وعد93

وعد93 @oaad93

عضوة جديدة

محاضرات الشيخ الفاضل محمد حسان ياااااا صبااااااااااااياااااااااااااا

ملتقى الإيمان

للشيخ محمد حسان وهذا رابط موقعه http://www.mohamedhassan.org/
سيف الله المسلول
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريط له، وأشهد أن محمداً عبده، ورسوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} سورة آل عمران: 102.



{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} سورة النساء: 1



{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} سورة الأحزاب: 70 ، 71.



أما بعد .. فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة فى النار، ثم أما بعد: فحياكم الله أيها الأخوة الفضلاء وأيتها الأخوات الفضليات وطبتم جميعاً وطاب ممشاكم وتبوأتم من الجنة منزلاً، وأسأل الله جل وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجمعنا فى هذه الدنيا دائماً وأبدا على طاعته أن يجمعنا فى الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى فى جنته ودار مقامته إنه ولى ذلك والقادر عليه. آه يا مسلمون.

آه يا مسلمون ! متنا قرونا
أى شئ فى عالم الغاب نحن
نحن لحم للوحش والطير منا
وعلى المحصنات تبكى البواكى
قد هوينا لما هوت
واقتلعنا الإيمان فاسودت
وإذا الجذر مات فى باطن الأرض



والمحاق الأعمى يليه محاق
آدميون أم نعاج تساق
الجثث الحمر والدم الدفاق
يا لعرض الإسلام كيف يراق
واعدوا من الردى ترياق
الدنيا علينا واسودت الأعماق
تموت الأغصان والأوراق




آه يا مسلمون

القدس تباد والعالم
القدس تباد والعالم
القدس من دولة المجد عثمـ
القدس من قلب مكة بالتو
تركوها وما حولها كلاب اليهود
تركوها وحولها من كلاب اليهود
قدمتها للصلبان لليهود قربانا
والله لو فعلنا باليهود ما فعلوه
قد حفظنا للمرة الألف عنكم



كله خسة وخيانة ونفاق
كله خسة وخيانة ونفاق
ان أبوها والفاتح العملاق
حيد يعلو لواؤها الخفاق
طوقا من خلفه أطواق
طوقا من خلفه أطواق
قربانا .. ولليهود كلهم عشاقا
لرأينا مثل الذى رآه العراق
عالم الغاب ما له ميثاق




واقع ينزف طفل لا يعلم أين ذهب أبوه ولا أين ذهبت أمه ولا أين ذهب إخوانه طفل فى الثانية من عمره ينظر إلى السماء التى حولها السلاح الأمريكي إلى نهار مضئ فهو يتساءل ما هذه الأنوار فى سماء الليل المظلم؟

من الذى حول مساء فلسطين المظلمة إلى نهار مشرق، النيران المتأججة المتوهجة وهو لا يدرى أن الصواريخ والطائرات والدبابات قد حولت هذا الظلام الدامس بنيران متأججة. ثم ينظر فيرى أشلاء أمه تتناثر، ويري أشلاء أبيه تتمزق ويرى دماء إخوانه تسيل فى كل واد، فيخرج الطفل مذعوراً مفزوعاً يخرج إلى الشوارع والطرقات فيري جندياً يهودياً يقابله بهذا المدفع الرشاش، أو بهذه الدبابة بل بأعداد من الدبابات!!

لا أقول: انبعثت رائحة جثث إخواننا من الشهداء أسأل الله أن يتقبلهم عنده فى الشهداء بل انبعثت رائحة الخيانة من أين؟ من تحت الانقاض من المقابر الجماعية ذات الصنع اليهودى المحكم.

لن تستطيع قوة أن تحصر عدد القتلى أو عدد الشهداء فلقد دفنت الجثث بصورة جماعية فى مقابر جماعية، وهالوا على هذه الجثث الزكية التراب من الرجال والنساء والأطفال فأحببت فى ظل هذا الواقع المر الأليم أن أذكر بهذا الذى جعله المصطفى ذروة سنام الإسلام، حيث قال لمعاذ بن جبل كما فى سنن الترمذى بسند صحيح: " ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه". قال بلى يا رسول الله قا المصطفى:" رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد فى سبيل الله"() أحببت أن أذكر بهذا الشرف شبابنا



وأولادنا وأمتنا وأنا أؤكد لحضراتكم بأنه لا يوجد شر محض كما ذكرت فى دروس العقيدة شاء الله بهذه الفتنة فى هذه الأيام حينما دخل المجرم شارون المسجد الأقصى شاء الله بهذا الحدث أن تعلم الأمة كلها حقيقة اليهود وشاء الله بهذا الحدث أن بذكر علماء الأمة بإجرام اليهود وأن يبينوا عقيدة الولاء والبراء وأن يذكروا من جديد بالجهاد فى سبيل الله.



أسأل الله أن يرفع علمه إنه ولى ذلك ومولاه



تعالوا لنعيش اليوم مع علم من اعلام الجهاد إنه عالم وحده فى فن القيادة وإدارة الحروب إنه قائد المجاهدين وأستاذ فن الحروب والميادين الفاتك بالمسلمين يوم أحد، والفاتك بأعداء الإسلام بقية الأيام، إنه فارس الإسلام والمسلمين إنه سيف من سيوف رب العالمين بشهادة سيد المرسلين، إنه ترياق وساوس الشياطين بشهادة الصديق الأمين إنه الفارس الرشيد، إنه البطل العنيد إنه خالد ابن الوليد.

ماذا يعرف شبابنا عن خالد؟ بل وماذا تعرف الأمة عن خالد فى زمن تعلم فيه أولادنا وأبناؤنا فى الجامعات تاريخ الأقزام بل وتاريخ المجرمين، فأولادنا الآن يعرفون بسمارك ويعرفون ستالين ويعرفون هتلر ويعرفون لينين ويعرفون شارون ويعرفون كل المجرمين من القادة الخبثاء.

فماذا يعرف شبابنا عن قائد القادة وأستاذ فن الحروب الذى وقف القادة أمام مورد خالد الخالد لينهلوا منه فن القيادة وإدارة الحروب ماذا يعرف شبابنا عن خالد فى زمن يتربى فيه أولادنا على سير الساقطين وأحوال الهابطين ممن يقدمون الآن لأولادنا ليكونوا القدوة والمثال.

خالد بن الوليد نشأ فى بيئة غنية مترفة فلك أن تعلم أيها الأخ الفاضل أن والد خالد هو الوليد بن المغيرة الذى كان أغنى أبناء زمانه بلا نزاع فهو الذى توعده الله فى قرآنه بسورة المدثر بقوله: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَّمْدُودًا * وَبَنِينَ شُهُودًا * وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ * كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا * {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} (11 ، 17) سورة المدثر



إلى أخر الآيات من هذا الرجل إنه والد خالد بن الوليد، الوليد بن المغيرة فى هذه البيئة الغنية نشأ خالد لكنه راض وعود نفسه على الرجولة والفروسية والخشونة والبطولة، فكان يترك هذه البيئة، ليركب فرسه وجواده ليشق به الوديان وليصعد به الجبال والقمم حتى صار فارساً لا يشق له غبار إلا أنه فى الوقت ذاته ورث الكره الشديد للإسلام عن أبيه فخالد هو قائد الميمنة فى غزوة أحد هو الذى باغت الرماة الذين خالفوا أمر رسول الله مباغتة أذهلتهم بل وأذهلت المسلمين بل وتشتت الجمع والشمل وتحول النصر إلى هزيمة حتى جرح المصطفى وشق وجهه وكسرت رباعيته ودخلت حلقات المغفر فى وجهه الشريف .

جديداً مع المصطفى وأصحابه فى المدينة وانظر إلى فضل الله على خالد بعد ثلاثة أشهر فقط، أو أقل يخرج خالد بن الوليد للمرة الأولى جندياً فى كتائب التوحيد والإيمان بعد أن كان من ثلاثة اشهر فقط قائداً من قواد جيش الشرك والضلال إلى أين لمناطحة الصخور الصماء.. أين فى بلاد الشام فى غزوة مؤتة لمقابلة الروم الى يغبرون من آن لآخر على حدود الدولة الإسلامية.

وأمر سيد البشرية الجيش أن يذهب إلى هناك ليؤدب الروم والقبائل التى والت الروم، وقام المصطفى بنفسه ليختار قواد الجيش الإسلامى كما فى صحيح البخارى فى كتاب المغازى من حديث ابن عمر أن النبى أمر على الجيش فى غزوة مؤته زيد بن حارثة.

