ليس بين الفضائل والرذائل، ولا بين الطاعات والمعاصي إلا...........

الملتقى العام





ليس بين الفضائل والرذائل، ولا بين الطاعات والمعاصي إلا نفار النفس ، وأنسها فقط.

فالسعيد من أنست نفسه بالفضائل والطاعات ، ونفر من الرذائل والمعاصي ، والشقي من أنست نفسه بالرذائل والمعاصي ، ونفرت من الفضائل والطاعات ، وليس هاهنا إلا صنع الله تعالى وحفظه.




طالب الآخرة ليفوز في الآخرة متشبه بالملائكة، طالب الشر متشبه بالشياطين،

طالب الصوت والغلبة متشبه بالسباع، وطالب اللذات متشبه بالبهائم،

وطالب المال لعين المال لا لينفقه في الواجبات والنوافل المحمودة أسقط وأرذل من أن يكون له في شيء من الحيوان شبه !

ولكنه يشبه الغدران التي في الكهوف، في المواضع الوعرة، لا ينتفع بها شيء من الحيوان.


فالعاقل لا يغتبط بصفه يفوقه فيها سبع أو بهيمة أو جماد ،

وإنما يغتبط بتقدمه في الفضيلة التي أبانه الله تعالى بها عن السباع والبهائم والجمادات، وهي: التمييز الذي يشارك فيه الملائكة.

فمن سر بشجاعته التي يضعها في غير موضعها لله عز وجل فليعلم أن النمر أجرأ منهن وأن الأسد والذئب والفيل أشجع منه ،

ومن سرسر بقوة جسمه، فليعلم أن البغل والثور والفيل أقوى منه جسماً ،

ومن سربحمله الأثقال ، فليعلم أن الحمار أحمل منه ،

ومن سر بسرعة عدوه ، فليعلم أن الكلب والأرنب أسرع عدواً منه ،

ومن سر بحسن صوته، فليعلم أن كثيراً من الطير أحسن صوتاً منه، وأن أصوات المزامير ألذ وأطرب من صوته، فأي فخر وأي سرور في ما تكون فيه هذه البهائم متقدمة عليه.



رأيت أكثر الناس إلا من عصم الله تعالى ـ وقليل ما هم ـ يتعجلون الشقاء والهم والتعب لأنفسهم في الدنيا، ويحتقبون عظيم الإثم الموجب للنار في الآخرة بما لا يحظون معه بنفع أصلاً ! : من نيات خبيثة يضبون عليها من تمني الغلاء المهلك للناس وللصغار ، ومن لا ذنب له ،

وتمني أشد البلاء لمن يكرهونه ، وقد علموا يقيناً أن تلك النيات الفاسدة لا تعجل لهم شيئاً مما يتمنونه أو يوجب كونه.

وإنهم لو صفوا نياتهم وحسنوها ، لتعجلوا الراحة لأنفسهم ، وتفرغوا بذلك لمصالح أمورهم ، ولا قتنوا بذلك عظيم الأجر في المعاد ، من غير أن يؤخر ذلك شيئاً مما يريدونه ، أو يمنع كونه.


فأي غبن أعظم من هذه الحال التي نبهنا عليها ، وأي سعد أعظم من التي دعونا إليها !!


ابن حزم الأندلسي (في مداواة النفوس)




يتبع..
تجدون الجزء الأول من هذه الدرر للإمام ابن حزم على هذا الرابط..



من روائع الحكمة للعلامة ابن حزم الأندلسي (في مداواة النفوس)



لابن حزم رحمه الله مخالفات لأهل السنة في العقيدة ، وله منهج معروف في الفقه ، والحديث .
2
686

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

*,كورن فليكس,*
*,كورن فليكس,*
شهيدة البحر

بااااارك الله سعواك و وفقك الى مايحب ويرضى

اختك / كورن فليكس
شهيدة البحر
شهيدة البحر
الفاضلة..كورن فليكس..

سعدتُ بمرورك..

لكِ اصدق الود..