محاربة الظلم محبوبة المضطهدين(رودينا)

الأدب النبطي والفصيح

في أرض فلسطين المحتلة،وتحديدا في (جنين)،ولدت
(رودينا) لأبوين فقيرين وغير متعلمين،يعيشان في
ريف صغير ومتواضع،ويعملان في رعاية بقرة وعجلها
الصغير،حيث تعطيهما الحليب الذي هو مصدر الدخل
الوحيد للأسرة،وكانت قد ولدت(رودينا) في عام
١٩٨٨م،وقد ربياها والداها على حب الخير،وحسن
الأدب،وسمو الأخلاق،وشجعاها على العلم والتعلم،
فكانت تحب تعلم كل جديد،واليوم والداها يكافحان
ويجتهدان لأجلها حتى أوصالاها إلى المرحلة الثانوية
وقد شارفت على الانتهاء منها،والآن هي في الصف
الثالث الثانوي،واقتربت أيام الامتحانات الفاصلة بينها
وبين الشهادة التي ستكون مفتاحا لباب السياسة
التي تود دراستها،في المرحلة الجامعية قريبا،فهي
من بين القليلات اللائي يطمحن بأن يدرسن هذا
المجال،ويتقدمن بكل قوة وعزيمة فيه
حتى تصل إلى غاياتها وأهدافها،فالبرغم من أنها
فتاة مرحة و نوعا ما اجتماعية،إلا أنها كانت تخفي
أحزانا عميقة بداخلها على العالم الاسلامي،والظلم
الذي يعيش فيه كل إنسان،والمآسي التي لا تنتهي
من الفقر، والجوع،والمرض ...
فيا ترى ماذا تخفي الأيام لرودينا؟.
وعندما أتت أيام الامتحانات،كان في كل يوم الحلم
يلوح لها في الأفق من بعيد،أن ثابري واجتهدي ولا
تيأسي،فتشتعل بداخلها طاقات الطموح والاجتهاد
فكانت تذاكر وتذاكر ليلا ونهارا ولم ترتاح إلا قليلا،و
فعلا كانت لا تضيع وقتها وتذاكر حتى اجتازت كل
الامتحانات ونجحت بتقدير عال،وفرحا والداها
كثيرا بهذه النتيجة،ولكن للأسف حتى تدرس
المجال السياسي الذي تتمناه يجب أن يكون لديها
الكثير والكثير من المال ،ولكن للأسف والداها
لا يملكان هذا المبلغ الكبير،فغزى قلبها بعض اليأس
ولما حل الليل كانت تبكي والناس نيام،فربما لن تصل
إلى مبتغاها،ولكن سرعان مانهضت لتدحر هذا اليأس
وفكرت وفكرت حتى انتهى بها التفكير إلى أن تعمل
وتظل تعمل حتى توفر المال الخاص بدراستها الجامعية
خصوصا وأنها كانت قد درست الثانوية في المدينة
التي تبعد قليلا جدا عن ريفهم الهادئ الجميل،فعندما
تذهب إلى هناك ربما تجد عملا مناسبا لها
بالرغم من أنه ليس هناك الكثير من الوظائف الشاغرة
إلا القليل منها،وجميعها لا تناسبها لأنها لا تملك شهادة
جامعية،فقررت أن تجوب الشوارع في اليوم التالي
بحثا عن أي عمل دون علم والديها،وللأسف قررت
أن تعمل في تنظيف الحمامات وغسل الأطباق في
مطعم بالقرب من الجامعة التي تتمنى أن تدرس
فيها،ولكن الراتب كان قليلا جدا ولا يغطي تكاليف
الدراسة،ففكرت وفكرت حتى قررت أن تصارح والديها
بالموضوع،وبأنها أصبحت تعمل من أجل أن تدفع
تكاليف الدراسة،ولكن قررت أن لا تخبرهما في ماذا
تعمل؟
وحدث مالم تتوقعه حيث فرحا كثيرا باصرارها
وطموحها اللذان لا ينامان،وشجعاها على فكرتها،
وأيضا وعداها بأن يساعداها في كل تكاليف الدراسة.
كل الأمور هنا تسير على خير مايرام ،وقامت بالاتحاق
بالجامعة وقد تم قبولها فورا،ولحسن الحظ أن في
هذه الجامعة يتوفر السكن للطلاب،أي أنها ستعيش
بعيدا عن والديها ،و عن حياة الأرياف ،بالقرب من
جامعتها وعملها،وبكل تأكيد بعد أن وافقاها على كل
ماتفعله،وفي أول يوم لها كانت قد بدأته في تنظيف
دورات المياه ،التي كانت تعج بالقذارة التي لا يمكن
وصفها،ولكنها تحملت من أجل دراستها،وبعد أن
أنهت تنظيفها أخذت نقودها مقابل عملها،وانتقلت
فورا إلى المطعم لبدء الدوام الثاني في غسل الأطباق،و
هناك في أول يوم عمل لها تعرفت على (ناديا)هي فتاة
طموحة مثلها،وقد فقدت والديها منذ الطفولة،وتعيش
مع أخيها الوحيد ،وزوجته،وأبنائه،والذين لا يحسنون
معاملتها ويقومون باحتقارها بشدة،خصوصا بأنها
لديها إعاقة في قدمها،تمنعها من السير بشكل طبيعي،
فتسير وهي تجر قدمها معها،ومع ذلك كانت تعمل لأجل
أن تغطي تكاليف الدراسة لنفسها هي الأخرى،فأخوها
أيضا لا يدعمها كثيرا ولا يبالي بها.
