متناهية في الصغر

الأسرة والمجتمع

كلنا يود لو أن مشاكلنا متناهية في الصغر لا ترى بالعين ولا يسمع لها صوت وليس لها صدى ولا شكل ولا رائحة ولا تترك أثرا في النفس ولا جرحا يحتاج لعدة عمليات تجميل حتى يختفي شيء من أثره! لكن من يريد أن يبدأ يومه بالحديث عن المشاكل؟ لا أحد منا يريد ذلك ولهذا فلنجعل شعارنا اليوم لا للمشاكل، ولنتحدث عن أشياء أخرى متناهية في الصغر.
انظر داخلك، هل يمكنك أن ترى خلايا جسمك بدون أن تحتاج لميكروسكوب مكبر؟ جسمك يحتل مساحة واضحة للعيان، لكن تفاصيلك مختبئة، فأنت تحتاج إلى أشعة خاصة حتى ترى أعضاءك الداخلية، وتحتاج إلى ميكروسكوبات وصبغات ملونة معينة حتى تتعرف على الخلايا المكونة لأنسجتك، وتحتاج لأجهزة أكثر تعقيدا حتى تتعرف على المادة الوراثية التي تشكل حروفها كينونتك! وهكذا يمكننا أن نقول إنك مجموعة من الأشياء المتناهية في الصغر.

وحين نتحدث عن التقنية، فإننا نتجه نحو تقنية الأشياء الصغيرة، لعلكم تتذكرون حجم الهواتف النقالة قبل عدة سنوات والتي صغرت مع مرور الزمن، وأيضا الكومبيوترات التي وصلت أنواع من المحمول منها إلى وزن كجم واحد وحجم الظروف البريدية، وكل هذا لم يؤثر في أدائها أو قدرتها على خدمتك كما يقول مصنعوها وبائعوها، أو كما تعرف من تجربتك ومن استخدامك لها.

علاقة العاملين في المجال الطبي أو البحثي بالتقنية علاقة تستحق أن نقف عندها، فالتطور التقني في كثير من المجالات كان أساسه الحاجة البحثية أو الطبية. فلو توقفنا أمام تقنية الكشف بالمنظار على الأمعاء أو المعدة للاحظنا كيف تطورت التقنية وكيف يكون الحديث الآن عن كاميرا بشكل كبسولة! أيضا الأدوات الجراحية في تغيير وتطوير مستمر. على الجانب البحثي في بداية التسعينيات وعند إعلان بدء مشروع الجينوم البشري كانت تقنية قراءة الأحماض النووية المكونة للصبغات الوراثية تعتمد على النظائر المشعة وذات تكلفة عالية، خلال السنوات التي استمر فيها هذا المشروع وحتى إعلان نتائجه تطورت هذه التقنية وأصبح هناك أجهزة تعتمد على الليزر وبدون استخدام النظائر المشعة ويمكنها أن تقرأ ما تحمله كل كروموسوماتك الشخصية بتكلفة أقل وبوقت أقل، وهنا نتحدث عن تقليل التكلفة، زيادة الإنتاجية، التقليل من مخاطر الاستخدام بالإضافة إلى تطوير برامج المعالجة للنتائج فتم الانتقال من قراءة النتائج بواسطة العين البشرية إلى استخدام برامج كومبيوترية حساسة، بالإضافة إلى الاتجاه نحو تقليل التعامل البشري مع العينات، هذا التطور لم يكن ليحدث لولا وجود مشروع مثل هذا المشروع الذي شغل العالم وجعل الشركات تهتم بتقديم الخدمات له. ونحن الآن في مرحلة ما بعد مشروع الجينوم البشري الذي يمكننا أن نعتبره موضة قديمة أو حكاية الأمس، لكن التقنية ما تزال في تطور وما تزال الشركات تنظر لدائرة الأبحاث كي تقدم الأحدث والأفضل والأسرع والأدق المتناهي في الصغر.
8
485

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

لحظات ولكن
لحظات ولكن
الحمدلله على كل حال

يعطيكـ العافية
الأمل بالله كبير
يعطيك العافيه يالغاليه
وفعلا ًالتقنيه لو نفكر فيها شيء مبهر
تصغر نعم بالحجم لكن كفائتها تكون أفضل
سبحان الله

كل الشكر لك
ربي يسعدك
الوجه الآخر لغيمة
مشكورة على الموضوع
جزاك الله خير
*ضحية صمت*
*ضحية صمت*
موضوع راقي جدا.. حفظك الله من كل سوء

ليت التقنيات تدخل في مشاكلنا.. عشان هي تصغرها.. لاننا غالبا مانصغر .. بس نكبر


الله يحفظنا ويغنينا ويجزل لك المثوبه
(ام حسن)
(ام حسن)
مشكورة على الموضوع
جزاك الله خير