ما رأيكم في هذا المقلب؟..(رأيكم يهمني جدا جدا)

الملتقى العام

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

أن تعبر إحدانا عن صحة فعلها أو رأيها وتقنع الجميع بذلك،ليس أمرا سهلا،ولكن بعض الطرق أو المقالب التي نستطيع-نحن معشر النساء-تمثيلها توفي بالغرض!!

ولهذا،أحب أن أحكي لكم ما حدث معي ذات مرة،بسبب خلاف حول موضوع تغطية الوجه:بالإستحباب أم بالوجوب؟

((لي أخوين سلفيين-نحسبهما كذلك-أحمد ومحمد..))

كنت وأخي"أحمد" الذي يكبرني بخمس سنين،نحدث"جدالا"حول هذا الموضوع،ذلك لأنه في مدينتنا قليل جدا من الفتيات من هي على منهج السلف،ومن هؤلاء،القليل فقط من ترتدي الجلباب،ومن هؤلاء أيضا بقيت أنا لوحدي من تأخذ بالوجوب،بعد تراجعهن واحدة واحدة..تخيلوا!!
يعني:قليل من قليل من قليل!!!
وليس ذلك عنادا-معاذ الله-ولكنه اطمئنان نفسي للحكم..
وكانوا-ومازالوا لحد الآن-يحاولن إقناعي بذلك،غير أن شيئا في نفسي يمنعني،ولست أستصيغ ما يدعونني إليه مطلقا..والحمد لله.

وبعد مدة وجيزة استطاع أحدهم أن يقنع أحمد بالحكم،أي"الإستحباب"،فلذلك أصبح يكثر جدالي،وكنت أحاول دائما الرد عليه بالأدلة،ولكن-لحيلته-كان إذا عجز أسكتني بجملة:
هل الشيخ الألباني مخطئ؟هل تعلمين أكثر منه؟
فاحترامي واجلالي للشيخ يمنعني من أن أمسه بكلمة واحدة..فآتي لأقول مثلا(ذلك اجتهاد ولكلٍ أجر)
فيسكتني قبل أن أنطق بذلك..آذانا بانتهاء الحوار!!

بعد أيام أو بالأحرى أشهر،بعد أن بدأت ثلة من السلفيات تتراجعن عن حكم الوجوب،كنت أندهش بأن فلانة وفلانة ممن كن عندي قدوة،يتراجعن..وكنت أتساءل دائما((هل هذا عناد مني؟أم حقا هو الصواب؟لربما كانت نفسي تغريني حتى أطبق قول خالف تعرف ؟؟>>
ولكن الحمد لله أن ثبتني،فسرعان ما أنتفض وأقول:مادمت مطمئنة للحكم فلا أبالي..

ولكن،أخي"أحمد"لم يتراجع..وقد كثر الجدال..فما الحل؟
فكرت في طريقة سهلة يسيرة،لا أجادل فيها ولا أغالب..فما هي؟

إليكم ما قد حصل:

ذات يوم،بعد أن عدت من صلاة الجمعة وأخي،كنت حقيقة قد صدمت بتراجع فتاتين أحبهما في الله كثيرا،وفي طريق العودة كنت أتناقش مع نفسي في هذا الموضوع،لا يشغل بالي غيره..

ارتحنا قليلا،ثم أخذت أحكي لأحمد عن تراجع الفتيات..وكنت أصطنع أني بدأت أتأثر..فمن العبارات التي كنت أقول: (فلااانة،التي لديها من العلم ما شاء الله تراجعت!!فما وزني أنا أمامها؟!)..(أنا في حيرة من أمري..حتى فلانة التي كانت تتشدد مع الحق،تراجعت!!)
وكان أحمد يتبسم ظانا أنه قد غلبني..

