مالفرق بين الفتوحات والاحتلال ؟

الملتقى العام

كنت في نقاش مع دكتور أمريكي يهتم اهتماما كبيرا بأمور الشرق الأوسط وكانت بداية نقاشاتي معه في أيام الانتفاضة الأولى وبعد ذلك طال النقاش بيني وبينه وعرفت فيما بعد أنه مستشرق وله دراسات كثيرة حول الاسلام .

المهم أنه في أحد النقاشات سألني سؤالا جعلني أسكت ولم استطع أن أجارية وذلك ليس لأننا لا نملك الحجة ولكن لأنني أجهل هذه الحجة فليتكم تساعدونني في الرد عليه ردا منطقيا وليس دينيا فالرجل غير مسلم وقد قلت له في تلك الجلسة أن الموضوع كبير وسأرد عليك ردا مفصلا وأرسله عبر البريد الالكتروني .

قال لي إنكم تطالبوننا نحن الغرب المسيحي بالتدخل في نزاعكم مع اسرائيل واقامة العدل وعدم الوقوف مع اسرائيل في احتلالها أرضكم التي تدعون . فقلت له نعم . فقال أنتم العرب عندما كانت لكم القوة كنت تحتلون أراضي الأمم الأخرى كفارس في العراق والروم في الشام والأقباط في مصر والبربر في شمال أفريقيا ... الخ وكنت ترون هذا فتحا وليس احتلالا مع أنكم كنت تفرضون في الدول التي تحتلونها نظامكم الديني ( يقصد الشريعة الاسلامية ) وتلزمون هذه الأمم بدفع الضرائب ( الجزية ) وترفضون أن يبنوا أي أماكن عبادة لهم وكنت تضايقونهم في الطرقات ولا تقربونهم اليكم ولا تضعون منم حكاما أو وزراء في أرضهم ولا تعطونهم أي حق من حقوقهم في السلطة والحكومة أو في الجيش ... الخ والآن تصيحون وتبكون عندما أصبحتم ضعفاء وتطالبون بالعدل والمساواة فلماذا لم تعطوها لمن حكمتموهم حتى يكون لكم عذر في الطالبة بها عندما تحكمون من قبل أمم أخرى ؟

أرجوا ممن لديه اجابة كافية استطيع أن أقولها له وتكون ذات حجة منطقية .

------------------
إن طال الليل فلابد من طلوع الفجر وإن طال العمر فلابد من دخول القبر
5
889

هذا الموضوع مغلق.

محب الورد
محب الورد
بسم الله الرحمن الرحيم

اخي الكريم الوحيد

ايام قلائل اعطيك الجواب مفصلا انشاء الله .

------------------
رب اغفر لي ولوالدي وارحمهما كما ربياني صغيرا
عروس البحر
عروس البحر
أخي العزيز
نحن أمه مسلمة مؤمنة بالله وبرسوله ،نستمد النور لطريقنا من كتاب الله وسنة نبية محمد صلى الله علية وسلم ، عندما فتحنا هذة الدول من الصين إلى الاندلس كنا متمسكين بكتاب الله وسنة نبية ، لم نقتل الاطفال ولم نغتصب النساء ولم نقتل العزل والعجائز ونسلب خيرات بلادهم ، كنا نحكم عليهم بديننا وإسلامنا ونطبقها عليهم ،كنا فاتحين مبشرين بالإسلام ونشر الإسلام ،هدفنا هو نشر الإسلام إلى كل العوالم وليس الإغتصاب والقتل والتدمير ،هدفنا هو نشر رسالة نبينا محمد صلى الله علية وسلم ، وأحب أن اوضح ان الفرق بين الفتوحات والاحتلال هو أن الأولى - هدفها الأول نشر الإسلام (ولا يوجد بها قتل للأطفال والنساء والعواجز) أما الثانية مبنية على الضلم والعدوان ومباح بها كل شيء.
أيضا أحب ان تعرف انك عندما تتحدث مع أناس مثل هؤلاء أن تجعل نصب عينيك أنك أنت الحق وأن ديننا هو الحق وهو الذي يجب أن يتبع وليس دينهم ، وأنهم لن يفهمونا أبداً مالم يفهموا شريعتنا وسنة نبينا ، مع العلم أنه يوجد الكثير منهم يعلمون أننا على حق وأن ديننا هو الحق وأنهم هم الباطل لكنهم يكابرون .

