ورده الجوري @ordh_algory
فريق الإدارة والمحتوى
-{✿.... لينـ ـ ـا وجلستـ✿ـها الصباحيه ....✿}
في صباح الاثنين الفضيل
ومع نسمات الصباح الباردة
وشروقه شمسه الرائعة
استيقظت لينا الحبيبه
واثناء جلستها السعيده
بجانب قهوتها الصباحيه
اخذت تقلب صفحات الماضي
وتحاسب نفسها على كل تقصير
وتسعد بكل خير عملته,,
بدات تسال نفسها لتحاسب حالها
وتبحث عن كل زاد يسعدها في دنياها واخرتها
ليغفر الله فيها ذنوبها ويرفع الله حسناتها‘‘
..ماهي افضل القربات الى الله؟؟
فلم تعرف الاجابه
فقررت البحث في مكتبتها
فوجدت مرادها
فسالت نفسها؟؟
هل انا من المتصدقين؟
فوجدت نفسها قليلة التصدق!!
فحزنت لهذا الامر.
رغم عظم اجره!
فقررت القراءه عن هذا العمل الجليل.
وذالك الذخر الغالي!
لتعين نفسها على الخير
فوجدتـ ماتريد هنا ‘‘
..,✿
106
13K
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصاً على الصدقة، مسارعاً إليها، فقد روى البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه:
عن عقبة بن حارث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم العصر فأسرع،
ثم دخل البيت، فلم يلبث أن خرج، فقلت، أو قيل له -أي: عن سبب هذا الإسراع-
فقال: كنت خلّفت في بيتي تبراً من الصدقة، فكرهت أن أبيته فقسمته)
أراد أن يتخلص من هذا الذهب الباقي.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم حاثاً على الإسراع فيها: (تصدقوا؛ فإنه يأتي عليكم زمانٌ
يمشي الرجل بصدقته فلا يجد من يقبلها، يقول الرجل المعطى: لو جئت بها بالأمس لقبلتها، فأما اليوم فلا حاجة لي بها)
هذا في بعض الأزمنة يسود الرخاء، فلا يأخذ الناس الصدقات.
وكذلك حث النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة قبل أن يأتي الموت،
فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم،
فقال: (يا رسول الله، أي الصدقة أعظم أجراً؟ قال:
أن تصدق وأنت صحيحٌ شحيحٌ تخشى الفقر وتأمل الغنى،
ولا تمهل -لا تؤجل- حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان: كذا وكذا، ولفلان: كذا وقد كان لفلان)
إذا بلغت الروح الحلقوم صار المال من حق الورثة، وتعينت أنصبتهم ومقاديرهم وصار المال لهم، الآن إذا بلغت الروح الحلقوم قلت:
أعطوا هذا وأعطوا هذا وأنفقوا هنا وهناك، خير الصدقة أن تتصدق وأنت صحيح لست مريضاً ولا على فراش الموت، شحيح،
أي: تخشى الفقر وتأمل الغنى، ويكون فيك حرص على المال،
ومع ذلك تنفق في سبيل الله سبحانه وتعالى.
كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حريصين كل الحرص على الصدقة، حتى أن أحدهم كان إذا ما وجد مالاً يتصدق به؛
يذهب إلى السوق يشتغل حمالاً لكي يتصدق من الأجرة. قال البخاري رحمه الله في كتاب الإجارة، باب:
من أجر نفسه ليحمل على ظهره ثم تصدق به وأجرة الحمال.
وقال أبو مسعود الأنصاري: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمرنا بالصدقة انطلق أحدنا إلى السوق فيحامل
-يعمل حمال- فيصيب المد -أجرة الحمال- لكي يتصدق به، ثم قال أبو مسعود الأنصاري رضي الله عنه:
وإن لبعضهم لمائة ألف -أي: بعد الفتوحات- ما تراه إلا نفسه).
أي: أنه قصد نفسه، كان يذهب إلى السوق ويعمل حمالاً ويتصدق وهو اليوم فتح عليه ما فتح وصار له مائة ألف.
وينبغي على الإنسان المتصدق أن يراقب وجه الله، ولا يبالي بمن يتكلم عليه من الناس،
فالمنافقون تكلموا على المتصدقين من المؤمنين،
ففي حديث أبي مسعود المتقدم (لما نزلت آية الصدقة كنا نحامل، فجاء رجل فتصدق بشيء كثير،
فقال المنافقون: مرائي، وجاء رجل وتصدق بصاع؛ شيء قليل،
فقالوا: إن الله لغني عن صاع هذا، فنزلت: (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ )
يعني: المتطوعين (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ
فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ )
سخر الله من هؤلاء المنافقين.
كان الصحابة رضوان الله عليهم يسارعون في الصدقة رجالاً ونساءً،
ولما حثهم الرسول عليه الصلاة والسلام على الصدقة جاء رجلٌ بصرة
كادت كفه أن تعجز عنها بل قد عجزت.
وتتابع الناس بالصدقات، وجهز عثمان جيش العسرة، وحصلت أشياء كثيرة جداً من الصحابة مما سبقونا
نحن المسارعة في الإنفاق بالقليل والكثير، حتى تصدق أبو بكر بماله كله، وتصدق عمر بنصف ماله،
المهم أنه لا يستطيع منا أحد اليوم أن يتصدق بماله كله ولا حتى نصف ماله إلا نادراً جداً من يفعل ذلك، وهذا من أسباب تفوق الصحابة علينا.
