كانت مني تفضل احتساء فنجان قهوتها في الشرفة . وهي على موعد دائم مع غروب الشمس , لا تدري لماذا أو كيف يعن لها شرب قهوتها مع مغيب الشمس . كل ما تحس به هو يد قويه تنتزعها من استغراقها التام برسم لوحتها لتزرعها على كرسي الشرفة وبيدها قهوتها الساخنة. وأمامها الشمس مودعه لهذا الفضاء ملقيه وشالها الناري على هذا الوجود , معلنه له أنها لا بد عائده .
لا شيء يضاهي غروب الشمس روعه وجمالا إلا ذرات الهال الفواحة التي تناثرت على وجه قهوتها السوداء .إنها هادئة اليوم . هذا كل ما فكرت به ..!
صوت أتي من بعيد آه ربما هو زوجها العائد من العمل . لن يفلح هذه المرة من انتشالها من وحدتها وشرود أفكارها . ستفاجئه هي هذه المرة .
رشفت محتويات فنجانها دفعه واحده , ثم قامت لتستقبل زوجها .
اختبأت هي هذه المرة , انه يفعل ذلك كل مره , وسوف تلقنه درسا اليوم . هبطت إلي الطابق السفلي وبسرعة قفزت أمام الباب , ولكن لم يكن زوجها بالباب ...
بل قطتها ...
التي أخذت تنظر إليها في بلاهة .
-هذا أنت ؟ تعالي هنا .
احتضنتها وجلست على الأريكة ..
غريب !! أنها سمعت المفاتيح ..! شوشت الأفكار ذهنها لكنها تركت هواجسها تنزلق مع قطتها التي تهادت مبتعدة .
قامت مني وذهبت إلى غرفتها واستبدلت ثيابها ثم دلفت إلى دوره المياه , كم تحتاج إلى حمام دافئ . بعد قليل غادرت حمامها . وبسرعة طوقها زوجها من الخلف , كانت مفاجئه بالنسبة لها مما جعلها تستدير بعنف .
امتقع وجه احمد وقال :
لا بأس .. هذا أنا !!
أحست بالخجل , وقالت :
أنا.. أنا أسفه ....لقد أفزعتني ...
اقترب منها احمد :
أنا آسف لم اقصد إخافتك ..!
اخذ يدها وجلسا ثم قال :
انك شاحبة ...ثم لمس طرف انفها بإصبعه وقال
يا جبانة !..
ضحكا معا ..ولكنها كانت لا تزال مضطربة .
كان احمد هو مصدر ابتهاجها وسعادتها . لقد تصالحت منى مع الأيام بعد أن شاركها زوجها إياها . لقد كان لزواجها السابق آثرا عميقا في نفسها ظنت انه لن يمحى , وعندما جاءتها الأخبار بوفاته أحست براحه يشوبها القلق . لكنها ألان تشعر بلذة مشاركه احمد كل لحظه من حياتهما معا , وفي منزلها البعيد عن ضوضاء المدينة الذي تكاد تبتلعه الأشجار , وجدت ألسكينه لنفسها المضطربة دائما ولا تدري ما السبب .............
- منى هل انتهيت يا عزيزتي ؟
جاءه صوتها من أعلى
- إنني آتيه . دقيقه واحده
قال بنفاذ صبر
- يأل النساء , نفس القصة القديمة المر أه والمرآة ..
قالت وهي تهبط الدرج وتبتسم له .
- سمعتك ماذا كنت تقول ؟؟
- لا ..كنت أقول انك تبدين رائعة الليلة ..
- ألا يجدر بي في ذكرى زواجنا الأول .
احمد وهو يفتح الباب ليخرجا :
- تفضلي يا سيدتي .
رن الهاتف من داخل البيت , فذهب احمد وهو يتمتم منزعجا ليرد على المتصل .