والحال الأن يختلف مع فلسطين فماهو الأن إحتلال وقتل وتشريد وترميل وتعذيب وإغتصاب ولا يتوافق مع أي دين، الوضع الآن يختلف نعم ، وإعلم أنهم ( الغرب وأميركا ) لن يتدخلوا إلى لصالح اليهود - لكن إعلم أيضاً أننا سننتصر عليهم ولو بعد حين .

لاأعلم إن كنت قد أجبت عن إستفسارك أم لا - لكن القلب يغلي والجوف مختنق بكل ماأسمع وأرى وعندما قرأة موضوعك كأنني وجدت ماأستطيع أن أنفث به عن صدري ولو بالكتابة فقط.
وكلي أمل في رد محب الورد وسأنتظرة.

ويعطيكم العافية - أختكم المحبة عروس البحر
ضوء القمر
ضوء القمر
بسم الله الرحمن الرحيم
اخى الوحيد حسب دراستى للتاريخ عند ظهور الاسلام ونموه كان محاربا من الاديان الاخرى السماوية والوضعية ليتم وئده فى مهده فما كان ليتم نشره الا عن طريق الفتوحات واغلب المعارضة كانت من الحكام وليست من الشعوب وقد سجل التاريخ من خلاال فتوحات شرق اسيا انهم اسندوا ادارة الحكم الى اهلها اما عن موضوع الجزية التى فرضها الاسلام فهى مقابل حمايتهم من اى خطر خارجى وليس صحيحا ما يقول انه لا يمكن لااهل الاديان الاخرى السماوية من بناء كنائسهم ومعابدهم فانه يوجد نصوص فقهية للعلاقة مع اهل الذمة ومنها انه يتم بناء دور عبادة لهم ولكن حسب التعداد السكانى لهم بالاضافة الى اقامة العدل فيما بينهم وقد سجل التاريخ فى عدة مواقف نصرة الذمى على المسلم امام القضاء وليس ادل على ذلك من قوله صلى الله عليه وسلم من اذى ذميا فقد اذانى وقصة عمر بن الخطاب عندما راى سائلا وعرف انه ذمى قال قولته ما انصفناك عندما كبرت ولذلك فرض له عطاءا شهريا ... والحمد لله على اننا مسلمين

------------------
اعمل لدنياك كانك تعيش ابدا..واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا..
الوحيد
الوحيد
عروس البحر ... أنا لا اختلف معك ولكن الحوار مع شخص لا يؤمن بما ترى أمر صعب وعندما تناقشه يجب أن لا تقول أننا أصحاب دين ونريد نشر ديننا فهو يرى أن دينك غير صحيح وأنك تسعى لترغم الناس على دينك .

وعلى سبيل المثال لو قلت له ذلك سيقول لي ما رأيك لو جاءكم جيش كبير من نصارى أوروبا بهدف نشر بشارة المسيح ودخلوا أرضكم وقتلوا جميع أفراد جيوشكم وأخذوا نساءكم سبايا واستعبدوا من بقي من جيشكم وهم ينوون نشر بشارة المسيح ونشر العدل السماوي الذي أرسل به المسيح وطبقوا عليكم تعاليم الأنجيل .

هل ترون هذه الحرب عادلة لهم لأنهم يريدون نشر دينهم في أرضكم التي لا تدين برسالتهم التي يزعمون ؟

المشكلة أننا لا نفرق عندما نناقش أصحاب الأديان الخرى أنهم لا يدينون بما ندين به ونعتقد انهم يعلمون أننا على حق ولكن يكابرون !

ضوء القمر ... المسلمون لم يسندوا الأمر إلى أهل البلد إلا من اعتنق الإسلام منهم وكان على ديننا
.

كما أن جميع الأديان الجديدة تجد حربا من أهل الأديان الأخرى فعلى سبيل المثال لو ظهر الآن بيننا من يدعي النبوة وحوله مجموعة من الأتباع واستطاع أن يحصل على أرض يقاتل منها . هل كنا سنقف مكتوفي اليدين لنرى ما يفعل أو نستمع إلى دعواه ؟

أعتقد أن الأمر معقد جدا ويحتاج إلى رد عقلي خالي من العواطف ومدعم بالأدلة :(




------------------
إن طال الليل فلابد من طلوع الفجر وإن طال العمر فلابد من دخول القبر
محب الورد
محب الورد
بسم الله الرحمن الرحيم

