الْسَلآمْ الله عَلَيّكُمْ وَ رٍحْمَةْ وَ بَرٍكَآتُهْـ وَ طَيِبَآتُهْـ وَ مُتَطَيِبَآتُهْـ ●●
صَبَآحُكُمْ مَكْسِيّ بِـرٍضَىآ الله ●●
وَ مَسَآؤُكُمْ بِـنُورْ الْهِدَآيَهْـ ●●

*قال تعالى’ :
((وذَكِّر فَإنّ الذِكرى تَنفَعُ المُؤمِنينَ))
*قال عمر بن الخطاب رضي الله عنهـ :
’’لا خير في قوم ليسوا بناصحين و لا خير في قوم لا يحبون الناصحين’’

ما هي النصيحهـ ؟
قال الإمامـ الخطابي :
’’هي كلمهـ جامعهـ معناها حيازة الخير للمنصوح لهـ ..
و أصل النصح في لغة العرب تقول :
’’نصحت العسل إذا خلّصتهـ من الشمع ..
و تقول :
’’نصحت لهـ المحبهـ إذا أخلصت له المحبهـ
*فالنصيحهـ هي إرادة الخير بإخلاص للمنصوح لهـ
*هَلْ مَا زَالَتْ النّصيحَهـْ .. بِـجَـمَـلْ ؟
اقتباس:
*يحكى أن أحدهم* ضاقت به سبل العيش ، فسئم الحياة وقرر أن يهيم على وجهه في بلاد
الله الواسعة، فترك بيته وأهله وغادر المنطقة متجهاً نحو الشرق ، وسار طويلاً حتى
وصل بعد جهدٍ كبير ومشقةٍ عظيمة إلى منطقة شرقيّ السعودية ، وقادته الخطى إلى بيت
أحد الأجواد الذي رحّب به وأكرم وفادته ، وبعد انقضاء أيام الضيافة سأله عن غايته
، فأخبره بها ، **
*فقال له المضيف : * ما رأيك أن تعمل عندي على أن أعطيك ما يرضيك ، ولما كان
صاحبنا بحاجة إلى مكان يأوي إليـه ، وإلى عملٍ يعمل فيه اتفق معه على ذلك .
وعمل الرجل عند مضيفه أحياناً يرعى الإبل وأحياناً أخرى يعمل في مضافته
يعدّ القهوة
ويقدمها للضيوف ، ودام على ذلك الحال عدة سنوات كان الشيخ يكافئه خلالها ببعض
الإبل والماشية .
*ومضت عدة سنوات* اشتاق فيها الرجل لبيته وعائلته وتاقت نفسُه إلى بلاده وإلى
رؤية أهله وأبنائه، *فأخبر صاحب البيت* عن نيته في العودة إلى بلده ، فعزّ عليه
فراقه لصدقه وأمانته ، وأعطاه الكثير من المواشي وبعض الإبل وودّعه وتمنى له أن
يصل إلى أهله وهو بخير وسلامة ..
وسار الرجل ، وبعد أن قطع مسافة طويلة في الصحراء القاحلة *رأى شيخاً جالساً
على قارعة الطريق* ، ليس عنده شيء سوى خيمة منصوبة بجانب الطريق ، وعندما وصل
إليه حيّاه وسأله ماذا يعمل لوحده في هذا المكان الخالي وتحت حرّ الشمس وهجير
الصحراء ، *فقال له : * أنا أعمل في التجارة . فعجب الرجل *وقال** **له : * وما
هي تجارتك يا هذا ، وأين بضاعتك ؟
*فقال له الشيخ* : أنا أبيع نصائح . *فقال** **الرجل : * تبيع نصائح ، وبكم
النصيحة ؟!
*فقال الشيخ : * كلّ نصيحة ببعير .
*فأطرق الرجل** **مفكراً* في النصيحة وفي ثمنها الباهظ الذي عمل طويلاً من أجل
الحصول عليه ، ولكنه في النهاية *قرر أن يشتري نصيحة* مهما كلفه الأمر *فقال له
: * هات لي نصيحة ، وسأعطيك بعيراً ؟ ..
*فقال له الشيخ : *" *إذا طلع سهيل لا تأمَن للسيل* " ففكر الرجل في هذه النصيحة
*وقال : * ما لي ولسهيل في هذه الصحراء الموحشة ، وماذا تنفعني هذه النصيحة في هذا
الوقت بالذات وعندما وجد أنها لا تنفعه *قال للشيخ : * هات لي نصيحة أخرى
وسأعطيك بعيراً آخر .
*فقال له الشيخ : * " *أبو عيون بُرْق وأسنان فُرْق لا تأمن له* " وتأمل صاحبنا
هذه النصيحة أيضاً وأدارها في فكره ولم يجد بها أي فائدة ،
*فقال للشيخ* هات النصيحة الثالثة وسأعطيك بعيراً آخر .. *فقال له : *
*" نام على النَّدَم ولا تنام على الدم* " . ولم تكن النصيحة الثالثة بأفضل من
سابقتيها ، فترك الرجل ذلك الشيخ وساق ما معه من مواشٍ وسار في طريقه .
وظل يسير لعدة أيام نسي خلالها النصائح من كثرة التعب وشدّة الحر ، وفي أحد
الأيام أدركه المساء فوصل إلى قوم قد نصبوا خيامهم ومضاربهم في قاع وادٍ كبير ،
فتعشّى عند أحدهم وباتَ عنده ، وفي الليل وبينما كان ساهراً يتأمل النجوم شاهد
نجم سُهيل ، وعندما رآه الرجل تذكّر النصيحة التي قالها له الشيخ ففرّ مذعوراً
، وأيقظَ صاحب البيت وأخبره بقصة النصيحة ، وطلب منه أن يخبر قومه حتى يخرجوا
من قاع ذلك الوادي ، ولكن المضيف سخر منه ومن قلّة عقله ولم يكترث له ولم يأبه
لكلامه ،
*فقال* والله لقد اشتريت النصيحة ببعير ولن أنام في قاع هذا الوادي ، وقرر أن
يبيت على مكان مرتفع ، فأخذ جاعِدَهُ ونام على مكان مرتفع بجانب الوادي .
وفي أواخر الليل جاء السيل يهدر كالرعد فأخذ البيوت والقوم ، ولم يُبقِ
سوى بعض المواشي
. وساق الرجل ما تبقى من المواشي وأضافها إلى مواشيه ، وصاح لها مناديا فتبعته
وسار في طريقه عدة أيام أخر حتى وصل في أحد الأيام إلى بيت في الصحراء ، فرحب
به صاحب البيت وكان رجلاً نحيفاً خفيف الحركة ، وأخذ يزيد في الترحيب به والتذبذب
إليه حتى أوجس منه خيفة ، فنظر إليه وإذا به " *ذو عيون بُرْق وأسنان فُرْق* "
*فقال : *آه هذا الذي أوصاني عنه الشيخ ، إن به نفس المواصفات لا ينقص منها شيء.
**
وفي الليل تظاهر الرجل بأنه يريد أن يبيت خارج البيت قريباً من مواشيه وأغنامـه
، وأخذ فراشه وجَرَّه في ناحية ، ولكنه وضع حجارة تحت اللحاف ، وانتحى مكاناً
غير بعيد يراقب منه حركات مضيفه ، وبعد أن أيقن المضيف أن ضيفه قد نام ،خاصة
بعد أن لم يرَ حراكاً له ، أخذ يقترب منه على رؤوس أصابعه حتى وصله ولما لم
يسمع منه أية حركة تأكد له أنه نائم بالفعل ، فعاد وأخذ سيفه وتقدم منه ببطء ثم
هوى عليه بسيفه بضربه شديدة ، ولكن الضيف كان يقف وراءه *فقال له : * لقد اشتريت
والله النصيحة ببعير ثم ضربه بسيفه فقتلـه ، وساق ماشيته وغاب في أعماق الصحراء
.
وبعد مسيرة عدة أيام وصل في ساعات الليل إلى منطقة أهله ، فوجد مضارب قومه على
حالها ، فترك ماشيته خارج الحيّ ، وسار ناحية بيته ورفع الرواق ودخل البيت فوجد
زوجته نائمة وبجانبها شاب طويل الشعر ، فاغتاظ لذلك ووضع يده على حسامه وأراد
أن يهوى به على رؤوس الأثنين ، وفجأة تذكر النصيحة الثالثة التي تقول " *نام
على الندم ولا تنام على الدم* " ، فبردت أعصابه وهدأ قليلاً فتركهم على حالهم ،
وخرج من البيت وعاد إلى أغنامه ونام عندها حتى الصباح ، وبعد شروق الشمس ساق
أغنامه واقترب من البيت فعرفه الناس ورحبوا به ، واستقبله أهل بيته
*وقالوا : *له لقد تركتنا منذ فترة طويلة ، انظر كيف كبر خلالها ابنك
حتى أصبح رجلاً ، ونظر الرجل إلى ابنه وإذا به ذلك الشاب الذي كان ينام
بالأمس بجانب زوجته فحمد الله على سلامتهم ، وشكر ربه أن هداه إلى عدم قتلهم وقال بينه وبين
نفسه والله إن كل نصيحة أحسن من بعير

