مسكـ الجِنان @msk_algnan_1
عضوة شرف في عالم حواء
لن أبكي ابن جبرين!
نعم لن أبكي الشيخ ابن جبرين رحمه الله، وإن كان بفقده خسرنا عالماً قلَّ نظيره في هذا الزمن!
لن أبكي ابن جبرين، وإن كان فقده مصيبة كبرى!
لن أبكي ابن جبرين, وإن كان له في سويداء القلب مكانة تليق بأمثاله من الأئمة!
بل سأقول:
إنا لله وإنا له راجعون، اللهم آجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيراً منها.
وسأقول أيضا:
إذا مات منا سيد قام سيد *** قؤول لما قال الكرام فعول
لن أبكيه لعدة أسباب:
الأول: لأني أرجو لشيخنا ما هو خيراً له من بقائه بيننا، فمن كان له مثل عمل وعبادة وجهاد ابن جبرين، وجلَده وصبره في نشر العلم، فإنه يُرجى له أن يكون من الأبرار، {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ} .
الثاني: لعلمي الأكيد بأن الله لن يضيع دينه، فقد مات مَن هو خيرٌ من شيخنا رحمه الله، أعني محمداً صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ومع ذلك حفظ الله هذا الدين العظيم.
الثالث: لأني سأحاول أن يكون حزني على فقد الشيخ إيجابياً، وذلك بالوقوف على سيرة هذا العلم، والخروج بأهم الصفات التي جعلت من هذا الرجل رمزاً، ليس في العلم والعمل فقط، وإنما في الثبات والقوة في الحق، وكذلك عدم التلون وتغيير المواقف.
الرابع: لأفسد فرحة أعداء الشيخ وشانئيه الذين رقصوا طرباً لموته، ولأعلمهم بأن الشيخ لم يمت، بل هو باق فينا وبيننا بعلمه ومواقفه التي ستذكي فينا الحماسة والإصرار على السير على طريقته، ولأقول لهم: على رسلكم!، لا تسرفوا في الفرح، فإن ابن جبرين ليس شخصاً يموت بانتهاء أجله، بل هو مدرسة باقية ما بقى المصدر الذي استقى منه منهجه.
لن أبكي ابن جبرين، بل سأحاول أن أفعل مثل ما فعل هو بعد فقده لمشايخه وأقرانه (ابن إبراهيم، ابن باز، ابن عثيمين، وغيرهم)، حيث لم يجلس الشيخ باكياً حزيناً، بل مضى يغذ السير على نهج أولئك ومن سبقهم من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم، وراح يقدم ما يستطيع لخدمة هذا الدين الخالد.
لن أبكي ابن جبرين، لأني أحسب أنه لو قُدِّر له لأحب بدلاً عن ذلك أن أدعو
له بالرحمة والمغفرة, في صلاة خاشعة أو ساعة سحر أو يوم جمعة.
لن أرثي ابن جبرين، لأني وغيري أعجز من أن نوفيه حقه.
لو كان العلماء النجباء يغيبون لغاب العلامة ابن جبرين رحمه الله..
إنها حقيقة الحياة والممات كما لا يدركها الناس..
حياة العلم، وموات الجهل..
سنوات قليلة، نمضي ونلقى الله؛ فمنا من يواريه النسيان مع آخر حثوة
تراب تنهال على جسده، ومنا من يتردد اسمه مع كل ومضة نور تفيض بها
مجالس الذكر الفائحة برياحين الجنان المحفوفة بملائكة السماء..
يبتر الله ذكر شانئي النبي صلى الله عليه وسلم وهم أحياء، ويصدح المؤذنون
باسمه في كل لحظة وفي كل قطر في قارات الدنيا السبع؛ فمن تراه الحي
، ومن ذاك الميت.
وحيث غيب الموت جسد الشيخ عبد الله بن جبرين؛ فذكره لا يغيب، ومن
يتابع صفحات المواقع الالكترونية ويلحظ أعداد المترحمين والمودعين للشيخ
في كل موقع إخباري، شرعي، أو إخباري أو ما سوى ذلك، يدرك كم يبقى
الذكر الحسن في العالمين..
أتراهم من لاحقوه في محاكم النازيين الجدد يحظون بمثل ذكره الطيب، وتأثيره
الممتد؟! أولئك الذين لم يخجلهم ضعف جسد الفقيد ووهن عظمه واستبداد
المرض به أن يسعوا لإخراجه من المشفى بألمانيا بكل خسة اجتمعت في
قلوب حجرية، وعقول مجهرية.
أتراهم أولئك الذين يستقوون بحبل من الناس، أي ناس، ولو كانوا أحفاد هتلر
، وقتلة مروة، على عالم جليل اشتعل رأسه شيباً وامتلأ قلبه ـ نحسبه كذلك
ولا نزكيه على مولاه ـ يقيناً بصدق كلماته الجريئة، وقلة اكتراثه بالأقزام،
واستغنائه عن الناس، وصدعه بما يعتقد صوابه دون خوف لومة لائم..
أتراهم ـ مجتمعين ـ أقدر على كبح جماح كلمات أطلقها الشيخ يؤمن بها
ـ بغض النظر عن رأي الآخرين فيها ـ وتحمل في سبيلها كل كلمات النقد والملاحقة
القضائية الأثيمة من قبل أناس ماتت ضمائرهم وخاصمتهم المروءة؛ فاستغنوا
بالمحاكمة الألمانية عن المناظرة الدينية؟!.. إنه وهو نحيل الجسم، خائر
الجسد، قادر على تفزيع الخشب المسندة، وإرعاد الفرائص؛ أمثولة على
غلبة قوة القلب قبضات الجبناء.
لا أتكلم الآن عن مآثر الشيخ العلمية وجلده في طلب العلم، وبذله حياته في سبيل
العلم وتعليم الناس الخير، وتميزه في الفقه وغيره، فثمة آلاف من طلابه وأحبابه
القريبين هم أولى مني بذكر مناقب الشيخ الجليل، لا بل من العلماء الكبار الأجدر على تقدير القيم والقامات، لكن لا أقل من تذكُّرِ النبل والتفاني والشجاعة في شخص هذا الرجل العظيم.
لقد سلقوا الشيخ العلامة بكلمات حداد على موقفه من قضية "حزب الله" وقالوا فيه
الكثير، واتهموه بكل مسيء، لكن تبين للجميع إثرها، بُعد نظره وقوة منطقه، ورؤيته
حول المستحقين بالتسمي بـ"حزب الله" والحرب التي دارت رحاها
في لبنان لأهداف أصبح الآن يعرفها الجميع.
وحينما اختلف رأي الشيخين الجليلين ابن جبرين والقرضاوي حول
حرب لبنان 2006 لم يمنع ذلك العلامة ابن جبرين أن يوقع على بيان
يدافع عن أخيه القرضاوي في هجمة مسعورة ضده شنها المتطرفون
الشيعة عليه في أعقاب تصريحاته عن عقائد الشيعة وممارساتهم.
إنه السعي للحق الذي لا يعرف التحزب، وأدب الاختلاف الذي لا يلتفت
لحظوظ النفس، وهو الفيض الكريم من البيانات والتصريحات الجريئة
التي وقع عليها أو صدرت باسمه، ونمت جميعها عن قلب تسكن فيه قضية
الإسلام يحملها في كل مقام ومكان..
