فيضٌ وعِطرْ @fyd_oaatr
فريق الإدارة والمحتوى
مابعد السبع العجاف / بقلمي
هذه قصة واقعية شهدت وجودها وسمعت أحداثها ولايزال شخوصها في ذات المكان <
وهي لاتخصني من قريب أو بعيد فأنا بحمد الله في تمام العافية وإقبال الحياة اذكر ذلك منعاً للإلتباس
{ والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون } يوسف:21
الحمد لله !
أنا الآن آمنت بقدري ، ووطنت نفسي على قبوله ، فكسبت الطمأنينة ، وودعت القلق
وفصلت حياتي الجديدة و خطتها على مقاس واقعي ، ذلك الواقع الذي لامفر منه ،
والذي فرضته عليّ الأيام ، ولم تكن لي يدٌ فيه ، ولم أكن لأملك له رداً !
لا أذهب معكم بعيداً في تفاصيل حياتي القديمة منذ ولادتي ، ولكن ألقي الضوء على المحيط الذي ضمني في النقطة التي اخترتها كبداية !
فدعونا ندخل عبر هذه البوابة ؛ لتشاركوني هذه الفصول ، وافتحوا قلوبكم لي ،
ففي إحساسي أنّ هنالك من يهديني نبض إنسانيته ، واخضلال شعوره ، وجميل عاطفته ، دافع لي على التمسك بتلابيب القوة التي أوجدها إيماني !.
العبرة تمسك الغصة في صبري ..
وأنا أشرع لكم أبواب صدري ...
. فالذكرى مؤلمةٌ .. مؤلمة .. إلى حدِّ الوجع ..!! فكونوا معي !!
في إحدى (الفلات ) الجميلة في ( مشرف) الكويت كنّا نسكن .. وكنت الثانية
بعد أخي الكبير تلاني الثالث فالتوأم الأخير .. طفلان جميلان .. ولكن ..! إليكم
هذه المفاجأة ! وهي أول طارق يسلب بهجة أيامنا ..ويمتص من رحيق سعادتنا ! ولد أخواي الصغيران وهما يعانيان من إعاقة تامة في السمع والنطق..! فلم يكن
يصدر عنهما أحياناًإلا مايشبه الصيحة المكتومة يعبران بها عن غضبٍ أو فرح !..وهكذا بقيا طوال تلك السنين حتى يومنا هذا ...!
كنت آنذاك في الثلاثين من العمر . موظفة في إحدى الدوائر الحكومية ،لم يلتقيني الحظ في الزواج بعد . . وفي داخلي كان يعتلج التوق إلى حياةٍ خاصة بي ، ولكن من يعتني بهذين الصغيرين ؟
الخادمة المخلصة مستمرة معنا منذ عشرٍ من السنوات .. ولم تغادرنا حتى بعد مأساتنا الأولى حيث جرت حكمة القدر على والدي بالرحيل في لحظة واحدة أتاهما
الموت في ( نسافٍ) كبير قد أفلتت فرامله ! وكان عمر الطفلين يتأرجح بين السنة الثانية والثالثة .. ومنذ ذلك الزمن أخذت على عاتقي رعايتهما .
ولم نشأ أنا وإخوتي أن نتركهما مقطوعي الصلة بالعالم فألحقناهما إحدى المعاهد الخاصة فتعلما لغة الصم البكم ، وتعلمتها أنا أيضاً لأجلهما
ولكن ...! حدث لهما مالم يكن في الحسبان بعد ثلاث سنوات من ذلك التاريخ .
ففي يومٍ خريفي .. مرض أحد الصغيرين ولبث طويلاً عاجزاًعن الحراك
وتبعه الآخر ، فقد كانا يتناوبان كل تعب وراحة كتوأمين .. وكثر التردد ..للعلاج
وبمرور الأيام برأ كلاهما من المرض .. غير أن الأطباء اكتشفوا بداية
ضمور في العضلات مما أوقع في قلوبنا مزيداً من الرعب .. والأسى !
وبهذه المرحلة آثرنا مكوثهما في البيت حيث بدأت مربيات المعهد تشتكين
من صعوبة السيطرة على العضلات في محاورة القلم !... وتمر الأيام .....!!
ويتزوج أخي الكبير ويقيم بيننا في الطابق
العلوي من البيت ، ليكون منّا قريب..وتكرّ السنين ، ويزدادتعلقي وخوفي
على أخوي وقد احتلا في نبضي منزلة ولدي ، ومثلت لهما الأم التي يفتقدانها ،
والحضن الذي يقيهما من الخوف ويبعث فيهما الطمأنينة !!
وفي غمرة عملي كل يوم كنت أقتنص لحظاتٍ أهاتف فيها الخادمة ،
وأريح بها قلبي الدائم القلق عليهما ، وأسكت بها الهاجس
المتربص في صدري !
وما أن تسوغ لي العودة حتى أهرع إلى البيت حاملة إليهما اللهفة ،
والحنان ، والشكولاته التي يحبانها !.
وكل يوم حين أدق الجرس ، وأنتظر الباب ليفتح ، أعلم والبسمة تملأ تذكري
أن هناك خلفه كائنين حبيبين صغيرين وأربعة عيون تنتظرني ، واللهفة تسبقهما .
وأن هناك قلبين يخفقان بشدة التوق للحضن الذي ينسيهما الإنتظار !
وأنحني لأوزع بالعدل الحب والقبلات والأحضان ، والمزح ، ونثار السعادة ..
التي تنكسر حين يهدأ موج اللقاء ، ليطفو مدّ الحزن على سواحل القلب ...
هنيهات ويشتعل ! فأطفيء ذلك الأوار ببرد اليقين !
