الجيل الجديد .

الجيل الجديد . @algyl_algdyd_1

عضوة شرف في عالم حواء

(ليلة في ضيافة شيخنا العلامة محمد إسرائيل الندوي رحمه الله)

الملتقى العام

‏قصة عجيبة وقعت مع الشيخ المحدّث ‎محمد إسرائيل_الندوي السلفي - رحمه الله -
تذكرك بالرعيل الأول من المحدّثين الصابرين المحتسبين في سبيل نشر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته.
(ليلة في ضيافة شيخنا العلامة محمد إسرائيل الندوي رحمه الله)

رحم الله شيخنا العلامة المحدث الزاهد الورع محمد إسرائيل السلفي الندوي، أمير جماعة أهل الحديث في ولاية هريانة، وصاحب المدرسة المحمدية،
الذي وافته المنية صباح هذا اليوم الثلاثاء ١٤٤٠/١٠/٢٩ عن عمر يزيد عن ٨٧ عاماً فقد كان ‏علماً من أعلام الأمة علماً وعملاً وسلوكاً علَامة بارزة مضيئة ضمن كوكبة أعلام الهند الأجلاء علمٌ غزير وتواضعٌ جم وصمتٌ مهيب شرفتُ بالتتلمذ عليه والاستجازة منه رحمه الله رحمة واسعة.
وإن عنّ لي أتحدث عن شيخنا رحمه الله فسأتحدث عن يوم وليلة قضيتها بصحبته وبين يديه وناظريه ساعات ‏قليلة ولكنها دروس وافرة ومستفيضة في العلم والدعوة والإجلال لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ساعات دلت على مآثر عجيبة ومناقب عظيمة وإن كان كل ذلك قد بان واتضح خلال ساعات قليلة فما الظن بحياة طويلة مديدة لا شك ولا ريب أنها ساقية ضئيلة من نهر كبيرٍ متدفقٍ عذبٍ هو شيخنا رحمه الله
‏وسأتحدث بما رأته عيني وسمعته أذني وليس راءٍ كمن سمعا فقد عزمتُ على الرحلة إليه لأقرأ كتاب بلوغ المرام للحافظ ابن حجر بين يديه مشافهة لكون سنده لهذا الكتاب من مفاخر الرواية في هذا العصر
وكنت ضيفاً عليه ببلدته بلدة ميوات بإقليم هريانا بالهند فوصلت إليه ليلة الأربعاء الموافق ‏١٤٣٨/٢/٢٣ عند العاشرة ليلاً فسلمت عليه وجلست معه قليلا في غرفته المتواضعة التي بها أربعة من الدواليب المليئة بالكتب وبها سريرين متواضعين اثنين من الخشب ثم استئذنته بعد لقائه في الذهاب إلى المسجد لكي أنام ويكون اللقاء بيننا بعد صلاة الفجر فرفض وأصر علي أن انام معه في غرفته فما ‏كان مني إلا أن استجبت لطلبه وأمره في إعجاب مني لهذا التواضع الكبير من هذا العالم الجليل
وأخذت معه في الحديث والمذاكرة في بعض المسائل وهو يجيب جواب العالم كأنه يقرأ من كتاب ويأتي ببعض الكتب من الطبعات الهندية القديمة فيفتح على موطن النقاش على وجه السرعة وكأنه قريب عهد بهذه ‏المسألة مع مافي الطبعات الهندية القديمة من الصعوبة في البحث،
واستمر حديثنا إلى الثانية عشر بعد منتصف الليل ثم أخبرني أن السراج سينطفئ بعد قليل وانطفأ السراج البسيط بعد قليل كما ذكر
فقال لي: ننام، فاستلقى رحمه الله على سريره وتغطى ببطانيته وأنا أيضا على سريري بين نائم ومستيقظ ‏أرقب شيخنا وهو في كل تقلبه يذكر الله الى أن استيقظ عند الثالثة والنصف فقلت له: هل أذن الفجر ؟ فقال: لا ولكن الآن صلاة التهجد فصلى رحمه الله ما كتب الله له إلى أن طلع الفجر وخرجنا لصلاة الفجر وبعدها عدنا إلى غرفته وجاء ببعض الخبز والحليب
وقال: نبدأ الآن في قراءة كتاب بلوغ المرام ‏فافتتحت القراءة وهو يعلق ويصحح ويناقش إلى الساعة التاسعة والنصف ثم قال نقف ونرتاح قليلا فوقفنا واستلقى الشيخ ونام ولم يخرج من غرفته ثم عاودنا القراءة عندالحادية عشرة قبل الظهر واستمرت القراءة
وعند الساعة الواحدة والنصف دخل ابنه ثناء حفظه الله وتحدث مع شيخنا بضع دقائق بلغتهم ‏الهندية ثم خرج وقال لي الشيخ اقرأ فواصلت القراءة إلى الثالثة إلا ربع وهي ساعة ختم الكتاب والحمد لله..
وفي أثناء القراءة يدخل بعض الرجال للسلام على شيخنا ويخرجون والشيخ متواصل في تعليقه وتصحيحه ونقاشه على ذات النفس دون تغير أو اضطراب ..
وبعد أن تم الختم دخل ابنه ثناء وقال لي ‏إن أمي توفيت فصدمت من الخبر وقلت له هل علم الوالد بهذا الخبر فقال نعم أخبرته عندما دخلت عليكم أثناء القراءة فقال لي: رحمها الله وعظم الله أجرك ولن أوقف حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يختم هذا الطالب الكتاب كاملا وانتظروا حتى يكمل،
وحينها التفت إلى شيخنا وعانقته ‏وقبلت جبينه وعزيته وأبديت له أسفي واعتذاري وعتبي أنه لم يوقفني لهذا الخطب الجلل فأجابني بما أجاب به ابنه ثناء وقال: الحمد لله، فما كان مني في هذا الظرف الحرج إلا ان ودعته للسفر بعد إصراره الكبير ألا أوخر رحلتي لأجل الصلاة معهم..
وخرجت من غرفته وإذا بفناء الدار كاملاً قد امتلأ ‏بالناس ذكوراً في جهة وإناثاً في جهة أخرى كل هؤلاء قد وجّه شيخنا رحمه الله أن ينتظروا إجلالاً وإكراماً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أكمل فازداد العجب والاندهاش من هذا التصرف من شيخنا رحمه الله ..
وخرج معي ابنه ثناء مودعاً وفي نفسي سؤالات كثيرة تريد إجابة فقد جاء في خاطري ‏ان أمه تسكن في مكان آخر غير بيت الشيخ وهذا من أسباب عدم خروجه إليها، وجاء في خاطري انها مريضة وفي المشفى ونحو هذه الأسئلة فسألت الأخ ثناء عن ذلك فقال: بل هي في الغرفة المجاورة للشيخ وهي لاتنام إلا في غرفته ولكن الشيخ آثرك بمكانها البارحة، فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون وكررت ‏مزيد أسفي للأخ ثناء، ألا فرحم الله شيخنا وغفر له وأنزله منازل الصالحين وجمعنا به في مستقر رحمته ودار كرامته وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء
‏ والحديث عن هذا العلم البارز يطول وحسبي هذه الومضة من سجله الكبير الحافل).
وكتبه
الفقير إلى عفو ربه
د. محمد بن محسن الديباجي
جده ١٤٤٠/١٠/٢٩
2
438

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

عآشقة..
عآشقة..
الجيل الجديد .
الجيل الجديد .
واياك 🌹