ما يسأل عنه العباد

ملتقى الإيمان

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

موضوع اعجبني ......ارجو ان يعجبكم.........
ما يسأل عنه العباد
يسأل العباد عن الإله الذي كانوا يعبدونه ، وعن إجابتهم للمرسلين ،
ويسألون عن أعمالهم التي عملوها ، وعما تمتعوا به من النعيم في الحياة الدنيا ، كما يسألون عن عهودهم ومواثيقهم ، وعن أسماعهم وأبصارهم وأفئدتهم ، وهذا ما سنبينه في هذا المبحث .
1- الكفر والشرك :
أعظم ما يسأل عنه العباد هو كفرهم وشركهم ، فيسألهم عن الشركاء والأنداء الذين كانوا يعبدونه من دون الله كما قال تعالى : ( وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ - مِن دُونِ اللَّهِ هَلْ

يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ ) ، ( وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ ) .
ويسألون عن عبادتهم لغير الله من تقديم القرابين للآلهة التي كانوا يعبدونها ، ونحر الذبائح باسمها ( وَيَجْعَلُونَ لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِّمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَفْتَرُونَ ) .
ويسألون عن تكذيبهم للرسل : ( وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ - فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنبَاء يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءلُونَ ) .
2- ما عمله في دنياه :
يسأل المرء في يوم القيامة عن جميع أعماله التي عملها في الحياة الدنيا ، كما قال تعالى : ( فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ - عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) . وقال

: ( فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ ) ، وفي سنن الترمذي عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" لا تزول قدما عبد يوم القيامة ، حتى يسأل عن عمره فيم أفناه ، وعن علمه فيم فعل ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه ؟ وعن جسمه فيم أبلاه ؟ " (1) .
وفي سنن الترمذي أيضاً عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من عند ربه ، حتى يسأل عن خمس : عن

عمره فيم أفناه ؟ وعن شبابه فيم أبلاه ؟ وعن ماله من أين اكتسبه ، وفيم أنفقه ، وماذا عمل فيما علم " (2) .
والذي يتأمل في مثل هذا الحديث يعلم السر في دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم المسلم إلى التخفف من المال ، فكلما كثر مال العبد كثر حسابه وطال ، وكلما قل ماله خف حسابه وأسرع

به إلى الجنة ، وقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن فقراء المهاجرين يسبقون أغنياءهم إلى الجنة بأربعين سنة ، ففي صحيح مسلم عن أبي عبد الرحمن الحبلي قال : جاء ثلاثة
نفر إلى عبد الله بن عمرو بن العاص ، وأنا عنده ، فقالوا : يا أبا محمد ، إنا والله ، ما نقدر على شيء ، لا نفقة ، ولا دابة ، ولا متاع . فقال : ما شئتم إن شئتم رجعتم إلينا فأعطيناكم
ما يسر الله لكم . وإن شئتم ذكرنا أمركم للسلطان. وإن شئتم صبرتم . فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء ، يوم
القيامة إلى الجنة بأربعين خريفاً " (3) .
3- النعيم الذي يتمتع به :
يسأل الله عباده في يوم القيامة عن النعيم الذي خولهم إياه في الدنيا ، كما قال : ( ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ) .
يعني بالنعيم شبع البطون ، وبارد الماء ، وظلال المساكن ، واعتدال الخلق ، ولذة النوم ، وقال سعيد بن جبير : حتى عن شربة عسل . وقال مجاهد : عن كل لذة من لذات الدنيا .

وقال الحسن البصري : من النعيم الغذاء والعشاء . وقال أبو قلابة : من النعيم أكل السمن والعسل بالخبز النقي . وعن ابن عباس : النعيم صحة الأبدان والأسماع والأبصار
(4) .
وهذا الذي فسروها به من باب التنوع في التفسير ، فإن أصناف النعيم كثيرة لا تعد ولا تحصى ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) ، وبعض أنواع النعيم من

الضروريات وبعضها من الكماليات ، والناس يتفاوتون في ذلك فيما بينهم ، ويوجد في عصر مالا يجده أهل عصور أخرى ، وفي بلد ما لا يجده أهل بلاد أخرى ، وكل ذلك يسأل عنه العباد
.
روى الترمذي بإسناده عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أول ما يسأل العبد عنه يوم القيامة من النعيم أن يقال له : ألم نصح لك جسمك ؟ ونروك

من الماء البارد " (5) .
وبعض الناس لا يستشعر النعم العظيمة التي وهبه الله إياها ، فلا يدرك النعمة التي في شربة الماء ، ولقمة الطعام ، وفيما وهبه الله من مسكن وزوجة وأولاد ، ويظن أن النعم تتمثل في

القصور والبساتين والمراكب فحسب ، فقد سأل رجل عبد الله بن عمرو بن العاص فقال : ألسنا من فقراء المهاجرين ؟ فقال له عبد الله : ألك امرأة تأوي إليها ؟ قال: نعم . قال
: ألك مسكن تسكنه ؟ قال : نعم . فأنت من الأغنياء . قال فإن لي خادماً . قال : فأنت من الملوك (6) .
وفي صحيح البخاري عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ " (7) ، ومعنى هذا أنهم