أسمع للمصطفى حين قال: "إن قتل زيد فجعفر بن أبى طالب".. ما ينطق عن الهوى .. " فإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة"() وانطلق الجيش وحينما وصل الجيش الإسلامى الذى لا يزيد على ثلاثة آلاف



مقاتل حينما وصل الجيش الإسلامى إلى
أرض المعركة.

وجد الجيش نفسه أمام جيش جراز يزيد على مائة ألف مقاتل فتردد الصحابة فى القتال. فقال الشهيد الطيار صاحب السرير الذهبى الشاعر الشهيد عبد الله بن رواحة القائد الثالث لما رأى الصحابة قد ترددوا لهذه الكثرة المرعبة فى جيش الروم، فقال كلمات حركت القلوب ماذا قال عبد الله بن رواحه قال: يا قوم والله إن التى تكرهون التى خرجتم تطلبون – إنها الشهادة وما نقاتل عدونا بعتاد وعدد، وإنما نقاتل عدونا بهذا الدين الذى أكرمنا الله به، فانطلقوا فإنها إحدى الحسنيين إما نصر وإما شهادة.

فانطلق الجيش وتلاحم الجيش الإسلامى مع جيش جرار رهيب يزيد على مائة ألف فارس، ودارت معركة رهيبة وتتابع سقوط الشهداء، وقتل القائد الأول كما أخبر الصادق الذى لا ينطق عن الهوى قتل زيد بن حارثة، وقبل ان يسقط اللواء التقطه جعفر بن أبى طالب، ولكن الروم كثرة فقطع الروم يمين جعفر فالتقط اللواء بشماله، فقطعوا شماله فالتقط اللواء وضمه بعضديه حتى لا يسقط فطعنوه فى صدره، فسقط اللواء وسقط خيار الشهداء.

لكن عبد الله بن رواحة التقط اللواء من على الأرض سريعاً ورفعه عالياً. وراح ليذكر نفسه وإخوانة بالجنة، ولكنه قتل هو الآخر، وسقط اللواء للمرة الثالثة، فأسرع على اللواء صحابى جليل مبارك إنه ثابت بن أقرم وأرضاه، فالتقط اللواء من على الأرض، وظل ينادى: يا أبا سليمان يا أبا سليمان .. من أبو سليمان غنه الفارس العنيد، إنه البطل الرشيد إنه خالد ابن الوليد: يا أبا سليمان خذ اللواء انظروا إلى أدب خالد وتواضعه قال: لا . أنت أحق به منى يا ثابت فأنت أقدم إسلاماً، وقد شهدت بدراً مع رسول الله حتى فى هذه اللحظات يعرف أهل الفضل لذوى الفضل فى ساحة الوغى، وميدان البطولة والشرف وحينما تصمت الألسنة الطويلة وتخطب السيوف والرماح على منابر الرقاب لا ينسى الفضل لأهل الفضل ذر الفضل فيقول خالد: لا. أنت أولى به منى يا ثابت، فأنت أكبر سنا منى وأنت ممن شهد بدراً مع رسول الله.

فقالت ثابت بن أقرم: لا ياخالد، والله ما أخذت اللواء إلا لك فأنت أدرى بالقتال منى ثم صرخ ثابت بن أقرم فى الجيش الإسلامى وقال: أيها المسلمون أتقبلون إمرة خالد بن الوليد، فهتف المسلمون جميعاً على لسان وقلب رجل واحد: اللهم نعم لقد رضينا إمرة خالد بن الوليد، فالتقط اللواء خالد بن الوليد واعتلى العبقرى جواده ورفع اللواء بيمينه إلى الإمام كأنما يفتح أبواباً مؤصدة مغلقة آن لها يإذن الله أن تفتح، وفى سرعة خاطفة فى ظلام الليل فعل خالد بن الوليد العجب العجاب.

لقد تولى خالد إمرة الجيش بعدما تحدد مصير المعركة بالفعل قتل القادة الثلاثة وانتهت المعركة يقيناً. وكانت المفاجأة المذهلة والكرامة الكريمة التى تنتظر عظيماً ليحققها هى أن يوقف الخسائر المذهلة فى الجيش الإسلامى، وأن يؤمن انسحاباً لأفراد الجيش بلغة العسكرين هذا قمة النصر.

وفى ظلام الليل اعتلى العبقرى بجواده ربوة عالية وألقى بعينين ثاقبتين كعينى الصقر نظرة فاحصة سريعة على أرض الميدان وعاد ليغير الموقف بأكمله فجعل الميمنة فى الجيش فى الميسرة وجعل الميسرة فى الميمنة وجعل المقدمة فى المؤخرة وقدم الساقة أى: المؤخرة إلى المقدمة، وغير الأعلام وأمر طائفة أخرى من الجيش أن تتأخر فإذا بزغ نور الصباح أمرها أن تثير غباراً وتراباً، ليتصاعد الغبار إلى عنان السماء وأمرهم أن يحدثوا صياحاً وجلبة وضجيجاً وصراخاً فلما بدأت المعركة فى الصباح رأى الروم وجوهاً غير الوجوه وأعلاماً غير الأعلام ورأوا غباراً ملأ السماء يرتفع إلى عنان السماء فظن الروم أن جيشاً ومدداً جديداً قد أتى من المدينة للجيش الإسلامى فقذف الله الرعب فى قلوبهم ففروا من الميدان واستطاع خالد بن الوليد الفارس العنيد أن يفتح ثغرة وسط هذه الكتلة الهائلة من
جيش الروم.

لقد روى البخارى أن خالد بن الوليد تحطم فى هذا اليوم فى يده تسعة أسياف، تسعة اسياف تحطموا فى يد خالد واستطاع هذا العملاق العبقرى أن يفتح ثغرة فى قلب هذا الجيش الرومى الهائل، وأن يؤمن انسحاباً للجيش الإسلامى حتى نجا بفضل الله المؤمنون ثم بعبقرية خالد.

وهنالك فى المدينة قام المصطفى الذى لا ينطق عن الهوى، فلقد أوحى الله عز وجل له ما حدث فوقف المصطفى فى المسجد وعيناه تذرفان بأبى هو وأمى وروحى ونفسى فقال كما فى صحيح البخارى من حديث أنس قال:" أخذ الراية زيد بن حارثة فأصيب وأخذها جعفر بن أبى طالب فأصيب وأخذها عبد الله بن رواحة فأصيب ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم"() .. فسمى المصطفى نصر خالد



فتحاً: " ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم" .. يا لها من منقبة عظيمة كريمة جليلة يا له من نيشان يعلقه المصطفى بيده الشريفة الطاهرة على صدر خالد بن الوليد ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم.

وعاد خالد، ليحتل هذه المكانة المرموقة بتزكية المصطفى له، وبعد أشهر قليلة يخرج النبى قائداً للجيش الإسلامى ، لفتح مكة ليجعل النبى خالد بن الوليد قائد الميمنة كما كان قائد لميمنة قبل ذلك فى جيش الشرك، ولكنه اليوم قائد الميمنة فى جيش التوحيد بقيادة المصطفى .

وتوفى الحبيب ويتولى الخلافة أبو بكر وتهب أعاصير الردة الماكرة المجرمة الخبيثة ويقوم الصديق ذلكم الشيخ الجليل الذى ضم فى لحظات قليلة روح الشباب بين إهابه وتحولت محنة الردة بين يديه إلى منحة قام الصديق، ليجيش الجيوش وليعد ألويته بنفسه للقادة لقتال المرتدين فى أقصى الجزيرة فلقد ظهرت فتنة الردة هنا وهناك وهنالك، وقام الصديق للقضاء عليها وحينما أعطى اللواء لكل قائد أتجه نحو خالد فقط وقال الصديق لخالد: يا خالد إنى سمعت رسول الله يقول: " نعم عبد الله وأخو العشيرة خالد بن الوليد سيف من سيوف الله سله الله على المشركين المنافقين"() .. والحديث رواه أحمد



وقال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح ورفع اللواء لخالد وانطلق خالد بن الوليد وبدأت معارك الردة وانطلق خالد من نصر إلى نصر ومن عزة إلى عزة ومن كرامة إلى كرامة حتى اشتعلت نار المعركة الرهيبة ألا وهى معركة اليمامة.