في مساء ذلك اليوم،كنت أريد الخروج من المنزل لحاجة،فعمدت إلى الغرفة التي كان فيها،لألبس جلبابي أمامه،ثم بدأت في التمثيل!!
قربت الستار من وجهي ثم أبعدته بطريقة تجلب النظر،ثم سويت خماري بالكيفية التي تفعلها السلفيات عندنا..
وأخذت القفازين،لبستهما،ثم نزعتهما ...كل ذلك وهو ينظر إليّ..
وبعد ذلك وقفت أمام المرآة،وكأني أتردد،وأبدي علامات الحيرة..
ثم قلت له:هيا لنذهب.
اندهش وقال:ماذا؟!بهذا الشكل؟؟
قلت:نعم..وكيف إذن؟
قال:إلبسي الستار،والقفازين
قلت:أوتأمرني بذلك؟هذا مستحب وليس بواجب..
قال:..نعم،لكن،ألا تفعلين شيئا مستحبا..؟((كل ذلك وهو في أشد حالات الإضطراب))
قلت:أوووووووه،كم من المستحبات تفوتنا،بل إننا مفرطون حتى في الواجبات!!
قال:لا أبدا لن أذهب معك هكذا..إذهبي مع محمد..
وكان قد دخل لتوه(لكنه من أنصار الوجوب).
قلت:محمد،تأخذني أنت؟
قال:نعم طبعا،لكن قبل ذلك أمرر السكين على رقبتك!!!
رجعت إلى أحمد..:إذن لا مجال للفرار ستأخذني أنت..
رفض مطلقا وهم بالخروج..
ناديته:انتظر..سأذهب لوحدي..
قال:ماذا؟؟!!
قلت:أوليست جل السلفيات عندنا تفعل ذلك؟ما الفرق إذن؟
قال:آه،نعم،قد فتح لك الباب إذن؟وهل يعجبك حالهن؟
قلت:سبحان الله..هن أحسن مني علما..قل لي أولا:هل أصحابك بالخارج..(وأخذت أمثل)..ياربي كيف أمرّ أمامهم؟يارب كيف وهم لا يرون وجهي؟..اسمع،خذهم بعيدا حتى أخرج وأبتعد ثم ليرجعوا..

المسكين لم يجد له مخرجا من المشكلة،بدأ يروح ويجيء داخل الغرفة،ثم نظر إلي وقال:أنت مترددة وليس لك رأي ثابت،كنت في قرار ثم تراجعت عنه..
قلت:من الذي كان يدفعني لذلك؟ألست أنت بنفسك؟..والتراجع في الحق خير،وفلاااانة قبلي تراجعت وهي خير مني..أم أنك تراجعت إلى الوجوب؟
قال:لا لا أنا مع الشيخ الألباني-رحمه الله-..
قلت:إذن لم تتهمني؟

في ذلك الحين دخل والدي..:ما المشكلة؟
قلت:أنا سأكشف وجهي وأتبع رأي من يبيح الكشف..
تهلل وجهه فرحا بذلك،فهو طالما أمرني به وكان يقول(عندما تتزوجين افعلي ما يحلو لك)وينصحني بأن الإسلام دين وسطية فلا إفراط ولا تفريط..والوسط:حجاب عادي((عباءة فرنسية بالمفهوم الصحيح))وخمار((شال يغطي الشعر والنحر فقط))..!!!

قال والدي:معك حق،الجلباب نقبله لكن لماذا الوجه والكفان؟..والتفت إلى أحمد وقال:لا دخل لك فيها،تفعل ما تشاء..وذلك هو الصواب..أنت متشدد!!
قلت:إذن لا أحد يخرج معي..نظرت إلى الساعة وقلت:أوووه..قد مضى زمن كثير، أؤجل الخروج إلى الغد بإذن الله..((كل ذلك محض تمثيل))!!

وخرجنا من الغرفة،وأحمد متضجر ويصرخ فيّ ذهابا وإيابا.."متراجعة لا ثبات لك.."

بهذه الطريقة قد بدأت أكتشف من أنا عنده غالية،واغتنمت الفرصة لكي أعرف موقف جميع من بالبيت..

ذهبت إلى أمي،وقصصت لها الأمر..اندهشت المسكينة وكأنها قد صدمت فيّ،ثم قالت لي:البسي نقابا أحسن لك..((تقصد على الأقل وتعني بالنقاب -مثل الذي ترتديه- الأصيل وليس المبتدع ))
ثم لما علمتُ غيرتها،طبعا لن أستطيع أن أخفي شيئا عنها..أعلمتها بالخطة..فتبسمت..
ثم كادت أن تكشفني بعد أن أشفقت على أحمد الذي كاد يجن!!
وكانت تهددني:حرام عليك،لماذا تفعلين به هكذا؟سأخبره..ألا تشفقين عليه؟
فأقول:أتركيه،حتى يحرّم مرة أخرى أن يقول لي "بالإستحباب"..!!

