بسم الله الرحمن الرحيم
استغفر الله الذي لاإله إلا هو الحي القيوم واتوب اليه
كلمات ..اترك لكن التعليق عليها ..بعد قراءتها بتمعن ..وحبذا لو تنشر..
في عالم المبادئ والأفكار والقيم .. يتجلي الانتصار في مدى قدرة الإنسان على الثبات على المبادئ، والصبر عليها، وسمو النفس، وتعاليها على الإغراءات والضغوط .. بينما تتمثل الهزيمة في التراجع، والنكوص، والخضوع ..
ومنذ بدء زوبعة الاختلاط في جامعة الملك عبدالله وأنا أتمنى أن لا أسمع أو أقرأ اعتذارا أو تراجعا عما عبر عنه الشيخ سعد الشثري من قناعات يدين الله بها .. وهذا ليس من باب الرغبة في التصعيد، أو الإثارة، ولكن لأنه الموقف الذي يجب أن يكون عليه العلماء، من قول الحق، والثبات عليه.. وهو ما يصب في مصلحة الأمة ودينها على المدى البعيد.. ولنتذكر مواقف علماء السلفية .. أحمد بن حنبل .. ابن تيمية، محمد بن عبدالوهاب رحمهم الله تعالى .. وثمار صبرهم وثباتهم وشجاعتهم في قول الحق ..
كيف انتصر الشيخ ؟
أعتقد أنه بعد الحملة التي افتعلتها وسائل الإعلام، حول الاختلاط في الجامعة، وتداعياتها كان أمام الشيخ سعد - في نظري- عدة خيارات:
- إما التراجع والاعتذار.. وفي ذلك ضعف، وتراجع على حساب المبادئ والقيم، لا يليق بالعلماء، ورثة الأنبياء.. الذين يفترض فيهم أنهم لا يخشون في الله لومة لائم ..
- أو الإصرار والتصعيد ضد الإعلام، وقرار الاختلاط.. وقد يكون في ذلك مماراة للإعلام قد لا تليق بالعلماء .. أو مواجهة لصانع القرار قد يكون المجتمع في غنى عنها ..
- أو الصمت وانتظار أن يحسم القضية غيره، سواء ما يخصه هو شخصيا (عمله في هيئة كبار العلماء)، أو ما يخص موضوع الفتوى.. ويبدو أن الشيخ قد قرأ الموقف بذكاء، وشعر أن من الأفضل أن يتوج صراحته وجرأته في قول ما يعتقد، عندما عبر عن رأيه في الموضوع بشجاعة، أن يتخذ القرار بنفسه، وخصوصا أنه شعر، على ما يبدو، أن موقف الجهات المسئولة من الحملة الإعلامية، في أحسن أحوال الظن، تصنف على أنها من باب: " لم آمر بها ولم تسؤني" !! ولذا أعتقد أنه في النهاية اختار الخيار الأخير وهو : أن يمسك بزمام المبادرة، ويصنع قراره، وسير القضية بنفسه..
وأعتقد أن الشيخ سعد، بهذا الموقف الشجاع، قد سجل سابقة مهمة، في الجرأة في قول الحق الذي يعتقده، والإصرار عليه، وتحمل الأذى في سبيله، وهو رَدٌ على كثير من الأقوال التي قيلت فيه، وفي عائلته، والمرتبطة المال والمناصب.. وقدم نموذجا يحتذى لبقية أعضاء هيئة كبار العلماء ..
وفي هذا السياق، من المهم أن ندرك أن هيئة كبار العلماء لا يجب أن تكون كأي جهة حكومية أخرى، فموقع الهيئة في مجتمعنا شبيه بالمجالس التشريعية في الدول الأخرى، ولذا يجب أن تنبع منها القرارات، لا أن تكون جهة تتلقى القرارات من غيرها، وتعلنها للناس، فهذه وظيفة وزارة الإعلام، لا هيئة كبار العلماء..
وبما أننا بلد يعلن في كل مناسبة حرصه على العقيدة، وتطبيقه للشريعة الإسلامية، فيفترض أن يكون هناك جهة ما في الدولة ( مجلس، لجنة، برلمان ) ، سواء هيئة كبار العلماء الحالية بعد تطويرها أو غيرها .. تكون من مهامها فحص القرارات التي تصدر عن أي جهة، والتحقق من مطابقتها للشريعة الإسلامية، وعدم مخالفتها للعقيدة الإسلامية..
وفي ظل الوضع القائم حاليا فإنه من غير المعروف وجود جهة كلفتها الدولة بالإفتاء، ومعرفة حكم الشرع في القضايا الحادثة، غير هيئة كبار العلماء.. ومع ذلك، فإن من المستغرب صدور قرارات عديدة تخالف ما تفتي به هذه الهيئة!! وهو ما قد يكون نوعا من الانفصام غير المبرر، الذي يطرح أسئلة مهمة وهي:
- هل هناك جهات إفتاء يستفتيها متخذ القرار، غير هيئة كبار العلماء؟ فإن كان الجواب بنعم.. فلم لا تعلن ليعرف الناس فتاواها وأدلتها؟ ويتمكنوا من مناقشتها ومحاورتها علميا.. وإن كان الجواب بلا .. فكيف ندعي تطبيق الشريعة، ونحن نخالفها ؟ ولا نتحقق من مطابقة القرارات والأنظمة التي تصدر للشريعة؟! ولعل الاحتقان الاجتماعي الذي حدث نتيجة الزوبعة التي أثارها الإعلام حول فتوى الشيخ، التي تعبر عن رأي هيئة كبار العلماء في القضية أيضا ، أن تؤكد على أهمية أن يكون من ضمن آليات اتخاذ القرارات في الدولة مثل هذا المجلس أو اللجنة أو الهيئة، منعا للآثار السلبية التي يمكن أن تحدث، والتي قد لا تحمد عقباها نتيجة لذلك.. ولنتذكر قرار الاستعانة بالقوات الأجنبية، خلال حرب تحرير الكويت، فلو اتخذ القرار دون فتوى صريحة من العلماء لسبب فتنة اجتماعية كبرى .. ولكن صدور الفتوى قد جنب البلاد مخاطر كبيرة..
