من منّا لايحب التغير إلى الأحسن ؟كلنا نحب ذلك بلا شك ..!وقد نباشر هذا التغيير في أي مرحلة من حياتنا
حين ندرك النواحي السلبية التي اكتسبتها طباعنا
ونستبدلها بالأفضل .
تتشكل ملامح شخصياتنا بداية منذ الطفولة
وتستمر ..
وهي في هذا الطور يكون الوالدان هما
المؤثر الأول الذي يستمد منه الطفل طوره ...
فالبنت .. تميل إلى تقليد أمها بكل حركاتها
حتى في ارتداء ( حذائها) العالي ..
وتسريحة شعرها
والولد يحاول تقمص شخصية أبيه ..
واصطناع الرجولة ..
وهكذا ... ثم يصبح المجتمع المحيط به
متداخلاً مع التأثير الأسري .. ويزداد
كلما تدرج في مراحل النمو ..
فتتذبذب أطوار الشخصية
خاصة وهي تواجه عواصف المراهقة وأهواء النمو ..
وهنا يكون للأقران فيها دور كبير في التأثير ..
فتمرالشخصية بأطوار متعددة بين الحسن والسئ
حتى تستقر نوعاً ما .
يقال أن الإنسان يمرّ في كل عقد من الزمن ( عشر سنوات)
بطور جديد ..
أي تتغير فيه بعض الطباع مع تغير العمر وطريقة التفكير ..
وهذه حقيقة تمخضت عن دراسات واقعية ..
ولكن .. لايتغير في الشخصية كل شيء ..
التغيير يكون في طريقة التفكير واختلاف النظرة للأمور
للأشياء نفسها ...
فما ترينه منها وأنت في مطلع الشباب ..
قد تختلف نظرتك إليه وأنت في مرحلة النضوج ..
ولكن بعض الناس يبقى في حالة تذبذب وعدم استقرار
حتى وإن تعدى طور النمو ..
يظل متعدد الأطوار ، له كل يومٍ شأن ..
تعالين واقرأن معي :
هذه شخصية واقعية عُرفت في مجال العمل ..
بأنها ذات أطوار ... تفتقد الأصالة والثبات ..
فنراها يوماً جادة تماماً .. صامتة تتجنب الحديث
ثم حين ينصحها أحد مثلاً بالاعتدال
تنقلب في اليوم الآخر إلى ثرثارة لاتكف عن المزاح والضحك
في محاولة منها لتكون خفيفة الظلّ ..
حتى إذا ما زاد مزاحها ووجدت من ينهرها ..
عادت إلى لبوس الصمت والجد .. ودخلت في طورها الثاني
وقد يأتي يوم تفاجؤنا فيه بطور ثالث ..
تأثرت به من خلال شخص ما ..
ولذا كنّا لاندري بأي طور سنراها كل يوم .
هذا التبدل السريع في النمط ..
كمثل أن يستبدل المرء ملابسه ..
أو يرتدي ما لا يناسب قياسه وسنّه ..
هو علامة غير صحية ودليل تذبذب الشخصيّة ..
ولاشك أنك صادفت في حياتك
من هم على هذه الشاكلة ..
ومن المهم أن تعرفي أن طور الشخصية
ليس قدراً من الله تعالى ،
وإنما هو ( عادة ) مثل العادات الأخرى
القابلة للتعود والاكتساب .
ولا يحتاج الأمر إلاّ أن يقرر الإنسان تغيير شيء في نمط شخصيته
ومن ثم يمتلك الإرادة على التغيير فقط ...
وهناك الكثير ممن حاولوا تغيير عادات بشخصياتهم
بعد أن ثبت لهم أنها خطأ ،
وبعد قوموها استطاعوا أن يظفروا بالنجاح .
المهم أننا حين نعتزم التغيير تكون غايتنا
التغلب على عوامل الضعف ..
أي نسير في طريق بناء الشخصية ...
أخبرنا إنسان عرف بمثاليته وتصرفه الموزون
وأخلاقه العالية ، والتزامه الديني قصة تحوله فقال :
لم أكن هكذا في أول شبابي ..
كنت طائشاً .. لايثق بي أحد ولا يؤتمن لي جانب
أتبع هوى نفسي .. ولا أهتم لمستقبل حياتي ، وأعيش ليومي
صحوت على نفسي وأنا أسير في مرحلة الثلاثين
والفوضى تعم حياتي .. ولكن كيف انتبهت من غفلتي ؟
أمر بسيط .. كان قدراً لإفاقتي ..
طلب مني أخي الكبير ذات يوم أن أذهب معه إلى مكان ما
وكان أخي هذا معروف بحسن الخلق وسعة الفهم ..
ذهب بي إلى منطقة نائية عن العمران المنسق
المنطقة كانت خارج التغطية .. بيوتها متهالكة ..
ومتناثرة في فوضى عارمة ..
أرضها ترابية .. وشوارعها - إن صحّت الكلمة - مبعثرة
دون تخطيط أو هندسة ..
كل شيء فيها عشوائي ..
قصد أخي بيتاً يعرف أصحابه ..
وأعطى مبلغاً من المال لصاحبه .. ثم أخذنا طريق العودة
وأصرّ أخي أن يريني كل مكان هناك ..
