إنها مأساة إسلامية غابت عن أذهان كثير من المسلمين.. مأساة قابلة للإنفجار نتاج التسلط الشيوعي المتمثل في الاحتلال الصيني.. تقع تركستان الشرقية في وسط آسيا الوسطى، ويحدها من الشمال روسيا، ومن الغرب قازاخستان وقرغيزيا وطاجكستان، ومن الجنوب باكستان والهند، ومن الشرق الصين، ومن الشمال الشرقي منغوليا..
تقدر مساحتها بـ1.6مليون كم2، أي أنها تشكل حوالي سدس المساحة الإجمالية للصين بما في ذلك المستعمرات..
وأما عدد سكانها فهو يزيد عن 13مليون نسمة يتوزعون على جنسيات عدة لعل منها: 6مليون من الإيجور، ومليون من الكزاك و90.000 الأقليات التركمانية..
:
المسلمون التركستانيون يستعملون الأوريغورية والقازاقية والقرغيزية, وهي لهجات محلية تنمي إلى اللغة التركية, ويستعملون في كتابتها الأحرف العربية.. وأما اللغة الرسمية فهي الصينية.
الجبال والأنهار والمدن:
سلسلة جبال "تنري تاغ" تتوجه إلى وسط تركستان الشرقية, وتقسم البلاد إلى قسمين: تركستان الشمالية الشرقية وتركستان الجنوبية الشرقية, وتحسب أرض تركستان الشرقية من أبعد الأماكن إلى البحر, ويوجد فيها أربعون نهرًا، و12 بحيرة, وتضم ثلاثة من أكبر خمسة سلاسل جبلية موجودة في قارة آسيا, ويوجد فيها 16 مدينة كبيرة، و126 بلدة, وأكثر من ثلاثة آلاف قرية كبيرة، وأهم مدنها: أورومتشي "العاصمة" وكشغر وياركند وختن وآقسو وكورلا وقمول وطورفان وايلي وآلتاي وآرطوش.
,
دخل الإسلام بلاد التركستان الشرقية عام 934م عن طريق الإيجور "ستاتوك بوجرخان" الذي اعتنق الإسلام قبل أن يتولى العرش ويصبح حاكم ولاية أوجور.. وبعد أن أصبح حاكماً اتخذ لنفسه اسماً مسلماً هو "عبدالكريم ستاتوك" وبإسلامه أسلم معظم التركمان من السكان وسكان وسط آسيا، لتصبح تركستان بعد ذلك مركزاً رئيساً من مراكز الإسلام في آسيا..
استمرت تلك الحضارة الإسلامية زهاء الألف سنة كان من نتاجها نخبة من مصابيح الهدى ومنارات العلم كالبخاري، والترمذي، والزمخشري، وغيرهم من العلماء..
ثم جاء الصينيون بكفرهم ليعكروا صفو هذه الحضارة العظيمة فتسنى لهم ذلك بعَدِّهم وعتادهم مرة، وبمساعدة الغرب الكافر مرات أُخر إلى أن تولى الشيوعيون مقاليد الحكم في الصين عام 1949م ليمارسوا مع إخواننا المسلمين هناك أسوأ ألوان المسخ العقدي المتمثل في إبعادهم الكامل عن دينهم، وقطع صلتهم بحضارتهم الإسلامية..
يقول الكاتب "محمد إركن البتكن" في مقالة له بعنوان "اضطهاد المسلمين التركمان في تركستان الشرقية".. لقد ألغى الشيوعيون الكتابة العربية التي كان المسلمون يستخدمونها لمدة ألف سنة ماضية، وأتلفوا 730ألف كتاب باللغة العربية بما في ذلك نسخ من القرآن الكريم، وذلك تحت شعار محاربة "مخلفات الماضي".. وصادروا ممتلكات الوقف لقطع موارد الأنشطة الدينية تحت شعار "الإصلاح الزراعي" وأغلقوا كل المدارس الملحقة بالمساجد وكانت هذه عادة المسلمين في بناء المدارس وإجبارهم على تعلم مبادئ ماركس ولينين رماو، وأغلقوا 29ألف مسجد في جميع أنحاء تركستان الشرقية وتحويلها إلى سكنات عسكرية واسطبلات ومجازر، وقبضوا على 54ألف إمام وتم تعذيبهم وتشغيلهم بالسخرة في تنظيف المجاري والعناية بأمر الخنازير...