- وهل من مصلحة الحكومة مخالفة هيئة كبار العلماء؟ بالطبع لا، حيث إن في ذلك ضررا اجتماعيا كبيرا، قد يتسبب في استهانة الناس، وخصوصا الشباب المتدين بما يصدر عن الهيئة، وهو ما يفتح الباب أكثر نحو التلقي من مصادر أخرى في الداخل والخارج – أسوة بما تفعله الحكومة- ولا يخفى ضرر ذلك سياسيا واجتماعيا و وأمنيا ..
ومن جهة أخرى، فإن عضو الهيئة لا يجب أن يكون كأي موظف آخر في الدولة، كما طالب بذلك أحد الكتاب، فهو يصنع الرأي -المبني على الأدلة الشرعية - ولا يتلقاه كغيره .. من الموظفين .. وبما تمليه عليه قناعته الشرعية، وأمانة البلاغ..
وأخيرا .. هل حقق الاتجاه الآخر الذي تبني الحملة ضد الشيخ أي مكاسب تستحق؟
في رأيي أن خسائره أكبر من مكاسبه .. فاستقالة الشيخ التي ختم بها المشهد، تعد مكسبا للشيخ، على المستوى الشخصي، وانتصارا للقيم والمبادئ التي يحملها التوجه الذي ناصره وأيده، كما أشرت سابقا .. ولا يغير من ذلك بالطبع حسم أصل القضية بقرار سياسي ..
وفي المقابل فإن التوجه الآخر مني بهزيمة قاتلة في معركة الحرية التي ينادي بها .. وما يدعيه من احترام الرأي الآخر، وحق الاختلاف، والحريات الدينية، وأسقط أكبر القيم التي يبشر بها في المجتمع، وأراد أن يحسم قضية رأي، ويسبب الضرر لصاحبها، بقرار سياسي ؟ من خلال ممارسته التحريض المكشوف، ضد عالم لم يرتكب جريمة ضد البشرية، وإنما عبر بكل هدوء عن قناعته في برنامج إفتاء !
الأمر الآخر، أن هذا التوجه، لسوء حظه، قد برز، كما لم يفعل من قبل، في هذه القضية الحساسة اجتماعيا.. حتى وصفها بعضهم بأنها لحظة تاريخية فريدة، وكأنه قد أعلن البيان التأسيسي للحزب الليبرالي السعودي.. وهو ما طرح أسئلة عديدة من مختلف فئات المجتمع .. عن برنامج هذا التوجه، وأطروحاته، ومواقفه من العديد من القضايا الاجتماعية، والسياسية، والفكرية، وإلى أن أين يريد السير بهذا المجتمع ؟ وهل القضية تتركز في قضية الاختلاط، أم أن هذه القضية ماهي إلا رأس جبل الجليد الذي يخفي في جذوره، وسفوحه، وغاباته الكثير مما يصادم قناعات المجتمع وعقيدته وشريعته؟
أعتقد أن الإجابة سيكتشفها كل بطريقته، من خلال البحث في أدبيات هذا التوجه، وأطروحاته.. من مصادرها المبثوثة في الصحف ووسائل الإعلام ومواقع الانترنت.
ولا أدري لم تذكرت موجة الحداثة في الثمانينات من القرن الميلادي الماضي، عندما تمادت في أفكارها، وزادت من وتيرة طرحها أكثر مما يقبله المجتمع.. فكانت نكبتها الأولى .. وهو ما ينبئ بأننا أمام نكبة جديد لهذا الفكر .. الذي تشكل على بقايا الحداثة، وركب موجة الليبرالية في العصر الأمريكي.. والذي تجمع أصحابه على العداء للآخر الإسلامي، أكثر من اجتماعهم على الأفكار والمبادئ والقيم التي تحملها الليبرالية! بدليل ممارسته الإقصاء، والدعوة للسياسي بمصادرة الحريات الفكرية والدينية، وحسمها بالقرارات السياسية لا برأي الأغلبية ولا بصناديق الاقتراع، فضلا عن رفضه للإصلاحات السياسية التي تسهم في المشاركة السياسية..
فهل نحن أمام النكبة الثانية لأصحاب هذا الفكر؟
ربما ..
عثمان البدراني

حبيبتهم (أم عبدالعزيز) @hbybthm_am_aabdalaazyz
عضوة شرف في عالم حواء
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

أم لجووونه
•
ياعمري عليه ضاق صدري مره يوم قريت خبر إستقالته الله يجزاه خير ويوفقه ويخلي لنا مشايخنا يارب

بإذن الله ترجع خططهم التخريبيه في نحورهم
أما الشيخ فقد أبرأ ذمته وقال مايدين الله به
والعاقبة للمتقين
جزاك الله خير أم عبد العزيز
أما الشيخ فقد أبرأ ذمته وقال مايدين الله به
والعاقبة للمتقين
جزاك الله خير أم عبد العزيز



الصفحة الأخيرة