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، يعني من أكثر المفتريات التي أثيرت حول الإسلام وروَّج له خصومه قولهم بأن الإسلام انتشر بحد السيف، وهذه الفِرية ساقطة بداهة للأسباب التالية:
السبب الأول: أن العقائد لا تستقر في النفوس تحت وطأة الصوت أو السيف على الإطلاق، فقد تطلب من ولدك ألا يفعل كذا، ثم تضربه، فيوافقك على ألا يفعله حين يحس بألم الضرب، لكنه حين يكون في خلوة يعود إلى فعله مرة ثانية حين ينسى ألم الضرب، فالعقائد لا تستقر تحت وطأة السيف أبدًا، وإنما تستقر بالإقناع وبالحجة الواضحة
السبب الثاني: أن هناك كثافة إسلامية في جنوب شرق آسيا، ملايين أسلمت لم تطأ بلادهم قدم مجاهد مسلم، فكيف أسلموا إذن؟ وأين السيف؟ هل ثبت تاريخيًّا أن جيوش المسلمين زحفت على جنوب شرق آسيا مثلاً، أو ذهبت إلى الفليبين أو إلى إندونسيا، التاريخ لم يقل ذلك، ومع ذلك فهناك كثافة إسلامية كبيرة جدًّا بين هذه الشعوب
السبب الثالث: أن هناك من القوات والجيوش التي حاربت الإسلام وانتصرت عليهم، كالتتار مثلاً، ومع ذلك وهم في أول انتصارهم أسلموا ودخلوا في دين الله أفواجًا، فأين إذن مكان السيف من هؤلاء حتى يقال إن الإسلام أجبر الناس على الدخول فيه بحد السيف
السبب الرابع: لو سلَّمنا جدلاً بما قاله هؤلاء الخصوم، فما موقع قول الله - تعالى -: "قل يا أهل الكتاب تَعَالَوا إلى كلمة سواءٍ بيننا وبينكم ألا نعبدَ إلا الله ولا نشركَ به شيئًا ولا يتخذَ بَعْضُنا بعضًا أربابًا من دون الله فإن تَوَلَّوا فقولوا اشَهَدُوا بأنَّا مسلمون"

لا تقتلوا شيخًا ،ولا امرأة، ولا صبيًا ،ولا عابدًا فى محرابه، ولا راهبًا فى” صومعته، ولا شابًا ما دام لا يحمل السلاح ،ولا تقطعوا شجرة ولا تعفروا -‏ تردموا - بئرًا ،‏ ولا تجهزوا على جريح ،ولا تمثلوا بقتيل .‏"

تلك هى وصايا الرسول -‏ صلوات الله وسلامه عليه -‏ ووصايا الراشدين من بعده لقادة جيوشهم الذاهبين إلى مواقف البأساء والعنف، وتعريض الأرواح للخطر أمام عدو لا يرحم .‏

ومع هذا تقال لهم هذه التعليمات ذات الطابع الأخلاقى النبيل ..‏ فهل يقال بعدها أنه دين نشره صاحبه بالسيف ؟‏ !

السلام فى الإسلام هو القاعدة والحرب ضرورة يفرضها الدفع الحضارى من الحق للباطل ،ومن الخير للشر ؛حتى لا تفسد الأرض، وحتى يتم التمكين فيها لرسالات السماء (‏ ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض )‏ .‏ (‏ ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرًا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوى عزيز الذين الذين إن مكناهم فى الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر )‏ .‏

هى إذن حرب ذات هدف نبيل ومشروع ،‏ غايتها إزهاق الباطل والتمكين فى الأرض لكلمات الله ،‏ وليست حربًا توسعية ولا استعمارية .‏
وحينما شرع الجهاد جاء الإذن به يحمل أسبابه ،وجميعها أسباب دفاعية عن حقوق وغايات نبيلة .‏ (أذن للذين يقاتلون )‏ أى اعتدى عليهم فمن حقهم الرد -‏ (‏ بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير. الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ..‏ )‏
الإسلام فاتح بذاتيته لاتساقه مع الفطرة وبساطة تعاليمه ،‏ ولأن العدل مع الآخرين هو عماده وقوام تشريعاته ..‏ وبهذا يكون تفسير السرعة الكبيرة التى انتشر بها حتى بلغ آسيا الوسطى فى عهد عثمان .

