ماتت ام عبدالرحمن....

( إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا لفراقك ياام عبدالرحمن لمحزونون)
عجيب أمرك أيتها الحياة .. جبلتي على كدر وحزن .. أحزانك وآلامك تقتل ساعات الفرح .. دموع الفراق فيك قاسية.. وسياط الآلام موجعة .. وبحار الأحزان فيك تموج موجاً،
يالله ما أقساها من لحظات .. لقد تعلمت فيها منك دروساً في الصبر .. كنت أقرأ قول النبي صلى الله عليه وسلم (ومن يصبر يصبره الله ) فكان العلم نظرياً محفوظاً لكن التطبيق يحتاج إلى الأفذاذ ..
والله لقد رأيته بعيني في خالتي كانت رحمها الله تعاني من آلام مرض السرطان فكانت صابره محتسبه
كلما سألها أحد عن حالها قالت :

(الحمد لله)( الحمد لله)

فهي الواصله لكل الناس المبتسمه حتى في أحلك الظروف
عجيب أمر هذه المرأه؟

لا زلت أتخيل غرفتها في آخر الممر .. رسمت لي خيالات .. فيهاتلك المرأه الصابرها التي بدأت تدخل في إغماء المرض المتقطع، والأطباء يقولونا لنا: ليس لنا تدخل سوى تسكين الألم .. لكني أتساءل أي آلام وهي تقول للطبيب ولكل من سألها: أنا بخير، ثم يغمى عليها؟ سبحانك ربي ما هذه السكينة التي تنزلها على من تشاء من عبادك
كنانتشبث بخيوط الأمل مخافة هول الخبر .. ليلة الاربعاء مرت بشكل مخيف .. يراقب معها الضغط الذي يؤخذ لها في كل ساعة وهو يتناقص شيئاً فشيئاً .. ويتابع نسبة الأوكسجين في الدم .. لكننا نعجب من أنينها الخافت وصوتها المتقطع ( يا رب) ( يا رب).
مضت ليلة الاربعاء وأشرق صبحها كانت الأنفاس الضعيفة تحمل معها كلمات الوداع وكانت الأنات المتقطعة تؤذن بفراق
وكانت العينان تخفتان شيئاً فشيئاً وكأن همس الوداع بها يقول إلى اللقاء في عالم آخر ...

إيه .. أين الدموع .. إيه .. أين الكلمات والشعر والرثاء، ماتت ( ام عبد الرحمن ) لتعلمنا درساً في الصبر..!. بدأ ابنائها في الاتصالات لإخبار الجميع بالخبروالدموع والنحيب يرسلان لنا الأحزان عبر الهاتف .. . ماتت ام عبدالرحمن

وعلى غير ترتيب ساق الله الأمر، وكأن لسان الحال يقول ( عجلوني عجلوني ) لا بد من الصلاة عليهاعصراً .. وفعلاً تمت الصلاة عليها، واحتشد المحبون في كل مكان وامتلأت المقبرة بالناس، وهم يودعونهاويرددون ( اللهم ضيفها رحمتك )

بدأ العزاء وتوافد الناس تدفعهم مشاعر الود والمحبه فكانت صورة منيرة مشرقة من وقفة المحبين لهذه الفقيده.

وأخيراً بقي لنا صفحة معها .. إنهن بناتها.. شَعَرات قلبها اللاتي خلفتهن بعدها .. دموعهن لفراق امهن أعظم من أن ترسم في كلمات .. لقد غاب عنهن أم حانيه .. ليست كباقي الآمهات.. تعلقن بها لأنها أهل للتعلق
فهي ( محمومة القلب ) وأحلف بالله إنها تحمل هذه الصفة ولا أزكي على الله أحداً..


إلهي يا أرحم الراحمين وأجود الأجودين.. يا من خشعت الأصوات لرحمانيته، و عنت الوجوه لقيوميته، وشهدت الفطر بوحدانيته، وأقرت العقول بربوبيته، ودلت الدلائل على ألوهيته، وخضع كل شيء لعظمته، وذل كل شي لعزته، وسكن كل شيء لهيبته، وقام كل شي بقدرته، ودانت الجبابرة لسطوته، وأبدع كل شيء بحكمته، ووسع كل شي برحمته، يا من لا ينقطع عن بابه إلا المحرومون، ولا يعمى عن نوره إلا المحجوبون، نسألك اللهم ألا نيأس من روحك .. يارب إن عبدتك الفقيره( حصه النصار) قد أفضت إليك.. وانتقلت إلى جوارك .. اللهم أحسن وفادتها، وأرحم ضعفها واجعل ما أصابها رفعة في درجاتها ومحواً لسيئاتها، يا رب نحن شهود في أرضك .. نشهد أنها كانت لك ذاكره .. شاكره فيا أرحم الراحمين اقبلها في المهديين يا ذا الجلال والإكرام. اللهم أكرمنا برؤياها ووالدينا والمسلمين في دار كرامتك، ومستقر رحمتك.
آمين .. والحمد لله رب العالمين


منقول بتصرف من مقاله للاخ فهد السنيدي







..