فلقد استطاع الدعى الكذاب مسيلمة أن يهزم عكرمة بن أبى جهل وهو أحد القواد على الجيوش الإسلامية استطاع الكذاب مسيلمة أن يهزم عكرمة بن أبى جهل هزيمة نكراء فأصدر الأوامر خليفة رسول الله لخالد بن الوليد أن يتجه مسرعاً لقتال مسيلمة، وهنالك جمع خالد بن الوليد الجيوش، وتولى القيادة العامة والتقى مع مسيلمة فى معركة فاصلة حاسمة إنها معركة اليمامة، ودار قتال رهيب رهيب وبالفعل تساقط كثير من قراء القرآن الكريم من أصحاب النبى وتتابع سقوط الشهداء، واعتلى العبقرى أيضاً بجواده ربوة عالية ثم عاد إلى أرض المعركة مسرعاً فنظم الصفوف وأعاد الترتيب ثم نادى بأعلى صوته فى الجيش: امتازوا اليوم لنعلم بلاء كل حى .. امتازوا اليوم لنعلم بلاء كل حى .. يريد أن يكشفهم أمام أنفسهم وأمام إخوانهم ليبلى كل قائد وكل جندى بأقصى ما يملكة لدين الله.



وبالفعل سرعان ما تساقط جند مسيلمة بالمئات فمن لحظات تساقط المسلمون بالعشرات بل بالمئات كزهور حديقة غناء طوحت بها عاصفة عنيدة شديدة وبعد لحظات بفضل الله ثم بفضل خالد يتساقط جند مسيلمة بالمئات كالذباب الحقير خنقت أنفاسه نفثات مطهر مبيد وحسمت المعركة بفضل الله لخالد، وللمسلمين.

ولم يسترح خالد بن الوليد حتى أصدر الخليفة المبارك أبو بكر أوامره لقائدة المبارك أن ينطلق بعد حروب الردة انطلاقة أخرى كبيرة إلى أين؟ إلى أعظم إمبراطورية فى الشرق إنها إمبراطورية الفرس بقيادة هرمز البطل المغوار والقائد المعروف المحنك، فبدأ خالد بن الوليد معاركه الجديدة فبدأ بالعراق وبدأ المعارك بإرسال الكتب لقادة الألوية الكسروية فى العراق وتوايعها فماذا قال خالد؟

اسمع وتدبر أيها الأخ الحبيب قال خالد: بسم الله الرحمن الرحيم: من خالد بن الوليد إلى مرازبة فارس سلام على من اتبع الهدى وبعد فالحمد لله الذى فض وسلب ملككم، ووهن كيدكم، من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلكم المسلم له ما لنا وعليه ما علينا، فإما أن تسلموا وإما الجزية، وإما الحرب وإلا فوالله لقد جئتكم برجال يحبون الموت كما تحبون الحياة.

ودب الرعب فى قلوب مرازبة فارس لاسم خالد. ولن أفصل فى المعارك فهذا يحتاج إلى خطب طويلة لكن على الجملة أقول: استطاع خالد بن الوليد فى عام واحد أن ينجز ما عجز الرومان أن ينجزوه مع الفرس فى أجيال سأكرر لمن اراد أن يراجع التاريخ اقول: استطاع خالد بن الوليد فى عام واحد ان ينجز ما عجز الرومان أن ينجزوه مع الفرس فى أجيال فلقد دخل خالد مع الفرس خمس عشرة موقعة لم يهزم فى موقعة واحدة بفضل الله وكان من أخطر هذه المواقع التى خاضها خالد مع الفرس موقعة ذات السلاسل وسميت بذات السلاسل، لأن الفرس من الأبطال كانوا يقيدون أنفسهم بالسلاسل خشية أن يفروا من الميدان تحت ضربات خالد الساحقة.

وأنتهت الموقعة بفضل الله بنصر كبير جديد لخالد وللجيش الإسلامى وبهزيمة منكرة لجيوش كسرى ستعجبون أن الخليفة الراشد أبا بكر وارضاه فى هذا التوقيت الذى أمر فيه خالد بن الوليد أن ينطلق إلى الإمبراطورية الفارسية كان قد أعد جيوشاً أخرى لمقاتلة الإمبراطورية الرومانية فى بلاد الشام لقتال الروم يا له من عجب!

انظروا إلى الرجال الذين ما عاشوا من أجل العروش والكروش والفروج وعاشوا من أجل الكراسى الزائلة والمناصب الفانية بل عاشوا من أجل الله ودين الله يرسل جيوشاً أخرى فى الوقت ذاته، لقتال الروم، لقتال الإمبراطورية الرومانية فى بلاد الشام، وقام الصديق بنفسه أيضاً ليختار قادة هذه الجيوش فاختار أبا عبيدة بن الجراح وجعل القيادة العامة فى يده واختار عكرمة بن أبى جهل، ويزيد بن أبى سفيان وعمرو بن العاص وجعل القيادة العامة لأمين الأمة أبى عبيدة وأرضاه ولكن الجيش المسلم حينما وصل إلى حدود الشام وسمع إمبراطور الشام أنه قد أرسل جيشاً لملاقاته غضب امبراطور الروم غضباً شديداً وقال كلمة خطيرة قال: والله لأشغلن أبا بكر عن أن يورد بعد ذلك خيله إلى أرضنا .. والله لأشغلن أبا بكر عن أن يورد بعد ذلك خيله إلى أرضنا.

فجيش جيشاً لملاقاة المسلمين.. تدبر الرقم يزيد عدد الجيش الرومى على مائتين وأربعين ألف مقاتل، فلما رأى القادة الموقف الرهيب، والصورة الجديدة أرسلوا رسالة بالبريد السريع ولم يكن هناك ما يعرف الآن بهذه الوسائل إنما البريد السريع هو أن يكلف رجل من الفرسان الذين يجيدون الجرى والكر فى الطرق والجبال والوديان، ليحمل رسالة مكتوبة من قائد الجيش إلى الخليفة وليرجع بأوامر الخليفة إلى القادة فأرسلوا برسالة سريعة إلى أبى بكر يخبروه بالأمر الجديد وبالجيش المقابل.

اسمع ماذا قال الصديق رداً على قول إمبراطور الروم قال: والله لأشفين وساوسهم بخالد .. والله. لأشفين وساوسهم بخالد .. فأصدر الخليفة الأمر إلى الفارس الرشيد والبطل العنيد خالد بن الوليد أن يترك العراق وينطلق مسرعاً إلى الشام، ليتولى القيادة مكان أبى عبيدة وسأقف وقفة سريعة قبل أن أصل مع خالد إلى جبهة الشام فإن خالد عبقرى من طراز فريد ومخلص لله من طراز كريم، حان عليه أول موسم للحج ظن فيه أنه يستطيع أن يؤدى الفريضة وهو فى العراق.

ففى سرية تامة ركب جواده وانطلق بسرعة البرق من أقصى العراق إلى جنوب الجزيرة فأدى فريضة الحج دون أن يعلم الخليفة أبو بكر مع أنه أمير الحج ودون أن يعلم أحد فى الجيش الإسلامى إلا الخاصة من المقربين من قواده، ودون أن يعلم أحد من الأعداء فى أسبوعين اثنين حج خالد وعاد من مكة إلى العراق، ثم أصدر إليه الأمر أن يسير ليتولى قيادة الجيوش فى الشام.

اسمع وتدبر يا شباب الصحوة، أرسل الخليفة المبارك أبو بكر رسالة إلى الأمين أبو عبيدة بن الجراح. فقال فيها : بسم الله الرحمن الرحيم من أبى بكر لأبى عبيدة بن الجراح، هكذا من أبى بكر إلى أبى عبيدة بن الجراح. سلام الله عليك وبعد : فإنى قد وليت خالد بن الوليد القيادة فى بلاد الشام فلا تخالفه واسمع له واطع والله ما وليت خالد القيادة إلا لأنى ظننت أن له فطنة فى الحرب ليست لك وأنت عندى يا أبا عبيدة خير منه أراد الله بنا وبك خيراً والسلام. , أبو بكر.

إنه التجرد إنه رجل الساعة بجدارة هو خالد فيتقدم خالد ليس المهم من يرفع الراية المهم أن تُرفع الراية، ليس المهم من يقول الحق المهم أن يُقال الحق فليرفع الراية خالد وليساعده أبو عبيدة، وليرفع الراية أبو عبيدة وليساعدة خالد ويكتب خالد بن الوليد رسالة رقراقة لطيفة لأخيه الأمين أبو عبيدة فيقول فيهاك بسم الله الرحمن الرحيم من خالد بن الوليد إلى أخيه الأمين أبى عبيدة بن الجراح سلام الله عليك وبعد. فإنى قد تلقيت كتاب خليفة رسول الله يأمرنى بالسير إلى بلاد الشام لتولى جندها والقيام على أمرها ووالله ما طلبت ذلك وما أردته فأنت فى موطنك الذى أنت فيه يا أبا عبيدة لا نستغنى عن مشورتك ولا عن رأيك فأنت سيدنا وسيد المسلمين أراد الله بنا وبك خيراً والسلام.