ولكل ما سبق فقد قام التركمان المسلمون بالدفاع عن عقيدتهم وبلدهم وكان ذلك بين سنتي 1950-1972م. وكانت المحصلة:
- إعدام 360ألف شخص مسلم.
- هرب أكثر من 100ألف مسلم إلى البلاد المجاورة.
وما إن هلك الشيوعي "ماوتسي تونج" حتى خفت حدة الحرب على المسلمين لكنها لم تنطفئ خاصةً مع مطالبة إخواننا هناك بالاستقلال، وهو حق لهم وعدهم بتنفيذه الشيوعيون عندما تولوا مقاليد الحكم، ولكنهم الشيوعيون يتفقون مع إخوانهم اليهود في الغدر والخيانة فكيف يتنازلون عن مبدئهم..
إن الشيوعيون الآن يرمون إلى تصيين المسلمين كلياً، وتمثيل ذلك في الشعار الموضوع عندهم حالياً.. فتح تركستان الشرقية وقد اطلقوا هذا الشعار عام 1990م وكان من نتاجه أن أصبحت نسبة المستعمرين الصينيين في تركستان المسلمة 60%، بينما نسبة أهل البلاد 40% فقط لا غير..
إن سياسة الانفتاح التي تطبقها الإدارة الصينية في تركستان الشرقية تستهدف فتح الطريق أمام إسكان الصينيين، ونهب ثروات البلاد الطبيعية، وتكثيف عمليات نقل هذه الثروات إلى داخل الصين، وأخيراً القضاء على الشعب التركستاني المسلم بصهره في المجتمع الصيني صهراً كاملاً وطمس معالم الإسلام عنده..
نشرت مجلة المجتمع في عددها "1383" خبراً مفاده تغريم مدرس للقرآن الكريم ما يعادل 1000دولار، وتغريم ستة شباب قيمة 150دولار، وتغريم أولياء أمورهم القيمة نفسها - مع ملاحظة الفقر المدفع الذي يعانيه شعب تركستان الشرقية مع أن أرضهم أرض خير وعطاء.. و جريمة هؤلاء هي تعليم القرآن الكريم في مدينة "لوب" بتركستان الشرقية.. ولا شك أن هذه الحادثة هي واحدة من آلاف حوادث المداهمة يومياً على مستوى تركستان الشرقية
حكم الصين الشيوعي
بدأ الشيوعيون حكمهم بمجازر دموية فظيعة كان هدفها طمس المعالم والهوية الإسلامية, وفرض النظام الشيوعي والإلحادي على المسلمين بالقوة من خلال تشكيل 450 كوميونة, وألغيت الملكية الخاصة, وصودرت كل ثروات المسلمين بما في ذلك حلي النساء، ومنع المسلمون من إعداد الطعام في منازلهم, وفرضت عليهم المطاعم الجماعية, وفرق بين الأزواج, ولم يسمح لهم باللقاء إلا بضع ساعات كل أسبوعين , وكانت المرأة الحامل تمنح إجازة ولادة لمدة ثلاثة أيام فقط.
ثم اتجه حقدهم للإسلام حيث اعتبر الدين أفيون الشعب، وطبقت الحكومة الشيوعية الخطوات التالية:
1 ـ منع ممارسة الشعائر الدينية ومعاقبة كل من يقوم بها بالعقاب الصارم بموجب القوانين الجنائية.
2 ـ منع تعليم الدين الإسلامي, وفرض تدريس الإلحاد في المدارس والنوادي والتجمعات.
3 ـ مصادرة المصاحف والكتب الإسلامية ، وقد بلغ ما جمع منها 730 ألف كتاب مطبوع ومخطوط ، وإجبار رجال الدين والعلماء على امتهانها وإحراقها في الميادين العامة.
4 ـ نشر الكتب والمطبوعات المعادية للإسلام ورفع الشعارات والملصقات التي تسيء إلى الإسلام وأحكامه وتعاليمه، مثل: الإسلام ضد العلم ـ الإسلام اختراع أغنياء العرب ـ الإسلام في خدمة الاستعمار.. وهكذا.