أصبحتا صديقتين مقربتين بسرعة،وخصوصا أن
الصدفة جمعتهما في نفس مكان العمل ومكان
الدراسة،وبالنسبة لما أحبت رودينا أن تدرسه هو
المجال السياسي،فبدأت بدراسة السياسة والاقتصاد
ومن محاسن الصدف أن صديقتها لها نفس الميول
فبدأتا الدراسة سويا في نفس هذا المجال،وكانت كل
الأمور تسير على خير مايرام،إلى ذلك اليوم الذي
انقطعت فيه أخبار ناديا فجأة،فقد تغيبت عن الجامعة
ومكان عملها،ولم ترد على اتصالات رودينا،فتواصلت
رودينا مع أخيها وزوجته ولكنهم هم الآخرين أيضا
لا يعلمون أي شيء،مما جعل رودينا تسقط في دوامة
من الحيرة،ولم تستطع التركيز على أي شيء،منذ
اختفاء صديقتها الوحيدة المقربة،وبعد مرور ثلاثة
أسابيع تتصل فتاة غريبة على رودينا تطلب منها اللقاء
في موضوع خاص ومهم جدا،وحددت لها مكان اللقاء
حيث طلبت منها التواجد في (منتزه بلدية رام الله)،
حيث أن رودينا كانت تعمل وتدرس في (محافظة رام
الله)،في تمام الساعة الخامسة عصرا من يوم الاثنين،
التقتا هناك،وكان يبدو على الفتاة التي طلبت اللقاء
الخوف الشديد ،والقلق،فقالت لرودينا: لقد أعطاني
أحد جنود قوات الاحتلال رقمك،وطلب مني اللقاء بك
لأخبرك بأن صديقتك ناديا لديهم في السجن،بسبب
ما تقومون بنشره من كتابات تسيء لهم ولكيانهم.
وأن هذه الكتابات أصبحت تؤثر فيهم وفي سمعتهم
خاصة بأنها قد انتشرت بسرعة بين القراء،فإن لم
توقفوا كل هذا،فسيتم تعذيب صديقتك حتى الموت.
قالت رودينا:ما!
ماذا؟!.
ولكني أنا وصديقتي لا علاقة لنا بالكتابة لا من بعيد
ولا من قريب.
ردت عليها قائلة:هذا كل مالدي ،فكري في الموضوع.
ازدادت رودينا حيرة،وخوفا،وضياعا،لم تعلم ماسبب
هذه المشكلات التي أخذت في الظهور فجأة من
دون اي سبب واضح؟!
وما هو الحل المناسب لها؟!.
كانت تدعو الله ليلا ونهارا لكي يفرج عن صديقتها،و
يساعدها وينسيها ماهي فيه،ليأتي في يوم من الأيام
وبينما هي خارجة من منزلها قاصدة الجامعة وعند
الباب وجدت مجموعة من الطلبة لم ترتح لوجودهم
مع بعضهم،وخصوصا بأن هناك البعض تراهم لأول
مرة في الجامعة، على عكس البقية الذين معهم فهي
تعرفهم،ولكن الباقية الذين معهم لأول مرة تشاهدهم
ظلت تراقبهم من بعيد،كلما صادفتهم في أوقات الفراغ
وتفاجأت بأنهم كان الواحد منهم ينتظر الآخر وينتظر
الذي يليه،حتى استنتجت بأنهم ينتظرون بعضهم
البعض حيث لديهم تجمع في أمر ما،وفعلا ظلت
تراقبهم من بعيد بالخفاء،حتى وجدت بأنهم قد دخلوا
في غرفة في أسفل الطابق وهي أشبه بالقبو،خرجت
لتعود وتنظر إليهم من خلال النافذة،لتفاجأ بأن الغرفة
كبيرة جدا ،وفيها الكثير من الكتب،وآلات الطباعة،و
طاولة كبيرة يجلس عليها هؤلاء لكي يناقشوا
مايريدون،وأمامهم الكثير من الأوراق والأقلام،ظلت
تراقبهم لأيام وفي نفس التوقيت الذي يتواجدون فيه
بهدف إيجاد طريقة لاقتحام هذه الغرفة السرية ،دون
علمهم،وكان الشيء الوحيد الذي استفادته من مراقبتها
لهم أنها استطاعت معرفة الوقت الذي ينشغلون فيه
عن هذه الغرفة ولا يأتي أي أحد منهم إليها،حيث
تقريبا جميعهم يخرجون بهدف نشر ماكتبوا على
طريقتهم الخاصة،وما إن غادروا فعلا في تمام الساعة
الثالثة عصرا،دخلت رودينا إلى ترك الغرفة السرية
عن طريق النافذة التي كانت تراقبهم منها،وأخذت
تمسك الأوراق لتقرأها ورقة،لتتفاجأ بكمية الكتابات
التي يكتبونها يدعون فيها للخير والصلاح،وأنهم في
أوراق سرية أخرى لديهم خطط كثيرة ومتشعبة
لتدمير البروتوكولات الصهيونية وإزالتها من الوجود،و
عندما التفت إلى الجانب الآخر من الباب تفاجأت
بوجود باب كبير من الحديد،لم تره عندما كانت
تراقبهم من خلال النافذة،وهي على هذه الحال فجأة
يأتي أحدهم ويقوم بفتح الباب الحديد من الداخل
حيث أنه كان هناك وهي لا تعلم،وعندما حاولت
الاختباء لم تجد مكانا لتختبئ فيه،فحاصرها بالكلام
سائلا:من أنت وماذا تفعلين هنا؟!.
تلعثمت بالكلام ردينا،ولم تعرف كيف تجيبه؟!
فلم يتردد هو ولو للحظة في الامساك بها،وفعلا أدرك
بأنها كانت تتجسس عليهم ،فأمسكها وربطها بالحبل
في الكرسي،منتظرا عودة باقي الرفاق ليروها ويتفقون
على حل مناسب للتخلص منها،ولم يطل انتظاره حتى
عاد الرفاق الواحد بعد الآخر،وتفاجؤا بوجود رودينا،
سألها أحدهم:اعترفي!.
ما الذي أتى بك إلى هنا؟
ولماذا كنت تتجسسين علينا؟
اضطرت حينها رودينا لقول الحقيقة،فقالت لهم:لدي
صديقة مختطفة،وقد التقيت بفتاة مجهولة،تحذرني
من التعرض لهم ولمنظمتهم،والتوقف عن كتابة
مايسيء لهم،وإيقاف كل الطرق التي أضرهم بها،وإلا
سيقضون على صديقتي،إلى أن اكتشفت بأنكم السبب
وراء كل هذا.
عم السكوت والهدوء المكان،واتفقوا على أن يمنحوها
الثقة قليلا،وأول ماقاموا به فكوا عنها القيود،أخبروها
بكل صراحة ووضوح،قائلين:يا أختاه!
