تِلك كانت بداية النهاية في قصة حفل زفاف "أيمن سمور" الذي وافته المنية قبل الحفل بسويعات، والتفاصيل تجدونها في السياق التالي:
فرحة ضائعة
بدأ الخوف يتسلل إلى قلب إسراء العصار "عروس أيمن".. تُرى لماذا تصرخ عمتي؟!, هل حدث أي مكروه لوالدي..؟! بتلك الكلمات أكملت إسراء حديثها والدموع تنهمر من عينيها ألماً على ما حل بها يوم زفافها لتقول:"لم أدخل باب بيتي بعد فإذا بأخي الأكبر يحضنني بشدة ويبكي، واتبعته شقيقاتي اللواتي أخذن يبكين معي.. رحت أصرخ بوجههم وأسأل:"هل جرى لوالدي شيء؟..".
وعلى وقع تلك الدموع التي ذرفتها ألماً دخل والدها.. تنهدت حينها تنهيدة طويلة وقالت: "الحمد لله والدي بخير".
وتتابع إسراء:"استعدت صوابي حينها، وقلت: "هل حدث أي مكروه لأيمن؟ أخبروني؟" .. والكل من حولي يشهق بالبكاء والنحيب, عرفت حينها أن الموت كان نصيبه، ولما تأكد لي الخبر وقعت على الأرض مغشياً عليّ".
وتمضي:"كان جميع من حضر لحفل زفافي حولي يحاولون إيقاظي مرةً بزجاجة عطر ومرة بالمياه، وبعد أن استيقظت أصابتني حالة من الجنون.. جلست حينها أمزق فستان زفافي, وألقيت بالتاج بعيداً ومسحت الزينة عن وجهي..".
قبل الوداع
وتضيف:"أكثر ما أوجع قلبي وزادني ألماً أنني تحدثت إليه قبل وفاته بدقائق، وأخبرني أنه سعيد جداً وينتظر حفل الزفاف بفارغ الصبر, حتى إنه ليلة الحفلة اتصل بي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، وقال لي:" كانت الحفلة "سهرة الشباب" جميلة جداً رقصت لأول مرة في حياتي", تحدثنا طويلاً حتى دخلت عليّ أختي الغرفة، وطلبت مني أن أنام لأستعد لحفل الزفاف غداً، لكنا رفضنا أن نغلق الهاتف واستمررنا في الحديث.. ".
وتزيد:"هاتفني والد أيمن، وتحدث إليّ بكلمات لن أنساها طوال حياتي, قال: "هذا نصيبك يا ابنتي وقدر الله وما شاء فعل، لا تحزني كثيراً واصبري".
تلك كانت تفاصيل الوجع في حفل زفاف إسراء التي حرمت زوجها ليلة زفافها، وكلها يقين الآن أن الله قد كتب لها ذلك، ولعل القادم يكون خيراً لها.
في بيت أيمن كانت تفاصيل الوجع تزداد, فأمس كانوا يتناولون غداء زفافه واليوم يتناولون غداء عزائه..يا لهذه المفارقة الغريبة!, تقول والدة أيمن بألم والصوت بصعوبة يخرج :"بعد الانتهاء من تناول طعام الغداء، طلب الشباب من أيمن أن يدخلوا معه إلى الحمام كي يزفوه كما عادة الغزيين، لكنه رفض وهرب منهم وذهب إلى حمام غرفته, ونتيجة انقطاع التيار الكهربائي وضيق مساحة الغرفة اضطر أيمن لتشغيل المولد الكهربائي داخل الحمام, وبعد تصاعد الدخان من المولد وتفاعله مع دخان الحمام وقع أيمن على الأرض مغشياً عليه، وشاء الله أن يصطدم رأسه "بالبانيو"، ما سبب له نزيفا في المخ".
الفاجعة
وتتابع:"بحث والد أيمن عنه في المنزل فلم يجده اتصل على الحلاق فأخبره أن أيمن عاد إلى المنزل، اتصلنا بابنة عمه التي طلبت زفه في منزلها فأخبرتنا أنها في انتظاره, وبعد ساعة من البحث قررنا أن نكسر باب حمام غرفته؛ لنرى أهو موجود داخله أم لا".
وتضيف:"بعد كسر باب الحمام وجدنا أيمن ملقى على الأرض, وبسرعة البرق حمله والده وأقرباؤه إلى المستشفى الذي غادر الحياة فيه بعد دقائق معدودة ".
وتمضي الأم المكلومة:" ذهبت الساعة الواحدة ظهراً إلى "صالون التجميل" مع قريباتي, وبعد فترة قصيرة طلبوا منا أن نعود إلى المنزل؛ لأن حفل الزفاف قد ألغي، سألتهم: "ماذا حصل؟" لم يخبروني بأي شيء, صعدت إلى السيارة لأعود للمنزل بسرعة وأرى ما حدث, سألتهم في طريقي: "هل توفي أحد في العائلة؟"، قالوا: "لا"، أصررت على معرفة سبب إلغاء العرس..".
وتقول وقلبها ينفطر ألمًا على وفاة ابنها البكر:"أخبروني أن إحدى قريباتي توفيت، واضطروا لتأجيل العرس قلت لهم: لا أنتم تكذبون عليّ, هل حدث لأيمن مكروه؟ إن لم تخبروني فسألقي بنفسي من السيارة.. عندما عرفت الخبر لم أتمالك نفسي من الصراخ".
أول أمس كانت حفلة أيمن.. كان سعيداً جداً فيها، وهاتف عروسه بعد انتهاء الحفلة ليخبرها أن موعد الزفاف اقترب وأنه ينتظر شروق الشمس بفارغ الصبر لتكون عروسته ملكه وحده.. لكن الله قدر غير ذلك.
غرفة أيمن مازالت على حالها فجهاز العروس وضع في الخزانة استعداداً لحياة جديدة, وعلى سريره وضع قميصه الأبيض و"بدلة" العرس.. لكن أزمة الكهرباء التي تعاني منها غزة طمسَت الفرحةَ وحوَّلت العرس إلى عزاء.. إنها أقسى من قسا على أيمن في حياتِه.
:44:دعواااااااتكم...لاهــــــــل غــــــــزة:44:

اللهم انصر اهل غزه وفرج كربتهم