و تبين لي موقف جميع من في البيت:

والدي:فرح جدا بالأمر..وهذا ما كان يريده-هداه الله-
أخي الأكبر:لا يبالي بالأمر مطلقا،ودائما بعيد عن نقاشاتنا..
محمد:ياويلي!!،مادام فيها ذبح وقتل،الله يستر..لكن بصراحة،أعجبني موقفه..
أحمد:قد علمتم موقفه..
الذي أصغر منه،قال لي:لا أخرج معك بلباسك ذاك أبدا،لو أعطيتني الملايين،لكن لو تخرجين (سيفيليزي)أمشي معك..((سيفيليزي كلمة أجنبية بمعنى متحضرة!!تطلق على من تلبس لباس الكافرات..وهن الأغلب عندنا والله المستعان))
والأعجب أن أخي الصغير ذو 8سنوات،رفض ذلك مطلقا..وهددني أنه لن يخرج معي!!<<رجل والرجال قليل!!>>

مع نهاية اليوم المليء بالمشاحنات..أخذت أحمد جانبا وقلت له:أنا مقتنعة تمام الإقتناع بالوجوب،وحاولت مرارا وتكرارا أن أقنعك لكنك بسبب إفراط حبك للشيخ الألباني-رحمه الله-أخذتك الحمية..وقد رأيت اليوم بمجرد طرح الفكرة لم تقبل فكيف لو طبقتها؟
وقد كان كل ذلك محض امتحان..
إذن من اليوم فصاعدا،لو تقول لي"بالإستحباب"..سأقتلك!!!

فتبسم،معلنا انتهاء الجدال..
والحمد لله منذ ذلك الحين لم يعد يجادل في ذلك الموضوع..
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات..
وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا..

مـــــــلاحـــــــــظــــــــة
~+~+~+~+~+~+~+~+~+~+~+~+~+~+~+~+~+~+~
مما يتبين من الموضوع أن أحمد أخي قد عمل عمل الكثيرين من شباب هذا الزمن من الملتزمين وهو الإفراط في اتباع الشيخ لصدقه وأمانته،وترك من يعارضه أو يخالفه..فالشيخ الألباني رحمه الله مثلا،نحبه في الله ونكن له المكانة العالية،ولكن إذا رأينا الصواب مع غيره-بالأدلة القاطعة طبعا-اتبعناه..فنحن نتبع الحق أينما ومع من كان..وكل بني آدم خطاء..وكل من يجتهد يخطئ ويصيب..والأجر في ذلك جميعا..
~+~+~+~+~+~+~+~+~+~+~+~+~+~+~+~+~+~+~
أخيرا،أريد منكم-أخواتي -أن تمدوني بملاحظاتكم على هذا((المقلب))..ورأي كل واحد فيكم..والسلام عليكم..
17
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

زهرة النوير
زهرة النوير
اختي العزيزه 0000ام عبد الرحمن الغريبه

صحيح ان رأي الشيخ الالباني هو الاستحباب 00

ولكن هل تعلمين ان زوجته وبناته كانوا يغطون وجوههم ,, وليس في هذا شيء 00

ولكني من رأي الاستحباب فليس فيه شيء ان شاء الله ( علما بأني اغطي وجهي )
الداعية الى الحق
منقول ...
وجوب تغطية المرأة وجهها على المذاهب الأربعة

لمن يريد الحق أدلة وجوب تغطية وجه المرأة
وان الوجه عورة على المذاهب الأربعه
وإليكم الدليل والرد العلمي على وجوب تغطيته والرد على من قال بغير ذلك


أما الادعاء أن القول بعدم وجوب تغطية الوجه وانه رأي الفقهاء الثلاثة ورواية عن أحمد! فهذه أكذوبة علمية ابتدأها دعاة السفور قديماً أيام قاسم أمين ومحمد عبده وغيرهما وما زالت تردد إلى اليوم، والحق عكس ذلك تماماً، وهو أن رأي الجماهير هو وجوب تغطية الوجه، وأما القول بالجواز فهو الرأي الشاذ النشاز في المجتمعات الإسلامية عبر العصور، ولم تقبل به إلا بعد دخول الاستعمار

مقدمة لا بد منها قبل الخوض في الموضوع : اختلف العلماء في الوجه واليدين بالنسبة للمرأة، فمنهم من أجاز لها كشفها، ومنهم من منع".. لكن الذي نعتقد أن كثيرا من الناس لم يفهم حقيقة هذا الخلاف بين أهل العلم.. والحقيقة تبرز إذا عرفنا أن الكلام عن عورة المرأة إنما يذكر دائما في " باب شروط صحة الصلاة"، فيقول العلماء: " وكل المرأة عورة إلا وجهها وكفيها".. وهم إنما يقصدون عورتها في الصلاة، لا عورتها في النظر..