يمضي الرجل في طريقه يلمزه أدعياء التحضر والحرية، يتجاوزون
عليه، ويتعدون قدرهم، ويتجاسرون على الكبار، خبرهم، وأدرك
حقائقهم، لكن معركته لم تكن معهم لذاته وشخصه، لا يلتفت لخصم أو عدو
في طريقه الذي اختطه لنفسه، يدرك أن الخبال لا يصنع التاريخ، ولا أنصاف
المثقفين بوسعهم هذا؛ فيترفع عن كل ذلك، ويكون كما كان.. الشيخ العلامة
عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين.
الاسم والنسب
هو عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن إبراهيم بن فهد بن حمد بن
جبرين من آل رشيد وهم فخذ من عطية بن زيد وبنو زيد قبيلة مشهورة
بنجد كان أصل وطنهم مدينة شقراء ثم نزح بعضهم إلى بلدة القويعية
في قلب نجد وتملكوا هناك.
أسرته
هذه الأسرة منهم من له ذكر وأخبار على الألسن لكنها لم تدون في كتب التأريخ
لقلة العناية بتلك الأخبار في زمنهم وقد اشتهر جده الرابع وهو حمد بن جبرين
وكان في أواسط القرن الثالث عشر حيث آل إليه أمر القضاء والولاية والإمارة
في مدينة القويعية وكان ذا منزلة ومكانة في قومه فهو خطيبهم وأميرهم وقاضيهم
مع ما رزقه الله من السعة في العلم والمال وتملك الآبار وإحياء الموات كما تدل
على ذلك وثائق الملكية التي تحمل اسمه وأسماء بنيه من بعده.
وقد أورث علما جما حيث كان له كتاب وعمال ينسخون الكتب الجديدة
بالأجرة ولا يزال الكثير منها موجودا موقوفا عند بعض أحفاده ثم اشتهر
بعده ابن ابنه إبراهيم بن فهد فتعلم العلم وأدرك الشيخ عبد الرحمن بن حسن
آل الشيخ والشيخ عبد الله أبا بطين والشيخ حمد بن معمر وقرأ ونسخ
وحفظ علما جما وأورث بعده مخطوطات تحمل اسمه منها ما نسخه بيده
ومنها ما تملكه وقد تولى الإمامة والخطابة والإفتاء والتدريس وتعليم القرآن
والحديث وتوفى في آخر القرن الثالث عشر وقام بعده ابنه عبد الله الذي حفظ القرآن
وقرأ على أبيه وبعض علماء بلده وغيرهم وتولى الإمامة والخطابة والتعليم في قرية
مزعل التابعة للقويعية .
وقد نسخ كتبا بيده أوقفها بعده ومات سنة 1344هـ وتولى الإمامة والخطابة
بعده ابنه محمد بن عبد الله وكان قد قرأ على أبيه ورحل في طلب العلم
وحفظ الكثير من المتون ونسخ بيده كتبا ومات سنة 1355هـ وأما والد
المترجم له فهو أحد طلبة العلم وحفظة القرآن ولد سنة 1321هـ وتولى الإمامة
بعد أخيه ثم انتقل إلى بلدة الرين لطلب العلم على قاضيها عبد العزيز الشثري
المكنى بأبي حبيب وأقام هناك حتى ارتحل بعد وفاة الشيخ أبي حبيب إلى الرياض
ومات سنة 1397هـ.
نشأته
ولد الشيخ عبد الله بن جبرين سنة 1352هـ في إحدى قرى القويعية ونشأ في بلدة الرين
وابتدأ بالتعلم في عام 1359هـ وحيث لم يكن هناك مدارس مستمرة تأخر
في إكمال الدراسة ولكنه أتقن القرآن وسنه اثنا عشر عاما وتعلم الكتابة وقواعد الإملاء
البدائية ثم ابتدأ في الحفظ وأكمله في عام 1367هـ وكان قد قرأ قبل ذلك في مبادئ العلوم
ففي النحو على أبيه قرأ أول الآجرومية وكذا متن الرحبية في الفرائض
وفي الحديث الأربعين النووية حفظا وعمدة الأحكام بحفظ بعضها .
وبعد أن أكمل حفظ القرآن ابتدأ في القراءة على شيخه الثاني بعد أبيه
وهو الشيخ عبد العزيز بن محمد الشثري المعروف بأبي حبيب وكان
جل القراءة عليه في كتب الحديث ابتداء بصحيح مسلم ثم بصحيح البخاري ثم مختصر
سنن أبى داود وبعض سنن الترمذي مع شرحه تحفة الأحوذي .
وقرأ سبل السلام شرح بلوغ المرام كله وقرأ شرح ابن رجب على الأربعين المسمى
جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم وقرأ بعض نيل الأوطار
على منتقى الأخبار وقرأ تفسير ابن جرير وهو مليء بالأحاديث المسندة والآثار
الموصولة وكذا تفسير ابن كثير وقرأ كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد
وأتقن حفظ أحاديثه وآثاره وأدلته وقرأ بعض شروحه وقرأ في الفقه الحنبلي متن الزاد
حفظا وقرا معظم شرحه .
وكذا قرأ في كتب أخرى في الأدب والتأريخ والتراجم واستمر إلى أول عام أربع وسبعين
حيث انتقل مع شيخه أبي حبيب إلى الرياض وانتظم طالبا في معهد إمام الدعوة العلمي
فدرس فيه القسم الثانوي في أربع سنوات وحصل على الشهادة الثانوية عام 1377هـ
وكان ترتيبه الثاني بين الطلاب الناجحين البالغ عددهم أربعة عشر طالبا ثم انتظم في القسم
العالي في المعهد المذكور ومدته أربع سنوات ومنح الشهادة الجامعية عام 1381هـ
وكان ترتيبه الأول بين الطلاب الناجحين البالغ عددهم أحد عشر طالبا وعدلت
هذه الشهادة بكلية الشريعة .
وفي عام 1388هـ انتظم في معهد القضاء العالي ودرس فيه ثلاث سنوات
ومنح شهادة الماجستير عام 1390هـ بتقدير جيد جدا وبعد عشر سنين سجل في
كلية الشريعة بالرياض للدكتوراه وحصل على الشهادة في عام 1407هـ
بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف وأثناء هذه المدة وقبلها كان يقرأ على أكابر العلماء
ويحضر حلقاتهم ويناقشهم ويسأل ويستفيد من زملائه ومن مشائخهم في المذاكرة
والمجالس العادية والبحوث العلمية والرحلات والاجتماعات المعتادة التي لا تخلو
من فائدة أو بحث في دليل وتصحيح قول ونحوه.
الحالة الاجتماعية
تزوج بابنة عمه الشقيق رحمها الله وذلك في آخر عام 1370هـ ومع قرابته
ا كانت ذات دين وصلاح ونصح وإخلاص بذلت جهدها في الخدمة والقيام بحقوق
ربها وبعلها وتوفيت عام 1414هـ .
وقد رزق منها اثني عشر مولودا من الذكور والإناث مات بعضهم في الصغر
والموجود ثلاثة ذكور وست إناث وقد تزوج جميعهم وولد لأغلبهم أولاد من البنات
والبنين ولا يزالون يغشون أباهم ويخدمونه ويقومون بالحقوق الشرعية والآداب
الدينية، أما الوضع المنزلي فقد كان في أول الأمر تحت ولاية والده فكان يخدمه
ويقوم بما قدر عليه من بره وأداء حقه في نفسه وماله ولا يستبد بكسب
ولا يختص بمال.