مقصرون في شكر هاتين النعمتين ، لا يقومون بواجبهما ، ومن لا يقوم بحق ما وجب عليه فهو مغبون .
وفي مسند أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا بأس بالغنى لمن اتقى الله عز وجل ، والصحة لمن اتقى الله خير من الغنى ، وطيب النفس من النعيم " (8) .
وفي بعض الأحاديث النبوية بيان من الرسول صلى الله عليه وسلم عن صورة من صور السؤال عن النعيم الذي يواجه الله به عباده في ذلك اليوم ، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن

النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يلقى (الرب) العبد فيقول : أي فُل (9) ، ألم أكرمك ، وأسودك ، وأزوجك ، وأسخر لك الخيل والإبل ، وأذرك ترأس وتربع ؟ فيقول :
بلى . قال : فيقول : أفظننت أنك ملاقي ؟ قال : فيقول : لا . فيقول : فإني أنساك كما نسيتني .
ثم يلقى الثاني فيقول : أي فُل ، ألم أكرمك ، وأسودك ، وأزوجك ، وأسخر لك الخيل والإبل ، وأذرك ترأس وتربع ؟ فيقول : بلى . أي رب ، فيقول : أفظننت أنك ملاقي ؟ فيقول

: لا . فيقول : فإني أنساك كما نسيتني .
ثم يلقى الثالث ، فيقول له مثل ذلك . فيقول : يا رب آمنت بك وبكتابك وبرسلك وصليت وصمت وتصدقت ، ويثني بخير ما استطاع . فيقول : ههنا اذن (10) .
قال : ثم يقال له : الآن نبعث عليك شاهداً عليك ، ويتفكر في نفسه ، من ذا يشهد علي ؟ فيختم الله على فيه . ويقال لفخذه ولحمه وعظامه : انطقي فتنطق فخذه ولحمه وعظامه

بعمله . وذلك ليعذر من نفسه .
وذلك المنافق الذي يسخط الله عليه " (11) .
والسؤال عن النعيم سؤال عن شكر العبد لما أنعم الله به عليه ، فإذا شكر فقد أدى حق النعمة ، وإن أبى وكفر ، أغضب عليه الله ، ففي صحيح مسلم عن أنس قال : قال رسول الله صلى

الله عليه وسلم : " إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة ، فيحمده عليها ، أو يشرب الشربة فيحمده عليها " (12) .
4- العهود والمواثيق :
يسأل الله عباده عما عاهدوه عليه ( وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُولًا ) ، وكل عهد مشروع بين العباد فإن الله سائل

العبد عن الوفاء به ( وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً ) .
5- السمع والبصر والفؤاد :
يسأل الله العباد عن جميع ما يقولونه ، ولذلك حذرهم من القول بلا علم ( وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ) ،

قال قتادة : " لا تقل رأيت ولم تر ، وسمعت ولم تسمع ، وعلمت ولم تعلم ، فإن الله سائلك عن ذلك كله " (13) .
قال ابن كثير : " ومضمون ما ذكروه في الآية أن الله نهى عن القول بغير علم ، بل بالظن ، الذي هو التوهم والخيال . كما قال تعالى : ( اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ

الظَّنِّ إِثْمٌ ) . وفي الحديث: " إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث " ، وفي سنن أبي داود بئس مطية الرجل : ( زعموا ) وفي الحديث
الآخر : " إن أفرى الفرى أن يري الرجل عينيه ما لم تريا " وفي الصحيح : " من تحلم حلماً كلف يوم القيامة أن يعقد بين شعيرتين وليس بفاعل " (14) .
--------------------------------
(1) سنن الترمذي : 2417 . قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح ، وكذا رمز له الشيخ ناصر بالصحة في صحيح الجامع : (6/148) ، ورقمه : 7177 وهو

في صحيح سنن الترمذي : 1970 .
(2) جامع الأصول : (10/437) ، ورقمه : 7970 . وهو حديث حسن كما قال محقق جامع الأصول ، وقد حسنه الشيخ ناصر في صحيح الجامع : (6/148) ،

ورقمه : 7176. وهو في صحيح سنن الترمذي : 1969 . ورقمه في سنن الترمذي : 2416 .
(3) صحيح مسلم : (4/2285) . ورقمه : 2979 .
(4) تفسير ابن كثير : 7/364 .
(5) مشكاة المصابيح : (2/656) ورقمه : (5196) ، وقال محقق المشكاة : إسناده صحيح .
(6) صحيح مسلم : (4/2285) ورقم الحديث : 2979 .
(7) صحيح البخاري : 6412 .
(8) مشكاة المصابيح : (2/676) ، ورقمه : 5290 ، وعزاه المحقق إلى ابن ماجة ، وقال : إسناده صحيح .
(9) فل ، أي : يا فلان .
(10) معناه قف : ههنا إذن .
(11) رواه مسلم في صحيحه : (4/2280) ، ورقمه : 2968 .
(12) صحيح مسلم : 2734 .
(13) تفسير ابن كثير : (4/308) . (14) تفسير ابن كثير : (4/308) .