وعورة الصلاة ليست مرتبطة بعورة النظر لاطردا ولا عكسا، فما يجوز كشفه في الصلاة بالنسبة للمرأة هو الوجه بالإجماع، واليدين عند جمهور العلماء، والقدمين عند أبي حنيفة وهو الأقوى.. أما خارج الصلاة فلا يجوز كشف ذلك أبدا، فإذا قيل: " إن وجه المرأة وكفيها ليستا بعورة".. فهذا المذهب إنما هو في الصلاة إذا لم تكن بحضرة الرجال.. وأما بالنسبة لنظر الأجنبي إليها فجميع بدنها عورة لابد من ستره عن الأجنبي لقوله عليه الصلاة والسلام: ( المرأة عورة) قال موفق الدين ابن قدامة: " وقال مالك والأوزاعي والشافعي: جميع المرأة عورة إلا وجهها وكفيها، وما سوى ذلك يجب ستره في الصلاة"


وقال ابن القيم: " العورة عورتان: عورة في الصلاة، وعورة في النظر، فالحرة لها أن تصلي مكشوفة الوجه والكفين، وليس لها أن تخرج في الأسواق ومجامع الناس كذلك" . وقال البيضاوي في تفسير قوله تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}: "والمستثنى هو الوجه والكفان لأنهما ليستا من العورة، والأظهر أن هذا في الصلاة لا في النظر، فإن كل بدن الحرة عورة، لا يحل لغير الزوج والمحرم النظر إلى شيء منها إلا لضرورة"


وقال الصنعاني: "ويباح كشف وجهها حيث لم يأت دليل بتغطيته، والمراد كشفه عند صلاتها بحيث لا يراها أجنبي، فهذه عورتها في الصلاة، وأما عورتها بالنظر إلى نظر الأجنبي إليها فكلها عورة كما يأتي تحقيقه


فهذه النقول عن أهل العلم كافية لإثبات الفرق بين حدود العورة وحدود الحجاب.. وعليه فلا يصح أبدا ما قد يذكره بعض الناس من إجماع العلماء على جواز كشف الوجه واليدين، فبلاضافة إلى كونه جهلا بمواقف العلماء هو كذلك جهل بحقيقة الخلاف بينهم , فمن ورد عنهم جواز كشف الوجه واليدين على قسمين: قسم لا يجيز ذلك بإطلاق، بل يخصه في الصلاة فقط، ويحرمه عند وجود الرجال الأجانب، وهذا القسم لم يفهم بعض الناس قوله، فلما سمعه يقول: " والمرأة كلها عورة إلا وجهها وكفيها" أي في الصلاة.. ظن أن ذلك بالعموم حتى في النظر، فحمل قوله على جواز الكشف مطلقا، وهذا خطأ، فإنهم لم يقصدوا ذلك، فهذا سبب من أسباب الاختلاف في المسألة.
الداعية الى الحق
القسم الآخر أجاز الكشف بإطلاق.. والذي دعاه إلى ذلك قول منسوب لابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى: { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}، قال: " الكحل والخاتم"، لكن هذا الأثر إسناده ضعيف للغاية، فيه مسلم الملائي قال فيه النسائي: " متروك الحديث" .. وهناك رواية أخرى قال فيها: "ما في الكف والوجه"، وهي كذلك ضعيفة، في إسنادها أحمد العطاردي قال ابن عدي: " رأيتهم مجمعين على ضعفه" .. فالنسبة إذاً إلى ابن عباس غير صحيحة بحسب الإسنادين السابقين ، بل جاء عنه عكس ذلك، ففي تفسير آية الحجاب: {يدنين عليهن من جلابيبهن} قال ابن عباس:" أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عينا واحدة" . لكن لو افترضنا صحة القول المنسوب إلى ابن عباس من طرق أخرى فكيف نفسر هذا التعارض بين قوليه: مرة يجيز كشف الوجه واليدين، ومرة أخرى يحرم ذلك كله؟.. فالجواب: أنه أجاز أولاً، ثم لما نزلت آية الحجاب منع من ذلك، قال ابن تيمية: "والسلف تنازعوا في الزينة الظاهرة على قولين، فقال ابن مسعود: هي الثياب، وقال ابن عباس ومن وافقه: هي ما في الوجه واليدين، مثل الكحل والخاتم...

وقبل أن تنزل آية الحجاب كان النساء يخرجن بلا جلباب، يرى الرجال وجهها ويديها، وكان إذ ذاك يجوز لها أن تظهر الوجه والكفين، وكان حينئذ يجوز النظر إليها لأنه يجوز إظهاره، ثم لما أنزل الله عز وجل آية الحجاب بقوله: { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن}. حجب النساء عن الرجال، وكان ذلك لما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش فأرخى النبي الستر ومنع أنسا أن ينظر، ولما اصطفى صفية بنت يحي بعد ذلك عام خيبر قالوا: إن حجبها فهي من أمهات المؤمنين، وإلا فهي مما ملكت يمينه، فحجبها... فإذا كن مأمورات بالجلباب وهو ستر الوجه أو ستر الوجه بالنقاب، كان حينئذ الوجه واليدان من الزينة التي أمرت ألا تظهرها للأجانب، فما بقي يحل للأجانب النظر إلا إلى الثياب الظاهرة، فابن مسعود ذكر آخر الآمرين، وابن عباس ذكر أول الأمرين" . إذاً لو صح قول ابن عباس في إباحة كشف الوجه واليدين فإنما ذلك كان قبل النسخ، ثم لما نزلت آية الحجاب أوجب الله عليهن ستر جميع ذلك، هذا وابن مسعود يذكر في معنى الزينة الظاهرة أنها الثياب والرداء، فهو يخالف ابن عباس في قوله الأول لو صح عنه.