ولما انتقل إلى الرياض وانتظم في معهد إمام الدعوة العلمي وكان يدفع له مكافأة شهرية
فكان يدفع ما فضل عن حاجته لوالده الذي ينفق على ولده وولد ولده وبعد ثلاث سنين
اضطر إلى إحضار زوجته وأولاده واستئجار منزل صغير وتأثيثه والنفقة عليهم
فكانت المكافأة تكفي لذلك رغم قلتها لكن مع الاقتصار على الحاجات الضرورية
وبقي يستأجر منزلا بعد منزل لمدة ثماني سنين فبعدها أعانه الله على شراء بيت
من الطين والخشب القوي فهناك استقر به النوى حيث قام فيه سبعة عشر عاما
يعيش في وسط من الحال لا إسراف فيه ولا تقتير ولم يتوسع في الكماليات
والمرفهات لقلة ذات اليد ثم في عام 1402هـ انتقل إلى منزله الحالي الذي أقامه
بمساعدة بنك التنمية العقارية وعاش فيه كما يعيش أمثاله في هذه الأزمنة.
عقيدته
أما العقيدة والمذهب فقد نشأ على معتقد سليم تلقاه عن الآباء والأجداد
والمشايخ العلماء المخلصين فتعلم عقيدة أهل السنة والجماعة والسلف الصالح
، فقرأ وحفظ ما تيسر من كتب العقائد كالواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-
وتلقى شرحها من مشائخه الذين تعلم منهم العلوم الشرعية فكانوا يفسرون
غريبها ويوضحون المعاني ويبينون الدلالات من النصوص.
وقد نهج والحمد لله منهج مشايخنا في تدريس كتب العقيدة السلفية فقرأ عليه التلاميذ
الكثير من كتب العقائد المختصرة والمبسوطة كشروح الواسطية للهراس ولابن
سلمان ولابن رشيد وشرح الطحاوية ولمعة الاعتقاد وشروح كتاب التوحيد
وكذا الكتب المبسوطة لشيخ الإسلام وابن القيم وحافظ الحكمي وغيرهم ممن كتب
في العقيدة وناقش الأدلة وتوسع في سردها.
وكان في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة
يدرس كتب العقيدة ويشرف على البحوث والرسائل التي تقدم للجامعة في هذا القسم
ويشترك في مناقشة رسائل الماجستير والدكتوراه ويرشد الطلاب إلى المراجع
المفيدة في الموضوع ولا زال إلى الآن يشرف على كثير من الرسائل وعلى
بالجامعة زيادة على الطلاب الراغبين في هذه الدراسة .
أما المذهب في الفروع فإن مشايخه الذين درس عليهم الفقه كانوا متخصصين في مذهب
أحمد بن حنبل، لا يخرجون عنه غالبا وقد اقتصر عليه وأكثر من قراءة كتب الحنابلة
والتعليق عليها ومعلوم أن مذهب أحمد هو أوسع المذاهب لكثرة الروايات فيه التي توافق
المذاهب الأخرى غالبا فمن قرأ هذا المذهب وتوغل فيه أحاط بأكثر المذاهب ما عدى
الافتراضات ونوادر المسائل التي يفترض الفقهاء وجودها فلا أهمية لدراستها
فمتى وقعت أمكن معرفة حكمها بإلحاقها بأقرب ما يشابهها.
شيوخه
أما الشيوخ والعلماء الذين تتلمذ عليهم فأولهم والده رحمه الله تعالى فقد بدأ
بتعليمه القراءة والكتابة في عام 59 هـ وكان رحمه الله من طلبة العلم
وأهل النصح والإخلاص والمحبة وقد أفاد كثيرا بحسن تربيته وتلقينه
وحرصه على التلاميذ ليجمعوا بين العلم والعمل.
وقد توفي سنة 1397هـ ومن أكبر المشايخ الذين تأثر بهم شيخه الكبير
عبد العزيز بن محمد أبو حبيب الشثري الذي قرأ عليه أكثر الأمهات
في الحديث وفي التفسير والتوحيد والعقيدة والفقه والأدب والنحو والفرائض
وحفظ عليه الكثير من المتون وتلقى عنه شرحها والتعليق على الشروح.
وكان بدء الدراسة عليه عام 1367هـ حتى توفي عام 1397هـ بالرياض
رحمه الله تعالى ولكن قلت القراءة عليه بعد التخرج للانشغال والتدريس ونحوه.
ومن العلماء الذين قرأ عليهم واستفاد من مجالستهم فضيلة الشيخ صالح
بن مطلق الذي كان إماما وخطيبا في إحدى القرى بالرين ثم قاضيا في حفر
الباطن ثم تقاعد وسكن الرياض ومات سنة 1381هـ وكان ضرير البصر ولكن وهبه
الله الحفظ والفهم القوي فقل أن يجالسه كبير أو صغير إلا استفاد منه
وقد قرأ عليه بعض الكتب في العقيدة والحديث وحضر مجالسه التي يتعدى فيها
الأكابر والعلماء ويأتي بالعجائب والغرائب.
وبالجملة فهو أعجوبة زمانه رحمه الله وأكرم مثواه، ومن أشهر المشايخ
الذين قرأ عليهم وتابع دروسهم سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ
وهو غني عن التعريف به وقد تلقى عليه مع التلاميذ دروسا نظامية عندما
افتتح معهد إمام الدعوة في شهر صفر عام 1374هـ وتولى تدريس القسم الذي كان
المترجم معهم في أغلب المواد الشرعية كالتوحيد والفقه والحديث والعقيدة فدرس
في الحديث بلوغ المرام مرتين في القسم الثانوي والقسم العالي وفي الفقه متن
زاد المستقنع وشرحه الروض المربع مرتين أيضا بتوسع غالبا في شرح كل جملة
وهم يتابعون ويكتبون الفوائد المهمة.
وفي التوحيد والعقيدة قرأ كتاب التوحيد وشرحه فتح المجيد وكتاب الإيمان
لشيخ الإسلام ابن تيمية ومتن العقيدة الحموية والعقيدة الواسطية له أيضا
وشرح الطحاوية لابن أبي العز وغيرها وقد استمر سماحته في التدريس
لهم حتى أنهوا القسم العالي في آخر سنة 1381هـ حيث توقف عن التدريس
الرسمي وانشغل بالإفتاء ورئاسة القضاء حتى توفي عام 1389هـ في رمضان
رحمة الله تعالى عليه.
وقرأ في الدراسة النظامية على جملة من العلماء كالشيخ إسماعيل الأنصاري
في التفسير والحديث والنحو والصرف وأصول الفقه وذلك من عام 1375هـ
حتى التخرج والشيخ عبد العزيز بن ناصر بن رشيد في الفرائض لمدة ثلاث
سنوات ودرس عليه أيضا في مرحلة الماجستير مادة الفقه عام 1388هـ وكان
رحمه الله من فقهاء البلد وله مؤلفات مشهورة منها عدة الباحث بأحكام التوارث
ومنها التنبيهات السنية شرح العقيدة الواسطية وهو أول الشروح الوافية لهذه العقيدة.