والنساء كن أيضاً إذا حثهن النبي صلى الله عليه وسلم
ووعظهن يسارعن بذلك، كما جاء في خطبة العيد في صحيح الامام البخاري:
(ثم خطب، ثم أتى النساء فوعظهن وذكرهن وأمرهن أن يتصدقن،
فجعلت المرأة تهوي بيدها إلى حلقها تلقي في ثوب بلال.
وفي رواية: فجعلت المرأة تلقي القرط والخاتم وبلال يأخذ بطرف ثوبه).
إذاً: نساءً ورجالاً رضي الله عنهم كانوا يسارعون بالصدقات.
الصدقات فيها أولويات، فمثلاً: الصدقة على الأهل؛
هذه أولى من غيرها، إذا احتاج أهلك فهم أولى الناس،
ابدأ بنفسك ثم أهلك والأقرب فالأقرب،
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(أفضل الصدقة ما ترك غنىً، واليد العليا خيرٌ من اليد السفلى -
المعطي خيرٌ من الآخذ- وابدأ بمن تعول)
تقول المرأة: إما أن تطعمني أو تطلقني،
ويقول العبد: أطعمني واستعملني،
ويقول الابن: أطعمني إلى من تدعني،
فقالوا: يا أبا هريرة راوي الحديث،
سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال: أبي هريرة].
هذا الجزء الثاني من الحديث.
والنفقة على الأهل بعض الناس يغفلون عن أنها صدقة يؤجر عليها الإنسان،
وقد قال صلى الله عليه وسلم: (نفقة الرجل على أهله صدقة).
ولما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصدقة
جاءت امرأة عبد الله بن مسعود إليه،
فقالت له: إنك رجلٌ خفيف ذات اليد -فقير-
وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالصدقة،
فأته فاسأله، فإن كان ذلك يجزي عني وإلا صرفتها إلى غيركم -
إذا كان يجزي أن أعطيك صدقتي أعطيتك إياها يا زوجي،
وإلا صرفتها إلى غيركم- فقالت: قال لي عبد الله :
بل ائتيه أنت -استحيا أن يسأل-
قالت: فانطلقت فإذا امرأة من الأنصار بباب
رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجتها حاجتي،
وكان صلى الله عليه وسلم قد ألقيت عليه المهابة،
فخرج علينا بلال ، فقلنا له: ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأخبره أن امرأتين بالباب تسألانك:
أتجزأ الصدقة عنهما إلى أزواجهما وعلى أيتامٍ في حجورهما
ولا تخبره من نحن؟ قالت: فدخل بلال
على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله؟
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(من هما؟ فقال: امرأة من الأنصار و زينب،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الزيانب؟
قال: امرأة عبد الله بن مسعود -
حتى يعرف حال الزوج من هو- فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لهما أجران؛ أجر القرابة وأجر الصدقة).
إذاً: إذا تصدق الإنسان يبدأ بفقراء أهله فيتصدق عليهم،
وقد حدث أن ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها أعتقت
وليدة في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال لها: (لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك).
ومما يرتبط بهذا الموضوع أيضاً وبموضوع الإنفاق من أعز شيء على الإنسان
وأنفسها عنده وأثمنها لديه حديث أبي طلحة
رضي الله عنه؛ كان أبو طلحة أكثر الأنصار بـالمدينة مالاً،
وكان أحب أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد؛
هذا البستان العظيم ذو الثمار الطيبة،
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب،
فلما نزلت: (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ )
كان سرعة التفاعل من ميزات الصحابة، تنزل الآية من هنا يكون تصرف تلقائياً.
قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فقال:
وإن أحب أموالي إلي بيرحاء -أعز ما عندي من الأموال، وأثمن ما عندي بيرحاء-
وإنها صدقة لله، فضعها يا رسول الله حيث شئت].
الواحد منا قد يتصدق بالشيء النفيس، لكن قد يضعه في غير محله،
فإذا جاء أهل العلم دلوه، أو عهده إليهم ووكلهم،
وقال: هذا ضعوه بمعرفتكم يا أهل العلم.
جاء هذا إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فأعجب النبي صلى الله عليه وسلم بذلك،
فقال: (بخٍ بخ -هذه كلمة مدح- ذاك مالٌ رائح -وفي رواية: رابح-)
فإذا وضعته أنت الآن في هذا الشيء لا ينفد بل يصبح باقٍ لك عند الله.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم لـأبي طلحة :
(قد سمعت ما قلت فيها، وأرى أن تجعلها في الأقربين.
قال: أفعل يا رسول الله! فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه).
إذاًَ: الإنسان عندما يضع الصدقة يبدأ بالأقرب فالأقرب فإنهم أولى بالمعروف،
وإذا كانوا فقراء تصبح صدقة وصلة، وإذا كانوا أغنياء ذهب إلى الفقراء والمحتاجين.