وخلاصة ردي على المخالف ما يلي :
أولاً: نبّه شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالة "الحجاب" إلى أنه من أخطاء متأخري الفقهاء ذكر عورة المرأة في باب شروط الصلاة، وأنه نتيجة لذلك ربط كثير منهم بين عورة المرأة داخل الصلاة وخارجها - مع أنه لا تلازم - إذ بعض ما يجوز كشفه داخلها لا يجوز خارجها، وبعض ما يلزمها تغطيته في الصلاة لا يلزمها خارجها، كتغطية الرأس في الصلاة أو خارجها عند المحارم، ومثل كشف الوجه داخل الصلاة وتغطيته خارجها عند الأجانب. قلت: وهذا تنبيه حسن يحل كثيراً من الإشكالات الواردة عند بعض طلبة العلم والباحثين في نسبة أقوال الفقهاء في هذه المسألة، وعليه فلا يصح الاعتماد على كتب المعاصرين في هذا الباب، بل لابد من الرجوع للمصادر الأصلية والتثبت في النقل وسأتعرض لذكر أقوال العلماء في نهاية البحث .

ثانياً: على المؤمن وطالب الحق أن يبحث عن الحق أينما وجده ولا يكون قصده البحث عن القول الذي يلائمه بدافع هواه فحسب، بل ينظر في الأدلة الشرعية، ويوازن بينها ثم يختار من هذه الأقوال ما ترجح لديه. وهذا في حق طالب العلم المتوسط، أما العالم المنتهي فله أن ينفرد بقوله إذا استبان له الحق فيه. وأما عامة الناس الذين ليس لديهم المؤهلات الشرعية للخوض في هذه المسألة، فالواجب عليهم اتباع العلماء الذين يثقون بعلمهم ودينهم، لا أن يبحثوا عن العلماء الذين يفتون بما يهوون ثم يتبعونهم في هذه المسألة، فإذا رأوا منهم فتوى أخرى لا تعجبهم تركوهم ورجعوا للأولين، فهذا تلاعب في الدين لا يسوغ!.

ثالثاً: الخوض في مسائل الحلال والحرام من أخطر القضايا لأنها نسبة للقول إلى الله قال تعالى (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون).

رابعاً: لن أسرد في مقالي هذا أدلة وجوب الحجاب وحدوده وضوابط العلماء في ذلك، بل سأصحح العزو المنسوب للأئمة الأربعة في هذه المسألة فحسب.

خامساً: لن أنقل النصوص الدالة على أقوال العلماء من كتبهم بنصها، بل سأحيل للمراجع التي نقلت عنها بالجزء والصفحة لمن أراد التثبت.

سادساً: ينبغي التفريق دائماً بين رأي إمام المذهب وأتباعه، ورأي المتقدمين منهم والمتأخرين، والقول المعتمد والشاذ عندهم. كما أن المنهج العلمي يقتضي نقل أقوال المذهب من كتبه لا من كتب غيره أو من كتب المعاصرين.

سابعاً: لا أخفيكم أنني شعرت بعظمة المسؤولية الملقاة في بيان الحق في هذه المسألة التي أدلى بها الجميع عدا أهل التخصص، مع أننا في عصر التخصصات، وصاحب كل تخصص يطالب باحترام تخصصه، إلا العلم الشرعي فهو حل لكل أحد!، فكتبت مقالاً أصبح بحثاً في هذه المسألة،

ثامناً: .
الداعية الى الحق
تاسعاً: رأي الأئمة الأربعة في هذه المسألة كالتالي:

1- رأي أبي حنيفة وأصحابه: أما إمام المذهب فلم أقف على أقوال له صريحة في عورة المرأة خارج الصلاة، وكل الأقوال المنقولة عنه داخلها، وحكم القدم وانكشاف شيء من الشعر أثناءها ونحو ذلك، أما عزو أقوال أصحابه إليه، فغير دقيق، وكم نسبت أقوال للأئمة هم منها براء، الصواب عزو هذه الأقوال لمن ذكرها ليس أكثر. وأما رأي أصحابه، فهم على طائفتين: متقدمون ومتأخرون، فأما المتقدمون فلهم في المسألة قولان:

الأول: إن المرأة كلها عورة إلا وجهها وكفيها في الصلاة وخارجها، وأن صوتها عورة، اختلفوا في الذراع والقدم وباطن الكف، فبعضهم عدّها عورة داخل الصلاة لا خارجها، بعضهم على العكس، إلا أن هؤلاء جميعاً نبّهوا إلى أنه لا تلازم بين كون وجه المرأة ليس بعورة - وأنه يجوز النظر إليه، كما أنهم اتفقوا على أنه يجب تغطيته عند الفتنة إلا إن كانت كبيرة لا تُشتهى (انظر: "بدائع الضائع" 5/121-122، و"الاختيار" 1/46، و"فتح القدير" 1/258-260، و"البحر الرائق" 1/284-285، و"رد المحتار" 1/405-406، و"إعلاء السنن" 2/154-155 وغيرها).

الثاني: إنه يلزم تغطية الوجه عند الأجانب وإظهار الستر والعفاف، ولم يقيدوه بفتنة ولا غيرها (انظر: "أحكام القرآن" للجصاص 5/245، و"روح المعاني" 22/89، و"إرشاد العقل السليم" 7/115، و"الكشاف" 3/274، و"تفسير النفي" 3/79، و"روح البيان" 7/240 وغيرها). وأما المتأخرون منهم، فاتفقت كلمتهم على أنه يجب تغطية الوجه، سواء إن قلنا أنه عورة أولا، لاتفاقهم على وجوب الستر عند الفتنة، واليوم فسد الزمان بما لا شك معه (انظر: "فيض الباري" للكشميري 1/254، و"البحر الرائق" 1/284، و"الفتن" لللبيانوني" 196-197، و"فصل الخطاب" 55، و"عودة الحجاب" 421-423).

2- رأي الإمام مالك وأصحابه: أما رأي الإمام مالك، فلم أقف عليه صريحاً - كذلك - إلا في الصلاة، وحكم انكشاف شيء منها قبل خروج الوقت أو بعده.. وعليه فلا يصح نسبة أقوال المالكية إليه في هذه المسألة أيضاً. والعجيب أن فقهاء المالكية من أكثر الفقهاء تخليطاً في عزو الأقوال لغيرهم! (وانظر: "التمهيد" 6/365، و"بداية المجتهد" 1/83 لترى العجب!). وأما علماء المالكية فلهم في المسألة قولان:

الأول: إن جسدها كله عورة إلا الوجه والكفين في الصلاة وخارجها عند أمن الفتنة، وأما إذا خيفت الفتنة فيجب سترهما، وبعضهم خصّ ذلك بالشابة الجميلة، وبعضهم قال: يجب على الرجل غض البصر.. وهذا كله عند المالكية مع غير الكافر والعبد الوغد، لابن العربي 3/1578 - (القوانين الفقهية): 41و( تفسير القرطبي):14/234، هؤلاء فيحب الستر مطلقاً (انظر: "التمهيد" 6/363-369، و"الفواكه الدواني" 1/152، و"حاشية العدوي على شرح الرسالة" 1/150، و"سالك الدلالة" 12-13، و"منح الجليل" 1/222، و"مواهب الجليل" 1/499، و"حاشية الدسوقي" 1/214، و"القوانين الفقهية" 41، و"بلغة السالك" 1/219-220 وغيرها).

الثاني: إنه يجب ستر وجهها عند الأجانب مطلقاً دون هذه التفاصيل (انظر: "أحكام القرآن، 12/228، و"عارضة الأحوذي" 4/56، و"حاشية الكشاف" لابن المنير 3/76، و"تفسير ابن جزي" 3/144، و"البحر المحيط" 7/250، و"تفسير الميرغني" 2/93، و"أضواء البيان" 6/586، و"المرأة المسلمة" لوهبي الألباني 204-205، و"عودة الحجاب"3/423-426 وغيرها).