وقرأ أيضا على الشيخ حماد بن محمد الأنصاري والشيخ محمد البيحاني والشيخ
عبد الحميد عمار الجزائري في علوم وفنون متعددة وفي مرحلة الماجستير
قرأ على الكثير من كبار العلماء كسماحة الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد
المتوفى سنة 1402هـ في الفقه طرق القضاء وحضر مجالسه منذ أن قدم الرياض
واستفاد منه كثيرا في الأحكام والقصص والعبر والتأريخ والنصائح كما هو مشهور
بذلك وقرأ على الشيخ عبد الرزاق عفيفي - رحمه الله - وهو مشهور ومن كبار العلماء .
وقد تتلمذ عليه واستفاد منه جمع غفير في هذه البلاد من القضاة والمدرسين والدعاة
وغيرهم وهو ممن فتح الله عليه وألهمه من العلوم ما فاق به الكثير من علماء هذا
الزمان وقد توغل في التفسير والاستنباط من الآيات وكذا في الحديث ومعرفة
الغريب منه وكذا في العلوم الجديدة وأهلها.
وكذا الشيخ مناع خليل القطان - رحمه الله - الذي درسهم في تلك المرحلة في مادة التفسير
بتوسع وإيضاح وقد استفادوا كثيرا من مجالسته ومحاضراته حيث يأتي بفوائد كثيرة
مستنبطة من الآيات أو الأدلة وله مؤلفات عديدة في فنون متنوعة وكذا الشيخ عمر
بن مترك رحمه الله تعالى وكان من أوائل حملة الدكتوراه من السعوديين
وقد قرأ عليه في مادة الفقه والحديث والتفسير .
وكان شديد العناية بالأدلة والتعليلات وله معرفة تامة بالمعاملات المتجددة
ويتوسع في الكلام حولها وقد استفاد منه كثيرا، ومنهم الشيخ محمد عبد الوهاب البحيري
- رحمه الله - مصري الجنسية تولى التدريس في الحديث وكان يتوسع في الشرح
وذكر المسائل الخلافية ويحرص على الجمع والترجيح فأفاده في كثير من المواضع
المهمة ومنهم محمد الجندي - رحمه الله - مصري أيضا ولم يقم إلا بعض سنة حتى مرض
فرجع إلى مصر وتوفي هناك رحمه الله ومنهم محمد حجازي - رحمه الله -
صاحب التفسير الواضح ومنهم طه الدسوقي العربي - رحمه الله - مصري
أيضا وكان ذا معرفة واسعة واطلاع وحفظ مع فصاحة وبيان وآخرون سواهم.
وقد استفاد أيضا من مشايخ آخرين دراسة غير نظامية وأشهرهم سماحة الشيخ
عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله- الذي لازمه في أغلب الحلقات
التي يقيمها في الجامع الكبير بالرياض بعد العصر وبعد الفجر والمغرب
بحيث يحضره العدد الكثير ويدرس في فنون منوعة من المتون والشروح
المؤلفات ويعلق على الجمل ويوضح المسائل وينبه على الأخطاء ومنهم الشيخ
محمد بن إبراهيم المهيزع - رحمه الله - وهو من المدرسين والقضاة وكان يقيم
دروسا في مسجده وفي منزله ويستفيد منه الكثير ومنهم الشيخ عبد الرحمن بن محمد
بن هويمل أحد قضاة الرياض قرأ عليه في المسجد وغيره وإن كان قليل التعليق
لكنه يفيد على الأخطاء ويوضح بعض المسائل الخفية وفي آخر حياته ثقل سمعه
واشتد مرضه ثم توفي رحمه الله تعالى في عام 1415هـ وقد استفاد أيضا من الزملاء
والجلساء الذين سعد بالاقتران بهم وقت الدراسة ووفق بالقراءة معهم والمذاكرة
في أغلب الليالي وفي أيام الاختبارات ومنهم الشيخ فهد بن حمين الفهد والشيخ
عبد الرحمن محمد المقرن رحمه الله والشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن فريان
والشيخ محمد بن جابر - رحمه الله - وغيرهم ممن سبقوه بالقراءة على المشايخ
وتعلموا كثيرا مما فاته فأدركه بواسطتهم فكان يقرأ عليهم الشرح
ويتلقى إصلاح بعض الأخطاء اللغوية والبحث في المسائل الخلافية
ومعرفة الكتب المفيدة في الموضوع وكيفية العثور على المسألة
في الكتب المتقاربة في الفقه الحنبلي وكذا معرفة طرق الاستفادة من كتب اللغة
واختصاص كل كتاب بنوع من المواضيع ونحو ذلك مما يفوت من يقرأ بمفرده
فلذلك ينصح المبتدئ أن يقترن في المذاكرة والاستفادة بمن هم أقدم منه في الطلب
ليضم ما عندهم إلى ما عنده.
وقد ذكرنا أن أقدم هؤلاء المشايخ هو الشيخ عبد العزيز الشثري رحمه الله
وقد بالغ في الثناء عليه ولما انتقل إلى الرياض عام 1374هـ استصحبه معه
وذكر لسماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى بعض ما قرأ عليه
وما وصل إليه مما جعل الشيخ يجعله مع أعلى التلاميذ عند تقسيمهم إلى سنوات
في معهد إمام الدعوة العلمي وكان من آثار إعجابه أن طلبه ذلك العام لتولي القضاء
ولكنه اعتذر بالدراسة والشوق إليها فعذره.
الأعمال التي تقلدها
أولها أن بعث مع هيئة الدعاة إلى الحدود الشمالية في أول عام 1380هـ بأمر
الملك سعود وإشارة لسماحة الشيخ محمد بن إبراهيم ورئاسة الشيخ عبد العزيز
الشثري رحمهم الله تعالى مع بعض المشائخ ولمدة أربعة أشهر ابتداء من حدود الكويت
على امتداد حدود العراق وحدود الأردن وحدود المملكة شمالا وغربا وكثير
من مناطق المملكة وقاموا بالدعوة والتعليم وتوزيع النسخ المفيدة في العقيدة
وأركان الإسلام حيث إن أغلب السكان من البوادي عاشوا في جهل عميق
فهم لا يعرفون إلا اسم الإسلام والصلاة والصيام ونحو ذلك ويجهلون الواجبات
وما تصح به الصلاة ويقعون في الكثير من وسائل الشرك وأنواعه
وقد بذلت الهيئة جهدا في تعليمهم ونفع الله الكثير ممن أراد به خيرا .
ثم تعين مدرسا في معهد إمام الدعوة في شعبان عام 1381هـ إلى عام 1395هـ
قام فيه بتدريس الكثير من المواد كالحديث والفقه والتوحيد والتفسير والمصطلح
والنحو والتأريخ وكتب مذكرات على أحاديث عمدة الأحكام بذكر الموضوع
والمعنى الإجمالي وشرح الغريب وذكر الفوائد وكذا مذكرات على مواد الفقه
والتوحيد والمصطلح لا يزال الكثير منها محفوظا عند الطلاب أو في المعاهد العلمية
ثم في عام 1395هـ انتقل إلى كلية الشريعة بالرياض وتولى تدريس التوحيد للسنة الأولى
وهو متن التدمرية وكتب عليه تعليقات كفهرس للمواضيع وعنوان للبحوث
وكذا درس أول شرح الطحاوية.