لماذا اصبحنا في زمن انعدمت بهـ النصيحهـ ,
و ان وجدت تكون اما لاستفزاز او بالعاميهـ ’’شماتهـ’’
و تكاد تخلو من آداب النصيحهـ التي أقرها الدين الاسلامي ,
فكيف نكون ممن قال عنهمـ الله تعالىَ’ ,
((وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحونْ))
و في المقابل حتىَ’ و ان توافرت آداب النصيحهـ و الاسلوب الرائع
إلا أن الطرف الآخر لا يتقبلها ظناً منهـ أنها قد تكون مثلما ذكرنا للإستهزاء ,
و لو احسنّا الظن لقلنا أنها لوجهـ الله ,
و بالرغمـ من تقديمها بطريقهـ غير مقبولهـ , فنأخذ بها و نجعلها لصالحنا ,
لا ان نكون كما اراد الشخص الآخر ,
ٍ..النصيحهـ تكون لوجهـ الله و تؤدي إلىَ’ التواصل و المودهـ ,
و تقرّب المسافات بيننا ,
و تكون أجر في الدنيا و الآخرهـ ,
..قَلَمِيِ اَلْمُتَوَاَضِعْ وَ اَسْأَلُ اَللهَ أَنْ يَكْوَنَ لِيِ شَاَهِدْ ..
منقول