همس جازان @hms_gazan
عضوة نشيطة
متي يحق للزوجه تاديب زوجها
وقعت منذ سنوات حادثة مفزعة لزوجة قتلت زوجها، ودفنت جثته في شرفة الشقة وغطتها بطبقة سميكة من الأسمنت ثم طبقة من السيراميك وقدمت بلاغًا للشرطة عن تغيب زوجها، ولم يستطع أحد كشف الجريمة، إلى أن انهارت الزوجة واعترفت وحدها بجريمتها تحت وطأة الإحساس بالذنب ومشاعر الندم. إن عنف الزوجات ضد أزواجهن أمر شائع منذ سنوات طويلة، وتناولته السينما في أكثر من فيلم، أشهرها فيلم "المرأة والساطور" للفنانة نبيلة عبيد، كما أصحبت تلك القضية حديث الرأي العام، خصوصًا أن وسائل الاعلام افردت لها العديد من التحقيقات. وأخيرًا عاودت تلك القضية الظهور مجددًا مع صدور فتوى تبيح للزوجة الدفاع عن نفسها ورد اعتداء الزوج حيث لا يمكن إجبار المرأة على السكوت على اعتداء الزوج عندما يفقأ عينها أو يكسر عظامها أو يحرق شيئًا من جسدها أو يضربها بشكل مبرح. واستشهد صاحب الفتوى بالآية الكريمة "ومن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم" وقال إن من حق الزوجة رد الضربة بضربة وأكد أن العلاقة بين الزوج والزوجة ليست كالعلاقة بين السيد والعبد. ومع اعتراض بعض رجال الدين على فحوى الفتوى أصبح الأمر مثار جدل ونقاش بين الأوساط العلمية والدينية والثقافية.
ولا بد من التأكيد على أن أي علاقة شراكة بما فيها علاقة الزواج، تحتمل الفشل والنجاح والاختلاف، وإن كان الزواج كمؤسسة اجتماعية هو علاقة ضاغطة في أحيان كثيرة على الطرفين، وتحتاج إلى وعي، وقدرة على التجاوز، وقبول الآخر كما هو، وأن يرضى كل طرف بالتنازل طواعية عن جزء من مساحة حريته الخاصة وأحلامه وطموحه الشخصي لحساب أطراف أخرى (الشريك، والأولاد، والأقارب) .. كما أن التراجع عن العلاقة في أي من مراحلها يعد خسارة لكل الأطراف، وإن كانت المرأة في المجتمع الشرقي هي التي تدفع ثمنًا فادحًا في حال فشل العلاقة.
وإذا أَقيمت العلاقة الزوجية على المودة والرحمة والسكن .. وأخذت الشكل المفترض أن تكون عليه .. وأدرك كل طرف حقوقه وواجباته في إطار شراكة حقيقية، وعلاقة روحية قبل أن تكون علاقة على يد مأذون، وقتها سيكون الخطأ، أو الاختلاف في الحدود المسموح بها، على اعتبار أنه ليس هناك حياة مشتركة بلا مشكلات واختلافات.. وستتم معالجتها بنوع من التراحم والحرص على استمرار العلاقة دون شروخ قوية.. ولا يكون هناك مجال وقتها للعنف أو العنف المضاد.
لكن المشكلة تتضخم حين يتصور أحد الطرفين ـ خصوصا الرجل ـ أنه الحاكم بأمر الله في العلاقة، أو أنه مفوض بنص إلهي للتصرف في الطرف الآخر، فيأخذ من نصوص الدين وأعراف المجتمع ما شاء لما شاء .. ففي يده العصمة، والقوامة، وحق الهجر، والضرب، وتربية هذا المخلوق ناقص الأهلية ـ المرأة ـ وعليها أن تحمد ربها أنها تجد من يعولها وينقذها من بئر العنوسة ..... إلخ. وللأسف ثمة نساء يقمن بنفس الدور العنصري والعدواني تجاه الرجل وإن كان ذلك بأساليب مختلفة، فمعظم الحركات النسوية الموجودة حالياً، تقوم على سياسة العنف المضاد وأودت بالمرأة إلى مصير أكثر تشوهاً!!
ولنسأل أنفسنا بصدق:
•لماذا زادت نسب الانتحار بين الزوجات في فترة ما؟ ومازالت مرتفعة في فئات معينة من نساء المجتمع؟!
•لماذا ارتفعت نسب العنف الزوجي من جانب الزوجة والذي وصل لحد القتل، والحرق، والتقطيع، وإلقاء جثث الأزواج في الصرف الصحي أو القمامة؟ وغيرها من صور العدوان الشرس على الرجل؟
•لماذا تخلت المرأة عن وجهها الأنثوي الناعم؟
في دراسة قام بها د. طريف شوقي تحت اشراف المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في مصر .. لرصد حالات فعلية ضربت فيها الزوجات ازواجهن، وجد أن نسبة ضرب الازواج ترتفع بنسبة 50 % بالنسبة للطبقة الأمية، وتنخفض إلى 15 % بين الازواج الحاصلين علي مؤهل متوسط، وقررت 65 % من الزوجات أنهن ضربن أزواجهن بسبب غيرتهم الشديدة وتحويل حياتهن إلى جحيم لايطاق، وذكرت نسبة كبيرة من المعتديات بالضرب علي أزواجهن أن تردد الزوج أدى إلى افتعال الخلافات معه ومحاولة الزوجة فرض سيطرتها عليه، أما عصبية الزوج الزائدة فكانت السبب في قيام 90 % من الزوجات بممارسة العنف المضاد.
