الخادمات الهاربات.. نظام تأجير ينتهي بالرذيلة!
ضبط عدد من المخالفات في جدة واللواتي يتم تشغيلهن لدى الغير يتم القوادة عليهن
الدمام، تحقيق- منير النمر، محمد الغامدي:
لم يعد موضوع الحصول على خادمة منزلية في أي وقت أو مكان أمراً صعباً للغاية أو أشبه بالمحال كما في السابق، بعد أن أصبحت ظاهرة تهريب الخادمات من الكفلاء سهلة للغاية وبطرق احترافية وأساليب متنوعة.
وهناك من يرجع أسباب ازدهار تأجير الخادمات المخالفات لنظام الإقامة والعمل، إلى كثرة العرض والطلب عليهن، ولجوء الكثير من العوائل إلى استئجارهن خصوصاً في فترة ترحيل من أنهت العمل لديهم، ريثما تصل أخرى جديدة بعد استكمال إجراءات استقدامها.
ويقوم العديد من سائقي الأجرة وسماسرة الخادمات باصطياد فريستهم في المحلات التجارية والحدائق وبعض المواقع العامة وإغراء الخادمات بوجود فرص عمل تدر دخلاً شهرياً يتجاوز مرتبها أضعافاً، وذلك بهدف تشغيلهن في المنازل بعقد شهري وراتب يتراوح بين ألفين إلى ثلاثة آلاف ريال، أو ممارسة الرذيلة عبر شبكة من العمالة الوافدة، والتي تحترف الترويج للأعمال المخلة بالآداب.
وتعتبر هذه الظاهرة مرفوضة عند البعض على الرغم من أن الحاجة تفرض أحياناً اللجوء إليها، معللين رفضهم لعدة أسباب من وجهة نظرهم أهمها عدم الثقة بإدخال عاملة تتنقل بين المنازل، وتخوفهم من أن تكون لديها أمراض معدية وغيرها.
استدراج وتأجير
هناك العديد من القصص والمواقف التي تكشف عن أساليب استدراج الخادمات أشهرها خروجهن في الصباح الباكر عند قيامهن برمي النفايات خارج المنزل، حيث يكون هناك مقيمون مخالفون يتصيدون لهن ويعرضون عليهن مبالغ مالية للهرب والعمل ب"نظام التأجير المنتهي بالرذيلة"، وعند الاستجابة يتم تسليمهن إلى سماسرة يتولون مهمة إدارة عمليات تشغيلهن، كذلك من الأساليب توزيع الأرقام الهاتفية لأشخاص مشبوهين في الأماكن العامة التي ترتادها الخادمات مع كفلائهن، بما يسهل من عملية الاتصال، حيث أن هناك عناصر محترفة يتم توزيعها في المجمعات التجارية والمستشفيات بهدف إقناع الخادمات بالهروب من كفيلها والعمل مقابل الحصول على أجور مرتفعة، كذلك من الأساليب الاتصال الشخصي بين الخادمات في المنازل وتشجيع بعضهن على الهرب..
أما آلية التشغيل فيكون في الغالب على شكل ملصق إعلاني "يوجد لدينا عاملات منزليات للإيجار اليومي"، وفي حال الاتصال يتم توصيل الخادمة لمن يطلبها، وذلك بهدف الحفاظ على عدم التعرف والوصول إلى مقر سكن الخادمات.
وعندما ترغب الخادمة في السفر تذهب إلى قسم الشرطة وتسلم نفسها على أنها مقيمة بصورة غير نظامية ليتم ترحيلها، دون أن تدلي بأي معلومات عن السماسرة بما يؤدي إلى كشف العصابة وضبط عناصرها.
سائقو الليموزين!!
من جهتها، أكدت الخادمة (فاطمة) على أن أعمال المنزل مرهقة جداً والخادمات يتعبن كثيراً خلال تنظيفه، بيد أن ربات البيوت لا يشعرن بذلك، مشيرةً إلى أنهن يقمن بتأجير الخادمة لمنزلين في يوم واحد بعد التفاهم على عدد الساعات التي تقضيها لدى كل منزل، مضيفةً "غالباً لا نتمكن من النوم جيداً عندما يتم تأجيرنا على أكثر من منزل طالما أننا لم ننهي تنظيف البيت الذي نعمل فيه". وقالت بالرغم من أن النظام حدد في عقود الخادمات مقدار عملهن في اليوم ب 8 ساعات، وكفل حقهن في أخذ إجازة يوم واحد من كل أسبوع، إلا أن التطبيق العملي لنظام تأجير الخادمات على المنازل في اليوم لم يلتزم بذلك!.
وأكدت على أن الكثير منهن يقمن بوضع أرقام هواتفهن لدى سائقي سيارات الأجرة لئلا تفوتهن أي فرصة عمل، وقالت: "ليس بغريب أن تقوم بذلك بهدف التسويق لنفسها وتجنب استغلال مؤجرات الخادمات وربات العمل اللاتي يعملن لديهن".