نحن لم نقصد الأذية ولم نكن نعلم بأن هناك من سيدفع
الثمن،أرجوك سامحينا،نحن فقط هدفنا نشر الخير،
والسلام،والمحبة وليس لدينا أي رغبة في إيذاء أحد،و
محاربة الفساد،ونعدك بأننا سوف ننقذ صديقتك،وحتى
نتمكن من إنقاذها مارأيك بالانضمام إلينا؟.
فكرت رودينا وفكرت حتى قادها التفكير إلى أن توافق
لأنه لا مناص غير هذه الفكرة،وفعلا انضمت إليهم و
أخذت أصعب مهمة وهو البحث عن سر تلك الجماعة
الغامضة،هي والصديقة الجديدة (ملاك)،حيث ملاك
واحدة من تلك المجموعة الخيرة،واختيرت لتكون
في أصعب مهمة مع رودينا،وقبل بدء المهمة تعرفتا
على بعضهما البعض،حتى أصبحتا صديقتين مقربتين
وقبل البدء في المهمة كانتا قد قررتا الغداء في
إحدى مطاعم المولات،وبينما هما قد طلبتا الغدا
وجالستان تنتظران الطلب،تسمعان صوت طلقات
للرصاص،في الطابق السفلي،فتركتا المكان وأسرعتا
إلى مكان صوت الرصاص،لتفاجآن بوجود مواجهة
بين الشباب والأطفال الفلسطينيين المكافحين و
جيش الاحتلال المتطفل،ويحتدم فيما بينهم ليسقط
ثلاث من القتلى الفلسطينين،وخمسة من المحتلين
وبينما هذه الكارثة مستمرة وهما تراقبان من بعيد
وعيناهما تفيضان بالدموع،تفاجآن بوجود شخص مقنع
بين الناس،لا هو من هؤلاء ولا من هؤلاء،كان واقفا
يراقب من بعيد لعدة دقائق ثم ولى هاربا،فتركتا
مراقبة كل شيء واتفقتا على اللحاق به،وظلتا تركضان
خلفه وتركضان إلى أن اختفى من أمامهما وسط زحام
الناس،فأضاعتا فرصة معرفة ماهي وجهته ومكانه،و
بعدها عادتا إلى مخبئهم السري لتخبرا الرفاق بما حدث
وفورا وصلوا إلى استنتاج واحد فقط بأنه هو من قام
بإشعال نار تلك المشكلة بين جيش الاحتلال والشباب
الفلسطيني،ولكن كيف ولماذا لم يعرفوا بعد؟
والدليل أنه مفتعل المشكلة لباسه الغريب وتغطيته
لوجهه،وفراره المفاجئ والسريع بعد مراقبته للمكان
من بعيد،ومن بعد هذه الحادثة مرت الأيام مسرعة
من دون ظهور أي حدث جديد،وخصوصا مع الثنائي
رودينا وملاك لم يحدث معهما أي شيء جديد حتى
يمسكا تلك الجماعة المثيرة للشغب وتنقذ رودينا
صديقتها المختطفة ناديا،ولا حتى أصدقاؤهم الآخرين
لم يتمكنوا من العثور على أي شيء جديد،بعدها بعدة
أيام بدأت الامتحانات وانشغل الجميع بها،وقررت ناديا
بعد انتهاء الامتحانات أن تزور والديها في الريف هناك،
فقد اشتاقت إليهما كثيرا،وأيضا لترتاح قليلا من
التفكير في هذه الأمور التي أتعبتها وأرهتقتها كثيرا
خاصة نفسيا.
الفصل الثاني..
عادت رودينا إلى جنين مرة أخرى،وقد تجدد اللقاء مع
والديها ،وكانا قد سرا كثيرا لعودتها،ورحبا
بها ترحيبا حارا جدا،فدخلت إلى البيت والشوق
يغمرها له ولوالديها ولكل ركن فيه،وكان الوقت قد
اقترب على الغداء،فأعدت والدتها الغداء على
عجل،وجلسوا حول المائدة يتناولون طعامهم وفرحين
في نفس الوقت بقصص رودينا وكل ماكان يحدث معها
إلا أنها لم تقص عليهم ماحدث لصديقتها ناديا،و
انضمامها إلى تلك المجموعة السرية التي تحارب
جماعة سرية هدفها نشر الفساد،وبعدها مضى اليوم
سريعا وكان الليل قد انتصف وخلد الجميع إلى النوم
وفي منتصف الليل يقتحم البيت شخص ما مجهول
ليدخل إلى غرفة والدي رودينا ويتهجم عليهما،و
يبدأ بوالدتها وينهال عليها طعنا بالسكين،وفي نفس
اللحظة استيقظ والدها فزعا من نومه ويقوم هو بدوره
بالدفاع عن أم رودينا،فيغلبه القاتل الشاب ويدفعه
بقوة فوق السرير،ومن دون أن يتردد للحظة ينهال
عليه طعنا بالسكين حتى الموت،وعلى صوت صرخاتهم
بالرغم من أن البيت كبير إلا أن الأصوات كانت تسمع
في كل أرجائه،كانت قد استيقظت رودينا من نومها
فزعها،ولشدة الفزع الذي هي فيه تشجنت مكانها لم
تستطع النهوض من على السرير بسهولة لترى مايحدث
ولكنها علمت بأن مكروها أصاب والديها،وفي نفس
الوقت شعرت بقلبها ينبض بسرعة وبألم فيه لما شعرت
به دون أن تراه،حاولت أن تستجمع قواها ورويدا رويدا
استطاعت النهوض من السرير،وبدأت بخطوات بطيئة
وخائفة ماضية إلى غرفة والديها،وهي تبكي بأن
مكروها ما أصابهما،وعندما وصلت لباب الغرفة قامت
بفتحه لتفاجأ بهما غارقين في دمائهما،وقامت بالصراخ
أمي!!!.
أبي!!!.
ومن بعد هذه الحادثة المأساوية ظلت لأيام وأيام في
صدمة قوية،وأيقنت تمام اليقين بأن وراء كل
ماحدث تلك العصابة الشريرة،فكانوا قد بدأو بصديقتها
والآن قد قتلوا والديها،فقطعت على نفسها العهد بأنها
ستحاربهم، وتؤدبهم،وتخلص الناس من شرورهم إلى
الأبد.