3- قول الشافعي وأصحابه: كما قلت في الإمامين أبي حنيفة ومالك، فكذلك الشافعي، حيث نسب إليه أصحابه القول بعورة المرأة في الصلاة، ثم نقلوه خارجها، والذي في "الأم" 2/85-88 الكلام على العورة في الصلاة فحسب. وأما عن أصحابه، فلهم في ذلك تفصيل على النحو الآتي: إذا خيفت الفتنة أو أمنت مع النظر بشهوة، فيجب على المرأة تغطية وجهها. وأما إذا أمنت الفتنة ولم يكن ثمة نظر إليها بشهوة، فهم على قولين: الأول: جواز الكشف والثاني: وجوب الستر أيضاً مع عدم الالتفات إلى تلك التفاصيل، وهو المعتمد عند المتأخرين منهم (انظر: "نهاية المحتاج" 6/185-187، و"مغني المحتاج" 3/128-129، و"السراح الوهاج" 360، و"حاشية البيجوري على شرح ابن قاسم على متن أبي شجاع" 2/99-100، و"روضة الطالبين" 7/21، و"الحاوي" 2/167-170، و"حاشية الشرقاوي على تحفة الطلاب" 1/175، و"المجموع" 3/167-169 على أنه في الصلاة فقط، و"إتحاف السادة المتقين" 7/17 وغيرها).

4- قول الإمام أحمد وأصحابه: أما أقوال الإمام في هذه المسألة، فهي مشهورة منقولة حتى في كتب المذاهب الأخرى، منها، أنه قال: "ولا تبدي زينتها إلى لمن في الآية"، ونقل أبو طالب - من أصحاب أحمد - عنه: "ظفرها عورة، فإذا خرجت، فلا يبين منها شيء ولا خفها، فإن الخف يصف القدم، وأحبّ إليّ أن تجعل لكمها زراً عند يدها لا يبين منها شيء" أهـ "الفروع" لابن مفلح 1/601، 5/154. وكذلك رأي أصحابه، وقد اتفقت كلمتهم على أنه يلزم المرأة ستر وجهها في باب النظر عند الأجانب، ولكن اختلفوا في وجوب تغطيته في الصلاة على قولين، الأصح أنه لا يجب على المرأة، وليس بعورة داخلها("المغني" 1/601-602، و"الإنصاف" 1/452، و"مطالب أولي النهي" 1/330، و"كشاف القناع" 1/243، و"نيل المآرب" 1/39، و"الآداب الشرعية" 1/316، و"الفروع"1/601، 5/154، و"الصارم المشهور، عودة الحجاب" 3/429-431، وغيرها).

عاشراً: وبعد هذا العرض الدقيق لأقوال المذاهب الأربعة المتبوعة في العالم الإسلامي اليوم يتبين رأي الجماهير الصحيح لا المكذوب عليهم! ويلاحظ اتفاقهم جميعا على وجوب الستر عند خوف الفتنة من نحو الشابة الجميلة - وأنى لامرأة أن تنفي عن نفسها الجمال! - ومن يزعم أنه لا فتنه اليوم، فقد كذب. كما يلاحظ اتفاقهم على جواز كشف المرأة وجهها عند الضرورة، ولا يمكن إلا بذلك نحو الشهادة والعلاج .
الداعية الى الحق
حادي عشر: التزم المسلمون عبر التاريخ الإسلامي بهذا الحجاب الكامل - ولم يرضوا بالسفور عن الوجه إلا في العصور المتأخرة بعد دخول الاستعمار - كما ذكر القرطبي وأبو حيان وابن كثير عند تفاسيرهم لآيات الحجاب. وأما قصة نزع الحجاب، فيراجع "عودة الحجاب"، وبالمناسبة: فأذكر لكم هذه الواقعة وهي: في أيام الاستعمار البريطاني لمصر كانت بعض الناشطات من دعاة التبرج كهدى شعراوي (نور الهدى بنت محمد سلطان باشا) وزيزي نبراوي ونبوية موسى يحضرن بعض مؤتمرات الدعوة لتحرير المرأة في الغرب، وكانت هدى وزيزي يحضرن الاجتماعات سافرتين، ونبوية تحضرها بالحجاب الذي لا يكشف شيئا من وجهها، كان الأوروبيون لا يصدقون أن الأوليين مصريتان، ولا يعترفون بمصرية نبوية موسى (أنظر: "المرأة المصرية" لدرية شفيق ص 136، نقلا عن "عودة الحجاب 1/110). قلت: هذه الواقعة تدل على أن الحجاب الكامل هو الذي كان سائدا في العالم الإسلامي إلى عهد قريب. وأول من نزعه: مصطفى كمال أتاتورك في تركيا، ثم مسرحية سعد زغلول وغيرها.