لحقت به منى , كانت المخابرة مزعجه بحق لكليهما فلقد وقع حادث لوالد احمد ولا بد ان يتوجه إلى المستشفى . أنهى المكالمة بسرعة ثم قال لمنى :
لن أتأخر يا عزيزتي من الأفضل أن تبقي هنا لحين عودتي
أشارت منى بإماء ه من رأسها وقالت :
طمني حين وصولك . في أمان الله .
توجه احمد إلى العربة وأدارها بسرعة محدثا نفيرا قويا
كان الوقت ليلا . أحست منى بالوحشة فالمكان مظلم تماما إلا من أضواء الحديقة الباهتة . شدت المعطف حولها حين شعرت بنسمة باردة تتخل ملابسه ثم أغلقت الباب بإحكام , توجهت إلى التلفاز لعلها تحس بعض الأنس .
مضت ساعتان ولم بهاتفها احمد . وبدأت تحس الملل فذهبت إلى غرفتها وبدلت ثيابها واستعدت للذهاب إلي الفراش , عن لها أن تقرأ قليلا ربما مضت الدقائق التالية قبل مجيء أحمد بهدوء
أخذت كتابا من المكتبة , وقبل أن تتوجه إلى غرفتها رن جرس الهاتف .
ردت :
- نعم
كان الخط مشوشا والصوت آت من بعيد لكنها سمعت كلماته بكل وضوح
- استعدي إنني آت لآخذك .
- من هذا ؟
قطع الخط , وارتجف قلبها . انه لم يكن احمد , لكن الصوت بدا مألوفا !!!
ربما أخطئ المتصل , لا يهم . توجهت إلى الدرج وقبل أن ترتقيه ذهبت إلى باب البيت وتأكدت من انه مغلق بحركة سريعة من يدها .
كل شيء على ما يرام , لكن شعورا بالقلق بدأ يفترش نفسها .
في الفراش أخذت منى تقرأ رواية قديمة لم تتمها منذ مده طويلة , بالرغم أنها معجبه بأحداثها . أخذت تبحث إلى أين انتهت بها الصفحات أخر مره , سقطت ورقه من بين الصفحات , كانت صوره لها مع زوجها الأول . ارتجف قلبها , كيف وصلت هذه الصورة إلى هنا ؟؟! تفرست في وجه زوجهاالسابق , كم كانت سنوات ثقيلة إلى نفسها مليئة بالتوتر . أحال زوجها الأول حياتها إلى جحيم . كان في مرات كثيرة يصرخ فيها بجنون , من دون سبب مقنع . ثم ينخرط في بكاء طفولي وهو يردد : أنا احبك يا منى عليك أن تعي ذلك , ولن يفرقنا شيء . أنا أريدك دائما معي .
كانت تنظر إليه في إشفاق ثم تبدأ في تهدئته . فكرت يوما وهي مستغرقة في لوحتها أن تقنعه بالذهاب إلى طبيب نفسي حين دخل عليها وقد كان مبللا تماما وكأنه كان يستحم بملابسه وفي عينيه نظره مظلمة , عندها أحست انه مجنون تماما , هجم عليها وخطف فرشاه الرسم , امتلأت نفسها برعب حقيقي ثم حاولت الهرب وهي تصرخ إلا انه طوقها وبعنف ألقاها على الاريكه واخذ يصرخ في وجهها مباشره :
رسم .... رسم إلى متى ؟ انتبهي لوجودي . انتبهي إلي .
فتحت النافذة بعنف . انتفضت بقوه ..يا الهي إنني الهث .
قامت لتغلق النافذة وهي تتمتم الرياح إنها الرياح , صوت الهاتف مزق سكون المكان , ردت وهي تحاول أن تلتقط أنفاسها :
نعم ..!
جاءها صوته باردا كالجليد هادئا كالأموت :
إنني انتظرك ...تعلى إلي .
جحظت عيناها ألقت سماعه الهاتف بعنف
تحركت إلى الوراء ببطء وهي تتفرس في السماعة الملقاة .