وبعد انتهاء العزاء وانقضاء أيام طويلة من الأحزان
والآلام عادت رودينا إلى رام الله،وقابلت تلك الجماعة
الخيرة من جديد،وقصت لهم ماحدث لها وكلها حزن و
أسى،وطلبت منهم المساعدة حتى تخلص الناس من
شرور أمثال هؤلاء،وكانت هذه المرة أكثر جدية
وصرامة عن سابقاتها،فقرروا عقد اجتماع طارئ استمر
لمدة ساعتين من النقاش،كان ماتقرر فيه كالآتي:
١-محاولة زيادة أفراد المجموعة.
٢-العمل لساعات أطول متواصلة.
٣-الحاجة للمزيد من الوسائل التي تساعد على المواجهة
أجهزة ألكترونية،والمزيد من المال،والمزيد من الكتب و
،طرق التعليم وإلخ......
كانت هذه النقاط الثلاث من أهم النقاط ،لتتحرك
المجموعة بنشاط أكثر ومواجهة أقوى مع العدو
تجعلهم هم من ينتصرون في النهاية،وحتى أنهم قرروا
تغيير مخبأهم بدلا من أن يكون في قبو الجامعة،يكون
في بيت صغير يقومون باستإجاره حتى يكون هناك
متسعا للأجهزة ،والكتب، والأشياء الأخرى التي
سيشترونها،وكما أنهم سيتابعون عملهم بكل أريحية.
ذات يوم وبينما رودينا وملاك قد خرجتا لشراء باقي
الأغراض ومعهم فياض وهو أحد الأشخاص الذين
معهم في مجموعتهم،صادفوا في طريقهم فتاة تركض
مسرعة،خائفة،وحائرة،وكأنها تفر من شيء،كما كان قد
بدا على وجهها الكثير من الجروح والكدمات التي تظهر
بأنها قد تعرضت للتعذيب،فلم تظهر ملامح وجهها جيدا
خصوصا بأنها كانت تهرب من شيء ما،في تلك اللحظة
شعرت رودينا بشيء غريب،شعرت وكأن قلبها يتعرض
للطعنات بالسكاكين،وكأن شيئا بداخلها تحرك،وأجبرها
على أن تتبع تلك الفتاة الهاربة من المجهول،وفعلا
تركت كل شيء وركضت خلفها،وتبعاها فياض وملاك،و
قد كانت رودينا تصرخ قائلة: توقفي!
توقفي يا أختاه!
وتتوقف الفتاة فجأة وتلتفت خلفها وتقول بصوت
حزين ،ومشتاق،ومنكسر: عزيزتي رودي هذه أنت!.
فتكون هنا المفاجأة لرودينا،وتكون صديقتها المختطفة
منذ أشهر هي ناديا،نعم ناديا!.
سارعت رودينا لمعانقتها وقد غمرها الفرح بعد تجدد
اللقاء مع ناديا،ولكن لم يكن هناك متسع من الوقت
لتشرح ناديا ما حدث معها لأنه لا تزال مطاردة من قبل
من اختطفوها،فتابعت الهرب وتبعتها رودينا وصديقاها
وهم يهربون طلبت رودينا من ناديا أن تتبعها إلى
مقر أصدقائها،فوافقت ناديا دون أي تردد،قاموا
بالمراوغة قليلا حتى أضاعوا العدو،ومن بعدها ذهبوا
مسرعين إلى مقر المجموعة السري،ومن بعدها رحبت
رودينا من جديد بناديا وهي تقول لها:لا أصدق!
لقد التقينا من جديد يا عزيزتي.
قامتا بمعانقة بعضهما البعض مرة أخرى،سألتها ناديا:
من هؤلاء الذين معك؟.
أجابت رودينا:أعتذر لم أعرفك بهم،إنهم أصدقائي
ملاك،وفياض،ورائد،وجهينة،وثامر،وأمل،جميعهم
طلبة في نفس الجامعة التي ندرس فيها أنا وأنت،وقد
أصبحنا أصدقاء بعد أن عرفت بأنهم قد كونوا جماعة
سرية خيرة هدفها مساعدة الناس، ونشر الخير،ودحر
الظلم والفساد،وكانوا قد قرروا مساعدتي في انقاذك
ممن قاموا باختطافك.
رحبت بهم ناديا ورحبوا بها،وشكرتهم على حسن
نواياهم وقرارهم مساعدتها،وقالت لهم:في الوقت
الذي كنت مختطفة فيه،كنت قد عرفت الكثير عنهم،و
إذا سمحتم لي بالانضمام لكم فبكل تأكيد سأمدكم
بالمعلومات الكثيرة عنهم،يعني أستطيع مساعدتكم.
فرح الجميع فرحا عجيبا وخاصة رودينا،قائلين لها:أنت
بكل تأكيد فرد منا يا ناديا.
شكرتهم ناديا وقالت:انظروا إلى وجهي ويدي،كنت
مقيدة،وأتعرض للكثير من الضرب والتعذيب،وكذلك
كانوا يفعلون في الكثير من الناس غيري،فقد كنا
محبوسين في سجن تحت الأرض،وكانت الأماكن التي
نمر فيها شديدة الظلمة وقلما نجد الاضاءة،وحتى
الاضاءة التي تكون موجودة تكون خافتة جدا،وكل
حراس تلك السجون الأرضية طويلي القامة،مفتولي
العضلات،وتعلو وجوههم القساوة،ولم أراهم قط
يبتسمون،يربطوننا بالسلاسل ويسحبوننا بقوة على
الأرض،حتى يرموننا في تلك الزنزانات الفردية المظلمة
ويبدؤون بطرح أسئلة غريبة لا معنى لها أبدا،وكلما كان
جوابك لا أعلم،يقومون بالاعتداء عن طريق الضرب،أو
الحرق،أو اغراق الوجه في سطل مليء بالماء الحار.
قالت رودينا: آسفة يا صديقتي على المقاطعة!
ولكن مثل ماذا كانت أسئلتهم؟.