ثم في عام 1402هـ انتقل إلى رئاسة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
باسم عضو إفتاء وتولى الفتاوى الشفهية والهاتفية والكتابة على بعض الفتاوى السريعة
وقسمة المسائل الفرضية وبحث فتاوى اللجنة الدائمة التي يناسب نشرها
وقراءة البحوث المقدمة للمجلة فيما يصلح للنشر وما لا يصلح ومازال
هكذا حتى الآن وقد انتهت مدة خدمته في دار الإفتاء.
أما الأعمال الأخرى فقد تعين إماما في مسجد آل حماد بالرياض
في شهر شوال عام 1389هـ حتى هدم المسجد وهدم الحي كله في عام 1397هـ
وبعد عامين عين خطيبا احتياطيا يتولى الخطبة عند الحاجة ومازال كذلك
إلى الآن حيث يقوم بخطبة الجمعة وصلاتها في الكثير من الجوامع عند تخلف
الخطيب أو قبل تعيينه وقد يستمر في أحد الجوامع أشهرا أو سنوات ويتولى صلاة العيد
في بعض المناسبات.
ويقوم أيضا متبرعا بالتدريس في المساجد ابتداء بدرس الفرائض في عام 1387هـ
لعدد قليل ثم بتدريس التوحيد والأصول الثلاثة وكشف الشبهات والعقيدة الواسطية
ونحوها لعدد كثير في مسجد آل حماد في آخر عام 1389هـ.
وقد حصل إقبال شديد على تلك الحلقات وكان أغلب الطلاب من مدرسة تحفيظ القرآن
الذين توافدوا من جنوب المملكة ومن اليمانيين الوافدين لأجل التعلم وقد أقام تلك الدروس
بعد الفجر أكثر من ساعة أو ساعتين وبعد الظهر كذلك وبعد العصر غالبا
وبعد المغرب إلى العشاء واستمر ذلك حتى هدم المسجد المذكور حيث نقلت الدروس
إلى مسجد الحمادي حيث توافد إليه الطلاب كثرة في أغلب الأوقات للدراسة
في العلوم الشرعية كالحديث والتوحيد والفقه وأصوله والمصطلح وغيرها.
ثم في عام 1398هـ رغب إليه سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
أن يقوم في غيبته بالصلاة في الجامع الكبير كإمام للصلوات الخمس فقام بذلك
وكان يتولى الصلاة بهم إماما كل وقت ماعدا خطبة الجمعة وصلاتها
ومن ثم نقلت الدروس إلى مسجد الجامع الكبير والذي عرف بعد ذلك بجامع
الإمام تركي بن عبد الله رحمه الله وفي حالة حضور سماحة الشيخ يقوم
بصلاة العشائين هناك وإلقاء الدروس بينهما وبقية الأوقات ويلقي الدروس
في مسجد الحمادي بعد العصر والمغرب وبعد الفجر غالبا .
ثم في عام 1398هـ رغب إليه بعض الشباب في درس بعد العشاء في المنزل
يتعلق بالعقيدة فلبى طلبهم وابتدأ بالعقيدة التي كتبها الشيخ ابن سعدي وطبعت
في مقدمة كتابه القول السديد وقد كثر عدد الطلاب وتوافدوا من بعيد
ولم يزالوا إلى الآن.
وقد انتقل عام 1402هـ إلى منزله الحالي في السويدي فنقل الدرس هناك
في ليلتين من كل أسبوع وقد قرأوا في هذه المدة نظم سلم الوصول وشرحه معارج
القبول في مجلدين ورسالة الشفاعة للوادعي وكتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب
وشرح ثلاثة الأصول له كما قرأوا في الفقه نظم الرحبية في المواريث ومنار السبيل
شرح الدليل لابن ضويان حتى كمل والحمد لله.
ولما ضاق المنزل نقلوا الدرس إلى المسجد المجاوره ويعرف بمسجد البرغش
كما نقل فيه الدروس الأسبوعية بعد الفجر وبعد المغرب أي بعد هدم المسجد الكبير عام 1408هـ
وقد قرأوا في هذه الأوقات كثيرا من الأمهات كالصحيحين وشرح الطحاوية
وشرح الواسطية لابن سلمان ولابن رشيد وبعض زاد المعاد وجميع بلوغ المرام
وزاد المستقنع وبعض سنن أبي داود والترمذي وموطأ مالك ورياض الصالحين وبعض
نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار وبعض سنن الدارمي وترتيب مسند الطيالسي وشرح
كامل منتقى الأخبار لأبي البركات وكتاب الدين الخالص لصديق حسن خان وفي المصطلح
متن نخبة الفكر ومتن البيقونية وفي النحو متن الآجرومية وبعض ألفية ابن مالك
وفي أصول الفقه متن الورقات لإمام الحرمين وغير ذلك من المتون والشروح الكثيرة.
وفي عام 1382هـ أسس بعض المحسنين مدرسة خيرية أسموها (دار العلم)
فأقبل إليها العدد الكثير من الطلاب صغارا وكبارا وتولى المترجم له فيها التدريس
في المواد الدينية كالحديث والتوحيد والفقه حسب مدارك الطلاب وأقام الشباب
فيها ناديا أسبوعيا يستمر بعد العشاء ليلة كل جمعة لمدة ساعتين يحضره غالبا
ويلقى فيه بعض الكلمات ويجيب على الأسئلة الدينية والاجتماعية.
وفي عام 1398هـ قام فيها بدرس أسبوعي يحضره العدد الكثير واستمر حتى هذا العام
حيث نقل إلى أقرب مسجد هناك حولها ولا يزال وقد أكملوا فيه قراءة الصحيحين
وابتدأوا في سنن الترمذي وتولى القراءة عليه فضيلة الشيخ إبراهيم بن عبد الله بن غيث
وشاركه في أول الأمر الشيخ الدكتور محمد بن ناصر السحيباني حتى انتقل
إلى الجامعة الإسلامية بالمدينة.
ثم خلفه الشيخ الدكتور فهد السلمة حتى انشغل بالتدريس في كلية الملك فهد الأمنية
والطريقة أن يقرأ الباب ثم يشرحه بإيضاح مقصد المؤلف وبيان ما تدل عليه الأحاديث
وفي حدود عام 1403هـ رغب إليه بعض الشباب من سكان حي العليا أن يلقى
عندهم درسا أسبوعيا في العقيدة ودرسا في الحديث فابتدأ الدرس في مسجد متوسط في الحي
أشهرا ثم انتقلوا إلى مسجد الملوحي مدة طويلة ثم إلى مسجد السالم حيث استمر الدرس
فيه سنوات ثم انتقل بهم إلى مسجد الملك عبد العزيز ثم إلى جامع الملك خالد وقد أكملوا
في هذه المدة متن لمعة الاعتقاد والعقيدة الواسطية وكتاب التوحيد ومتن التدمرية
وبعض بلوغ المرام وشرح عمدة الفقه قسم العبادات وبعض الروض المربع قراءة وشرحا .
وفي عام 1409هـ رغب إليه بعض الأخوان أن يقرر درسا أسبوعيا في مسجد سليمان الراجحي
بحي الربوة قراءة وشرحا وذلك أن المسجد مشهور ويحيط به أحياء واسعة مكتظة بالسكان
المحبين للعلم فلبى طلبهم وابتدأ في شرح الطحاوية فأكمله وفي عمدة الأحكام في الحديث
فأكملها وفي كتاب السنة للخلال ثم كتاب السنة لعبد الله بن أحمد ولا يزال يقرأ فيه ويتولى
القراءة غالبا إمام المسجد صالح بن سليمان الهبدان أو مؤذن المسجد ويختم
الدرس قرب الإقامة بالإجابة على أسئلة مقدمة من الحاضرين ويتكاثر العدد
في هذا الدرس فربما زادوا على الخمسمائة ولا يتوقف إلا في أيام الاختبارات
ثم يستأنف بعدها .