من هنا فقد يعزي عنف الزوجة إلى سلوك الزوج ذاته فقد تعتدي عليه فتضربه دفاعا عن النفس أو تنتقم منه فيما بعد. وتشير الدراسة أن قاتلة زوجها معرضة أكثر من غيرها لنوبات من العنف الشديد وقد تقتله لاعتقادها بأنه سيقتلها، أي دفاعا عن النفس، وفي المقابل فقد يستفزها ويتعمد إثارتها ومن ثم يدفعها إلى ارتكاب عنف لم تكن تريده. ولقد عبرت زوجة واحدة فقط بأنها شعرت بالندم بعد أن قامت بضرب زوجها، بينما 95 % من العينة قررن أنهن لم يشعرن بأنهن ارتكبن جرما.. وهو ماقد يلقي الضوء علي حجم معاناتهن التي تجعلهن غير نادمات علي ما حدث.. بل إن 30% ذكرن أنهن شعرن بالارتباح حينما ضربن أزواجهن، مما يوضح أن الزوجة المعتدية تعاني من مشكلات شديدة مع زوجها، ومن ثم تشعر بالراحة حينما تفرغ طاقاتها بالاعتداء عليه.
4 حالات لضرب الرجل
في ثلاث حالات لا يتضرر الرجل بشكل حقيقي من ضرب زوجته له، بل بالعكس يجد نوعاً من اللذة، أو الرضا النسبي، وتكون شكواه مجرد شكوى ظاهرية، أما في الحالة الرابعة، فيصل العنف إلى أقصاه وقد ينتهي بقتل أحد الشريكين للآخر .
1)الزوج المازوخي: لاحظت من خلال تردد بعض الأزواج والزوجات على الجلسات النفسية أن بعضهم يجد لذة ما في ضرب زوجته وإهانتها له، ويأخذ هذا السلوك شكلين: إما أن يقتصر الضرب والإهانة على الموقف الجنسي فقط، أي قبل وأثناء الجماع، أو يمتد الأمر للحياة اليومية العادية وإذا كانت الزوجة ذات صفات سادية أي تستمتع بضرب زوجها وإهانته، يصبح الأمر متكافئاً نفسياً وتمضي الحياة دون معاناة حقيقية بغض النظر عن التأثير السلبي لذلك على الأطفال، أو الشكل الاجتماعي للأسرة.
2)الزوج السلبي الإعتمادي: وهنا يكون الرجل ضعيفا، وسلبيا ومنسحبا، تخلى عن مسؤولياته الاجتماعية والأسرية, وبالتالي تجد المرأة أنها تملك دفة القيادة وتتحمل مسؤولية الأسرة بالكامل، وبالتالي تملك حق التوجيه والإصلاح لأي خلل أسري بما فيه خلل شخصية الزوج, وغالباً ما يتقبل ذلك أو لا يتقبله ولكنه لا يستطيع الاستغناء عن زوجته القوية الحامية له ولأسرته ولهذا يتكرر سلوك الإهانة والضرب من الزوجة لزوجها دون حدوث انفصال أو طلا ق لأن العلاقة هنا تحمل احتياجات متوازنة.
3)الزوج الطفل: بمعنى أن يكون الزوج ذكراً، أو رجلا ناضجاً جسمانياً، ولكنه لم يفطم نفسياً بعد عن نموذج الأم، فيسمح لزوجته بأن تعامله كما كانت تعامله أمه .. لها عليه حق الرعاية والتأديب وتحمل مسؤليته في كافة تفاصيله الحياتية كما لو كان طفلا صغيراً، ويكون هذا النموذج من الأزواج غير مبادر، أو مقتحم للحياة، يقبل بدور التابع أو المتلقي حتى في العملية الجنسية مما يزيد الأمر سوءاً.
4) علاقة بلا قانون: إذا لجأ الرجل لاستعمال حقوقه المزيفة وضرب زوجته، ولم يراع أى حقوق آدامية أخرى .. سقطت العلاقة وانهار القانون الروحي الحاكم لها، وأصبحت علاقة شراكة جوفاء، بعدما فقدت معناها الحقيقي .. ويحق للمرأة باعتبارها شريكا معتدى عليه أن ترد الإعتداء، فالعلاقة هنا بلا قانون، ولا يمكن أن نطلب من الزوجة اللجوء لأهلها الذين غالباً ما يقفون بجوار الزوج لأسباب عدة، أو الاحتماء بقانون وضعي أكثر انتهاكا لحقوقها، أو الصمت العفن... ولا عزاء للأطفال فليذهبوا إلى الجحيم في كل الأحوال. ويكمن الخطر في الأنماط الأربعة في اضطراب صورة الأب والأم لدى الأطفال، وتشوه الدور الذكري والأنثوي في حياتهم.
إذن فالمشكلة أعمق من مجرد فتوى لإيجاد توازن ما .. أو اعتراض يحاول الحفاظ على صورة مفترضة للعلاقة الزوجية .. الأزمة أزمة صدق، ووعي، أزمة عدم تحقيق الذات، وانخفاض الثقة في النفس، والعجز عن احترام الآخر، أزمة حرية حقيقية يفتقدها الرجل والمرأة على السواء.
منقول
0
807
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️