كان جواب ناديا: كانوا يسألوني هل أنا جاسوسة؟
ولصالح من أعمل؟
وكانوا قد ذكروا لي اسم تلك الجماعات وأنا حقا لا
أعلم شيئا عنها بل بالعكس أول مرة أسمع بتلك
الأسماء،ولكنهم لم يرحموني يوما،كنت أتعذب كل يوم
وأصرخ من الألم ولا مجيب لصوت صراخي،حتى
الطعام الذي كانوا يقدمونه فاسد جدا،انظروا إلي
لقد أصبحت مشوهة تماما.
بكت رودينا وبكا كل أفراد المجموعة،وسألوا ناديا
كيف هربت؟
ردت رودينا:بصراحة كنت أدعو الله ليلا ونهارا بأن
ينجيني منهم،وفي وقت الظهيرة ،تعرض سجنهم
التعذيبي الأرضي لهجوم،لا أعلم من هاجمهم ولكن!
كان الهجوم قويا جدا لدرجة أن هؤلاء الأشخاص
الذين هاجموهم،كانوا يعلمون بمكاننا تحت الأرض
وجاءوا لمساعدتنا فأطلقونا وقالوا لنا:أنتم أحرار.
وأنا بكل تأكيد لم أفكر ولو للحظة في تفسير مايحدث
فقط كنت أفكر في الفرار،وفعلا فررت مع من فروا
وتركنا من أنقذونا في قتال مع أولئك الأشرار،وكان
القتال شديدا جدا ومخيف،المهم عندما فررت،ركبت
مع من فروا في شاحنة كانت لؤلائك الأشرار،وقاد
أحد الفارين الشاحنة بسرعة،ولكن أولئك الأشرار لم
يتركونا وجدونا نهرب بشاحنتهم فلحقونا،ونحن
بالشاحنة دخلنا إلى هنا في رام الله،وفجأة انقلبت
الشاحنة بنا فنجا من نجا ومات من مات،وأنا بكل تأكيد
نجوت وتابعت الهرب وهذه المرة لوحدي،وعندما رأوني
قاموا بالحاق بي،إلى أن جمعتني الصدفة بكم وتعلمون
باقي ماحدث معي ومعكم.
سألتها رودينا:هل تذكرين ذاك المكان يا ناديا؟
ربما نغامر ونذهب إليه بعد دراسة الموضوع جيدا بيننا.
ردت ناديا :نعم،أتذكره جيدا!.
إن موقعها في منتصف (صحراء برية القدس).
درس الجميع هذا الموضوع للمغامرة والذهاب إلى هناك
وانتهوا بقرار مفاده أن يذهب إلى هناك ستة أشخاص
و يكون معهم كاميراتهم،و هواتفهم الذكية،وأيضا
أوراقهم ،وأقلامهم،لتسجيل كل شيء بالصوت ،و
الصورة،وأيضا لكتابة العديد من المقالات عن ذاك
المكان، وكان من أولئك الستة الذين قرروا الذهاب إلى
هناك هم: رودينا،وناديا ،وملاك،وفياض،وعامر،ونبيل
قاموا جميعهم بحزم أمتعتهم وجمع الأغراض التي
يحتاجون إليها،وتحركوا منذ ساعات الفجر الأولى
لاقتحام المجهول،وانقاذ العالم من شر خطير ومجهول.
بعد سفر طويل وصلوا إلى الوجهة التي يقصدونها،
كانت الصحراء جافة تماما لا حياة فيها،والشمس
حارقة جدا وقد أرهقتهم كثيرا،ولحسن الحظ صادفوا
في وسط الصحراء المكان الذي كانت فيه ناديا،وقد
عرفته ناديا عندما اقتربوا منه،كان يشبه الجبل
البركاني (ذو فوهة بركانية) يميل إلى اللون الأرجواني
وعندما رأوه شعروا بالقليل من الخوف،ولكن الشجعان
كسروا حاجز الخوف وقرروا تسلق ذلك الجبل البركاني
وكانوا يجدون صعوبة في التسلق بسبب صخوره
التي تجعلهم يتعثرون كثيرا،ولكنهم بالرغم من كل هذا
كانوا قد وصلوا أخيرا إلى قمته،بالقرب من فوهته
كانوا يسمعون أصوات مخيفة،ربما بسبب مرور
الرياح السريعة عبر فتحات كانت موجودة حول
الفوهة،تصدر تلك الأصوات الغريبة،وعند اقترابهم
كان هناك سلم طويل جدا يؤدي إلى الداخل،نزلوا عن
طريق السلم فصادفوا بوابة حجرية ضخمة،لم يعرفوا
كيف يفتحوا الباب،ولأن الباب ضخم جدا فإنه لا يفتح
عن طريق الدفع،فجأة أصابهم اليأس،ومن اليأس
اتكأت رودينا على الجدار وهي تقول: ما الحل الآن؟.
وفجأة إذ بالباب يفتح ببطء،فتتفاجأ بأنها قد ضغطت
على زر بالجدار بالصدفة،غمرت قلوبهم الفرحة
ودخلوا عن طريق الباب،فوجدوا ممر طويل جدا
وعلى طول الممر كانت هناك صور معلق على الجدار،
أخذوا يتأملون الصور،ليفاجؤوا بأنها صور( لعائلة
روتشلد)،سألتهم ملاك: لماذا صورهم معلقة في هذا
المكان الغريب والمخيف؟
قالت رودينا: يبدو بأن هذا المكان السري تابع
لهم،ويبدو أننا وللتو وبعد صبر طويل وجهد
كبير،أمسكنا بطرف الخيط.
تابعوا المسير طوال الممر الشبيه بالنفق حتى وصلوا
إلى طريق مسدود،هو شبيه بالباب إلى حد ما ولكنه
مغلق تماما،وبكل تأكيد هناك طريقة ما لفتحه،وهم إذا
لم يتمكنوا من فتحه فسيتضطرون للعودة إلى من
حيث أتوا،فكروا وفكروا!
حتى جاء نبيل بفكرة قد تكون ناجحة إلى حد ما قائلا:
أيا أصدقاء!
ما رأيكم نبحث عن الزر الذي يفتح لنا هذا الباب
الغريب خلف الصور،أعتقد بأنه موجود خلف إحدى
تلك الصور.
