التي تعالت في جنح الليل وفي ظهر الغيب من تلك الأفواه الجائعة، والأجساد العارية، والأجسام المريضة.
إن الحديث عن مثل هذه المؤسسات التي تشرف عليها الدولة، يجب أن يتوجه نحو الحث على التبرع لها بدلاً من كيل التهم لها وطلب نفيها من أرض الحرمين المباركة..؟!.
***
** إننا أيها الأحبة أحوج ما نكون -أمة ووطناً- في هذه الظروف وفي مواجهة أعتى التحديات التي لم تواجه فيه أمتنا ووطنا أقسى منها، أحوج ما نكون إلى خطاب إعلامي رشيد ينفي خطر الفتنة وينأى عن التعميم ويتناول القضايا برشد واعتدال، ولا يُسقط خطأ الفرد على المجموع، ولا زلل النهج الشاذ على المنهج العام الصائب!.
إن الكلمة أمانة!.
وإن الحرف مسؤولية أمام الله أولاً ثم أمام الوطن والأمة ثانياً!.
وإن (الوطن) غالٍ فلنحذر من خطاب أو نقد تعميمي يُوقع الوطن في فتنة أو يحفز على تطرف هنا أو هناك.
***
آخر السطور..
** للكاتبة د. نورة السعد:
* (إننا نحارب الغلو والتطرف في المتدينين الذين يقتلون أنفسهم والآخرين، وبالمستوى نفسه لا بد أن نحارب هذا الافراط لدى الآخرين في جانب القيم والمعتقد الذي لا يضر بأنفسهم فقط بل يؤذينا).
1
409

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

الداعية الى الحق
اتمني من الجميع قراءة ماكتب والتمعن في هذه الكلمات ..