يا له من تجرد ، بهذه القلوب نصر الله الأمة بهذه القلوب المتجردة، نصر الله الأمة لكن انظروا الآن إلى حب الزعامات وحب الصدارات وحب القيادات المهم أن أقول أنا أما أنت فلا !!!! المهم أن أتصدر أنا أما أنت فلتتأخر!!! هذا هو الواقع المر الأليم، ويتنازل الأمين أبو عبيدة عن القيادة لأخيه سيف الله المسلول خالد بن الوليد وبسرعة البرق يا إخوة فى أيام لا يصدفها عقل عسكرى فضلاً عن عقل إنسان عادى، يترك خالد العراق تحت قيادة أخيه المبارك المثنى بن حارثة، لينطلق بجيشة إلى الشام فى طريق لا يسير فيه أحد أراد أن يختصر الطريق اختصاراً حتى وصل إلى إخوانه وهنالك التقى بالقادة . بأبى عبيدة وبعمرو بن العاص وبيزيد بن أبى سفيان فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها القادة أيها القادة هذا يوم من أيام الله فأخلصوا جهادكم لله عز وجل فإن هذا اليوم له ما بعده فإن رددناهم اليوم وهزمناهم لم نزل نردهم ونهزمهم بقية الأيام بإذن الله. وإن هزمونا اليوم لن نفلح بعدها أبداً ، فتعالوا بنا لنتبادل الإمارة فليكن أحدنا اليوم أميراً، وليكن أحدنا فى الغد وليكن أحدنا بعد الغد حتى يتأمر الجميع إن شاء الله وأستأذنكم أن تتركوا الإمارة لى فى اليوم الأول فأذنوا له.

وقام العبقرى لينظم الجيوش وبدأ القتال بإشارة خالد الذى اعتلى جواده بعبقرية فذة نادرة وحرك اللواء وصرخ صرخة دوت فى الجيش كله وسرت القوة والحماسة فى عروقهم كسريان التيار الكهربائى فى الأسلاك وهم يسمعون خالد بن الوليد وهو يقول: الله أكبر هبى رياح الجنة .. الله أكبر هبى رياح الجنة.

وأبلى المسلمون فى هذا اليوم بلاءاً لا يستطيع أديب بليغ أن يعبر عن شئ منه فهاهم المسلمون يفعلون الأعاجيب فى هذا اليوم ها هو رجل من الصحابة ينادى فى أرض المعركة على أبى عبيدة بن الجراح ويقول: يا أبا عبيدة يا أبا عبيدة فيلتفت إليه أبو عبيدة ويقول: ما حاجتك؟ فيقول الصحابى: بل أنت هل لك حاجة أبلغها لرسول الله ، فإنى عازم اليوم على الشهادة وسألقى رسول الله اليوم فهل لك حاجة لأبلغها لرسول الله؟ فقال أبو عبيدة : نعم أقرئ رسول الله منا السلام وقل له: يا رسول الله إنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقا.. وهذا عكرمة ابن أبى جهل؟ أجل أبن أبى جهل عكرمة الصحابى المبارك يصرخ فى أرض المعركة وينادى على الصحابة ويقول: يا أصحاب رسول الله من يبايع على الموت؟! من يبايع على الموت ؟! فتبايعه كوكبة من الأطهار الأبرار فيقول عكرمة: لطالما حاربت رسول الله قبل أن يهدينى الله للإسلام أأفر اليوم من الجهاد فى سبيل الله لا والله من يبايع على الموت؟! فتبايعه كوكبة أخرى .. فانطلقت هذه الكوكبة بقيادة عكرمة، لتبحث عن الشهادة لا عن النصر فصدقوا الله فصدقهم الله جل وعلا وانتهت الموقعة الحاسمة بنصر مؤزر لخالد بن الوليد وللمسلمين وفى أوج هذه الانتصارات المذهلة يموت خليفة رسول الله ويحمل البريد رسالة من الخليفة الجديد المبارك عمر بن الخطاب إلى أبى عبيدة بن الجراح، ليخبره فيها بموت خليفة رسول الله وليأمره فيها بأن يتولى القيادة من جديد.

وهنا قال الكذابون المغرضون ما قالوا فى حق عمر فقالوا: إن عمر بن الخطاب قد عزل خالد بن الوليد لضغينة قديمة فى نفس عمر نحو خالد وهذا أمر ورب الكعبة لا يليق بأحاد المؤمنين الصادقين فكيف بمن أجرى الله الحق على لسانه وقلبة بشهادة النبى الأمين؟ كيف بعمر الذى بلغ من الصدق والإخلاص والعظمة والنقاء والصفاء ما لم يستطع أديب أو عالم مبارك أن يعبر عن شئ منه؟ كيف والذى شهد بصدق عمر وبأن الله أجرى الحق على قلبه ولسانه هو المصطفى؟ كيف يقول مغرض عن عمر هذا؟ كيف يقال: بأن عمر عزل خالداً لعداوة قديمة؟

تقول كتب التاريخ التى لم تحقق كما فصلت قبل ذلك بأن عمر قد صارع خالد بن الوليد فترة الصبا فصرع خالد عمر فحملها عمر فى نفسه لخالد فلما تولى عمر الخلافة عزل خالد فى تمثيلية سخيفة لا تليق هذه المسرحية الهزلية بآحاد المؤمنين الصادقين فضلاً عن اصحاب سيد المرسلين.

وق خالد بن الوليد موقفاً، ورب الكعبة مع كل ما قدمة خالد لا أرى أعظم وأكرم وأشرف وأكبر وأطهر واجل من موقفه هذا من يوم أن أسلم إلى يوم أن مات، نعم .. يدفع أبو عبيدة الكتاب لخالد فيقرأ خالد بن الوليد الكتاب فيؤدى تحية الجندى لقائدة فى التو واللحظة، ليصير خالد بن الوليد جندياً مطيعاً، بعد أن كان بالأمس القريب قائداً كبيراً مطاعاً، إنها العظمة هؤلاء لا يعملون للكراسى ولا يعملون للمناصب وإنما يعملون لله.

وفى صحيح البخارى من حديث أبى هريرة وفيه أن المصطفى قال (ص)" طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه فى سبيل الله . أشعت الرأس مغبرة قدماه إن كان فى الحراسة كان فى الحراسة وإن كان فى الساقة كان فى الساقة وإن استأذن لا يؤذن له وإن شفع لا يشفع" ()



رجل لا يريد منصباً سياسياً، ولا يريد طبلا أو زمراً إعلامياً إنما هو يريد رب البرية جل جلاله لا يريد بعمله إلا الله، فإن كلف القيادة فهو جندى لله وإن كلف بالجندية فهو جندى لله لا يبتغى الأجر إلا من الله فى علاه فيتنازل خالد عن القيادة لأخيه الأمين، ليصير جندياً مطيعاً بعد أن كان قائداً مطاعا.

ولنرجع إلى عمر لماذا عزلت خالداً يا عمر لماذا؟ أجب أنت فأنت متهم من الكذابين فلماذا عزلت خالد بن الوليد سيف الله المسلول؟ والجواب فى كلمات حاسمة قاطعة كالحق الذى أجرى على قلب ولسان عمر يقول: لا أمير على أبى عبيدة.. هذه هى الأولى.. لا أمير على ابى عبيده هذه مكانة أبى عبيد عند عمر فهو أمين الأمة، لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح بشهادة رسول الله .

وانظر إلى الكلمة الثانية الأخطر قال عمر: أرسل رسالة إلى الأمصار حينما بث المنافقون هذا القول فى عزل عمر لخالد فأرسل عمر كتاباً إلى الأمصار ليبين سر عزله لخالد بن الوليد فقال بعدما حمد الله وأثنى عليه: إنا لم نعزل خالد ابن الوليد لسخط أو لخيانة وإنما عزلته لأنى قد رأيت الناس قد فتنوا به وظنوا أن النصر من عنده فأردت أن أعلمهم أن النصر من عند الله وأن الله هو الصانع.. لأنى رأيت الناس بعرض فتنة.

