حكم الرطوبة(هل هي نجسة؟وهل تنقض الوضوء؟)إن مما يشكل على النساء مسائل الطهارة ،ويحترن فيها و يقعن كثيرا في الوساوس أو الأخطاء إما بسبب الجهل أو بسبب عدم الاهتمام. والذي تجدر الإشارة إليه أن أكثر أسئلة النساء في هذا العصر عن الرطوبة التي تخرج من القبل ،فالسؤال يدور حول نجاستها وعن نقضها للوضوء.
أما بالنسبة لنجاستها ففيها قولان :
الأول: أنها نجسة(غير طاهرة)ومن أصحاب هذا القول أبو إسحاق بن شاقلا ،وابن رزين ،وأيضا شيخنا عبد العزيز بن باز وشيخنا ابن فوزان.
الثاني:أنها طاهرة واليه ذهب كثير من أهل العلم منهم ابن عابدين، والبهوتي ،وابن قدامة ،وابن حزم،وشيخنا الألباني، وابن عثيمين .وقد استدل القائلون بطهارة الرطوبة بأنه لو كان نجسا لكان منيها نجسا.
ولعلي لم أقف على من استقصى الأدلة كما أذكرها-فيما أعلم-،لأن هذه المسألة تهم النساء كثيرا ، وقد بحثت في كتب السنة فلم أجد دليلا ينص على نجاسة الرطوبة لا مرفوعا ولا موقوفا ،ولم يقل بذلك أحد من الصحابة ولا من التابعين ولا من أتباعهم.وأدلة الطهارة كثيرة منها :
أولا :(أن الأصل في الأشياء الطهارة،إلا أن يجيء دليل يفيد عدمها،وهذه قاعدة استدل بها شيخ الإسلام على طهارة المني.فقال :الأصل في الأعيان الطهارة فيجب القضاء بطهارته حتى يجيئنا ما يوجب القول بأنه نجس،وقد بحثنا وسبرنا فلم نجد لذلك أصلا،فعلم أن كل ما لا يمكن الاحتراز عن ملابسته معفو عنه).قلت: وهذا ينطبق على الرطوبة سواء بسواء بل هي أكثر حاجة لهذا الحكم لان الاحتراز عن ملابستها أصعب لأن المرأة لا تعرف نزولها ،لا بشهوة ولا بغير شهوة فقد تصيبها وهي نائمة أو منشغلة فلا تشعر،وقد تكون قليلة جدا وقد تزيد.
ثانيا:أنها لو كانت نجسة لبين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم لزوجاته وبناته ونساء المؤمنين،ولو كان يخفى عليهن طهارتها لسألن عن ذلك وهن اللاتي لا يمنعهن الحياء من التفقه في الدين،وهن أحرص على دينهن منا ،أفيكون نساء عصرنا أكثر حرصا منهن؟ولا يمكن أن يقال :إنهن يعلمن نجاستها لذلك لم يسألن فإنه غير وارد فقد سألن عن الاستحاضة والكدرة والصفرة والاحتلام وهو أشهر وأظهر في النجاسة وذلك لوجود أوصاف مشتركة مع الحيض.
ثالثا:أنه ثبت أن نساء الصحابة لم يكن يحترزن من الرطوبة ولم يكن يغسلن ثيابهن إلا مما علمت نجاسته،ويدل على ذلك ما رواه البخاري في كتاب الحيض _باب غسل دم الحيض-عن أسماء بنت أبي بكر قالت:سألت امرأة رسول الله -صلى الله عليه وسلم -فقالت يا رسول الله ،أرأيت إحدانا إذا أصاب ثوبها الدم من الحيض كيف تصنع؟فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم(إذا أصاب ثوب إحداكن الدم من الحيض فلتقرصه ثم لتنضحه بماء ثم لتصلي فيه).فمن المعلوم أن نساء الصحابة ليس لهن من الثياب إلا ما يلبسنه وليس لهن ثياب مخصوصة للصلاة تحرزها من الرطوبة التي تخرج سائر اليوم،فكيف يأمر من يرى نجاسة الرطوبة في عصرنا هذا بالتحفظ بالحفاظات وهل كان لدى نساء الصحابة حفاظات يغيرنها عند كل صلاة.