يظن بعض الناس أن الصدقة هي الصدقة المالية فقط،
ولكن الحقيقة أن الصدقة أنواع كثيرة جداً،
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لفقراء الصحابة لما جاءوه:
(يا رسول الله! ذهب أهل الدثور بالأجور؛ يصلون كما نصلي،
ويصومون كما نصوم، ويتصدقون من فضول أموالهم.
قال: أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون؟ إن لكم بكل تسبيحةٍ صدقة،
وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة،
وأمرٌ بالمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة.
قالوا: يا رسول الله! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟!
قال: أرأيتم لو وضعها في الحرام أكان عليه وزر؟
فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر)
رواه الإمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه .
وقد وردت نصوص كثيرة في أنواع الصدقات.
فمما اختصرته لكم من هذه الروايات من أنواع الصدقات:
الكلمة الطيبة، عون الرجل أخاه على الشيء، الشربة من الماء يسقيها،
إماطة الأذى عن الطريق، الإنفاق على الأهل وهو يحتسبها،
كل قرض صدقة، القرض يجري مجرى شطر الصدقة،
المنفق على الخيل في سبيل الله، ما أطعم زوجته، ما أطعم ولده،
تسليمه على من لقيه، التهليلة، التكبيرة، التحميدة، التسبيحة، الأمر بالمعروف،
النهي عن المنكر، إتيان شهوته بالحلال، التبسم في وجه أخيه المسلم،
إرشاد الرجل في أرض الضلال؛ إذا تاه رجل وضل الطريق،
ما أطعم خادمه، ما أطعم نفسه، إفراغه من دلوه في دلو أخيه،
الضيافة فوق ثلاثة أيام، إعانة ذي الحاجة الملهوف، الإمساك عن الشر،
قول: أستغفر الله، هداية الأعمى، إسماع الأصم والأبكم حتى يفقه،
أن تصب من دلوك في إناء جارك، ما أعطيته امرأتك،
الزرع الذي يأكل منه الطير أو الإنسان أو الدابة،
ما سرق منه فهو صدقة، وما أكله السبع فهو صدقة،
إنظار المعسر بكل يومٍ له صدقة، تدل المستدل على حاجةٍ قد علمت مكانه،
تسعى بشدة ساقيه إلى اللهفان المستغيث،
ترفع بشدة ذراعيك مع الضعيف، كل ما صنعت إلى أهلك،
النخاعة في المسجد تدفنها، تعدل بين اثنين،
تعين الرجل على دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه،
كل خطوة تخطوها إلى الصلاة، التصدق على المصلي لكي تكون جماعة
من يتصدق على هذا، إذا منحت منحة أعطيته إياها غدت
بصدقة وراحت بصدقة صبوحها وغبوطها؛
ما يحلم في الصباح وما يحلم في المساء؛ هذه بعض أنواع الصدقة.
والمتأمل لها يجد أنها على نوعين،
الصدقات الغير مالية هذه على نوعين: الأول:
ما فيه تعدية الإحسان إلى الخلق يكون صدقة عليه،
مثل: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إقراء القرآن، تعليم العلم، إزالة الأذى عن الطريق، نفع الناس،
استعمال وجاهة تكفيه أو شفاعة حسنة لنفع مسلم، الدعاء للمسلمين، الاستغفار لهم، هذا نفعه متعدي، وقد يكون أفضل من الصدقة بالمال.
النوع الثاني: ما نفعه قاصرٌ على فاعله، مثل: التكبير، والتسبيح، والتحميد، والتهليل، والاستغفار،
والمشي إلى المساجد.. وغير ذلك.
إذاً: كل ما كان نفعه متعدٍ أكثر؛ كلما كان زيادة في الأجر، وكلما كان شرفه وفضله أكثر؛ فهو أيضاً زيادة في الأجر،
فإن الذي يمشي إلى الصلاة بكل خطوة يخطوها حسنة تكتب، وسيئة تمحى، ودرجة ترفع.
الشيخ محمد المنجد .
✿]
عن عقبة بن حارث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم العصر فأسرع،
ثم دخل البيت، فلم يلبث أن خرج، فقلت، أو قيل له -أي: عن سبب هذا الإسراع-
فقال: كنت خلّفت في بيتي تبراً من الصدقة، فكرهت أن أبيته فقسمته)
أراد أن يتخلص من هذا الذهب الباقي.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم حاثاً على الإسراع فيها: (تصدقوا؛ فإنه يأتي عليكم زمانٌ
يمشي الرجل بصدقته فلا يجد من يقبلها، يقول الرجل المعطى: لو جئت بها بالأمس لقبلتها، فأما اليوم فلا حاجة لي بها)
هذا في بعض الأزمنة يسود الرخاء، فلا يأخذ الناس الصدقات.
وكذلك حث النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة قبل أن يأتي الموت،
فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم،
فقال: (يا رسول الله، أي الصدقة أعظم أجراً؟ قال:
أن تصدق وأنت صحيحٌ شحيحٌ تخشى الفقر وتأمل الغنى،
ولا تمهل -لا تؤجل- حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان: كذا وكذا، ولفلان: كذا وقد كان لفلان)
إذا بلغت الروح الحلقوم صار المال من حق الورثة، وتعينت أنصبتهم ومقاديرهم وصار المال لهم، الآن إذا بلغت الروح الحلقوم قلت:
أعطوا هذا وأعطوا هذا وأنفقوا هنا وهناك، خير الصدقة أن تتصدق وأنت صحيح لست مريضاً ولا على فراش الموت، شحيح،
أي: تخشى الفقر وتأمل الغنى، ويكون فيك حرص على المال،
ومع ذلك تنفق في سبيل الله سبحانه وتعالى.
كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حريصين كل الحرص على الصدقة، حتى أن أحدهم كان إذا ما وجد مالاً يتصدق به؛
يذهب إلى السوق يشتغل حمالاً لكي يتصدق من الأجرة. قال البخاري رحمه الله في كتاب الإجارة، باب:
من أجر نفسه ليحمل على ظهره ثم تصدق به وأجرة الحمال.
وقال أبو مسعود الأنصاري: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمرنا بالصدقة انطلق أحدنا إلى السوق فيحامل
-يعمل حمال- فيصيب المد -أجرة الحمال- لكي يتصدق به، ثم قال أبو مسعود الأنصاري رضي الله عنه:
وإن لبعضهم لمائة ألف -أي: بعد الفتوحات- ما تراه إلا نفسه).
أي: أنه قصد نفسه، كان يذهب إلى السوق ويعمل حمالاً ويتصدق وهو اليوم فتح عليه ما فتح وصار له مائة ألف.
وينبغي على الإنسان المتصدق أن يراقب وجه الله، ولا يبالي بمن يتكلم عليه من الناس،
فالمنافقون تكلموا على المتصدقين من المؤمنين،
ففي حديث أبي مسعود المتقدم (لما نزلت آية الصدقة كنا نحامل، فجاء رجل فتصدق بشيء كثير،
فقال المنافقون: مرائي، وجاء رجل وتصدق بصاع؛ شيء قليل،
فقالوا: إن الله لغني عن صاع هذا، فنزلت: (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ )
يعني: المتطوعين (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ
فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ )
سخر الله من هؤلاء المنافقين.
كان الصحابة رضوان الله عليهم يسارعون في الصدقة رجالاً ونساءً،
ولما حثهم الرسول عليه الصلاة والسلام على الصدقة جاء رجلٌ بصرة
كادت كفه أن تعجز عنها بل قد عجزت.
وتتابع الناس بالصدقات، وجهز عثمان جيش العسرة، وحصلت أشياء كثيرة جداً من الصحابة مما سبقونا
نحن المسارعة في الإنفاق بالقليل والكثير، حتى تصدق أبو بكر بماله كله، وتصدق عمر بنصف ماله،
المهم أنه لا يستطيع منا أحد اليوم أن يتصدق بماله كله ولا حتى نصف ماله إلا نادراً جداً من يفعل ذلك، وهذا من أسباب تفوق الصحابة علينا.
والنساء كن أيضاً إذا حثهن النبي صلى الله عليه وسلم
ووعظهن يسارعن بذلك، كما جاء في خطبة العيد في صحيح الامام البخاري:
(ثم خطب، ثم أتى النساء فوعظهن وذكرهن وأمرهن أن يتصدقن،
فجعلت المرأة تهوي بيدها إلى حلقها تلقي في ثوب بلال.
وفي رواية: فجعلت المرأة تلقي القرط والخاتم وبلال يأخذ بطرف ثوبه).
إذاً: نساءً ورجالاً رضي الله عنهم كانوا يسارعون بالصدقات.
الصدقات فيها أولويات، فمثلاً: الصدقة على الأهل؛
هذه أولى من غيرها، إذا احتاج أهلك فهم أولى الناس،
ابدأ بنفسك ثم أهلك والأقرب فالأقرب،
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(أفضل الصدقة ما ترك غنىً، واليد العليا خيرٌ من اليد السفلى -
المعطي خيرٌ من الآخذ- وابدأ بمن تعول)
تقول المرأة: إما أن تطعمني أو تطلقني،
ويقول العبد: أطعمني واستعملني،
ويقول الابن: أطعمني إلى من تدعني،
فقالوا: يا أبا هريرة راوي الحديث،
سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال: أبي هريرة].
هذا الجزء الثاني من الحديث.
والنفقة على الأهل بعض الناس يغفلون عن أنها صدقة يؤجر عليها الإنسان،
وقد قال صلى الله عليه وسلم: (نفقة الرجل على أهله صدقة).
ولما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصدقة
جاءت امرأة عبد الله بن مسعود إليه،
فقالت له: إنك رجلٌ خفيف ذات اليد -فقير-
وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالصدقة،
فأته فاسأله، فإن كان ذلك يجزي عني وإلا صرفتها إلى غيركم -
إذا كان يجزي أن أعطيك صدقتي أعطيتك إياها يا زوجي،
وإلا صرفتها إلى غيركم- فقالت: قال لي عبد الله :
بل ائتيه أنت -استحيا أن يسأل-
قالت: فانطلقت فإذا امرأة من الأنصار بباب
رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجتها حاجتي،
وكان صلى الله عليه وسلم قد ألقيت عليه المهابة،
فخرج علينا بلال ، فقلنا له: ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأخبره أن امرأتين بالباب تسألانك:
أتجزأ الصدقة عنهما إلى أزواجهما وعلى أيتامٍ في حجورهما
ولا تخبره من نحن؟ قالت: فدخل بلال
على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله؟
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(من هما؟ فقال: امرأة من الأنصار و زينب،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الزيانب؟
قال: امرأة عبد الله بن مسعود -
حتى يعرف حال الزوج من هو- فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لهما أجران؛ أجر القرابة وأجر الصدقة).