ولأنه فاتح بذاته كانت القدوة من تاجر أو عالم أو رحالة تكفى -‏ ولا تزال إلى اليوم تكفى -‏ كى تقنع الناس بصدق الإسلام وعدالته وصلاحيته منهاجًا للحياة فيدخلون فيه.‏

ومطالعة خريطة الإسلام فى شرق وجنوب شرق آسيا وفى شرق ووسط أفريقيا ثم اليوم فى استراليا وأمريكا والكثير من دول الغرب تكشف كيف دخل الإسلام هذه البلاد فاتحًا بذاتيته ومن غير قتال أو حرب .‏

فأمام ووراء تحرك الجيوش المسلمة فلسفة أساسها إزالة كل ما يحول بين الناس الجماهير وبين حرية الاختيار ،فالقاعدة أنه لا إكراه فى الدين .
وغاية الجهاد أن يخلى بين الناس وبين حرية الاختيار ولعل فتح مصر من أبرز هذه النماذج حيث انحاز شعبها للفاتحين الذين خلصوه من بطش الرومان وحموه وحموا عقيدته .‏
ولم يمض زمن حتى أصبحت العربية لغة الشعب فى مصر وذهب عمرو بن العاص إلى الإسكندرية، ليكون فى استقبال البابا بنيامين وليعيده إلى كرسيه بعد أن كان طريد الرومان -‏ إخوانه فى الدين .‏