أعجبتهم الفكرة،وبدأوا يبحثون خلف
الصور صورة صورة...
حتى وجد نبيل خلف إحدى الصور،زر حجري بدا وأنه
المفتاح لفتح ذلك الباب الغريب،ولكن لم يكن فتحه
بتلك السهولة،حيث حاول مرارا وتكرارا إلا أن الباب
لم يفتح،فنادا الأصدقاء وحاول الجميع فردا فردا
ولكن دون فائدة،فجاء عامر غاضبا يضرب الزر
بكلتا يديه قائلا أيها الزر اللعين وعندما حركه
يمنة ويسرى بسرعة غاضبة ،فتح الباب لتوه،غمرهم
السرور وانطلقوا مسرعين ليفاجأوا بظهور ممر آخر
طويل ولكنهم تمكنوا من عبوره من دون أية عراقيل
تذكر،وبعد طول المسير في الممر الطويل،سمعوا صوت
أنين لأناس بدوا وكأنهم يتعذبون من شيء ما،تسلل
الخوف إلى قلوبهم لبرهة،وظلوا واقفين بلا حراك
لبعض الوقت متعجبين وخائفين من الأصوات الصادرة
ولكن سرعان ما استجمعوا شجاعتهم،ودخلوا المكان
بكل قوة،لتكون المفاجأة بسجون ضيقة جدا،ووجود
أدوات للتعذيب بداخلها وخارجها،والدماء في كل
مكان، والرائحة النتنة لشدتها لا يحتملها حتى الذباب
وموتى هنا وهناك،وآخرين مابين الحياة والموت،فأي
كارثة هذه وجدوا أنفسهم أمامها،فلم يكن أمامهم
سوى خيارين إما أن يتابعوا رحلتهم إلى المجهول
وإما العودة،ولكنهم اختاروا أن يكملوا طريقهم،فكان
من وجدوه من بين أولئك المعذبين رجل طاعن في
السن،آثار التعذيب على جسده في كل مكان،ملقى على
الأرض يأن من الوجع،أقبلوا عليه مفزوعين،سألته
رودينا:ياعم! ياعم!
مابك؟
أخبرنا.
ولكنه لم يستطع أن يجاوبهم بشيء لأن روحه كانت
قد ودعت جسده،وفي ذات اللحظة يفاجؤون جميعا
برجل ضخم الطول،أصلع ،ضخم الرأس،قاسي
الملامح،وجسده مليء بالوشوم،يهيج الرعب والخوف
في القلوب
فلما رؤوه ارتجفوا خوفا،فبدأ بسؤالهم بصوته المخيف
والمرعب: من أنتم وماذا تفعلون هنا؟.
فلم يتمكنوا من الرد عليه،فأمر من معه من أتباع أن
يمسكوا بهم ليسجنوا رودينا وأصدقاءها.
الفصل الثالث...
تم رمي جميع الأصدقاء في إحدى تلك الزنزانات
المخيفة،وبينما هم محبوسين فيها،يتم الاتيان بالواحد
تلو الآخر لاستجوابه،وكأنهم يقومون بالتحقيق في
قضية قتل ما،وهم من المفترض من يتم التحقيق معهم
لسبب الشر المطلق الذي يتربع في قلوبهم،بدأوا
باستجواب ثامر ،في غرفة ملآ بأدوات التعذيب،وهو
مرمي على طاولة حديدية مسطحة،ومعصوب العينين
تماما،بدأوا بطرح أسئلة عديدة ومن ضمنها
كيف علمت بمخبئنا هذا؟
قال:لن أجاوب على سؤالكم هذا.
فأتوا بقطعة من حديد ملتهبة،ووضعوها في أسفل
قدمه،فصرخ ثامر من شدة الألم،فأعادوا السؤال
ولم يجبهم،فأعادوا هم الكرة،ولكنه كان شجاعا لدرجة
كبيرة،فحاولوا باسلوب آخر أكثر عنفا،وجاؤا بسكين
صغير حاد،وقالوا له:إن لم تجبنا سنفقأ عينيك بهذه!.
واستمر في عناده ولم يجبهم،فقاموا بفقء إحدى
عينيه بقوة،فصرخ قائلا:مهما فعلتم لن تجبروني على
قول ما لا أريد قوله،إنكم فقط تضيعون وقتكم معي
لن أجيب!
لن أجيب!.
فتفقوا في نهاية الأمر على قرار واحد نهائي وهو
قتله وإنهاء حياته،وهذا مقاموا بفعله،وقاموا بتفريغ
رصاصتين في رأسه أنهت حياته.
عادوا إلى باقي الأصدقاء في السجن،لتعذيب ضحية
أخرى ،وهذه المرة وقع اختيارهم على رودينا،لأنهم
شعروا بأنها الأذكى،فجروها من شعرها بكل عنف
وسحبوها إلى غرفة التعذيب الأخرى،حاول أصدقاؤها
الدفاع عنها،ولكن من دون فائدة فقد تمكنوا من
ضربهم وإبعادهم،عندما أدخلوها تفاجأت بجثة ثامر
المعذبة أمامها،تقطع قلبها حزنا عليه،وعلمت ماينتظرها
في هذه اللحظة،شعرت بأن شريط ذكرياتها كلها تمر
من أمام عينيها،فأجلسها على كرسي كهربائي،وبدأوا
بطرح نفس الأسئلة التي قاموا بطرحها على ثامر،و
لكن لم تجبهم بكل تأكيد،فبدأوا بضربها بأول صعقة
كهربائية،حركت الدم في جسدها وكأن الكهرباء يخض
اللبن،وبعد ثلاث ثوان فقط،أوقفوا الصعقة الكهربائية،و
لكن أصرت رودينا على عنادها،فصعقوها للمرة الثانية
والثالثة،ولكن دون أي فائدة،فما كان أمامهم غير حل
واحد فقط،وهو اغراق رأس رودينا في برميل مليء
بالمياه، ولكن سرعان ما تراجعوا عن هذه الفكرة،وقرروا
أن يتركوها مقيدة في مكانها بالحبال على الكرسي،و
اجتمعوا في غرفة أخرى،بسبب مشكلة أخرى قد ظهرت
لهم ويجب عليهم حلها قبل فوات الأوان،حينها ظلت
رودينا لوحدها في تلك الغرفة الموحشة،تفكر في حل
وفي طريقة ما للهروب،وفعلا وجدت سكين على حافة
إحدى الكراتين،جرت نفسها بالكرسي إليه و حاولت
حتى وصلت إليه،وبما أن السكين على الحافة،قامت
بهز الكرتون بكتفها عن طريق ضربة واحدة فسقط
السكين في الأرض،وبعدها أوقعت نفسها بجانبه
لكي تمسكه بإحدى يديها المربوطتين،حيث كانت
اليدان مربوطتان للخلف،ولأن رودينا تتمتع بالرشاقة
المدهشة،وبالليونة في جسدها،حركت يداها من خلف
ظهرها إلى الأمام،بعد سقوطها من على الكرسي،و
هذا ماساعدها على التقاط السكين،فتمكنت من قطع
الحبال بكل سهولة،ولحسن حظها أيضا كان لا يزال
الباب مفتوحا فتمكنت من الخروج،أما هم لا زالوا في
اجتماعهم،فركضت مسرعة نحو الزنزانة التي فيها
أصدقاؤها لأجل مساعدتهم واخراجهم منها،وما
إن وصلت إليهم،وسمعوا صوتها تناديهم من خلال
النافذة ،أصدقائي لقد عدت إليكم!.