وطلب مني أن أخزن مارأيت من مشاهد في ذاكرتي
حتى الأطفال المتربين لفت نظري إليهم وهم غارقين في لعبهم
وعدنا...! وحين دخلنا شوارعنا المرصوفة وبيوتنا المهندسة
وأشجارنا المنسقة .. سألني أخي :
أي المشهدين أعجبك وتود أن يكون لك دائماً :
هذا الذي تعيش في محيطه ؟
أم ذاك الذي يعيش في داخلك ؟
تعجبت واستنكرت ؛
هل ذلك المكان القذر الفوضوي يعيش بداخلي ؟!
- نعم ! ... أجاب أخي وأكمل :
إن مثل الطور الفوضوي الذي يعيشه الإنسان
مثل تلك الأماكن التي تفتقر إلى الهندسة والتنظيم والنظافة
ومثل الطور المنظم أشبه بالمدينة المقامة على تخطيط سليم
وأنت الآن في داخلك تلك الفوضى ..
فادرك نفسك ياأخي قبل فوات أوان الشباب.. واصلح مافسد
من أطوار خلقك واثبت عليها ..
أتصدقون أن ذلك الحديث كان له فعل السحر ..
أثّر بي فوراً...!!
فإذا بقلبي وقد زال عنه الران ... وعيني وقد زالت عنها الغشاوة
فكان التغيير الشامل ..!! وتبدلت نظرة الناس إلي..
وتسلقت سلم النجاح ..
وأصبحت رجلاً مؤمناً ملتزماً.. تؤخذ منه المشورة ، وتودع عنده الأسرار .
سؤال :
والآن وجهي إلى نفسك تساؤل واحد ..
بعد قراءة هذه السطور :
ترى ما هي أطوار شخصيتي ؟
نصيحتي إليك :
إذا كنت تريدين الإجابة الدقيقة ،
لسؤالك ماعليك إلا أن تدعي مغالطة النفس ..
واستمعي إلى الآخرين من أهلك وأصدقاءك
حين يبينوا لك نقاط الضعف أو عدم الثبات في شخصيتك .
أو شوائب من طور غير محمود تغزو طباعك...
فأهلك ومن يحيطك ويكن لك الخير هو مرآة عاكسة
ترى مالا ترينه ..
فاحرصي بين حين وآخر على التجديد والتطور
واعملي جرداً سنوياً لك لأطوارك .
وكلّي ثقة أنك قادرة على حسن الاختيار
إذا مالجأت إلى فكرك .. وهدى عقلك على ضوء الإسلام .
وفي كل الأحوال ..
التي قد يتأثر فيها البعض منا بشخصية في المجتمع ..
علينا أن لاننخرط في تقليدها فنضيع كل معالم بصمتنا الشخصية
ونفقد أصالتنا ..
نماذج من أطوار :
هناك أطوار عديدة وهذه نماذج منها لرجال ونساء
يعيشون في المجتمع .. أعرضها عليك:
* شخصية هزلية لاتكف عن المزاح ولا تعرف الجد.
* شخصية عبوسة تبعث على الكآبة لاتعرف المرح .
* شخصية مهذارة ثرثارة تنشر الأخبار وتتناقلها .
* شخصية متذبذبة الأطوار لاتستقر على نمط من السلوك .
* شخصية فظة نافرة حادة الطباع لاتألف ولا تؤلف .
* شخصية لينة وطيبة جدا ولكن ليست جريئة وتتحاشى النقاش والجدال .
* شخصية خجولة منكمشة تهرب من الاجتماعات متصلبة في ذات الوقت في آراءها.
* شخصية خفيفة ولكن ليست عميقة توافق الآخرين وتقلدهم وليس لها طموح .
* شخصية أنانية حقودة لاتحب الخير للآخرين .
* شخصية موزونة تجمع الخصال الحميدة ..
هي لاتحب كثرة الكلام ولكن لاتغيب عنها الإبتسامة ..
لينة بالحق شديدة على الباطل ..
تحب الخير للجميع..
* وهناك من تجمع من تلكم الأطوار الحسنة باقة لها .. وغيرها العكس .
أخيراً !!! دعوة لك :
قارني شخصيتك بتلك الأنماط ..
واكتبي بصدق طور شخصيتك الخاص بك
كما ترينه ويراه أهلك وأصحابك وكل من حولك ..
لنقرأه معاً ...
وقد نشاركك في إظهار السلبيات والإيجابيات في أطوارك ..
لنصل جميعاً إلى الأحسن ...
بوركتن جميعاً .
وحدنا من يقشعها ويحاكيها،
ووحدنا من يغذيها ويصقلها بالتطوير والاستنارة،
ووحدنا من يُجيد الغوص في أغوارها وتنقيح أخطاءها وعيوبها
دون الخجل أو تتويجها بالنرجسية الممقوتة..!
فالشخصية هي مرآة الذات،
ونبض مكنونها الفكري..!
تؤام الروح: فيض
انسكابكِ.. هالة من ضياء تضيء قيعان الروح،
وتزرع البيادر القاحلة بأزاهير المعرفة والعلم النافع..!
بوركتِ حبيبتي
ولا حرمكِ الله الأجر والمثوبة الحسنة!!