يناير 23, 2003
لا يأتي رمضان.. إلا وأعاهد نفسي على أن أكون في هذا الرمضان كما أحب أن أكون وأن أعمل كأنني أموت غداً. وأن أتعبّد عبادة مودّع وأن أنسى الدنيا وملذاتها وأن وأن.. وينقضي رمضان فأسأل نفسي السؤال الأزلي المحمّل بالندم.. هل نزلت قطرة واحدة في صدري من ماء الله العذب الذي عاهدت نفسي أن أجعل منه نهراً يجري في صدري، لأسقي به عطش روحي. هل انجلت ظلمة من ظلمات كنت سأضيئها في رمضان بنور الله؟
كلما تذكرت أن الله عز وجل بلغ من الرحمة والكرم أنه يثيب على النوايا الحسنة كمن فعلها، ولا يحاسب على سيئها حتى تفعلها، كلما تذكّرت ذلك ظننت أن الله يقصدني ويعلم ضعفي وقلة حيلتي بين يديه.
اللهم اجعلني كبيراً في أعين خلقك، صغيراً في عين نفسي، عزيزاً عند خلقك، ذليلاً بين يديك، واجعلني ممن يحبونك وتحبهم.
اللهم ليس لي جارحة لا تشكوني إليك، وليس لي شكوى لا تأملني بك، يؤلمني تقصيري بحقك، فيغيّب الخوف منك كل وعي يدّعيه عقلي الضعيف، ولا أفيق إلا بأنك الغفور.. ولا أختار من الظلم إلا ظلم نفسي ظناً مني وأنا الفقير إليك إن هذه هي متعة الحياة.
أعوذ بك من كل حزن إلا من حزن تقصير بحقك، ومن كل ندم إلا ندمي لما أسلفت من عصيانك. اللهم لي ذنوب لا تستطيع حملها أكتافي، ولن يحمل عني وزري أي محب، فإن لم تكن لي فلن يكون إلا الخسران رفيقي. يستغفرك رسلك وأنبياؤك فكيف للهو الدنيا أن ينسينا يوم لقائك!!.
أستغفرك عدد ما أذنبت بحقك وبحق خلقك وبحق نفسي الضعيفة،
أستغفرك عدد ما أنساني الشيطان ذكرك، وعدد ما ألهتني الدنيا عن الرجوع إليك، وقدر ما هجرت محكم تنزيلك في القول والعمل.
للعصيان أن يليق بي ولكن لا يليق بمقامك الجليل إلا الغفران، ولنسيانك أن يتملكني فلا تجزني إلا بالإحسان.
اللهم إني أفرش الآن ردائي الأبيض في صدري وأتوضأ بماء عيوني وأستقبل قبلتك وأسجد شكراً لما لا أستحقه منك، فقد قصرت ولم تقصّر ونسيتك ولم تنسني.
اللهم أذقني لذّة الخشوع وزدني لك خضوعاً وتقبل ذلي في السجود والركوع.
يا سبحان الله ... كتب هذا الموضوع وهولا يعلم انه سيكون فعلا اخر رمضان له في الدنيا
فهل لنا ان نعتبر قبل ان نكون عبرة لغيرنا ؟!!
اللهم أسالك بنور وجهك الكريم ان ترحم وتغفر لعبدك طلال وان توسع له في قبره وتدخله جنتك
اللهم ان عبدك طلال كان يدعوك في حياته ان تغفر له فتقبله واغفر له يا كريم ونقيه من الذنوب كما ينقى الثوب الابيض من الدنس
اللهم امين .. اللهم امين .. اللهم امين
عسوله