إذاً: إذا تصدق الإنسان يبدأ بفقراء أهله فيتصدق عليهم،
وقد حدث أن ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها أعتقت
وليدة في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال لها: (لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك).
ومما يرتبط بهذا الموضوع أيضاً وبموضوع الإنفاق من أعز شيء على الإنسان
وأنفسها عنده وأثمنها لديه حديث أبي طلحة
رضي الله عنه؛ كان أبو طلحة أكثر الأنصار بـالمدينة مالاً،
وكان أحب أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد؛
هذا البستان العظيم ذو الثمار الطيبة،
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب،
فلما نزلت: (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ )
كان سرعة التفاعل من ميزات الصحابة، تنزل الآية من هنا يكون تصرف تلقائياً.
قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فقال:
وإن أحب أموالي إلي بيرحاء -أعز ما عندي من الأموال، وأثمن ما عندي بيرحاء-
وإنها صدقة لله، فضعها يا رسول الله حيث شئت].
الواحد منا قد يتصدق بالشيء النفيس، لكن قد يضعه في غير محله،
فإذا جاء أهل العلم دلوه، أو عهده إليهم ووكلهم،
وقال: هذا ضعوه بمعرفتكم يا أهل العلم.
جاء هذا إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فأعجب النبي صلى الله عليه وسلم بذلك،
فقال: (بخٍ بخ -هذه كلمة مدح- ذاك مالٌ رائح -وفي رواية: رابح-)
فإذا وضعته أنت الآن في هذا الشيء لا ينفد بل يصبح باقٍ لك عند الله.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم لـأبي طلحة :
(قد سمعت ما قلت فيها، وأرى أن تجعلها في الأقربين.
قال: أفعل يا رسول الله! فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه).
إذاًَ: الإنسان عندما يضع الصدقة يبدأ بالأقرب فالأقرب فإنهم أولى بالمعروف،
وإذا كانوا فقراء تصبح صدقة وصلة، وإذا كانوا أغنياء ذهب إلى الفقراء والمحتاجين.
يظن بعض الناس أن الصدقة هي الصدقة المالية فقط،
ولكن الحقيقة أن الصدقة أنواع كثيرة جداً،
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لفقراء الصحابة لما جاءوه:
(يا رسول الله! ذهب أهل الدثور بالأجور؛ يصلون كما نصلي،
ويصومون كما نصوم، ويتصدقون من فضول أموالهم.
قال: أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون؟ إن لكم بكل تسبيحةٍ صدقة،
وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة،
وأمرٌ بالمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة.
قالوا: يا رسول الله! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟!
قال: أرأيتم لو وضعها في الحرام أكان عليه وزر؟
فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر)
رواه الإمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه .
وقد وردت نصوص كثيرة في أنواع الصدقات.
فمما اختصرته لكم من هذه الروايات من أنواع الصدقات:
الكلمة الطيبة، عون الرجل أخاه على الشيء، الشربة من الماء يسقيها،
إماطة الأذى عن الطريق، الإنفاق على الأهل وهو يحتسبها،
كل قرض صدقة، القرض يجري مجرى شطر الصدقة،
المنفق على الخيل في سبيل الله، ما أطعم زوجته، ما أطعم ولده،
تسليمه على من لقيه، التهليلة، التكبيرة، التحميدة، التسبيحة، الأمر بالمعروف،
النهي عن المنكر، إتيان شهوته بالحلال، التبسم في وجه أخيه المسلم،
إرشاد الرجل في أرض الضلال؛ إذا تاه رجل وضل الطريق،
ما أطعم خادمه، ما أطعم نفسه، إفراغه من دلوه في دلو أخيه،
الضيافة فوق ثلاثة أيام، إعانة ذي الحاجة الملهوف، الإمساك عن الشر،
قول: أستغفر الله، هداية الأعمى، إسماع الأصم والأبكم حتى يفقه،
أن تصب من دلوك في إناء جارك، ما أعطيته امرأتك،
الزرع الذي يأكل منه الطير أو الإنسان أو الدابة،
ما سرق منه فهو صدقة، وما أكله السبع فهو صدقة،
إنظار المعسر بكل يومٍ له صدقة، تدل المستدل على حاجةٍ قد علمت مكانه،
تسعى بشدة ساقيه إلى اللهفان المستغيث،
ترفع بشدة ذراعيك مع الضعيف، كل ما صنعت إلى أهلك،
النخاعة في المسجد تدفنها، تعدل بين اثنين،
تعين الرجل على دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه،
كل خطوة تخطوها إلى الصلاة، التصدق على المصلي لكي تكون جماعة
من يتصدق على هذا، إذا منحت منحة أعطيته إياها غدت
بصدقة وراحت بصدقة صبوحها وغبوطها؛
ما يحلم في الصباح وما يحلم في المساء؛ هذه بعض أنواع الصدقة.