حتى أسرعوا جميعا نحو النافذة لرؤويتها،و
فعلا رؤوها وتهللت وجوههم بالأفراح والمسرات،وبعد
أن طمأنتهم بأنها بخير،طلبت منهم الصبر حتى تجد
طريقة لمساعدتهم واخراجهم من الزنزانة،أخذت تفكر
وتفكر في الخارج عن شيء تتسلح به للدفاع عن
النفس وفي نفس الوقت لاخراج أصدقاؤها من الزنزانة
وهي تدور وتدور حول المكان لأنها تفكر في حل ما،
بالصدفة رأت طرفا لمسدس بدا وكأنه مدفون،أو أراد
صاحبه دفنه تحت التراب ولكنه لم ينتبه لذاك الجزء
البارز من المسدس،ذهبت إلى ناحية المسدس وقامت
بأخذه،وبمجرد ما إن قامت بسحبه،تفاجأت بوجود
مسدس آخر فأثار هذا في نفسها العجب،فقامت بالحفر
قليلا في نفس المكان،لتتفاجأ بوجود الكثير والكثير
من الأسلحة المتنوعة والمختلفة،ولحسن الحظ كانت
قد وجدت قنبلة صغيرة الحجم،وأرادت استخدامها
لأنها ليست من أنواع القنابل الفتاكة،بل من النوع الذي
تم رميه ينفجر في مكانه من دون أن يمتد الانفجار
لمسافات بعيدة،وهذا فعلا ما احتاجت إليه،لتفجير
جدار الزنزانة وإخراج الأصدقاء،عادت إليهم والفرحة
تعلو وجهها الجميل،وصرخت بجانب النافذة وهي تقول
لهم:تراجعوا إلى الخلف يا أصدقاء،سوف أقوم بتفجير
الجدار،خذوا حذركم واخفضوا رؤوسكم!.
ألقت القنبلة وفعلا فجرت الجدار فتدمر كله،وفرح
أصدقاؤها أيما فرح،وخرجوا جميعا من السجن،وفرحوا
بعودتهم إلى بعضهم البعض،ولكن صوت الانفجار كان
قد وصل لأولئك الأشرار ساعة اجتماعهم،فتركوا كل
شيء،وخرجوا ليتحسسوا مايحدث،فوصلهم الخبر
من قبل الحراس بأن رودينا تمكنت من اخراج
أصدقائها من الزنزانة والهروب.
2
279

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

حياة الملوك
حياة الملوك
...الفصل الرابع...
تم فورا اتهامهم بالارهاب بسبب لا شيء،وأن
مطاردتهم وقتلهم حلال لأي شخص من جماعتهم
يصادفهم في طريقه،اشتهر هؤلاء الأبطال بشكل غير
متوقع،وانتشرت قصتهم في كل أرجاء أرض فلسطين
المحتلة خاصة،وفي كل العالم العربي بشكل عام،عن
طريق الصحف،والتلفاز،ومواقع التواصل الاجتماعي،
بأنهم مجموعة من الشباب والشابات يهدفون لتدمير
المخططات الصهيونية البريئة كما يزعمون،وبأن كل
من يرشدهم إلى مكانهم له مكافأة مالية تقدر بالملايين.
الآن ازداد الوضع خطورة،وأصبح العالم ضدهم بسبب
التحريض الذي قام به أولئك الأشرار،فما كان لهم إلا
أن غادروا فلسطين عن طريق معبر رفح مع بعض
الحاجيات التي يتم تهريبها من خلال هذا المعبر
دون علم أحد،ومن خلاله عبروا هروبا إلى مصر،و
استقروا هناك في الاسكندرية دون علم أحد،بالرغم
من أن شهرتهم واتهامهم بالاجرام والارهاب كان قد
وصل إلى مصر أيضا،ولكن كان لابد من ترك أرض
الوطن اجبارا.
