صَلاَة الضُّحَى
التّعريف
1 - الصّلاة في اللّغة والاصطلاح سبق الكلام عنها في مصطلح (صلاة).
وأمّا الضّحى في اللّغة: فيستعمل مفرداً، وهو فويق الضّحوة، وهو حين تشرق الشّمس إلى أن يمتدّ النّهار، أو إلى أن يصفو ضوءها وبعده الضّحاء.
والضّحاء - بالفتح والمدّ - هو إذا علت الشّمس إلى ربع السّماء فما بعده.
وعند الفقهاء الضّحى: ما بين ارتفاع الشّمس إلى زوالها.
الألفاظ ذات الصّلة
صلاة الأوّابين:
2 - قيل: هي صلاة الضّحى. وعلى هذا فهما مترادفتان، وقيل: إنّ صلاة الأوّابين ما بين المغرب والعشاء وبهذا تفترقان.
صلاة الإشراق:
3 - بتتبّع ظاهر أقوال الفقهاء والمحدّثين يتبيّن: أنّ صلاة الضّحى وصلاة الإشراق واحدة إذ كلّهم ذكروا وقتها من بعد الطّلوع إلى الزّوال ولم يفصلوا بينهما.
وقيل: إنّ صلاة الإشراق غير صلاة الضّحى، وعليه فوقت صلاة الإشراق بعد طلوع الشّمس، عند زوال وقت الكراهة. (ر: صلاة الإشراق).
الحكم التّكليفيّ
4 - صلاة الضّحى نافلة مستحبّة عند جمهور الفقهاء وصرّح المالكيّة والشّافعيّة بأنّها سنّة مؤكّدة. فقد روى أبو ذرّ عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «يصبح على كلّ سلامى من أحدكم صدقة: فكلّ تحميدة صدقة، وكلّ تهليلة صدقة: وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ عن ذلك ركعتان يركعهما من الضّحى».
وعن أبي الدّرداء - رضي الله عنه - قال: «أوصاني حبيبي بثلاث لن أدعهنّ ما عشت: بصيام ثلاثة أيّام من كلّ شهر، وصلاة الضّحى، وأن لا أنام حتّى أوتر».
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «أوصاني خليلي بثلاث: صيام ثلاثة أيّام من كلّ شهر، وركعتي الضّحى وأن أوتر قبل أن أرقد».
وقال بعض الحنابلة: لا تستحبّ المداومة عليها ؛ كي لا تشتبه بالفرائض، ونقل التّوقّف فيها عن ابن مسعود وغيره.
صلاة الضّحى في حقّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم
5 - اختلف العلماء في وجوب صلاة الضّحى على رسول اللّه مع اتّفاقهم على عدم وجوبها على المسلمين.
فذهب الجمهور إلى أنّ صلاة الضّحى ليست مفروضةً على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم. وذكر الشّافعيّة وبعض المالكيّة وبعض الحنابلة أنّ صلاة الضّحى ضمن ما اختصّ به رسول اللّه من الواجبات، وأقلّ الواجب منها عليه ركعتان.
(ر: اختصاص ف /10، ج /2، ص 259).
المواظبة على صلاة الضّحى
6 - اختلف العلماء هل الأفضل المواظبة على صلاة الضّحى، أو فعلها في وقت وتركها في وقت؟
فذهب الجمهور إلى أنّه تستحبّ المواظبة على صلاة الضّحى ؛ لعموم الأحاديث الصّحيحة من قوله صلى الله عليه وسلم: «أحبّ العمل إلى اللّه تعالى ما داوم عليه صاحبه وإن قلّ». ونحو ذلك. وروى الطّبرانيّ في الأوسط من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «إنّ في الجنّة باباً يقال له الضّحى فإذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين الّذين كانون يديمون صلاة الضّحى؟ هذا بابكم فادخلوه برحمة اللّه».
وروى ابن خزيمة في صحيحه عنه قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «لا يحافظ على صلاة الضّحى إلاّ أوّاب، قال: وهي صلاة الأوّابين».
وقال الحنابلة على الصّحيح من المذهب - وهو ما حكاه صاحب الإكمال عن جماعة: لا تستحبّ المداومة على صلاة الضّحى بل تفعل غبّاً ؛ لقول عائشة - رضي الله عنها - «ما رأيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم. سبّح سبحة الضّحى قطّ».
وروى أبو سعيد الخدريّ قال: «كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يصلّي الضّحى حتّى نقول: لا يدعها، ويدعها حتّى نقول: لا يصلّيها» ولأنّ في المداومة عليها تشبيهاً بالفرائض. وقال أبو الخطّاب: تستحبّ المداومة عليها ؛ لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أوصى بها أصحابه وقال: «من حافظ على شفعة الضّحى غفر له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر».
(ر: نفل).
وقت صلاة الضّحى
7 - لا خلاف بين الفقهاء في أنّ الأفضل فعل صلاة الضّحى إذا علت الشّمس واشتدّ حرّها ; لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «صلاة الأوّابين حين ترمض الفصال» ومعناه أن تحمى الرّمضاء وهي الرّمل فتبرك الفصال من شدّة الحرّ.
قال الطّحاويّ: ووقتها المختار إذا مضى ربع النّهار. وجاء في مواهب الجليل نقلاً عن الجزوليّ: أوّل وقتها ارتفاع الشّمس، وبياضها وذهاب الحمرة، وآخره الزّوال.