المجنون انه هنا ...كيف يا إلهي ؟؟!
إنه هنا .......
عدت إلى الطابق السفلي وأحست بالانهيار حين رأت الباب مشرعا وأثار أقدام لوثها الوحل في كل مكان ولم تتمالك نفسها وأخذت تصرخ بعنف حين فتح باب إحدى الغرف وهي ترى القادم من داخلها وانفلتت إلى خارج البيت تعدوا هاربة من شبح زوجها المجنون . والشبح يعدوا خلفها كان يحاول بإصرار اللحاق بها . أخذت تجري بين الأشجار وهي تحس بالهواء البارد يمزق رئتيها كانت تسمعه يناديها : مني .. مني.. أنا زوجك منى تعالي . فتصرخ من الخوف : لا لا .
وصلت إلى الشارع ولمحت عربه أجرى واقفة , ركبتها بسرعة. تحركت العربة. كانت منى تنتفض وقد ساءت حالتها تماما لكنها استجمعت شتات نفسها , وعادت إلى التفكير بهدوء ستكون في أمان ألان ستذهب إلى المدينة حيث احمد....لكن المدينة في الاتجاه المعاكس و السائق لم يسألها إلى أين هي ذاهبة . نظرت إليه لقد كان شعره مبللا ويقطر منه الماء , شهقت ثم نظرت إلى المرآة فالتقت عيناهما كانت لديه نفس تلك النظرة المظلمة المجنونة تماما , هامت الدنيا بها وأخذت تصرخ وهي تحاول جاهدة فتح الباب . لكنه لم يفتح , سمعت قهقهته المتوحشة الأقرب إلى العويل , ومضت العربة في طريقها المظلم إلى المجهول ..
النهايه
وللأمانه الادبيه النهايه مقتبسه من قصه قصيره انجليزيه
لا تنسوا التعليق عليها :27:
usha @usha
محررة برونزية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
usha
•
اشكرك يا بحور على ردك اللطيف مشكلتي كبيره مع الالف المقصورة والتاء المربوطة وكلي اسف على مثل تلك الاخطاء واعدك بأنيي سأتدارك ذلك
وشالها عنيت به الشال او الوشاح
هل هي صحيحه في اللغه؟؟؟
سأتدارك اخطائ واعود اليكم اشكرك
وشالها عنيت به الشال او الوشاح
هل هي صحيحه في اللغه؟؟؟
سأتدارك اخطائ واعود اليكم اشكرك
الصفحة الأخيرة
أطلت الغياب هذه المرة ..
ولكنك عدت بقصة جميلة كما هي عادتك دوما ..
أتعلمين ؟؟
أحببت منى وتعاطفت معها كثيرا لذلك شعرت بحزن لنهاية القصة التي تدل على غرقها في أوهام الخوف من زوجها الأول وحياتها معه ..
للأسف كم تترك الحياة القاسية من آثار عميقة في نفوسنا قد نظن أننا تخلصنا منها ولكن !!!!
هناك ملاحظات بسيطة :
ملقيه وشالها الناري على هذا الوجود , لم أفهم معنى وشالها كما أن كلمة ملقية تنقصها نقطتان التاء المربوطة التي أهملتيها في جميع الكلمات تقريبا .
( صوت أتي من بعيد آه ربما هو زوجها العائد من العمل . لن يفلح هذه المرة من انتشالها من وحدتها وشرود أفكارها . ستفاجئه هي هذه المرة .
رشفت محتويات فنجانها دفعه واحده , ثم قامت لتستقبل زوجها .
اختبأت هي هذه المرة , انه يفعل ذلك كل مره , وسوف تلقنه درسا اليوم )
تكررت كلمة هذه المرة عدة مرات في الجملة السابقة ، ألا يمكن تغييرها ؟
اسم منى يكتب بالألف المقصورة وليس بالياء ..
ولك مني أعذب الترحيبات .