وفي عام 1409هـ رغب إليه سماحة الشيخ ابن باز -رحمه الله- أن يلقي درسا في مسجد
سوق الخضار بعتيقة لكثرة من يصلي فيه فلبى رغبته وأقام فيه درسا أسبوعيا لكن إنما
يحضره القليل من الطلاب لانشغال أهل الأسواق بتجارتهم واستمر هذا الدرس في الفقه
والتوحيد كما أنه في هذه السنين يقوم غالب الأسابيع بإلقاء محاضرات في مساجد الرياض
النائية التي يكثر فيهاالمصلون ولا يلقى فيها دروس فيتواجد العدد الكثير غالبا
في المحاضرة التي تتعلق بالعبادات والمعاملات وما يحتاج إليه الناس ويشترك أيضا
في الندوات التي تقام أسبوعيا في المسجد الجامع الكبير المعروف بجامع الإمام تركي
والتي ابتدأت من أكثر من عشرين عاما ويعلق عليها غالبا سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
-رحمه الله- والآن يعلق عليها سماحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله.
ولما أقيم مسجد عبد الله الراجحي في شبرا بالسويدي ناسب أن تجمع فيه الدروس
التي كانت متفرقة في المساجد بعد الفجر وبعد المغرب وبعد العشاء أغلب الأيام وأقيم
حوله سكن للطلاب المتغربين.
وهناك أعمال أخرى قام بها منها التدريس في المعهد العالي للقضاء التابع لجامعة الإمام
محمد بن سعود الإسلامية وذلك في عام 1408هـ حيث أسند إليه درس الفقه للسنة الأولى
ويسمى السياسة الشرعية وهو ما يتعلق بالمعاملات وأحكام التبادل بمعدل درسين
في الأسبوع وفي نهاية العام وضع أسئلة الاختبار وصحح الأجوبة كالمعتاد .
ثم في العام بعده قام بهذا الدرس ومعه درس آخر للسنة الثانية ويعرف بالأحوال الشخصية
وله ثلاث حصص كل أسبوع وطريقة الإلقاء اختيار جمل من الكتاب المقرر وذكر
ما فيها من الخلاف وسرد أدلة الأقوال مع الجمع والترجيح ووجه الاختيار .
وفي السنة بعدها اقتصر على الدرس الأول وهو السياسة الشرعية ثم توقف بعدها
عن هذا التدريس (ومنها) الإشراف على رسائل الماجستير والدكتوراه التابعة للجامعة
المذكورة وذلك طوال هذه السنين أي بعد الانتقال من الجامعة إلى رئاسة البحوث العلمية
كما سبق لم يتخل عن أعمال الجامعة وذلك في كل عام يلتزم بالإشراف على ثلاث رسائل
أو أربع يقوم بتوجيه الطالب وإرشاده إلى مراجع البحث في الأمهات حسب علمه
ويقرأ ما يقدمه كل شهر من بحثه ويبين ما فيه من خطأ ونقص ويجتمع به غالبا
كل أسبوع أو نحوه ويرفع عنه للجامعة تقريرا عن سيره وما يعوقه وفي النهاية يكتب
عن رسالته ومدى صلاحيتها للتقديم ويحضر عند المناقشة وتقويم الرسالة .
كما يقوم أيضا بمناقشة بعض الرسائل المقدمة للجامعة كعضو فيها ويبدى
ما لديه من الملاحظات ويحضر تقويم الرسالة كالمعتاد (ومنها) القيام بالدعوة
داخل المملكة بإلقاء محاضرات أو خطب أو إجابة على الأسئلة وذلك كل شهر أو شهرين
حيث يزور البلاد القريبة من الرياض فيلقي محاضرة في معهد أو مركز صيفي
وفي مسجد جامع ويجتمع بالأهالي ويبحث معهم في مشاكل البلاد وعلاجها وقد تستمر
الرحلة أسبوعا أو أكثر للتجول في البلاد النائية وزيارة بعض الدوائر الحكومية للمناصحة
والإرشاد فيلقى تقبلا وتشجيعا وترغيبا في الاستمرار وقد تكون الزيارة رسمية
وتحدد المدة من مركز الدعوة أو إدارة الدعوة في الداخل (ومنها) الاشتراك في التوعية
في الحج وذلك زمن أن كان تبع الجامعة حتى عام 1403 هـ وذكر منافع الحج
والعمرة وإيضاح الأهداف من هذه الأعمال وتفقد آثارها بعد انقضائها
والإجابة على الأسئلة التي تتعلق بالمقام وذلك لمدة شهر كامل.
وقد تعذر عليه الاشتراك في هذا بعد الالتحاق بالرئاسة بسبب الإقامة في المكتب
للحاجة الماسة إليه هناك وقام في السنوات الأخيرة بالحج مع بعض الحملات الداخلية
التي تجمع حجاجا من الرياض وكان يتولى معهم الإجابة على الأسئلة وإلقاء كلمات
توجيهية كل يوم مرة أو مرتين ويقوم بزيارة بعض الحملات الأخرى في الموسم
فيفرحون بذلك العمل.
مؤلفاته
أولها البحث المقدم لنيل درجة الماجستير في عام 1390هـ
(أخبار الآحاد في الحديث النبوي) وقد حصل على درجة الامتياز
رغم إنه كتبه في مدة قصيرة ولم تتوفر لديه المراجع المطلوبة وقد طبع عام 1408هـ
في مطابع دار طيبة ثم أعيد طبعه مرة أخرى وهو موجود مشهور ولم يتيسر له التوسع
فيه قبل طبعه لاحتياجه إلى مراجعة وتكملة .
وقد حمله على الكتابة فيه محبة الحديث وفضله وما رآه في كتب المتكلمين والأصوليين
من عدم الثقة بخبر الواحد سيما إذا كان متعلقا بعلم العقيدة وقد رجح قبوله في
الأصول كالفروع.
وفي عام 1398هـ كلف بكتابة تتعلق بالمسكرات والمخدرات لتقديمها للمؤتمر
الذي عقدته الجامعة الإسلامية في ذلك العام فكتب بحثا بعنوان
(التدخين مادته وحكمه في الإسلام)
وهو بحث متوسط وفيه فوائد وأحكام زائدة على ما كتبه الآخرون وقد أعجب به
المشايخ المشاركون في موضوع الدخان وقد طبعته مطابع دار طيبة عدة طبعات
وهو مشهور متداول وإن كان مختصرا لكن حصل به فائدة لمن أراد الله به خيرا .