قال الحطّاب نقلاً عن الشّيخ زرّوق: وأحسنه إذا كانت الشّمس من المشرق مثلها من المغرب وقت العصر.
قال الماورديّ: ووقتها المختار إذا مضى ربع النّهار.
قال البهوتيّ: والأفضل فعلها إذا اشتدّ الحرّ.
ثمّ اختلف الفقهاء في تحديد وقت صلاة الضّحى على الجملة.
فذهب الجمهور إلى أنّ وقت صلاة الضّحى من ارتفاع الشّمس إلى قبيل زوالها ما لم يدخل وقت النّهي.
وقال النّوويّ في الرّوضة: قال أصحابنا " الشّافعيّة ": وقت الضّحى من طلوع الشّمس، ويستحبّ تأخيرها إلى ارتفاعها.
ويدلّ له خبر أحمد عن أبي مرّة الطّائفيّ قال: سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول: «قال اللّه: يا ابن آدم لا تعجزني من أربع ركعات من أوّل نهارك أكفك آخره» لكن قال الأذرعيّ: نقل ذلك عن الأصحاب فيه نظر، والمعروف من كلامهم الأوّل " أي ما ذهب إليه الجمهور ".
وقال الرّمليّ الكبير في حاشيته على شرح الرّوض، بعد أن نقل قول النّوويّ السّابق ذكره: لم أر من صرّح به فهو وجه غريب أو سبق قلم.
عدد ركعات صلاة الضّحى
8 - لا خلاف بين الفقهاء القائلين: باستحباب صلاة الضّحى في أنّ أقلّها ركعتان.
فقد روى أبو ذرّ عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «يصبح على كلّ سلامى من أحدكم صدقة: فكلّ تسبيحة صدقة، وكلّ تحميدة صدقة، وكلّ تهليلة صدقة، وكلّ تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضّحى». فأقلّ صلاة الضّحى ركعتان لهذا الخبر.
وإنّما اختلفوا في أقلّها وأكثرها:
فذهب المالكيّة والحنابلة - على المذهب - إلى أنّ أكثر صلاة الضّحى ثمان لما روت أمّ هانئ «أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم دخل بيتها يوم فتح مكّة وصلّى ثماني ركعات، فلم أر صلاةً قطّ أخفّ منها غير أنّه يتمّ الرّكوع والسّجود».
وصرّح المالكيّة بكراهة ما زاد على ثماني ركعات، إن صلّاها بنيّة الضّحى لا بنيّة نفل مطلق، وذكروا أنّ أوسط صلاة الضّحى ستّ.
ويرى الحنفيّة والشّافعيّة - في الوجه المرجوح - وأحمد - في رواية عنه - أنّ أكثر صلاة الضّحى اثنتا عشرة ركعةً، لما رواه التّرمذيّ والنّسائيّ بسند فيه ضعف أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «من صلّى الضّحى ثنتي عشرة ركعةً بنى اللّه له قصراً من ذهب في الجنّة» قال ابن عابدين نقلاً عن شرح المنية: وقد تقرّر أنّ الحديث الضّعيف يجوز العمل به في الفضائل.
وقال الحصكفيّ من الحنفيّة، نقلاً عن الذّخائر الأشرفيّة: وأوسطها ثمان وهو أفضلها ؛ لثبوته بفعله وقوله عليه الصلاة والسلام وأمّا أكثرها فبقوله فقط. وهذا لو صلّى الأكثر بسلام واحد أمّا لو فصل فكلّما زاد أفضل.
أمّا الشّافعيّة: فقد اختلفت عباراتهم في أكثر صلاة الضّحى إذ ذكر النّوويّ في المنهاج أنّ أكثرها اثنتا عشرة وخالف ذلك في شرح المهذّب، فحكى عن الأكثرين: أنّ أكثرها ثمان ركعات. وقال في روضة الطّالبين: أفضلها ثمان وأكثرها اثنتا عشرة، ويسلّم من كلّ ركعتين.
السّور الّتي تقرأ في صلاة الضّحى
9 - قال ابن عابدين: يقرأ فيها سورتي الضّحى أي سورة {والشّمس} وسورة {والضّحى}، وظاهره الاقتصار عليهما ولو صلّاها أكثر من ركعتين. فقد روي عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال: «أمرنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أن نصلّي الضّحى بسور منها: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا}، {وَالضُّحَى}».
وفي نهاية المحتاج: ويسنُّ أن يقرأ فيهما - ركعتي الضّحى - " الكافرون، والإخلاص " وهما أفضل في ذلك من الشّمس، {وَالضُّحَى} وإن وردتا أيضاً ؛ إذ " الإخلاص " تعدل ثلث القرآن، " والكافرون " تعدل ربعه بلا مضاعفة.
وقال الشبراملسي: ويقرؤهما أي " الكافرون، والإخلاص " - أيضاً - فيما لو صلّى أكثر من ركعتين، ومحلّ ذلك - أيضاً - ما لم يصلّ أربعاً أو ستّاً بإحرام فلا يستحبّ قراءة سورة بعد التّشهّد الأوّل، ومثله كلّ سُنّة تَشَهّد فيها بتشهّدين فإنّه لا يقرأ السّورة فيما بعد التّشهّد الأوّل (ر: قراءة، ونافلة).
هذا وفي قضاء صلاة الضّحى إذا فاتت من وقتها، وفي فعلها جماعةً تفاصيل للفقهاء تنظر في: (تطوّع وصلاة الجماعة).
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

حرف عطف!!
•
جزاك الله خير


الصفحة الأخيرة