في اللحظة التي أحكيها كنت لاأزال في الثالثة و الثلاثين من العمر
وقطار العمر يجري والأيام تكبر بي والقلب ينسى وجوده شيئاً فشيئاً
ليحتله وجود آخر ..!
وفرغت من النفس ، وحديث النفس ، وأمنيات المشاعر .. وأسلمت للحاضر !!
وقد تتساءلون أهذه نهاية رحلة الإمتحان ؟ وأقول لكم ...لا .. لا .. لا ..!
فقد كان هناك امتحان آخر الفصل ..!
في ذات يوم من الأيام المحفورة في ذاكرة ألمي ، المنقوشة على جدران عذابي
كنت أهم بالاستحمام عندما خطوت موضعاًزلقاً ركدت فيه المياه المصوبنة ...
وماهي إلا ثواني من الضجيج والتعثر والذهول عن الذات وحضور مفقود ..
وإذا بي أجدني راقدة على ظهري مغفرة الشعور .. فارغة الفؤاد !
بعدها .. فقدت وعيي !! ولم أفق إلا وأنا في المشفى ..!
اضطربت .. وهلعت وتساءلت : .. ياللهول !! ماالذي يجري ؟!
ثم أدرت الطرف حولي فقابلتني نظرة تجول فيها دموع تداري
ويفضحها قلق وحزن ..في عيني أخي الكبير ...و .. وغاص فؤادي ..!
ماذا حدث ؟؟ وإلام انتهى الأمر ؟؟ وكيف ؟؟ تلك السطور الآتية ترسم
الخطوط النهائية لقصتي ..
أنا الآن في الأربعين ..
سبع من السنوات العجاف مرّت ..
ولا أنتظار لسبعٍ خضر ..!
أصبحت من يومها رهينة الكرسي المتحرك . أعاني من شللٍ لكامل النصف
الأسفل من جسدي !
وغدونا ثلا ث كراسٍ متحركة تتجول في البيت بعد أن كبر الصغيران
وزاد ضمور عضلاتهما .
وأعود الآن معكما إلى حيث بدأ حديثي ..لأقول :
لم تنته أموري إلى ماآلت إليه اليوم من الركون إلى القدر إلا من بعد مجاهدةٍ،
وتقلب أحوالٍ ، وقلقٍ ومخاوفٍ..وبعد أن خاضت سفين أيامي العباب ..وواجهت
العواصف والتقلبات .. وكادت أن تغرق مراراً .. حتى أدركتني يد الله ، فقذفت
مقادير هائلة من الطمأنينة في فؤادي ، وقادت سفيني إلى بر الأمان !
فأيقنت أن حياتي لن تتغير إلى الأحسن إذا ماتركت لليأس والقلق
أن يسيطرا عليها ، ومن ثم فإن عليّ أن أستقبل الحياة التي لاأملك تغييرها
بيقين وشجاعة ورضا .. وتمثلت هذا القول :
أيُّ يومي منَ الموتِ أفِرُّ * يومَ لا يُقْدَرُ ؟ أو يومَ قُدِر؟
يوم لايُقدَر لا أحذَره ؟ * ومن المقدورِ لا ينجو الحذر !!
أنا قد بلغت أموري مداها ، فلأدع الأمور لمدبرها الأعلى ينتهي بها حيث يشاء !
وهكذا مضيت .. ولم تتغير حياتي ، ولكن نظرتي إليها تغيرت
بعد توكلي على الله ، والإستراحة عند باب رحمته فيما يتمخض عن المستقبل من نتائج !!
وها أنا ذي أعيش عالمي في رحابة نفس بين كتابي
وإخوتي ..بين حديث الفائدة
والسياحة في العالم وأنا رهينة المقعد ، وبين أحاديث المحبة الذي تتبادله القلوب !
من نظرات الصبيين أستمد سعادتي ، وأستمريء طعم أيامي ، وأجد الدافع للإستمرار ..
ومن هنا عرفت الوجه الآخر للمحنة !.
63
7K
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
عزيزتي هي ليست قصتي ولكن قصة اناس سمعتها ورأيت ما أثبتها كواقع
وقدنوهت الى ذلك في يداية القصة منعا للالتباس !!
انا والحمد لله في كامل العافية والصحة والنشاط وله الفضل تعالى
ا اشكر لك تفاعلك الصادق ومشاركتك الوجدانية
وقدنوهت الى ذلك في يداية القصة منعا للالتباس !!
انا والحمد لله في كامل العافية والصحة والنشاط وله الفضل تعالى
ا اشكر لك تفاعلك الصادق ومشاركتك الوجدانية
رائعة كعادتك يافيض .. أجدت صياغة الألم والأمل
حتى خلنا أنك تجرعت مرارته شخصيا
ألم طاغٍـ حتى لا تكاد تلمح لامتداده بصيص نور
لكن من ادخرالايمان والثقة بالله حتما سيصحو على عام
يغاث فيه !!
بارك الله فيك وفي قلم ما فتيء يرسم في هذا القسم الأمل
حفظك الله
حتى خلنا أنك تجرعت مرارته شخصيا
ألم طاغٍـ حتى لا تكاد تلمح لامتداده بصيص نور
لكن من ادخرالايمان والثقة بالله حتما سيصحو على عام
يغاث فيه !!
بارك الله فيك وفي قلم ما فتيء يرسم في هذا القسم الأمل
حفظك الله
الصفحة الأخيرة
سردك رائع كتبت و مسحت لأني شفت الإضافة الي فوق
بعد ما وضحت إنها مو لك القصة بس عايشت أصحابها
نقلت الواقع بقلم بارع مشكووووووووووورة
(أنا قرأتها قبل ما تعدلي )