وهل تنقض الرطوبة الوضوء؟
في ذلك قولان الأول: أنها تنقض الوضوء ، والثاني: أنها لا تنقض الوضوء،
أما القائلون بعدم نقضها فقد استدلوا بأدلة منها :
أولا :إن تكليف المرأة بالوضوء لكل صلاة لأجل الرطوبة إن كانت مستمرة أو إعادتها للوضوء إذا كانت متقطعة شاق،وأي مشقة وهو أكثر مشقة من الاحتراز من سؤر الهرة الطوافة بالبيوت حتى جعل سؤرها طاهرا،ورسول الله –صلى الله عليه وسلم-يعلل طهارة الهرة بمشقة الاحتراز حيث يقول: (إنها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم والطوافات).
ثانيا:إن الله تعالى سمى الحيض أذى وما سواه فهو طهر فقال(ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) وبالتالي ما كان طاهرا فكيف ينجس؟وما كان طهرا فكيف يوجب وضوءا؟
ثالثا: أخرج البخاري في كتاب الحيض-باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض عن أم عطية قالت (كنا لا نعد الكدرة والصفرة شيئا) قلت: فلئن كن لا يعددن الصفرة والكدرة شيئا فلأن لا يعددن الرطوبة شيئا أولى؟
رابعا:إن جعل الرطوبة من نوا قض الوضوء مع خلوه من الدليل يحرج النساء(وما جعل عليكم في الدين من حرج) ومن تأخذ بهذه الفتوى وتلتزم بالوضوء من الرطوبة لو تمكنت من العمل بمقتضاها في بيتها وعملها فإنها لا تتمكن منها في العمرة والحج سيما المواسم والزحام،فهل ستعمل به تارة وتتركه أخرى،وهل يصح أن يكون ذلك حدثا أحيانا و لا يكون حدثا أحيانا أخرى، ثم إن كثيرات ممن عملت بهذه الفتوى وألزمت نفسها بها أصابهن الوسواس الكثير ،فصار شغلها الشاغل ،هل نزل منها رطوبة أم لا؟ثم إذا توضأت وصلت ووجدت شيئا من ذلك ولم يكن مستمرا اضطرت لقطع صلاتها وإعادة الوضوء ،وهذا عسير جدا ،ولا طاقة للمرأة به،والله تعالى لم يكلف عباده إلا بما يطيقون.
إن هذا البحث قد عرض على فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين فقرأه وراجعه قبل وفاته،وسمعته قبل وفاته قد غير فتواه إلى قوله بعدم نقض الرطوبة للوضوء،فرحمه الله رحمة واسعة،كما سألت بعض أهله فقالوا بذلك مؤكدين بأنه قد أفتى بعدم نقض الرطوبة للوضوء.
من كتاب حكم الرطوبة للدكتورة رقية بنت محمد المحارب

الفردوس بغيتي @alfrdos_bghyty
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.


جزاكن الله خيرا اخواتي
فقد شغل هذا الموضوع الكثير من النساء حتى صرن يشككن في الثوب الذي خرجت به الرطوبة هل يصلين به ام لا؟حتى ان بعض الاخوات كانت تنزع ملابسها الداخلية عند الصلاة عندما تكون في زيارة !!!
فقد شغل هذا الموضوع الكثير من النساء حتى صرن يشككن في الثوب الذي خرجت به الرطوبة هل يصلين به ام لا؟حتى ان بعض الاخوات كانت تنزع ملابسها الداخلية عند الصلاة عندما تكون في زيارة !!!


الصفحة الأخيرة
ونفع الله بها