ثاني عشر: ما ُزعم أن هذا رأي جمهور فقهاء العالم الإسلامي اليوم غير صحيح، ولن استعرض أحدا من علماء هذه البلاد، وهم أكثر علماء المسلمين اليوم وأعلمهم بالكتاب والسنة، ولكن أذكر من غيرهم من يرى وجوب الحجاب، فمنهم: الشيخ الشنقيطي والشيخ عبدالرزاق عفيفي والشيخ أبوبكر الجزائري - وهم مالكية نالوا الجنسية السعودية فيما بعد - والشيخ وهبي الألباني ومحمد الصابوني وأحمد البيانوني وعبدالقادر السندي وأبو الأعلى المودودي ومصطفى حجازي والشيخ محمد إسماعيل، والشيخ أبوذر القلموني، والشيخ درويش مصطفى والشيخ مصطفى العدوي والشيخ ظاهر خير الله، والشيخ محمد لطفي الصباغ، والشيخ عبدالقادر الأرناؤوط، والشيخ عبدالرحمن عبدالخالق، والشيخ مصطفى صبري، والشيخ جمال الدين القاسمي، والشيخ عبدالحميد طهمان وغيرهم كثير ولو شئت أن استقصي لجمعت المئات، ولكن حسبي الإشارة لنظرائهم.


ثالث عشره: من يزعم أن هذا رأي القرضاوي والألباني وعلماء الأزهر فالجواب أنه كل يؤخذ من قوله ويرد عليه.

رابع عشره: وأما الاستدلال بحديث الخثعمية، فالجواب: أن أجوبة العلماء عن هذا الحديث كثيرة مشهورة قوية، ولن أذكر شيئا منها، ولكن أقول لنفترض أن هذا الحديث يدعو للسفور أو يجيزه - وليس كذلك - فهل يليق بمؤمن صادق أن يتمسك به ويضرب على سائر الأدلة الصحيحة الصريحة الكثيرة الواردة في القرآن والسنة!! والله لا يقول هذا عاقل! إن كان علم الأخ ومن مثله لم يبلغ فهم هذا الحديث أو أشكل عندهم؟ فليعدوه من المتشابه الذي يلزمهم الإيمان به وأن يكلوا علمه لله وأن يقولوا كل من عند ربنا،لا أن يتبعوا هذا المتشابه ويتركوا المحكم الصريح!! ثم الحديث دليل عليهم ليس لهم وهو أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر الفضل بصرف النظر عن المرأة وكون الفضل خالف ورآها لا يدل على الجواز

خامس عشره : يصير البعض الى جواز كشف الوجه حتى في حال الفتنة ولا حول ولا قوة إلا بالله والذي به يخالف جميع العلماء فأقول : الأمة منذ القديم مجمعة على أن الفتنة داعية للتغطية، ذهب إلى ذلك الحنفية الحنابلة والمالكية والشافعية ، بل ذهب بعض العلماء إلى إيجاب التغطية حتى على الأمة، إذا صارت فاتنة، وكل ذلك مفهوم في ظل حرص العلماء على عفاف وستر نساء المؤمنين.. وتأمل في قول عائشة رضي الله عنها: ( لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء، لمنعهن المسجد، كما منعه نساء بني إسرائيل) تدرك هذا، حيث رأت منع النساء من الخروج من البيت، إذا تغير الحال، والقرار في البيت أكبر من تغطية الوجه.. والشيء بالشيء يذكر.. فهذا الشيخ الألباني رحمه الله تعالى ـ وهو من القائلين بجواز الكشف ـ يقول: " ولو أنهم قالوا: يجب على المرأة المتسترة بالجلباب الواجب عليه إذا خشيت أن تصاب بأذى من الفساق لإسفارها عن وجهها: أنه يجب عليها في هذه الحالة أن تستره دفعا للأذى والفتنة، لكان له وجه في فقه الكتاب والسنة.. ونحن نقول: ألا ترون قدر الفتنة التي تكون اليوم جراء خروج الفتاة من بيتها؟.. الخروج لوحده يستفز السفهاء ليحوموا حول الحمى، من أجل التحرش والأذى، فما بالكم ـ ولا شك رأيتم ـ حينما تكشف عن وجهها، وكلكم سمع ورأى من مثل هذا، ما صار معلوما مشهورا.. بالإضافة إلى الكيد الكبير الذي يخطط له أعداء الحجاب، وهو معلوم لا يخفى..

إذن، نحن نعيش حالة حرب حقيقة مع أعداء الحجاب، وكل متبصر، أو لديه نصف تبصر يدرك هذا، وعلى هذا ألا تتفقون معي أن: ـ كل العلماء يجمعون أنه في زمان كهذا يجب التغطية، حتى من أجاز، حتى الشيخ الألباني نفسه في كلامه السابق يقرر هذا؟... ـ وأن الحكمة والعقل يأمران بالحجاب والتغطية، وأن ندعوا إلى هذه الفضيلة درءا لهذه الفتنة العمياء؟. لو كان هناك من يرى جواز الكشف مطلقا، حتى في حال الفتنة، فإنهم بالنسبة لعموم الأمة شيء لا يذكر، وقولهم لا يقبل في محكم العقول..