ماتت أختي وما زالت أُمنا عليها تبكي

الملتقى العام

ماتت أختي وما زالت أُمنا عليها تبكي

أختي الصغرى ماتت، ماتت أختي.

أكتب وأنا أبكي.

فقدنا أختاً هي نور بيتنا وبهجته.

فقدنا أختاً كانت مثالاً للصبر، بل أكثر.

هي مدرسة نتعلم منها كيف الصبر، وكيف الاستسلام لأمر الله، بل الرضا بقضاء الله وأقداره.

هي ساعد أمي الأيمن، هي صديقة أمي.

هي روح أمي كما تقول أمي، وعيناها، هي كل الحب كما قالت أمي.

كل الأشياء في البيت تذكرنا بأختي –رحمها الله-.

أغلب أثاث بيتنا اختارته أختي.

وفي الدور الأعلى: غُرفتها، أصبح الدور شبه مهجور بعد أن ماتت أختي.

رحمها الله وأسكنها الفردوس الأعلى من الجنة كما كانت تدعو.

عانت أختي منذ الصغر وعانت.

وصبرت واحتسبت.

واشتد عليها المرض في السنوات الأخيرة، وأصيبت بأمراض متعددة.

كنتُ معها في أيامها الأخيرة في المستشفى.

كنتُ أتعجب من أمرها.

سبحان الله، أي إيمان هذا الذي تحمله في قلبها؟؟!!

سألتْ الطبيب: لماذا عندما آخذ كمية من الدم؟ تقل نسبة الدم في الأيام التالية؟؟

فيخبرها الطبيب: لأنك مصابة بالأنيميا المنجلية، وهذا سبب لتكسر كريات الدم، ولأنك مصابة بالفشل

الكلوي، ولأنك مصابة بمرض الكبد.

ويذهب الطبيب، فتقول لي أختي: سلمتُ أمري لله.

رحمها الله، هي مريضة بالأنيميا المنجلية منذ طفولتها، وفي شبابها أصيبت بالفشل الكلوي والضغط، ثم

بالكبد، ثم بالقلب.

وبالرغم من أنها اجتمعت فيها كل هذه الأمراض إلا أن أملها في الشفاء كان كبيراً.

هي كانت مستعدة للموت، وفي نفس الوقت كانت متفائلة بالشفاء.

إنه عدم القنوط من رحمة الله.

كانت لا تشكو لأحد، بل كانت تدعو الواحد الأحد.

كانت تحمد الله دوماً.

كانت تتيمم للصلاة في أيامها الأخيرة؛ لأنها لا تستطيع أن تقوم من الفراش، ولأن الماء كان يؤلمها في

عظامها.

كان تضرب بيديها في التراب للتيمم ثم تمسح وجهها.

وتقول لي: دين الرحمة.

وتصلي وهي جالسة، ثم تسجد سجوداً ما رأيت سجوداً مثله.

بكيتُ عندما رأيتها وهي تسجد؛ سجود إنسانة كلها ضعف وتذلل وخضوع للذي خلقها وأوجدها.

الله يرحمها.

وخرجتْ أختي من المستشفى، وكلها تعب.

وفي اليوم التالي ماتت بعد أن نطقت بالشهادة، سمعتها بأذني.

كانت موتتها سريعة.

وجنازتها خفيفة كما حكى لي أخي.

بكى عليها كل من عرفها.

حتى طبيبها بكى حينما أخبره أخي.

وعزانا فيها من يعرفنا، وبعضهم لا يعرفنا.

دخلنا غرفتها بعد أسابيع من موتها.

أقسم بالله: لا أدري كم مصحف في غرفتها.

هناك مصحف، وهناك مصحف آخر.

ومصحف يعلوه مصحف.

وما عددتُ المصاحف التي في غرفتها.

هناك تفسير للقرآن، وهناك تفسير آخر.

هناك جهاز للقرآن ، وهناك جهازان آخران.

وفي جوالها مصحف، ودوماً في شنطتها مصحف.

وفي أغلب الأحيان تقرأ القرآن، أو تذكر الله.

وفي الغرفة أيضاً مطويات وكتب دينية.

وفي كتاب التوحيد، كتبتْ بخط يدها عبارة أعجبتها: "الكل يريدك لنفسه، إلا الله يريدك لنفسك".

وفي الدولاب ملابسها: كلها ملابس حياء وحشمة.

وفتحتُ درج دولابها ورأيت شهادتها.......

وإن شاء الله هي نالتْ شهادة أعلى من كل شهادات الدنيا.

نحسبها شهيدة؛ لأنها ماتت مبطونة، وهي كانت تتمنى أن تموت شهيدة.

لي الشرف وأعتز كثيراً بأنها كانت أختي.

أختي الطاهرة، الشريفة، الصادقة، الصبورة، البارة بوالديها.

رحمها الله وجعل قبرها روضة من رياض الجنة وجمعنا وإياها في الفردوس الأعلى من الجنة.
37
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

666 بدون اسم
666 بدون اسم
الله يرحمها ويصبررركم
اليمامه3
اليمامه3
الله يرحمها ويغفرلها
ويسكنها دار احسن من دارها
ويصبر اهلها ويوسع لها في قبرها
يَ رب العالمين
يا حظ ابتسم شوى
يا حظ ابتسم شوى
رحمها الله رحمه واسعه
بيلسانه"
بيلسانه"
الله يرحمها ويتجاوز عنها ويسكنها فسيح جناته
واسال الله لكم الصبر والثبات
صمت طفلة
صمت طفلة
رحمها الله
ورزقكم الصبر والسلوان
سووا اي صدقة جارية عنها
وزعوا المصاحف اللتي تملكها على المحتاجين