منقول من موقع عقيدة المسلم

وايضا هذا منقول..
شرح حديث : لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع ..

--------------------------------------------------------------------------------
شرح حديث : لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع ..
الحمد لله رب العالمين لـه النعمة وله الفضل وله الثناء االحسن وصلوات الله البر الرحيم والملائكة المقربين على سيدنا محمد أشرف المرسلين وعلى جميع إخوانه من النبيين والمرسلين.
أما بعد فقد روي في جامع الترمذيّ بالإسناد الصحيح أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تزول يوم القيامة قدما عبد حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه وعن جسده فيما أبلاه وعن علمه ماذا عمل به وعن ماله من أين أخذه وفيما أنفقه هذا الحديث يخبرنا بأنّ الإنسان لا تزول قدماه عن موقف الحساب يوم القيامة حتى يسال عن أربع: عن عمره فيما أفناه: المعنى يسأل ماذا عملت منذ بلغت أديت ما فرض الله عليك واجتنبت ما حرّم عليك، فإن كان قد فعل نجا وسلم وإن لم يكن فعل ذلك هلك. وعن جسده فيما أبلاه: فإن أبلاه في طاعة الله سعد ونجا مع الناجين وإن أبلى جسده في المعاصي خسر وهلك. وعن علمه ماذا عمل به: يسأل أيضا هل تعلّم علم الدين الذي فرضه الله، لأن علم الدين قسمان:ـ قسم فرض عين فمن تعلّم ذلك القسم الذي هو فرض عين على كلّ مكلف وعمل به سعد ونجا، ومن أهمل العمل تعلّم ولكن لم يعمل هذا خسر وخاب وهلك، وأما من لم يتعلم بلغ وهو على هذه الحال فهذا أيضا هلك وخسر إن مات على هذه الحال. والقسم الثاني من علم الدين هو ما زاد على فرض العين من علم الدين من تعلّمه ونفع به غيره ونفسه صار من ملوك الآخرة الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، لأن الذي تعلّم فوق ما هو فرض على كلّ مكلف ينفع غيره وينفع نفسه، يستفتيه الجاهل فيعلمه وهذا القسم الثاني ليس فرضا على كل إنسان إنما هو فرض على بعض الأمة فمن قام به صار له ميزة على غيره.
ثمّ إنّ الرسول حثّ حثا بليغا مؤكدا على طلب العلم وفضله قال عليه الصلاة والسلام: من سلك طريقا يطلب به علما سهّل الله به طريقا إلى الجنة وقال في بيان فضل العلم: إنّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع معنى الحديث أنّ الملائكة يخفضون أجنحتهم إذا رأوْا طالب العلم ولو كشف الله لنا لرأينا.
فليحذر الإنسان من تكذيب دين الله فمن بلغه عن الله أنه قال في كتابه العزيز من فعل كذا فإنه يحصل له كذا فليجزم جزما ولا يقل لا نرى الآن في الحياة الدنيا من ينزّل الله به عقوبة عاجلة فيتهاون بالأمر لأن كل ما جاء به رسول الله حق وصدق وإن كان من حيث العادة وقوعه وحصوله بعيد.
وأمّا قوله صلى الله عليه وسلم: وعن ماله من أين أخذه وفيما أنفقه فمعنى هذه الجملة من حديث رسول الله أنّ الإنسان يسأل يوم القيامة عن المال الذي في يده في الدنيا حتى إن كان أخذه من طريق غير حرام لا يكون عليه مؤاخذة لكن بشرط أن يكون ما أنفقه فيه مباحا شرعًا.
فالنّاس في أمر المال ثلاثة أصناف: اثنان هالكان وواحد ناج. الاثنان الهالكان: الرجل الذي جمع المال من حرام سواء صرفه في سبيل البر كأن بنى به مسجدا أو تصدّق به أو حجّ به، كذلك الذي جمع المال من حلال ثمّ صرفه في الحرام هذا أيضا هالك كأن ورث مالا من أبيه فصار يبذّر المال تبذيرا في الخمر والمغنيات والزمارين ونحو ذلك أو صار يصرفه للرياء ليمدحه الناس ليس لابتغاء وجه الله فقط. فقد روى البخاري في صحيحه عن خولة الأنصارية أنّ رسول الله قال: إنّ رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة هذا الحديث يحذّر من أخذ المال من طريق حرام كمن يأخذ الزكاة وهو ليس من أهلها أو يأخذ من مال اليتيم أو الوقف وهو ليس من أهله. فإنّ مال الدنيا لا يغني عن الآخرة وهذا قارون الذي من أجل ماله كذّب موسى كانت عاقبته أن خسف الله به الأرض هو وذهبه انشقت الأرض فبلعته هو وداره وذهبه.
اتمنى اني افدتكم ..
1
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

تقوى ودمعه
تقوى ودمعه
جزاكى الله الجنه