وفي عام 1402هـ رفع إليه كلام لبعض علماء مصر ينكر فيه إثبات الصفات
ويرد الأدلة ويتوهم إنها توقع في التشبيه وكذا يميل إلى الشرك بالقبور ويمدح الصوفية
وقد لخص كلامه بعض الأخوان في أربع صفحات وأرسلها لمناقشتها فكتب عليه جوابا
واضحا وتتبع شبهاته وبين ما وقع فيه من الأخطاء بعبارة واضحة ومناقشة هادئة
وطبع ذلك البحث في مجلة البحوث الإسلامية العدد التاسع ثم أفرده بعض الشباب بالطبع
في رسالة مستقلة بعنوان (الجواب الفائق في الرد على مبدل الحقائق)
وهو موجود متداول طبعته مؤسسة آسام للنشر وكتب أيضا مقالا يتعلق بمعنى الشهادتين
وما تستلزمه كل منهما وطبع في مجلة البحوث العدد السابع عشر ثم أفرده
بعض التلاميذ بالطبع بعنوان (الشهادتان معناهما وما تستلزمه كل منهما)
وطبع في عام 1410هـ في مطابع دار طيبة في 90صفحة من القطع الصغير
وقد التزم فيه وفي غيره العناية بالأحاديث للاستدلال بها وتخريجها مع ذكر
درجتها باختصار.
وفي عام 1391هـ قام بتدريس متن لمعة الاعتقاد لابن قدامة لطلاب معهد إمام الدعوة
العلمي وكتب عليها أسئلة وأجوبة مختصرة تتلاءم مع مقدرة أولئك الطلاب
في المرحلة المتوسطة ومع ذلك فإنها مفيدة لذلك رغب بعض الشباب القيام بطبعها
فطبعت بعنوان (التعليقات على متن اللمعة) عام 1412هـ في مطبعة سفير والناشر
دار الصميعي للنشر والتوزيع وقد وقع فيها أخطاء تبع فيها ظاهر المتن والأدلة
وقد أعيد طبعها مع إصلاح بعض الأخطاء.
وقد قام فيها بتخريج الأحاديث التي استشهد بها ابن قدامة تخريجا متوسطا حسب
مدارك التلاميذ وفي عام 1399هـ سجل في كلية الشريعة لدرجة الدكتوراه واختار
(تحقيق شرح الزركشي على مختصر الخرقي) وهو أشهر شروحه التي تبلغ الثلاثمائة
بعد المغني لابن قدامة واقتصر في الرسالة على أول الشرح إلى النكاح
دراسة وتحقيقا ونوقشت الرسالة كما تقدم ثم كمل تحقيق الكتاب وطبع في مطابع شركة
العبيكان للنشر والتوزيع في سبعة مجلدات كبار وتم توزيعه
وبيعه في أغلب المكتبات الداخلية وهو موجود متداول والحمد لله.
وقد اعتنى في هذا الشرح بتخريج الأحاديث والآثار الكثيرة التي يوردها الشارح
وقام بترقيمها فبلغ عددها كما في آخر المجلد السابع 3936 وإن كان فيه بعض التكرار
القليل وقد بذل جهدا في هذا التخريج بمراجعة الأمهات وكتب الأسانيد التي تيسرت
له للرجوع إليها وهي أغلب المطبوعات وذكر رقم الحديث إن كان الكتاب مرقما أو الجزء
والصفحة وذكر اختلاف لفظ الحديث إن كان مغايرا لما ذكر الشارح وذكر
من صحح الحديث من المتقدمين أو ضعفه كالترمذي والحاكم والذهبي وابن حجر
والهيثمي وإن كان في أحد الصحيحين لم يذكر ما قيل فيه للثقة بهما.
وحيث إنه بدأ دراسته في الصغر بكتب الحديث كما تقدم فقد أورث ذلك له شوقا
إلى كتابة الحديث فحرص على اقتناء الكتب القديمة التي يهتم مؤلفوها بالأحاديث النبوية
ويوردونها بأسانيدها المتصلة كما أحب كل ما يتعلق بالحديث من كتب المصطلح
وعلل الحديث وكتب الجرح والتعديل ونحوها وذلك أن هذا النوع هو الدليل الثاني
للشريعة أي بعد كتاب الله تعالى ولأن علماء الأمة أولوه عناية تامة حتى قال
بعضهم إن علم الحديث من العلوم التي طبخت حتى نضجت ولأن هناك من أدخل فيه
ما ليس منه برواية أحاديث لا أصل لها من الصحة فقد قيض الله لها نقادها
من العلماء الذين وهبهم الله من المعرفة بالصحيح والضعيف ما تميزوا به
على غيرهم وقد عرفنا بذلك جهدهم وجلدهم وصبرهم على المشقة والسفر
الطويل والتعب والنفقات الكثيرة مما حملهم عليه الحرص على حفظ سنة النبي
-صلى الله عليه وسلم- وتنقيتها مما ليس منها.
وقد يسر الله في زماننا هذا طبع هذه الكتب وفهرستها وتقريبها بحيث تخف المؤنة
ويسهل تناول الكتاب ومعرفة مواضع البحوث بدون تكلفة والحمد لله، هذا وقد كان
ألقى عدة محاضرات في مواضيع متعددة وتم تسجيلها في أشرطة ثم إن بعض
التلاميذ اهتم بنسخها وإعدادها للطبع وقد تم طبع رسالتين الأولى بعنوان
(الإسلام بين الإفراط والتفريط) في 59 صفحة والثانية بعنوان (طلب العلم وفضل العلماء)
في 51 صفحة وكلاهما طبع عام 1313هـ في مطبعة سفير والناشر دار
الصميعي للنشر والتوزيع وأما التسجيل فإن التلاميذ قد أولوه
عناية شديدة وذلك بتتبع الدروس والمحاضرات وتسجيلها في أشرطة
ثم الاحتفاظ بها ومن ثم نسخ ما تيسر منها للتداول وللطبع وقد سجل شرح
زاد المستقنع وشرح بلوغ المرام وشرح الورقات في الأصول وشرح البيقونية
في المصطلح وشرح منار السبيل في الفقه وشرح الترمذي وثلاثة الأصول
ومتن التدمرية وغيرها كثير، ويباع كثير من الأشرطة في التسجيلات الإسلامية
في الرياض وغيرها. وقد فرغ كثير منها وطبع بعناوين متعددة تتعلق بالصيام
والحج والصلاة والزكاة وغيرها.
أما الكتابات السريعة فكثيرة فإن هناك العديد من الطلاب يحرصون على تحصيل
جواب مسألة أو فتوى في مشكلة ويرفعونها إليه وبعد كتابة الجواب وتوقيعه ينشرونه
في المساجد والمكاتب والمدارس فيتداول ويحصل له تقبل وفائدة محسوسة لثقتهم
بالكاتب كما أن الكثيرين من الشباب الذين أعطوا موهبة في العلم إذا كتب أحدهم
رسالة أو كتيبا رغب إليه أن يكتب له مقدمة أو تقريظا فيصرح باسمه في عنوان
الرسالة ويكون ذلك أدعى لروجانه والإقبال عليه والاستفادة وهناك من العلماء من يساهم
في بث تلك النشرات التي لها مسيس ببعض الأوقات كالمخالفات في الصلاة وأحوال الاقتداء
بالإمام والمخالفات في الصيام وفي الحج وأعمال عشر ذي الحجة والمقال في التيمم
ومتى يرخص فيه ونحوها فتطبع في مواسمها ويوزع منها ألوف كثيرة رجاء الانتفاع بها.