5 ـ اعتقال العلماء ورجال الدين واحتقارهم وفرض أعمال السخرية عليهم , وقتل من يرفض التعاون معهم ويرضى بإلحادهم وانتهاكاتهم.
6 ـ إجبار النساء على خلع الحجاب, وإلغاء العمل بالأحكام الشرعية في الزواج والطلاق والمواريث, وفرض الاختلاط, وتشجيع الزواج بين المسلمين والمسلمات وغيرهم؛ بغية تخريب العلاقات الأسرية الإسلامية.
7 ـ إغلاق أكثر من 28 ألف مسجد, وإغلاق 18 ألف مدرسة دينية, وفوق ذلك استخدمت المباني الإسلامية بمختلف أنواعها وفي مقدمتها المساجد والمدارس في أعمال تتنافى مع قيم الإسلام , وحولت إلى حانات ومخازن.
8 ـ مصادرة أموال الناشطين في العمل الإسلامي بأي مجال كان, سواء كان بالتعليم والتدريس والتأليف والترجمة، وهدم بيوتهم ونفيهم من منطقة سكنية إلى الصحراء بعيدًا عن الناس وعن الجماعة.
علاوة على ذلك عملت على فرض النظام الجاسوسي على أفراد الشعب كله, ووضعت الناس تحت المراقبة الصارمة، حتى الأسرة أصبح أفرادها يتجسسون على بعضهم؛ فالابن جاسوس على والديه, والأب جاسوس على ابنه, وهكذا.. حتى فقدت الثقة والأمن والأمان, وأصبح الاعتقال والسجن يتربص كل فرد بسبب إشاعة قد يطلقها أحد العملاء ضد الأبرياء, حتى أحجم الناس عن إلقاء السلام والتحية والتزاور واللقاء في مناسبات الفرح والأحزان والمواساة .
كما فرض الشيوعيون العزلة على تركستان الشرقية؛ حيث منع المسلمون من السفر إلى خارج بلادهم, كما منع دخول الأجانب إليها، ولم يسلم المسلمون الذين لهم أقارب خارج تركستان الشرقية من ظلمهم وعذابهم بتهمة أنهم جواسيس ولهم ارتباط بالخارج.
ولم يسلم الشيوعيون جثث القادة ورجال الدين الذين أعدمتهم إلى ذويهم لإقامة مراسم الجنازة والدفن، وإنما قطعت جثثهم وعرضوها في الشوارع لإرهاب المسلمين وتخويفهم.
وقد ضاق المسلمون ذرعًا بهذه المظالم الوحشية والاضطهاد؛ فهب التركستانيون يدافعون عن دينهم وحقوقهم المشروعة, وقد بلغ عدد الشهداء حوالي 360 ألف مسلم, وفي مدينة كاشغر كان 75 ألفا, في 19 معسكر للأشغال الشاقة, والمهاجرون معهم 200 ألف لاجئ.
ومع هذه الأعداد الكبيرة في التضحيات, وفداحة ما يعانيه الشعب التركستاني في سبيل الذود عن دينه, واستمراره في التضحية والفداء بالرغم من شراسة الاستعمار الصيني في معاملة مع المسلمين في قمع انتفاضاتهم وحركاتهم من أجل الحرية والاستقلال, كما تتناقله وكالات الأنباء العالمية؛ إلا أن العالم الإسلامي يصم أذنيه إلى الاستجابة
إخواني المسلمين مع كل ما سبق من جهود مضنية في سبيل القضاء على الإسلام هناك فإن حرص المسلمين هناك على إسلامهم يزداد يوماً بعد يوم، وما يبذله رجال العلم هناك في سبيل تعليم الشعب أحكام دينه وقواعده وأخلاقه يلحظه كل متابع لأخبارهم.فواجبنا اولا تبصير من حولنا بهذه القضية ونشر القضية فى الصحف وعلى النت والمقاطعة والدعاء فهو اقوى سلاح فلنمد لهم يد العون والمساعدة، ولنرفع أكف الضراعة إلى المولى القدير بأن يزيل كربتهم، ويعيد لهم حقهم في الاستقلال الكامل، وأن يقهر عدوهم الشيوعي الذي عاث في الأرض علواً وفساداً..فإنه نعم المولى ونعم النصير
:44:
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

فاطمة بنت الاسلام
•
اللهم انصرهم يا ارحم الراحمين

الصفحة الأخيرة