والمتأمل لها يجد أنها على نوعين،
الصدقات الغير مالية هذه على نوعين: الأول:
ما فيه تعدية الإحسان إلى الخلق يكون صدقة عليه،
مثل: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إقراء القرآن، تعليم العلم، إزالة الأذى عن الطريق، نفع الناس،
استعمال وجاهة تكفيه أو شفاعة حسنة لنفع مسلم، الدعاء للمسلمين، الاستغفار لهم، هذا نفعه متعدي، وقد يكون أفضل من الصدقة بالمال.
النوع الثاني: ما نفعه قاصرٌ على فاعله، مثل: التكبير، والتسبيح، والتحميد، والتهليل، والاستغفار،
والمشي إلى المساجد.. وغير ذلك.
إذاً: كل ما كان نفعه متعدٍ أكثر؛ كلما كان زيادة في الأجر، وكلما كان شرفه وفضله أكثر؛ فهو أيضاً زيادة في الأجر،
فإن الذي يمشي إلى الصلاة بكل خطوة يخطوها حسنة تكتب، وسيئة تمحى، ودرجة ترفع.
الشيخ محمد المنجد .
✿]
الصدقة قبل الرد، التي وردت في حديث شرحه القسطلاني على البخاري، يقول: الحث على الإسراع في إخراج الصدقة
خشية أن تظهر كنوز الأرض ويكثر المال، يسأل عن هذا الحديث والمقصود به؟
المعنى أنه يبغي للمؤمن أن يبادر بالصدقات قبل أن يأتي عليه زمان لا تقبل فيه الصدقة من أجل كثرة المال,
وظهوره بين الناس, وفيضانه بين الناس فإنه أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -
(أنه يأتي في آخر الزمان زمان يفيض فيه المال حتى لا يقبله أحد, حتى إن الرجل ليذهب بصدقته من الذهب أو الفضة لا يجد من يقبلها),
فالمقصود من هذا التحفيز على البدار بالصدقات مادام يوجد فقراء, مادام هناك فقراء يقبلونها,
قبل أن يأتي عليك زمان لا تجد فقيراً يقبلها, فينبغي للمؤمن أن يبادر بالصدقات إذا أوسع الله عليه مادام الفقراء موجودين. بارك الله فيكم
..✿..
عندما أذهب إلى بلدي في الإجازة آخذ معي بعض المصاحف، وآخذ فرشاً للمسجد، هل هذا يعتبر صدقة جارية،
وأيضاً أرجو أن تحدثوني كثيراً عن الصدقة الجارية ابتغاء مرضاة الله -سبحانه وتعالى-؟
نعم، المصاحف والكتب العلمية وفرش المسجد من الصدقات الجارية ما دامت ينتفع بها، وهكذا بناء المساجد من الصدقات الجارية،
وبناء المدارس لتدريس العلم الشرعي من الصدقات الجارية، وإصلاح الطرق للمسلمين من الصدقة الجارية، وهكذا توزيع الكتب
بين الناس، النافعة المفيدة من الصدقة الجارية، وهكذا إيقاف الأوقاف الشرعية في وجوه الخير يوقف بيتاً توقف غلته في
فقراء المسلمين أو في عمارة المساجد، أو في توزيع الكتب المفيدة والمصاحف كله من الصدقات الجارية، فالصدقة الجارية
تشمل الصدقة بالمال، وإيجاد الأوقاف الشرعية النافعة، وبناء المساجد، وجميع ما يبقى نفعه للمسلم، كله يسمى صدقة جارية
تكون هذه الصدقة باقية ما دام النفع، ما دام الانتفاع حاصلاً، ما دام الفراش ينتفع به, ما دام الكتاب ينتفع به, ما دام المصحف ينتفع به,
ما دام المسجد ينتفع به، وهكذا كله صدقة جارية، والمال الذي يبذل في سبيل الله من غلة الوقف من الصدقات الجارية.
..✿..
ماذا تعني كلمة الصدقة الجارية بالنسبة للميت، وكذلك العلم الذي ينتفع به؟
الصدقة الجارية يعني المستمرة التي تبقى بعد موت الشخص وتستمر حسب التيسير؛
لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعوا له)
فإذا سبَّل بيتاً مثلاً تصرف أجرته في أعمال الخير، والصدقة على الفقراء، في مساعدة طلبة العلم، في الحج في العمرة في الأضاحي
كل هذه صدقة جارية، أو سبل أرضاً تزرع الأشجار، تصرف الأجرة في أعمال الخير، أو دكاناً يعني حانوتاً يؤجر يصرف أجرته
في أعمال الخير، كل هذه صدقة جارية، وهكذا لو جعل في بيته شيئاً معلوماً قال: في بيتي كل سنة مائة ريال، أو ألف ريال
ويتصدق بها على الفقراء يبقى في البيت والورثة، وهكذا من صار إليه البيت ولو بالشراء يخرج من هذه الصدقة الجارية،
وأما العلم النافع معناه تعليم الطلبة تعليم الناس العلم، فالطلبة الذين يخلفهم ينتفع بتعليمهم الناس، يكون له أجر بتعليمه الناس،
وانتفاعهم بالعلم هم أيضاً انتفاعهم بالعلم وكذلك نفعه للناس بالعلم بالإفتاء والتعليم والتذكير ونحو ذلك يكون له أجرٌ في ذلك،
لهم أجر وله أجر؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (من دل على خير فله مثل أجر فاعله) فهو له أجر التعليم والدلالة،
ولهم أجرهم أيضاً بالتعليم والدلالة على الخير، وفضل الله واسع، هكذا لو خلف مؤلفات نافعة، هو من تعليم العلم أيضاً،
الأئمة الذين خلفوا كتباً نافعة أجرهم باقي كالبخاري ومسلم وأبي داوود والترمذي والنسائي وغيرهم، لهم أجر
هذه الكتب النافعة التي خلفوها رحمة الله عليهم، وهكذا كل مسلم يؤلف كتاباً نافعاً مفيداً ينفع الناس له أجر. جزاكم الله خيراً،
من ورث مكتبته سماحة الشيخ، أو أهداها إلا إحدى دور العلم مثلاً؟ كذلك إذا كان عنده مكتبة فيها كتب نافعة مفيدة
وجعلها في المكتبات العامة النافعة، أو وقف عليها شيئاً من ماله، وكل عليها من يلاحظها ويعتني بها يفتحها للناس يكون له أجر ذلك. جزاكم الله خيراً
..✿..