بدأوا في مصر من جديد ولكن كانت الفكرة هذه المرة،
هي توسيع فريقهم وجعل باب الانضمام مفتوحا للآلاف
لأجل القضية الفلسطينية خاصة،ولأجل القضية العربية
الاسلامية عامة،هدفهم هذه المرة قد اتضح تماما وهو
تدمير كل مخطط صهيوني،وتم تحويل اسم الجماعة
الجديدة إلى (محاربي الفساد الماسوني)،عندما تم
كل هذا كان قد وصل مجموع المنضمين إلى ألف
شخص،بعدها قرروا أن يتركوا مصر لأنها لم تعد آمنة
وخصوصا أنهم بدأوا بمخططاتهم على المكشوف
فقرروا تحويل مقرهم إلى نيجيريا،حيث يجتمع هناك
التمرد رغم الفقر،وقد يجدون أعدادا أخرى من
المنضمين لدخول في معركة ومواجهة حاسمة مع هذه
المنظمة الفاسدة، كان كل هذا في مدينة (لاغوس)
النيجيرية،وبعد مرور عامان بالتحديد،كبرت هذه
المنظمة وذاع صيتها في الشرق والغرب وفي كل
مكان،وقويت شوكتها لدرجة أنها أصبحت تسبب
الرعب لكل أعدائها،ولهذا كانت هناك عدة محاولات
لتدميرها إلا أنها جميعها باءت بالفشل،لان من يقود
هذه المنظمة هي رودينا وأصدقاؤها،وجميع التجارب
السابقة التي مروا بها زادتهم خبرة وذكاء،كانت لهذه
المنظمة أهداف أخرى غير القضاء على الفساد
الماسوني والفساد بكل أنواعه وأشكاله،كانت تهدف
لمساعدة البشر حول العالم،ومحاولة التخفيف من
المرض،والجوع،والفقر،كانت أحلام وآمال كبيرة
وخيرة وقعت على أكتاف هذه المنظمة،ولكن
ثقتهم في الله عز وجل كانت كبيرة لأبعد حد،مرت
سنوات طويلة وأصبحت رودينا امرأة قوية،وذكية
وجميلة،في سنها الثلاثين عاما،وأصبحت ذائعة الصيت
تهز قلوب الجميع رعبا كلما سمعوا باسمها،كان أكثر
الناس لها بالمرصاد وخصوصا بأنها امرأة هز اسمها
كل ربوع العالم،لهذا كانت تحتاج إلى رجل يدخل
حياتها،بالرغم من أنهم فريق قوي ومتماسك،ويعرفون
بعضهم البعض منذ أيام الجامعة،إلا أنها كانت تحتاج
إلى شريك يسعدها، ويؤنسها،ويده بيدها على طول
الطريق وإلى النهاية،فاختارت من كان معها منذ البداية
ومن بداية مشوارها الطويل،إنه الشخص الذي رافقها
طوال تلك المدة (عامر)،عرضت عليه الزواج وبأن
يكونا أقرب لبعضهما البعض،حتى يزدادان حماسا على
تحمل مسؤولية المنظمة،ويقفان يدا واحدة ضد الأعداء
وأن ينجبا ذرية صالحة يتابعون من بعدهما مشوارهما
الذي بدآه،فوافق من فوره دون أي تردد ،وتم الزواج
سريعا من دون تكاليف، ولا أغاني، ولا ضجيج،ومع
الوقت كانت تلك المنظمة تزداد قوة عاما بعد عام،حتى
تمكنت من الاطاحة بالحكم في نيجيريا عن طريق
بعض السياسيين،والاعلاميين،والمخبرين المهرة،الذي
تنكروا بالولاء لحكومة نيجيريا حتى اكتسبوا ثقتهم
وبدأوا الاطاحة بكل مسؤول في الحكومة الواحد
تلو الآخر،فأصبحت كل الأمور في حكم وسيطرة
(محاربي الفساد الماسوني)،حتى تم تقوية نيجيريا
خلال ثلاث سنوات عسكريا،واقتصاديا،واجتماعيا،و
أصبحت أحوال الناس أفضل،وأصبحت الخطة الجديدة
هي فلسطين واسترداد المسجد الأقصى،وفي تمام
الساعة السادسة صباحا ومنذ أكثر من سبعين عاما
من السكوت العربي،أطلق أول صاروخ تحذيري إلى
الجيش المحتل،وإشارة إلى ظهور عدو جديد وصادق
يتحدى العدو الصهيوني المحتل ،هز الخبر العالم،وأقبل
العالم على حدث كبير ونادر،لم يتوقعوه في يوم من
الأيام بعد أن كانت القضية الفلسطينية قضية منسية
فأصبح الخبر يتصدر المواقع،والصحف،والتلفاز،وأصبح
الشغل الشاغل للناس كلهم،أثار هذا التصرف غضب
جيش الاحتلال،وأعدوا العدة لرد الصاع صاعين،كانت
هذه الشرارة الأولى لحرب مخيفة قد تكون وشيكة
أثارت المخاوف في كل مكان،وهنا دب الخلاف بين
رودينا وزوجها ومن يعمل معهم أنهم كيف قاموا
بمثل هذا التصرف المتهور؟!
والذي قد يتسبب في مقتل الملايين والملايين من
البشر،ولكن للأسف جاء هذا الغضب متأخرا عندما
قام جيش الاحتلال بضربهم والثأر لما حدث،وكان
الضرب في عدة مناطق بقصد إثارة الفتنة والقلاقل
في كل مكان،وعندما أعدوا العدة لرد الضربات
بضربات أقوى،جاء في بال رودينا أولئك المساكين
الذين سيدفعون الثمن غاليا،إذا اشتد الأمر وتحولت
الحرب الباردة هذه إلى حرب نارية مدمرة،مابين متشرد
وجائع ،ومريض،وميت،وفاقد لأهله،وحتى المريض
نفسيا،والفقير،فتجتمع أقصى ابتلاءات الدنيا
فيهم ،لهذا اختصرت كل هذا وجاءت بفكرة ذهبية
وهي أن تشتري الأقصى منهم بمقابل أي مبلغ يريدون
،فوافقوا لأنهم من الأساس لا يريدون الأقصى ولم
يجدوا فيه هيكلهم المزعوم،ولأن المبلغ كبير جدا
اضطرت لبيع منظمتها،وبالاضافة إلى مالديها
من ثرواتها هي وزوجها،وضعوها كلها لأجل شراء
الأقصى،وفعلا استطاعوا في نهاية المطاف شراء
الأقصى من دون أي دموية تذكر،وجاء كل المسلمين
من كل أنحاء العالم للصلاة في المسجد الأقصى،ومن
دون أي تدخل في شؤونه من قبل جيش الاحتلال،
فتكون رودينا أول امرأة في التاريخ تسترد الأقصى
من دون أي دموية تذكر.
فيضٌ وعِطرْ
فيضٌ وعِطرْ
شكراً لمجهودك الكبير
في سرد هذه القصة البطولية الوطنية
بارك الله بك
القصة طويلة جدا ورغم انها هادفة
إلا ان القارئ قد يعبر خلال سطور ها في قراءة عابرة
حاولي الاختصار وجزاك الله خيرا 🌷