كلمات فى عقيدة التوحيد حاسمة عمر طبيب للقلوب ومن عاش منكم مع خالد ورأى نصره المتتالى لشعر بكلمات عمر لقد ترددت الكلمات بالفعل وفتن كثير من الناس بخالد وبسيف خالد وظنوا أن النصر فى سيف خالد وبسيف خالد لا من عند رب خالد الذى يوفق خالد بن الوليد فصار الناس بعرض فتنه خطيرة على القلوب فأراد من أجرى الله الحق على قلبه ولسانه أن يربط قلوبهم بالملك {وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} (126) سورة آل عمران وها هو خالد ينام على فراش الموت فماذا قال خالد وماذا قيل عنه والجواب بعد جلسة الاستراحة ، واقول هذا واستغفر الله لى ولكم..



الخطبة الثانية:



الحمد لله رب العالمين واشهد أن لا إله غلا الله وحدة لا شريك له وأشهد أ، محمداً عبده ورسوله وصل اللهم وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله واصحابه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين. أما بعد...



فيا أيها الأحبة الكرام أرجو أن تركزوا معى فى هذه اللحظات الحاسمة الأخيرة من حياة عبقرى الإسلام والمسلمين خالد بن الوليد وارضاه وصلى الله على أستاذه ومعلمه، ها هو خالد ينام على فراش الموت بعيداً عن ساحة الوغى وميدان البطولة والشرف يا إلهى سبحانك فيقول خالد: والله لقد شهدت كذا وكذا زحفاً وما فى جسدى موضع شبر إلا وفيه ضربة بسيف أو رمية بسهم او طعنة برمح وها أنا ذا أموت على فراشى رغم أنفى كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء..

لم يقدر رب الأرض والسماء لقائد الميادين أن يموت فى الميدان بل قدر له أن يموت على فراشه، ليعلم الله جل وعلا الجبناء ممن يحرصون على الحياة بأى ثمن ولو كان على حساب الدين والعقيدة، ليعلم الله جل وعلا الذين يحرصون على الحياة بأى ثمن، ولو كان على حساب الدين والعقيدة ليعلم الله جل وعلا الذين يحرصون على الحياة التافهة الرخيصة من حياة الشهوات والشبهات ولو على حساب دين رب الأرض والسماوات أن الموت إن حان موعده لا يؤجل ولا يقدم كما قال الله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} (34) سورة الأعراف أينما كنت وحيثما كنت ولو كنتم فى بروج مشيدة فإن ملك الموت لا يستأذن أحداً إذا جاءه الأمر من الله نفذ لا يرهب سلطاناً ولا حاكماً ولا مالكاً يموت خالد على فراشه ويبكى وهو يردد هذه الكلمات ثم يردد كلمة التوحيد: لا إله إلا الله لا إله إلا الله وتفيض روحه الكريمة إلى خالقها وبارئها جل فى علاه ويموت عبقرى الإسلام ويموت البطل العنيد ويموت الفارس الرشيد يموت سيف من سيوف الله سله الله على المشركين والمنافقين.



يموت خالد بن الوليد. إيه يا بطل غيه يا بطل كل نصر إيه يا فخر كل ليلة ها أنت ذا قد أتممت مسراك فلسيرتك المجد أبا سليمان ولذكراك الخلد يا خالد وتعالى لنودعك بهذه الكلمات الرطاب العذاب لعمر بن الخطاب الذى قال حينما سمع بموت خالد قال: والله ما عند الله لخالد خير له مما قدم ومما كان فيه ثم قال عمر: لقد عاش حميداً ومات سعيداً.. بل وما نسيه عمر وهو على فراش الموت فقيل لعمر وهو على فراش الموت، ألم تعهد .. يعنى ألم تستخلف.

فقال عمر: والله لو أدركت أبا عبيدة بن الجراح لوليته خلافة المسلمين فإن قدمت على ربى وسألنى: لم وليت أبا عبيدة لقلت لربى: سمعت خليلى رسول الله يقول:" لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح". () .

اسمع ولو أدركت خالد بن الوليد لوليته فإن قدمت على ربى وسألنى : لم وليت خالد بن الوليد؟ لقلت: سمعت رسول الله يقول:" خالد بن الوليد سيف من سيوف الله سله الله على المشركين والمنافقين". ()



وأثر عمر أثر صحيح رواته كلهم ثقات إلا أبا العجماء من باب الأمانة العلمية وأبو العجماء مختلف فيه وثقة ابن معين وابن حبان والدارقطنى.



وهكذا يموت قائد المجاهدين وعلم فن القتال وإدارة الحروب ولميادين أرجو الله عز وجل أن أكون بسيرته قد قدمت شيئاً من العبرة والعظة وقد قدمت قدوة جليلة كريمة طيبة وأرجو الله بهذه الكلمات أن يحيى سبحانه روح الجهاد فى أمتنا بعد أن تصحح إيمانها وعقيدتها بربها إنه ولى ذلك والقادر عليه..

هذا وما كان من توفيق فمن الله وحده وما كان من خطأ أو سهو أو نسيان فمنى ومن الشيطان، واعوذ بالله ان اكون جسراً تعبرون عليه إلى الجنةويلقى به فى جهنم ثم أعوذ بالله أن اذكركم به وأنساه .. وأقم الصلاة.

الدعاء.





--------------------------------------------------------------------------------

(1) رواه الترمذى فى الإيمان (2616) وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجه فى الفتن (3973) وأحمد (5/231 ، 234 ، 235 ، 237 ، 245 ، 246).

(1) رواه البخارى فى المغازى (4261).

(1) رواه البخارى فى لمغازى (4262).

(1) رواه أحمد (1/8) وقال الهيثمى فى المجمع (9/348) رواه أحمد والطبرانى بنحوه ورجالهما ثقاب.

(1) رواه البخارى فى الجهاد والسير (2887).

(1) رواه البخارى فى فضائل أصحاب النبى (3744) ومسلم فى فضائل الصحابة (2419 / 53).

(1) سبق تخريجه.
1
473

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

وعد93
وعد93
اذا بتحبوه وبدكم كمان محاضرات احكولي صبايا انا ان شاء الله يوفقني للعمل الصالح واياكم

كمان محاضرة عن:)
حق الرسول
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده، ورسوله:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} سورة آل عمران: 102.

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} سورة النساء: 1

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} سورة الأحزاب: 70 ، 71.

أما بعد ..

حديثنا الآن بإذنه تعالى عن حق حبيبه المصطفى ولكن قبل أن نتعرف على حقوق المصطفى، أطرح هذا السؤال وأقول: هل تعرف المصطفى؟ وسينتظم جوابى على هذا السؤال الرقيق الجميل فى العناصر التالية:

أولاً: تعظيم الرب العلى لقدر الحبيب النبى .

ثانياً: تكميل الله له المحاسن خلقاً وخُلقاً.

ثالثاً: هل عرفت الأمة قدر نبيها.

إن شاء المصطفى عند الله عظيم، وإن قدر الحبيب عند ربه لكريم، فلقد خلق الله الخلق واصطفى من الخلق الأنبياء، واصطفى من الأنبياء الرسل، واصطفى من الرسل أولى العزم الخمسة، نوحا وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمداً- صلوات الله عليهم جميعا- واصطفى من أولى العزم الخمسة الخليلين الحبيبين إبراهيم ومحمداً واصطفى محمداً على جميع خلقه، فشرح له صدره ورفع له ذكره وأعلى له قدره ووضع عنه وزره، وزكاه ربه فى كل شئ.

زكاء فى عقله فقال سبحانه: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} (2) سورة النجم وزكاه فى صدقه فقال سبحانه: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى} (3) سورة النجم، وزكاه فى فؤاده فقال سبحانه: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} (11) سورة النجم، وزكاه فى بصره فقال سبحانه: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى} (17) سورة النجم، وزكاه فى صدره فقال سبحانه: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} (1) سورة الشرح، وزكاه فى ذكره فقال سبحانه {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} (4) سورة الشرح ، وزكاه فى طهره فقال سبحانه: {وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ} (2) سورة الشرح، وزكاه فى حلمه فقال سبحانه: {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} (128) سورة التوبة، وزكاه كله فقا سبحانه: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (4) سورة القلم بأبى هو وأمى.

أغر عليه للنبوة خاتم
وضم الأله أسم النبى إلى اسمه
وشق له من اسمه ليجله



من نور يلوح ويشهد
إذا قال فى الخمس المؤذن أشهد
فذو العرض محمود وهذا محمد.




