بسم الله الرحمن الرحيم
بعد سنين من التعب والنصب .. أصبح الحلم حقيقة .. والأمنية واقع مشاهد ..
وها هي تشعر بالفخر .. وتحوطها نظرات الإعجاب .. وتنهال عليها التهاني والتبريكات ..
كيف لا ..؟ وقد خَطَت قدماها أول عتبات المجد والفخار .. وانفتح أمامها مستقبل عريض ..
ولم يعد يفصل بينها وبين أن تتسنم المنصب الذي سعت له .. والمنزلة التي تعبت من أجلها إلا
سويعات قلائل ..
لتصبح بحق صاحب الدرجة العلمية العالمية .. فلا يكتب اسمها إلا وبجواره الدكتورة فلانة ..
ويا لها من كلمة تَطرب الآذان لسماعها .. ويستحوذ على النفس مدلولها ومعناها ..
..................................................
وتمر الأيام سريعة كعادتها .. ويخفت صوت الفرح .. وتنطفي شموعه ..
ليتسلل مكانه إحساس غريب .. وشعور بغيض .. لا تدري من أين أتاها وما باعثه ..
بحثت طويلا عن مصدر هذا الإحساس .. والشعور.. فلم تجد له جوابا .. وهي التي وجدت الإجابات
لأصعب الأسئلة ...لكنها عجزت عن إجابة هذا السؤال .. ؟
مسكينة كيف تعجز عن سؤال بسيط كهذا !! وإجابته أمام ناظريها وفي متناول يديها ..
ضمت مكتبتها جميع الكتب ..ونست الكتاب الذي يحوي جميع الإجابات ..ويضم جميع العلوم..
الكتاب الذي حير العلماء على مر العصور ..
{ مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ }
...................................
والذي رفع الله به قوم وخفض به آخرين ..
{ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ }
هذا هو المعنى الذي غفلت عنه موجود في أكرم كتاب ..
فما سر حزنها إذا ؟ ولماذا لا تشعر بالفرح .. والله وعدها برفع مكانتها ..؟
إن مكمن الخلل في نفسها.. لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر منهم في مثل حالها بطريق سهل للجنة ..
( من سلك طريقا يلتمس فيه علماً سهل الله به طريقاً إلى الجنة )
وهي سلكته... فلماذا الحزن ؟
للأسف.. كان طموحها الكبير .. إن تجعل لنفسها مكانة في الدنيا فقط ونسيت الآخرة ؟؟
كانت تستطيع إن تتقرب إلى الله بعلمها هذا لو جعلته خالصاً لوجه الله ..وجعلته تهذيباً لنفسها وخاضت
به أجمل معركة في الحياة .."الجهاد" .. وأي جهاد.. جهاد النفس وما أعظمه من جهاد ..
نطيع به الرحمن .. ونعصي به الشيطان ..ونسير به على خطى رسولنا عليه الصلاة والسلام
نجاهد أنفسنا بطلب العلم ... والإخلاص في العمل .. ومراقبة الله في السر والعلن ..
وعدنا الرسول عليه الصلاة والسلام بالخير فقال :
( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين )
فلماذا نبتعد عن الخير ؟!
كم من طالب وطالبة يطلبون العلم لينالوا به الشهادات .. !!
وكم من معلم ومعلمه يعلمون الأجيال .. !!
وكم من أساتذة يحضرون رسائل الماجستير والدكتوراه ..!!
أضاعوا على أنفسهم فرص عظيمة كان بمقدورهم أن يسلكوا بها طريقاً إلى الجنة ..
فهؤلاء يطلبون العلم ويُعلمون ويؤلفون الكتب وينسون أن يجعلوا علمهم وعملهم خالصاً لوجه الله تعالى ..
فيكونون بذلك من الخاسرين .. رغم أنهم يستطيعون أن يجاهدوا أنفسهم بعملهم لو أخلصوا النية لله ..
أين نحن من قول الإمام الشافعي :
( وددت إن الناس تعلموا هذا العلم ولم ينسب إلي منه شيء )
أي سموا هذا ..؟؟!!
اخلص عمله لله وجاهد نفسه بتعليمها فنفعه الله ونفع بعلمه وامتثل لقول الرسول صلى الله عليه وسلم :
( أفضل الجهاد أن تجاهد نفسك وهواك في ذات الله عز وجل )
ووالله إن الإنسان الذي يمسك نفسه عن ما حرم الله ويمنعها عن إتباع هواها ..لهو الفائز بحق إن شاء الله ..
أنت أيها الطالب .. وأنت أيتها الطالبة ... هل ستخسرون شيئا إن جاهدتم أنفسكم بالعلم ..
وجعلتم علمكم هذا خالصاً لوجه الله .. ؟
هل من حفظ آيات من القرآن من أجل الدرجات ..مثل الذي يحفظها تقرباً لله بها ؟
هل حققتم في أنفسكم قول الرسول صلى الله عليه وسلم :
(الغدو والرواح في تعلم العلم أفضل عند الله من الجهاد في سبيل الله عز وجل )
وأنتم أيها المعلمون والمعلمات ... تقربوا إلى الله بعملكم العظيم فعسى أن تكونوا ممن قال فيهم الرسول
الكريم صلى الله عليه وسلم :
( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً )
وأنتم يا من بلغتم من العلم درجات ... تؤلفون الكتب اجعلوا علمكم وعملكم هذا خالصاً لوجه الله فيكون لكم
كالصدقة الجارية وتبقى لكم ذكرى طيبة بعد رحيلكم وتذكروا قول الرسول صلى الله عليه وسلم :
( إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علماً علمه ونشرة )
أخيراً أيها الفضلاء والفاضلات هل يصعب علينا أن نخوض في هذه المعركة مع أنفسنا ونجاهدها
وننتصر على أهوائنا ..؟
لما لا تكون جميع أعمالنا خالصة لوجه الله .. ؟
ولنعلم جميعاً بأن منزلة الإنسان يوم القيامة على قدر إيمانه وعمله وعلمه .. لا على شرفة ونسبة ..
فقد نادى الرسول صلى الله عليه وسلم عشيرته وأقربائه فقال لهم :
( اشتروا أنفسكم من الله .. أني لا أغنى عنكم من الله شيئاً)
والمنادى عليهم هنا كان من بينهم عمه العباس وعمته صفية وابنته فاطمة رضي الله عنهم أجمعين ...
وهم الأقربون للرسول صلى الله عليه وسلم ... فما حالنا نحن ؟
لعمرك ما الإنســان إلا بدينــه ***** فلا تترك التقوى اتكالاً على النسب
لقد رفع الإسلام سلمان فارس ***** وقد وضع الشرك النسيب أبا لهب
هذا الموضوع مغلق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️