هل تجوز الصدقة على المساجد؟
نعم، الصدقة على المساجد، طيب، عمارة المساجد من أفضل القربات، إذا كانت صدقة تطوع من غير الزكاة،
فإذا بنى مساجد أو رممها أو كمل نقصها أو فرشها فهذا عمل صالح وقربة إلى الله عز وجل، لكن من غير الزكاة،
أما الزكاة فتكون في الأصناف الثمانية، المذكورة في قوله سبحانه: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين
عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل، في سبيل الله هم المجاهدون.
..✿..
هل يمكن أن يشيد الإنسان صدقة جارية ويهبها لأحد الأصدقاء أو الأقرباء غير الأب
والأم وهل يمكن أن يصل أجرها إليه؟
قول السائل أن يشيد صدقة جارية معنى التشييد لم أفهمه, فإن كان المراد بالتشييد التسبيل والتوقيف بأن يسبل ويوقف
ويحبس قرضاً تكون صدقة جارية, أو عمارة تكون صدقة جارية, أو دكان يعني حانوت يكون صدقة جارية
هذا لا بأس يسبله ويجعل غلته لأبيه, أو أمه, أو أقاربه تنفعهم، الصدقة تنفع الميت والحي جميعاً, أو يجعل غلته في إصلاح المساجد,
أو في مواساة الفقراء والمحاويج, أو في قضاء دين المدينين, أو في بناء أرفقة للفقراء وما أشبه ذلك هذه يقال لها صدقة جارية،
ويقال لها وقف،ويقال لها إسبال, ويقال لها حبس، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله
إلا من ثلاث صدقة جارية, أو علم ينتفع به, أو لد صالح يدعو له)، أما إن كان المراد بالتشييد الإخراج يعني البلوغ إجمالاً المال يعني يخرج نقود,
أو طعام, أو ملابس من ماله يتصدق به على بعض أصدقائه, أو على بعض أقربائه, أو على بعض جيرانه المحتاجين, أو على غيرهم فكذلك
لا بأس بهذا، والأجر يلحق، الأجر يلحق الميت والحي، إذا أخلصها لله ونوى التقرب إلى الله بذلك فإنه ينفعه ما أخرجه من نقود, أو ملابس,
أو أطعمة, أو لحوم إذا أعطاها بعض الفقراء, أو بعض الأصدقاء للتقرب إلى الله, أو لأنه فقير, أو ما أشبه ذلك من الأسباب الشرعية
كل هذا ينفع الميت والحي.
✿]
الصفحة الأخيرة
فقال: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ )
وصلى الله وسلم على نبينا محمد الذي أمرنا بالصدقة وحثنا عليها،
فقال في خطبته: أما بعد:
فإن الله أنزل في كتابه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ.. )
إلى آخر الآية،
وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ )
إلى قوله تعالى: (هُمُ الْفَائِزُونَ )
ثم قال عليه الصلاة والسلام: تصدقوا قبل أن تصدقوا؛ تصدق رجل من ديناره، تصدق رجل من درهمه،
تصدق رجل من بره،تصدق من تمره، من شعيره، لا تحقرن شيئاً من الصدقة ولو بشق تمرة) رواه مسلم.
آداب الصدقة: فإن الله سبحانه وتعالى يقول في آدابها وشروطها،
وما يتقبل منها: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ
مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ )
،
وقال عز وجل: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) ،
وقال تعالى: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) ،
وقال سبحانه: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ )
.
هذه الدعوة من الله (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً )
إذا علم المقرض أن المقترض مليء غني ووفي ومحسن؛
كان ذلك أدفع له للصدقة، وأطيب لقلبه ولسماحة نفسه..
إذا علم المقرض أن الذي اقترض منه مليء، فهذا يدفعه إلى الصدقة..