ويتجلى تكريم الرب العلى لحبيبنا النبى فى قسم الله جل وعلا بعمر المصطفى ، بحياة المصطفى ، قال ابن عباس رضى الله عنهما: والله ما خلق الله وما ذرأ وما برأ نفساً أكرم عليه من محمد، وما سمعت الله أقسم بحياة أحد غير محمد فقال جل وعلا: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} (72) سورة الحجرأقسم الله بحياة حبيبه المصطفى فيقول ربه له: وحياتك يا محمد.

معنى الآية وحياتك يا محمد إن أهل الشرك إن أهل الكفر فلا ضلالهم يترددون ويتخطفون ويتحيرون: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} .

بل لم يقسم الله جل وعلا لنبى من أنبيائه بصفة الرسالة إلا لحبيبنا المصطفى فقال جل وعلا: {يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} (3) سورة يــس يقسم الله لنبينا فقط بأنه رسول من عنده فيقول: {يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ *عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (1 ،4) سورة يــس.

بل وأقسم الله بالضحى: {وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} (1، 2) سورة الضحى أنه ما أهمل محمداً وما قلاه بعدما اختاره واصطفاه واجتباه وأن ما أعده له فى الآخرة خير له من كل ما أعطاه فى دنياه، وقد جمع الله له الكرامة والسعادة فى الدارين مع الزيادة فقال جل فى علاه: {وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى * وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى * أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى * فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ *وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} سورة الضحى .

تدبر معى أيها المحب للحبيب محمد لتقف على قدر حبيبك عند ربه جل وعلا فوالله لقد خاطب الله جميع الأنبياء والمرسلين بأسمائهم مجردة إلا المصطفى: {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ } (35) سورة البقرة. {قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا} (48) سورة هود:{وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ* قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} (104، 105) سورة الصافات، { يَا مُوسَى * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ } (11، 12) سورة طـه، {إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ } (55) سورة آل عمران {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ } (26) سورة ص، {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا } (7) سورة مريم ، {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} (12) سورة مريم، {قَالُواْ يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ } (81)
سورة هود.

أما المصطفى فنادى عليه ربه بقوله : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ } (1) سورة الأحزاب، {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا} (45، 46) سورة الأحزاب ، وداعياً إلى الله وداعياً إلى الله: { بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا} (46) سورة الأحزاب، وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ } (41) سورة المائدة، وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} (1، 2) سورة المزمل ، وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ * وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ * وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} (1، 7) سورة المدثر، يا أيها النبى، يا أيها الرسول، يا أيها المزمل، يا أيها المدثر، وما ذكر الله اسم النبى إلا مقروناً بالرسالة فقال سبحانه: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ} (144) سورة آل عمران.

وتدبر معى هذه الكرامة فإن الله جل وعلا قد خاطب حبيبة فأخبره بالعفو عنه قبل الفعل الذى فعله قال سبحانه: {عَفَا اللّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ} (43) سورة التوبة. عفا الله عنك فقدم الله العفو عن حبيبه ثم أخبره بفعلته بعد ذلك: {عَفَا اللّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ} (43) سورة التوبة، وخصه تبارك وتعالى بالشفاعة العظمى فى الآخرة وهى المقام المحمود الذى ذكره الله فى قوله: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا} (79) سورة الإسراء.

وخصه الله جل وعلا بالوسيلة، والوسيلة هى أعلى منزلة فى الجنة كما فى صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو أن النبى قال: "إذا سمعتم المؤذن يؤذن فقولوا مثلما يقول ثم صلوا على فإنه من صلى على مرة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لى الوسيلة، فإنها منزلة فى الجنة لا تتبغى إلا لعبد، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لى الوسيلة حلت له شفاعتى" () .

وخصه الله بالكوثر هل تعلمون ما الكوثر؟ حوض أو نهر فى الجنة ماءه أشد بياضاً من الثلج، وأحلى مذاقا من اللبن بالعسل، وطينه- أو طيبه، كالمسك الأذفر وعدد آنيته بعدد نجوم السماء من شرب منه شربة بيد الحبيب المصطفى، لا يقى بعد هذه الشربة أبداً حتى يسعد بالنظر إلى وجه الله فى الجنة الكوثر: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} (3) سورة الكوثر .

ففى الصحيحين من حديث أنس واللفظ للبخارى أن الحبيب النبى
قال: " بينما أنا أسير فى الجنة" دخل النبى الجنة- نعم رأى النبى الجنة فى الدنيا وهو يصلى صلاة الاستسقاء، ودخل النبى الجنة ليلة المعراج والإسراء يقول الحبيب:" بينما أنا أسير فى الجنة إذا أنا بنهر حافتاه= شاطئاه- قباب الدر المجوف فقلت: ما هذا يا جبريل؟ فقال جبريل: هذا الكوثر الذى أعطاك ربك عز وجل" يقول
الحبيب : فإذا طيبه- أو طينه- مسك أذفر" شك هدية().

وفى رواية مسلم من حديث أنس قال المصطفى "حوضى أشد بياضاً من الثلج وأحلى من اللين بالعسل عدد آنيته أكثر من نجوم السماء وإنى لأرد الناس عنه يوم القيامة- أى: من غير المؤمنين، أى من غير الموحدين-كما يرد الرجل إيله عن حوضه"() كما يرد الرجل إبل الناس عن حوضه فقالوا: وهل تعرفنا يومئذ يا رسول الله؟ هل تعرف أمتك من بين سبعين أمة فى أرض المحشر هل تعرفنا يومئذ يا رسول الله؟ فقال المصطفى :" نعم إن لكم يومئذ سيما" أى: علامة تختلفون بها عن كل الأمم " تأتونى أو تردون على غراً محجلين من أثر الوضوء"().

ثم أخذ الله الميثاق على جميع النبيين والمرسلين إن بعث فيهم محمد أن يؤمنوا به وأن ينصروه قال جل وعلا: {وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ} (81) سورة آل عمران.

هذه مكانة النبى الأمين عند رب العالمين، ووالله والله لو ظللت أتحدث اليوم عن مكانة النبى عند الرب العلى من خلال القرآن والسنة فقط والله لاحتجت إلى عشرة لقاءات على قدر جهلى، فلو تحدث عالم من أهل العلم والفضل لاحتاج إلى مئات اللقاءات، ليبين قدر الحبيب عند رب الأرض والسماوات جل وعلا، فوالله إن قدرة عند الله لعظيم، وإن شرفه عند الله لكبير.

ويبين لنا الحبيب المصطفى امتثالاً منه لأمر ربه أن يبلغ، يبين لنا مكانته عند ربه فيقول كما فى صحيح مسلم من حديث أبى هريرة: " أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأنا أول من ينشق عنه القبر وأنا أول شافع وأول مشفع"().

وفى الصحيحين من حديث أبى هريرة أنه قال: " فضلت على الأنبياء بست – أى بست خصال—فضلت على الأنبياء بست: أوتيت جوامع الكلم ونصرت بالرعب مسيرة شهر، وأحلت لى الغنائم، وجعلت لى الأرض طهوراً ومسجداً، وأرسلت إلى الخلق كافة وختم بى النبيون" ()

وفى الصحيحين من حديث أنس رضى الله عنه قال: لما أتى للنبى ليلة الإسراء بالبراق استصعب البراق على النبى - أى: انتفض البراق، ولم يتمكن النبى أول الأمر من ركوبه فقال جبريل للبراق: بمحمد تفعل هذا- فوالله ما ركبك أحد أكرم على الله من محمد فارفض البراق عرقاً.

وفى صحيح مسلم من حديث أنس أن النبى قال: " آتى باب الجنة – فإن أول من يفتح باب الجنة يوم القيامة هو نسينا، إن الله حرم الجنة على أى مخلوق أن يدخلها قبل المصطفى لا يدخل الجنة أحد قبل الحبيب محمد- آتى باب الجنة فأستفتح فيقول لى خازن الجنان: من أنت، فأقول: محمد، فيقول الخازن: بك أمرت ألا أفتح لأحد قبلك"()

والله لو ظللت أتحدث عن فضل النبى عند الرب العلى لا حتجت إلى لقاءات متعددة وأجمل القول فى كلمات قليلة حتى لا تنسى فأقول.

والله لا يعرف قدر النبى إلا الرب العلى، والله لا يعرف قدر النبى إلا الرب العلى، ولم لا ؟! وهو سبحانه وتعالى الذى أكمل خلقه وخلقه وهذا هو عنصرنا الثانى من عناصر اللقاء بإيجاز شديد.