من جانبه، قال عبدالمطلب المزين أنه تفاجأ عندما كان يبحث عن خادمة بهدف تنظيف شقته بعرض تأجير خادمة من سائق"الليموزين"، الذي كان يقله من المطار فورعودته من رحلة سفر طويلة، مشيراً إلى أن السائق أخبره بأن الخادمات تركن لديه بيانات الاتصال كي يعملن في المنازل، مضيفاً: "بلا شك أنه سيحصل على نسبة ربح مقابل أي عميل يأتي به".
ترويج الدعارة!
وعلى الرغم أن السائق عرض عليه توفير خادمة لتعمل على تنظيف الشقة فقط، إلا أن هناك سائقين يروجون الدعارة عبر استخدام خادمات هاربات من كفلائهم، يقول محمد سعيد: "هناك سائقون يروجون الدعارة، بل ويعرضون في شكل فاضح ما لديهم، ما قد ينشر الأمراض الجنسية الخطرة مثل الإيدز"، مضيفا "إن بعض الخادمات المخالفات للنظام يقمن بعرض أنفسهن من أجل الحصول على حفنة من المال، كما تنتشر هذه الرذيلة بين العمال الأجانب"، مشيرا إلى أن قصصا كثيرة خرجت من طريق وسائل الإعلام.
زيادة الطلب في رمضان
ومع اقتراب شهر رمضان المبارك يزداد الطلب على تأجير الخادمات، وتقول أم محمد: "إن شهر رمضان يعتبر موسما حقيقيا لتأجير الخادمات، فحتى المنازل التي تملك خادمة تريد أن تستأجر خادمة أو خادمتين كي يساعدن في أعباء المنزل"، مشيرة إلى أن حجم الطبخ في رمضان يتضاعف مرات عدة عن الشهور الأخرى.
وتضيف "يحتم الاحتياج للأسر السعودية في الشهر الفضيل طلب الخادمات اللاتي يرتفع سعر تأجيرهن من 25 ريالا في الساعة الواحدة في أيام الفطر إلى نحو 50 ريالا في الساعة"، وعن تكبد بعض الأسر لخسائر مالية تقول: "إن من يطلب الخادمات في شهر رمضان يضع لهن ميزانية خاصة تحتسب مع ميزانية الأكل والشرب في الشهر الفضيل".
بعض سائقي الأجرة الأجانب يساعدون على هروب الخادمات
وعلى رغم أن مريم لا تستاء من عملها في أكثر من منزل، إلا أن هناك خادمات يؤجَّرن على منازل "مع خدمة التوصيل مجانا"، وتقول أم محمد: "أشرف على سبع خادمات يتم تأجيرهن، وأحصل على أجر نظير تلك الإدارة التي أقوم بها"، مضيفة "إن أهم شيء في هذا العمل الذي اعتبره حساسا وخطرا هو التأكد من حسن سيرة وسلوك أفراد العائلة التي ستعمل معها الخادمة"، مشددة على احتياج الأسر للخادمات المؤجرات، وبخاصة بالنسبة للسعوديات الموظفات، إذ يحتم وضعهن عليهن استخدام الخادمة المستأجرة لساعة أو أكثر.
وهناك خادمات من جنسيات مختلفة يتم تأجيرهن لحسابهم الخاص وخصوصا في المواسم مثل الآن مع قرب دخول شهر رمضان وبحث السعوديين عن خادمات بمبالغ كبيرة تجعل من هذه المهنة أو السوق السوداء تجارة مربحة جدا. ويقول منصور عامل إفريقي الجنسية هناك العديد من أبناء جلدتي يعملون في ورش السيارات، بينما نساؤنا يعملن في البيوت بأجر يومي يتراوح من (100- 150) ريالاً، موضحا أنه خلال شهر رمضان المبارك والاجازات الصيفية والاعراس تتهافت ربات المنازل للحجز مبكرا، مشيرا الى أنه لم نجد رفضاً من المجتمع لهذه المهنة بل تتحمل الأسرة التي تعمل لديها زوجتي أجرة اللموزين وكذلك تحصل على هدايا مثل ملابس وغيرها.
20% غيرالراتب
ومع أن أم محمد تحاول تجميل "الصورة الحسنة لتأجير الخادمات"، إلا أن خادمات يعملن بنظام التأجير "غير الرسمي" يبدين امتعاضا من ذلك، وبخاصة أنهن لا يتقاضين أجرا غير الراتب المعتاد المقدر ب850 ريالا في الشهر، وتقول أم محمد: "إن بعض المؤجرات ينتهكن حق الخادمة في النسبة التي تحصل عليها، والتي نقدرها ب20% من أصل الأجر المتحقق إضافة لراتبها الثابت"، بيد أن الخادمة فاطمة تقول: "إن نسبة ال20% قليلة مقارنة بالعمل المتعب جدا لنا كخادمات"، الأمر الذي لم يرقْ لأم محمد التي تقول: "إن الخادمة ستحقق راتبا جيدا فوق راتبها، فكلما اشتغلت بساعات أكثر ستحصل على مال أكثر"، مشيرة إلى أن بعض الخادمات يتقاضين نحو 4500 بما في ذلك راتبهن الشهري، مضيفة "لن تحصل الخادمة العادية التي لا تعمل بنظام النسبة في الساعات، إلا على 850 ريالا كراتب شهري ثابت"، مؤكدة أن كثيرا من الخادمات يؤيدن هذه النسبة.