إذا علم أن الذي يقترض منه يتاجر له فيها، وينميها له، ويثمرها حتى تصير أضعافاً مما كانت
قبل سيكون بالقرض أسمح وأسمح، فإذا علم أن المقترض مع ذلك سيزيده من فضله ويعطيه أجراً
آخر غير القرض الذي اقترضه، ليس فقط يرده إليه ويضاعفه وينميه وإنما سيعطيه شيئاً إضافياً عليه،
لا شك أنه سيكون في ثقة وضمان، وأنه سيندفع إليها أكثر وأكثر،
والله سبحانه وتعالى هنا قد أخبر: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ )
من المقترض؟ الله.
هذه منة منه سبحانه وتعالى على عباده: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ )
ينميه ويثمره الغني ثم يعطيه،
بالإضافة إلى ذلك أجر آخر غير أجر الصدقة (فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ )
غير الصدقة له أجر كريم.
والله عز وجل قد بيَّن لنا في هذه الآيات -التي سبق ذكرها-
آداب الصدقة:
أولاً: أن تكون من مالٍ طيب لا رديء
ولا خبيث. ثانياً: أن تخرج طيبةً بها نفس المتصدق يبتغي بها مرضات الله.
ثالثاً: ألا يمن بها ولا يؤذي. قال سبحانه: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ
مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ )) ،
(( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً ))
(إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً ) .
فتأمل..
هذه الآداب الثلاثة:
الأول: يتعلق بالمال أن يكون طيباً.
الثاني: يتعلق بالمنفق بينه وبين الله،
أن يكون مبتغياً مرضات الله طيبةً بها نفسه.
الثالث: شيء يتعلق بينه وبين الآخذ، وهو ألا يمن ولا يؤذي.
قال الله سبحانه وتعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )
،
فالله عز وجل بين صورة المضاعفة هنا، فقال: (كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ )
سنابل من جموع الكثرة، ومع أنها سبع، لكنه قال:
(سَنَابِلَ) استعمل جموع الكثرة،
وفي قصة يوسف قال: (وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ
يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ )
سنبلات من جموع القلة، فاستعمل في السبع هنا في الرؤيا جمع القلة؛
لأنه لا مبرر للتكثير مع أنه سبع هنا وسبع هناك، لكن في السبع
التي في آية الصدقة، قال عز وجل: (أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ )
جمع كثرة (فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ )
لأن المقام مقام تكثير وتضعيف،
فالسبع في مائة سبعمائة، وغير السبعمائة أضعاف كثيرة فوق السبعمائة.
وقال الله سبحانه وتعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ )
ما هو المشبه؟
(الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ )
شبهوا بأي شيء؟ ما هو المشبه به؟
الحبة.
إذاً: شبه المنفق بالحبة، مع أن المثل فيه منفق ونفقة وباذر وبذرة،
فاختار المنفق من الشق الأول، والبذرة من الشق الثاني،
واختار من كل شقٍ من المثل أهمه، مع أنه هنا يوجد منفق ونفقة،
لكن المهم هو المنفق (يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ الله )
واختار هنالك البذرة؛ لأنها هي التي تنمو وتكثر،
ولا يهم من الذي بذرها بالنسبة للمثل، فاختصره وجاء به في غاية البلاغة.
أما بالنسبة للصدقة: فإن الصدقة لا شك أنها من الأشياء التي حثَّت عليها الشريعة، والتي كان النبي عليه الصلاة والسلام يدخلها في دعوته،
حتى إن هرقل لما سأل أبا سفيان
عن دعوة النبي عليه الصلاة والسلام أخبره أنه يأمر بالصلاة، والصدقة، والعفاف، والوفاء بالعهد، وأداء الأمانة، حتى إن هرقل قال: هذه صفة نبي. والصدقة منة من الله، ولذلك قال الصحابة:
والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
فمن وفقه الله للدين الذي يوعز له بالصدقة؛ فإنه من الله حتى لو تصدقنا نحن، فالمنة لله؛ فالذي وفقنا إليها ومكننا منها، ورزقنا ما نتصدق به هو الله سبحانه وتعالى. ثم إن الصدقة لها باب خاص في الجنة، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أنفق زوجين في سبيل الله -من أي شيء- نودي من أبواب الجنة: يا عبد الله، هذا خير؛ ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: فمن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة) المكثر من الصدقة يدعى من باب الصدقة. نقول: الزكاة واجبة، والصلاة واجبة، والصيام واجب، لكن المكثر من صيام النافلة يُدعى من باب الريان، والمكثر من صلاة النافلة يدعى من باب الصلاة، والمكثر من صدقة النافلة بالإضافة إلى الزكاة يدعى من باب الصدقة. والله سبحانه وتعالى أمرنا أن ننفق من الطيبات، فقال عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ )
،
وقد عنون البخاري رحمه الله على هذه الآية، باب: صدقة الكسب والتجارة. إذاً: إذا كان الكسب طيباً؛ تكون الصدقة عظيمة، وأطيب الكسب ما عمله الإنسان بيده،
قال صلى الله عليه وسلم: (كل بيع مبرور) والزراعة، والتجارة الحلال كل هذه مغانم (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً )
لا تتنازل به المرأة للرجل (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً )
.
الأبواب التي يحصل بها الناس على الأموال كثيرة؛ كلما كانت أطيب وأبعد عن الشبهة؛ كان الإنفاق منها أحسن وأجود وأكثر أجراً.
✿]