وهناك من العلماء من أخذ تلك النشرات وأودعها بعض مؤلفاته كالشيخ عبد الله بن جار الله
-رحمه الله- وغيره ممن كتبوا في تلك المواضيع وضمنوها بعض ما كتبه المترجم
له للاستفادة، وأما العلماء الأكابر فإن المناقشين لرسالة أخبار الآحاد بعد
إقرارها كتبوا عنها تقريرا مفيدا يمكن الحصول عليه من المعهد المذكور حيث كتبوه
عام 1390هـ وهكذا الذين ناقشوا كتاب شرح الزركشي وهم الشيخ
صالح بن محمد اللحيدان والشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مع المشرف
الدكتور عبد الله بن علي الركبان فقد قرروا الكتاب الذي ناقشوه من أول الشرح
إلى النكاح وكتبوا عنه صلاحيته للنشر وحرص الأكثر على الحصول عليه قبل
طبعه وتقبله أكابر العلماء وأقروا العمل الذي قام به تجاهه ومنهم سماحة الشيخ
عبد العزيز بن عبد الله بن باز وسائر هيئة كبار العلماء ويمكن مراجعتهم لتقييمها
وما لوحظ عليها وما تميزت به ولم يعرف أحد أبدى انتقادا لما نهجه في هذه
الكتب المتعلقة بالحديث والمصطلح.
أما المنهج فقد سلك في تحقيق الزركشي الخطة التي رسمت في المخطط والموجود
في المقدمة وقد حرص على البحث عن الأحاديث وأنها التي يستدل بها وقابلها
على أصولها
كما حرص على التعليق على ما يحتاج إلى تعليق من نقل أو مخالفة أو خلاف في مسألة
وأما الشروح الأخرى كشرح اللمعة القديم والبيقونية والورقات والتوحيد والبلوغ والمنتقى...
إلخ فإنه يرتجلها ارتجالا ويوضح العبارة التي في المتن بالأمثلة ويذكر الخلاف
المشهور ويبين المختار عنده حتى لا يقع الطالب في حيرة ويتوسع أحيانا في الشرح
بذكر ماله صلة بذلك الحديث أو تلك المسألة.
وقد تميزت هذه الكتب والشروح بوضوح العبارة وبذكر الأدلة ومناقشتها وبالتعليل
إن وجد والحكمة من شرعية هذا الحكم والتوسع في ذكر الأمثلة فلا جرم صار عليها
إقبال شديد حيث نسخ كثير من الطلاب بعض تلك الأشرطة بشرح منار السبيل وقد
بلغ ما نسخوه عدة مجلدات وحرص الكثير على تصويره واقتنائه حيث وجدوا
فيه مسائل واقعية ومعالجة لبعض المشاكل المتمكنة في المجتمع وتحذير من بعض
الحيل والمكائد التي يستغلها بعض الناس ونحو ذلك من المميزات الكثيرة .
أما استقصاء المعلومات عند الكتابة فهذا يكون في الشرح الارتجالي كشرح أحاديث
مسلم والترمذي ومنتقى الأخبار وأما الكتابة فالغالب الاقتصار على القدر المطلوب
في السؤال دون استقصاء وتوسع في الجواب وكذا الإملاء إذا كان الجواب ارتجاليا
كما وقع في الأسئلة التي طبعت بعنوان (حوار رمضاني) الذي طبعته مؤسسة آسام
للنشر عام 1312هـ في 28 صفحة بقطع صغير وكذا في أسئلة متعلقة برمضان وقيامه
والقراءة في القيام ودعاء الختم ونحوه حيث ألقى بعض الشباب 36 سؤالا وقد
كتب عليها جوابا متوسطا ثم قام السائل وهو سعد بن عبد الله السعدان بتحقيقها
وتخريج أحاديثها وطبعت بعنوان (الإجابات البهية في المسائل الرمضانية) نشر دار
العاصمة مطابع الجمعة الإلكترونية عام 1413هـ 103 صفحة .
وبكل حال فإنها تختلف الدوافع إلى الكتابة وحال المستفيد فأما الصعوبات
فإن الرسالة الأولى وهي (أخبار الآحاد) كتبها في زمن قصير وكانت المراجع
قليلة أو مفقودة عنده فلا جرم لقي مشقة في البحث عن مواضع المسائل واضطر
إلى الاختصار رغم سؤال المشرف وغيره فأما شرح الزركشي فقد لقي
أيضا فيه صعوبة لسعة الكتاب وكثرة نقوله وندرة الكتب التي نقل عنها وعدم
بعض المراجع للأحاديث التي يستشهد بها معتمدا على كتب الفقهاء التي لا تعزو
الأحاديث إلى مخرجها فيحتاج إلى صعوبة في البحث في كتب الفهارس
والتخريج التي تذكر المشاهير من الأدلة دون النادر منها ولكن الله أعان على الكثير
وحصل التوقف في البعض الذي لم يعثر على أصوله كأول سنن سعيد
بن منصور وكسنن الأثرم ومسند إسحاق ونحو ذلك ولو وجد من ينقلها لكن
مع قصور واختصار وأما علم المصطلح فإن مراجعه كثيرة وكتبه متوفرة
والغالب إنها متوافقة فيه وإن وجد في بعضها زيادة خاصة فلذلك يمكن الاختصار
فيها ويمكن التوسع بذكر الأمثلة ولم يكتب فيها سوى شرح البيقونية
وهو الآن يحقق ويعد للطبع وهو مجرد إيضاح للتعاريف المذكورة في
النظم وقد تم طبعه ونشره.
وأما المشكلات التي تواجه من كتب في علم المصطلح فهي كثرة الكتب في الموضوع
التي يلزم منها كثرة التعريف ووجود الفرق بينها حتى يحتار الكاتب في اختيار ما يناسب
المقام ولكن الأجلاء من المحدثين قد ناقشوا التعريفات الاصطلاحية وذكروا ما يرد
عليها والجواب عنه لكن قراءة ذلك كله تستدعي وقتا طويلا فالطالب إذا اقتصر على
المختصرات التي كتبها أئمة هذا الفن كالنخبة والبيقونية وألفية العراقي والسيوطي
رأى في ذلك كفاية ومقنعا .
وحيث إن هذا النص قد أكثر فيه العلماء من الكتب فإن أشهر كتبه التي تحتوي
على ما يوضحه ويجلى معانيه هي الكتب الواسعة مثل تدريب الراوي شرح تقريب
النواوي للسيوطي ومثل توجيه النظر لبعض علماء الجزائر ومثل توضيح الأفكار
للأمير الصنعاني وإن كان بعضها ينقل من بعض ومن المعاصرين الشيخ صبحي
الصال
5
547
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
مزون 111
•
رحم الله الشيخ وأسكنه فسيح جناته ..
اللهم إرحمه ونقه من الذنوب والخطايا كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس ,
اللهم إغسلهُ بماء الثلج والبرد , اللهم وباعد بينه وبين خطاياه كما باعدت بين المشرق والمغرب ..
اللهم عامله بالحسنات إحساناً وبالسيئات عفواً وغفرانا ..
إنا لله وإنا إليه راجعون.
اللهم إرحمه ونقه من الذنوب والخطايا كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس ,
اللهم إغسلهُ بماء الثلج والبرد , اللهم وباعد بينه وبين خطاياه كما باعدت بين المشرق والمغرب ..
اللهم عامله بالحسنات إحساناً وبالسيئات عفواً وغفرانا ..
إنا لله وإنا إليه راجعون.
الصفحة الأخيرة
اللهم ابدله بدار خير من دآآرهـ..
واهل خير من اهله واحشرهـ مع الحبيب محمدا..