تكميل الله له المحاسن خلقا وخلقا:

فلقد أكمل الله له المحاسن والكمال البشرى فى الحبيب النبى ، من الله عليه بجمال الصورة واستواء البدن ووضاءة الوجه، وقوة الفكر والعقل ودقة الفهم وسلامة القلب وكرم النسب وشرف الأصل.

وبالنظر إلى مجموع الروايات الصحيحة التى وصفت خلق الحبيب المصطفى كما فى الكتاب الماتع للإمام الترمذى فى كتابه الشمائل المحمدية، يتبين لنا من خلال هذه الآثار والأحاديث الصحيحة أن النبى كان أحسن الناس وجهاً إذا سر استنار
وجهه كأنه فلقة قمر.

كان كث اللحية، واسع الصدر، عظيم المنكبين، ليس بالطويل ولا يالقصير، إن تكلم كأن نوراً يخرج من بين ثناياه، وما أحلى وأرق وأجمل ما وصفته به أم معبد الخزاعية حين قالت لزوجها، وهى تصف له نبيها ورسول الله : قالت: إنه رجل ظاهر الوضاءة، مليح الوجه، حسن الخلق ، أبهى الناس وأجملهم من بعيد، وأحلى الناس وأحسنهم من قريب، غصن بين غصنين، فهو أنضر الثلاثة منظراً.

لقد من الله عز وجل على النبى بجمال الخلق، لقد من الله عليه بحسن الصورة فوالله ما عرفت الأرض أبهى ولا أحن، ولا أجمل من محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله ومن والاه.

ثم زين الله هذا الخلق البشرى بكل سمات الكمال الخلقى فى بشر زين الله هذا الخلق بالحلم والعلم والرحمة والإنابة والتواضع، والزهد، والكرم، والحياء، والمروءة، والشجاعة، والرجولة، والعفة، والعفو، والسخاء، والدين، والعبودية.

بل وجمع له كل الصفات الحميدة وأثنى عليه فى آية واحدة محكمة جامعة مانعة، فقال تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (4) سورة القلم من الله عليه بحسن الخلق وحسن الخلق: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} .

ومن جميل ما قرأت ما وراه البخارى() من حديث عطاء بن يسار قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما، فقلت: حدثنى عن صفة رسول الله فى التوراة، فقال عبد الله بن عمرو: والله إنه لموصوف فى التوراة ببعض ما وصف به فى القرآن قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} (45) سورة الأحزاب. وفى التوراة: يا أيها النبى إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيرا وحرزاً للأمبين، أنت عبدى ورسولى، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ، ولا سخاب بالأسواق، ولا يدفع السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح ولن يقبضه حتى يفتح به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا.

ومن أحلى وأرق ما وصفه به خادمه أنس- وتدبر قول أنس قول خادم فى
بيت النبى .

يقول أنس- والحديث فى الصحيحين() : خدمت رسول الله عشر سنين- هنيئاً لك يا أنس هنيئا لأنس أن يدخل ويخرج على النبى عشر سنين، يمتع بصره بالنظر إلى الحبيب وتستمتع بصيرته بالاهتداء بالحبيب محمد هنيئاً والله لأنس يقول: فوالله ما قال لى: أف قط ولا قال لشئ صنعته: لم صنعته؟ ولا لشئ تركته: لم تركته؟.

يقول أنس: وكان أحسن الناس خلقاً ثم قال: ووالله ما مسست حريراً ولا ديبجاً ألين من كف رسول الله، ولا شممت مسكاً ولا عنبراً أطيب من عرق رسول الله صلى الله وعلى آله ومن والاه، لله درك يا أنس والله.

وفى الصحيحين() من حديث عائشة قالت: قلت : يا رسول الله هل مر عليك يوم كان أشد عليك من يوم أحد؟

تعلمون أن النبى فى أحد قد شج وجهه وكسرت رباعيته ونزف الدم الشريف من جسده الطاهر، وانتشر فى أرض المعركة أن رسول الله قد قتل ونزف الدم الشريف من جسده الطاهر، وانتشر فى أرض المعركة أن رسول الله قد قتل فعائشة الفقهية تقول للحبيب : يا رسول الله هل أتى عليك يوم كان أشد عليك من يوم أحد؟ فقال الحبيب :" لقد لقيت من قومك ما لقيت يا عائشة وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، يوم عرضت نفسى على ابن عبد ياليل بن كلال وهو من أشراف أهل الطائف، فلما لم يجبنى إلى ما أردت انطلقت على وجهى وأنا مهموم على وجهى ولم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب".

تعلمون ماذا فعل بالنبى يوم الطائف، والله ما ذهب إليهم رسول الله يطلب مالاً ولا جاهاً ولا جاهة، بل ذهب إلى الطائف على قدميه المتعبتين الدائبتين لم يجد بعيراً ولا حماراً، سار على قدميه قرابة قرابة السبعين كيلو متر على قدميه المتعبتين تحت حرارة الشمس، التى تصهر الجبال وتذيب الحديد، على رمال انعكست عليها أشعة الشمس، فكادت أن تأخذ الأبصار.

ذهب الحبيب المختار إلى أهل الطائف ليقول لهم قولوا: لا إله الله تفلحوا فى الدنيا والآخرة، فماذا فعل به أهل الطائف؟ رموه بالحجارة بأبى هو وأمى طردوه لم يقدموا له طعاماً، ولا شراباً باستثناء عداس رضى الله عنه، وأرضاه ذلكم الخادم الذى أسلم ومن الله عليه بالإيمان فى هذه الرحلة.

فلم يرجع النبى من هذه الرحلة الشاقة إلا بموحد واحد وعاد النبى والدماء تنزف من قدمية يقول:" فانطلقت وأنا مهموم على وجهى" ولم لا يطرد النبى كما طرد أصحابه من مكة ودعوته مطاردة وأصحابه فى الحبشة فى ابتلاء شديد حتى لا يظن أحد أن طريق الدعوة ممهد بالورود والزهور والرياحين لا.

"فانطلقت وأنا مهموم على وجهى ولم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب" أى فى مكان بين مكة والطائف يقول: فنظرت فإذا بسحابة قد أظلتنى فنظرت فإذا فيها جبريل عليه السلام"، والحديث فى الصحيحين " فنادى على جبريل وقال: يا رسول الله إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا به عليك وقد أرسل الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم يا رسول الله" قال الحبيب:" فنادى على ملك الجبال وقال: يا رسول الله لقد أرسلنى الله إليك فمرنى بما شئت فيهم" ثم قال ملك الجبال" قال: لو أمرتنى أن أطبق عليهم الأخشبين لفعلت". والأخشبان جبلان عظيمان بمكة .

والله لو أمر النبى ملك الجبال لحطم ملك الجبال تلك الجماجم الصلدة، وتلك الرؤوس العنيدة ولسالت دماء من الطائف بحوراً وأنهاراً، ليراها أهل مكة بمكة، ولكن نهر الرحمة وينبوع الحنان ولكن الرحمة المهداة والنعمة المسداة ما خرج إلا لله فما انتقم لنفسه أبداً وما غضب لنفسه أبداً ، والله ما غضب إلا لله، لا زالت الدماء تنزف من قدميه المتعبتين ومع ذلك يرد بنى الرحمة على ملك الجبال ويقول:" لا يا ملك الجبال، بل إنى أرجو الله تعالى أن يخرج من أصلابهم من يوحد الله جل وعلا"() . من يعبد الله ولا يشرك به شيئاً قا تعالى:" {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } (107) سورة الأنبياء

قال ابن عباس: رسول الله رحمة للفاجر والبر فمن آمن به فقد رحم فى الدنيا والآخرة ومن كفر به، فقد رحم فى الدنيا وأجل له العذاب فى الآخرة لقول الله لنبيه: {وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (33) سورة الأنفال بأبى هو وأمى ومن أرق ما قرأت، وأرى أن رزفكم اليوم من كلام الحبيب المصطفى رزق موفور.

وما أحلى ورب الكعبة كل كلامنا أو جل كلامنا من كلام ربنا ومن
كلام نبينا .

فلا رق قلب لا يرق لكلام الله ورسوله، ولا دمعت عين لا تدمع لكلام الله ورسوله، ولا خشعت جارحة لا تخشع لكلام الله ورسوله، ولا استنار عقل لا يستنير لكلام الله ورسوله يقول المصطفى وتذكروا بالله هذا الحديث الذى يتجلى فيه خٌلق النبى .