أما عن الجزية يقول الدكتور القرضاوي :ـ

من الشبهات التي يثيرها المبشرون والمستشرقون قضية الجزية التي غُلِّفت بظلال كئيبة، وتفسيرات سوداء، جعلت أهل الذمة يفزعون من مجرد ذكر اسمها، فهي في نظرهم ضريبة ذل وهوان، وعقوبة فُرِضت عليهم مقابل الامتناع عن الإسلام.
ولكن الحقيقة أنها ليست كذلك، وما كانت إلا بدلاً عن فريضتين فُرِضتا على المسلمين، وهما: فريضة الجهاد وفريضة الزكاة، ونظرًا للطبيعة الدينية لهاتين الفريضتين لم يُلزم بهما غير المسلمين.
على أنه في حالة اشتراك الذميين في الخدمة العسكرية والدفاع عن الحَوْزَة مع المسلمين فإن الجزية تسقط عنهم.
وقد بينت في كتابي "فقه الزكاة" مدى جواز أخذ ضريبة من أهل الذمة بمقدار الزكاة، ليتساووا بالمسلمين في الالتزامات المالية، وإن لم تُسمَّ "زكاة" نظرًا لحساسية هذا العنوان بالنظر إلى الفريقين. ولا يلزم أيضًا أن تسمى "جزية" ما داموا يأنفون من ذلك. وقد أخذ عمر من نصارى بنى تغلب الجزية باسم الصدقة تألفًا لهم، واعتبارًا بالمسميات لا بالأسماء.
شهادة سير توماس أرنولد
وزيادة في الإيضاح والبيان، ودفعًا لكل شبهة، وردًا لأية فرية، يسرني أن أسوق إليك أيها السائل ما كتبه المؤرخ المعروف سير توماس أرنولد في كتابه "الدعوة إلى الإسلام" عن الغرض من فرض الجزية وعلى مَن فُرضت. قال: "ولم يكن الغرض من فرض هذه الضريبة على المسيحيين -كما يردد بعض الباحثين- لونًا من ألوان العقاب لامتناعهم عن قبول الإسلام، وإنما كانوا يؤدونها مع سائر أهل الذمة. وهم غير المسلمين من رعايا الدولة الذين كانت تحول ديانتهم بينهم وبين الخدمة في الجيش في مقابل الحماية التي كفلتها لهم سيوف المسلمين. ولما قَدَّمَ أهل الحيرة المال المتفق عليه ذكروا صراحة أنهم دفعوا هذه الجزية على شريطة: "أن يمنعونا وأميرهم البغي من المسلمين وغيرهم".
كذلك حدث أن سجل خالد في المعاهدة التي أبرمها مع بعض أهالي المدن المجاورة للحيرة قوله: "فإن منعناكم فلنا الجزية وإلا فلا".
ويمكن الحكم على مدى اعتراف المسلمين الصريح بهذا الشرط من تلك الحادثة التي وقعت في عهد الخليفة عمر. لما حشد الإمبراطور هرقل جيشًا ضخمًا لصد قوات المسلمين المحتلة، كان لزامًا على المسلمين نتيجة لما حدث أن يركزوا كل نشاطهم في المعركة التي أحدقت بهم. فلما علم بذلك أبو عبيدة قائد العرب كتب إلى عمال المدن المفتوحة في الشام يأمرهم برد ما جُبيَ من الجزية من هذه المدن، وكتب إلى الناس يقول: "إنما رددنا عليكم أموالكم لأنه بلغنا ما جُمع لنا من الجموع، وأنكم قد اشترطتم علينا أن نمنعكم وإنّا لا نقدر على ذلك، وقد رددنا عليكم ما أخذنا منكم، ونحن لكم على الشرط، وما كتبنا بيننا وبينكم إن نصرنا الله عليهم". وبذلك ردت مبالغ طائلة من مال الدولة، فدعا المسيحيون بالبركة لرؤساء المسلمين، وقالوا: "ردكم الله علينا، ونصركم عليهم (أي على الروم).. فلو كانوا هم لم يردوا علينا شيئًا وأخذوا كل شيء بقي لنا".
وقد فُرِضت الجزية -كما ذكرنا- على القادرين من الذكور مقابل الخدمة العسكرية التي كانوا يطالبون بها لو كانوا مسلمين، ومن الواضح أن أي جماعة مسيحية كانت تعفى من أداء هذه الضريبة إذا ما دخلت في خدمة الجيش الإسلامي وكانت الحال على هذا النحو مع قبيلة (الجراجمة) وهي مسيحية كانت تقيم بجوار أنطاكية سالمت المسلمين وتعهدت أن تكون عونًا لهم، وأن تقاتل معهم في مغازيهم على شريطة ألا تؤخذ بالجزية، وأن تعطى نصيبها من الغنائم.
ولما اندفعت الفتوح الإسلامية إلى شمال فارس سنة 22هـ، أبرم مثل هذا الحلف مع إحدى القبائل التي تقيم على حدود تلك البلاد، وأُعفيت من أداء الجزية مقابل الخدمة العسكرية.
ونجد أمثلة شبيهة بهذه للإعفاء من الجزية في حالة المسيحيين الذين عملوا في الجيش أو الأسطول في ظل الحكم التركي. مثال ذلك ما عومل به أهل ميغاريا وهم جماعة من مسيحيي ألبانيا الذين أعفوا من أداء هذه الضريبة على شريطة أن يقدموا جماعة من الرجال المسلحين لحراسة الدروب على الجبال التي كانت تؤدي إلى خليج كورنته، وكان المسيحيون الذين استخدموا طلائع لمقدمة الجيش التركي لإصلاح الطرق وإقامة الجسور قد أعفوا من أداء الخراج، ومُنِحوا هبات من الأرض معفاة من جميع الضرائب.
وكذلك لم يدفع أهالي حيدرة المسيحيون ضرائب مباشرة للسلطان، وإنما قدموا مقابلها فرقة من مائتين وخمسين من أشداء رجال الأسطول، كان ينفق عليهم من بيت المال في تلك الناحية.
وقد أعفي أيضًا من الضريبة أهالي رومانيا الجنوبية، وكانوا يؤلفون عنصرًا هامًا من عناصر القوة في الجيش التركي خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين، ثم المرديون، وهم قبيلة كاثوليكية ألبانية كانت تحتل الجبال الواقعة شمال إسكدرا، وكان ذلك على شريطة أن يقدموا فرقة مسلحة في زمن الحرب. وبتلك الروح ذاتها لم تقرر جزية الرؤوس على نصارى الإغريق الذين أشرفوا على القناطر (هي نوع من القناطر تقام على أعمدة لتوصيل مياه الشرب إلى المدن، وقد كانت شائعة في الدولة الرومانية منذ القرن الأول الميلادي) التي أمدت القسطنطينية بماء الشرب، ولا على الذين كانوا في حراسة مستودعات البارود في تلك المدينة نظرًا إلى ما قدموه للدولة من خدمات. ومن جهة أخرى أعفي الفلاحون المصريون من الخدمة العسكرية على الرغم من أنهم كانوا على الإسلام، وفرضت عليهم الجزية في نظير ذلك، كما فرضت على المسيحيين.




------------------
رب اغفر لي ولوالدي وارحمهما كما ربياني صغيرا