ففى الصحيحين() من حديث أبى هريرة قال: بعث رسول الله خيلاً قبل نجد، بعث النبى سرية على خيل قبل نجد منطقة فأسرت هذه السرية رجلاً من بنى حنيفة يقال له: ثمامة بن أثال، وتمامة بن أثال سيد أهل اليمامة.

وهذا الرجل كان من أشد المعاندين لرسول الله وكان من أشد من آذى وهجا رسول الله ثمامة ابن ثال، فأسره الصحابة ودخلوا به المسجد النبوى وربطوه فى سارية من سوارى المسجد النبوى أى ربطوا ثمامة بن أثال فى عمود من أعمدة المسجد وهو العدو اللدود لله ورسوله.

فلما دخل النبى المسجد رأى ثمامة بن أثال، اقترب منه المصطفى وقال له:"ماذا عندك يا ثمامة" إنه عدو الله ورسوله اقتله يا رسول الله، اقتله فهو عدو الله ورسوله، لكن تعلموا وتدبروا هذا الخلق الرفيع العالى يدنو النبى منه ويلاطفه ويقول له: " ماذا عندك يا ثمامة" فيقول ثمامة: عندى خير يا محمد إن تقتل تقتل ذا دم- يعنى: إن قتلتنى قتلت رجلاً له وجاهته ومكانته وإن عشيرته لم تفرط فى دمه أبدا- إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت.

فتركه المصطفى وأمر الصحابة أن يحسنوا إليه بأبى هو وأمى ورب الكعبة أمر الصحابة أن يحسنوا إليه نعم وتركه.

ثم دخل عليه فى اليوم الثانى وقال: " ماذا عندك يا ثمامة" قال عندى خير يا محمد إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت.

فتركه المصطفى وأمر الصحابة أن يحسنوا إليه، ثم دخل عليه فى اليوم الثالث وقال:" ماذا عندك يا ثمامة" قال: عندى خير يا محمد إن تقتل تقتل ذا دم وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت.

فقال المصطفى : "أطلقوا ثمامة" أطلقوه لا نريد منه مالاً ولا نريد منه شيئاً إنه عدو الله ورسوله أسر ويطلق.

فانطلق ثمامة إلى مكان قريب من المسجد النبوى فاغتسل ثم عاد مرة أخرى إلى المسجد النبوى، لكنه ما عاد مأسوراً مربوطاً إنما عاد بمحض أختياره وحبه ورغبته، فدخل المسجد النبوى ووقف أمام النبى وقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنك رسول الله ثم قال: اسمع يا رسول الله والله والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلى من وجهك، فأصبح الآن وجهك أحب الوجوه إلى، والله ما كان على الأرض دين أبغض إلأى من دينك فأصبح الآن دينك أحب الدين إلى، والله ما كان على الأرض بلد أبغض إلى من بلدك ، فأصبح الآن بلدك أحب البلاد كلها إلى، ثم قال ثمامة: يا رسول الله قد أخذتنى خيلك وأنا أريد العمرة.

إنا الله وإنا إليه راجعون اللهم أختم لنا بخاتمة الإيمان.

تدبر معى انطلق ثمامة يريد العمرة وهو على الكفر والشرك، فأبى الله إلا أن يعتمر ثمامة وهو على التوحيد قال: يا رسول الله لقد أخذتنى خيلك، وأنا أريد العمرة، فبماذا تأمرنى فبشره النبى بخير.

قال الحافظ ابن حجر: بشره بالجنة أو بخيرى الدنيا والآخره أو بأن الإسلام يجب ما كان قبله من الكفر والمعاصى فبشره الرسول بخير وأمره أن يعتمر فانطلق ثمامة بن أثال موحداً ليؤدى العمرة لله جل وعلا، فلما بلغ بطن مكة رفع صوته بالتلبية، فكان ثمامة أول من شهد بالتلبية لله فى مكة.

وفى رواية ابن هشام بسند صحيح، أقبل عليه الكفار والمشركون وضربوه ضرباً مبرحاً حتى كادوا يقتلوه، فإنه يجهر بالتلبية ويتحدى القوم، حتى رآه أبو سفيان فقال: دعوه أما تعرفوه إنه سيد أهل اليمامة إنه ثمامة بن أثال، إنكم تحتاجون إليه وإلى اليمامة فى القمح، فإن القمح كله لا يأتينا إلا من اليمامة فتركوه.

فقال ثمامة والتفت إليهم وقال: والله لن تصلكم بعد اليوم حبة قمح من اليمامة إلا أن يأذن فيها رسول الله وفرض هذا الموحد الذى خلع رداء الشرك على عتبة الإسلام ووضع كل طاقاته وقدراته وإمكانياته تحت تصرف المصطفى وتبرأ من الصداقات والولاءات والعلاقات الشركية ووالى الله ورسوله والمؤمنين على الفور.

قال: والله لن تصلكم بعد اليوم حبة قمح إلا أن يأذن فيها رسول الله وانطلق ثمامة وهو سيد اليمامة، ففرض حصاراً اقتصاديا مروعاً حتى أكلت قريش العهن من
شدة الفقر والجوع.

فأرسل أبو سفيان إلى النبى ليرسل النبى إلى ثمامة ليخلى ثمامة بين قريش وبين القمح، فما كان من صاحب الخلق العظيم إلا أن يرسل إلى ثمامة، وأن يقول له: "خل بينهم وبين الميرة" فأرسل بعدها ثمامة القمح مرة أخرى إلى آل قريش، ألم يقل ربنا: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (4) سورة القلم.

وأختم هذه المشاهد العظيمة الرائعة الرقراقة من الخلق العالى الرفيع لنبينا بمشهد رواه الإمام مسلم() من حديث معاوية بن الحكم السلمى قال: صليت يوما مع رسول الله فعطس أحد القوم فى الصلاة فقلت له: يرحمك الله فرمانى القوم بأبصارهم فقلت: وأثكل أمياه ما شأنكم تنظرون إلى؟! يقول: فضرب القوم بأيديهم على أفخادهم يسكتوننى فلما علمت أنهم يسكتوننى سكت.

يقول: ولما أنهى النبى صلاته فبأبى هو وأمى والله ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن منه والله ما نهرنى ولا ضربنى ولا شتمنى وإنما قال لى:" إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شئ من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن" وصدق ربى إذا يقول: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (159) سورة آل عمران.

وأخيراً: هل عرفت الأمة قدر نبيها؟ والجواب لا والله، لا والله ما عرفت الأمة قدر نبيها إلا من أفراد قلائل، أسأل الله أن يجعلنا منهم إن ادعت الأمة أنها عرفت قدر نبيها، فإن حالها يكذب ادعاءها فما أيسر الادعاء.

لقد أدعى قوم المحبة فابتلاهم الله بآية المحنة فقال تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } (31) سورة آل عمران.

من يدعى حب النبى ولم
فالحب أول شرطه وفروضه



يفد من هديه فسفاهة وهراء
إن كان صدقاً طاعة ووفاء




إن أدعت الأمة أنها عرفت قدر نبيها ، فإن واقعها وحالها يكذب ادعاءها. زعمها هل عرفت الأمة قدر النبى فى الوقت الذى نحت فيه شريعته وأخرت فيه سنته، وقدمت القوانين الوضعية البشرية وحكمتها فى الأعراض والأموال والدماء والفروج والله جل وعلا يقول: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} (65) سورة النساء.

والله جل وعلا يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (1) سورة الحجرات.

قال ابن عباس: لا تقدموا بين يدى الله ورسوله: أى لا تقولوا خلاف
الكتاب والسنة.

قال القرطبى: لا تقدموا بين يدى الله ورسوله، أى لا تقدموا قولاً ولا فعلاً على قول الله وقول وفعل رسول الله .

قال الشنقيطى: ويدخل فى الآية دخولاً أولياً تشريع ما لم يأذن به الله، فلا حلال إلا ما أحله الله، ورسوله ولا حرام إلا ما حرمه الله ورسوله ولا دينا إلا ما شرعه الله ورسوله .

إن حق النبى على الأمة لعظيم، إن حق النبى على الأمة لعظيم ولكن لواقع يبين بجلاء أن الأمة قد ضيعت حق المصطفى ، إلا من رحم ربك من أفراد قلائل لا تخلو الأمة منهم فى أى زمان وفى أى مكان.

الدعاء...